آراء العلماء في مشروعية: الاحتفال بالمولد النبوي الشريف .. بقلم الشيخ: أحمد التجاني أحمد البدوي

 


 

 

ان الإسلام جاء ليواكب ويتناغم مع كل عصر وينسجم مع كل وقت وليساير ويتشكل ويتلون في المنشط والمكره وفي الحل والترحال حسب الزمان والمكان وهذا ما امتاز به على ما قبله من رسالات لأنه رسالة عالمية خاتمة اتت للناس كآفة وعالميته وخاتميته تلك تحتم عليه ان يكون هيناً ليناً يحمل في طياته واحكامه كل الاحتمالات والظروف التي تختلف باختلاف الزمان والمكان والضرورة والحاجة فجاءت تكاليف الاسلام وواجباته متحركة ليست ساكنة ومتغيرة ليست ثابتة حسب مقتضى الظرف والحال مما جعل تلك الواجبات تتحرك ما بين الواجب والمباح والمكروه والحرام فكل التكاليف تتنقل ما بين هذه المنازل(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ).
ومن المعلوم ان فعل السلف غير ملزم للخلف اذا دعت الحاجة والضرورة الى فعل شيء لم يفعله السلف لظروف خآصة بهم والا ما كان الاجتهاد والقياس وفقه الضرورة والاجماع وما كانت الصحاح والمذاهب والعلوم المستحدثة كالتجويد والتفسير وتشكيل القرآن وتنقيطه والنحو والبلاغة وعلم المنطق.
والحديث عن الاحتفال بالمولد له ما يسنده من الكتاب والسنة واقوال العلماء يقول تعالى:(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) فأي فضل ان لم يكن ما اتى به محمد وأي رحمة ان لم يكن هو والآية يزيدها توضيحاً الحديث الذي رواه مسلم انه صلى الله عليه وسلم سئل عن صيامه يوم الاثنين فقال:(ذاك يوم ولدت فيه ويوم انزل علي فيه).
وقول علماء السلف ومنهم بن كثير في كتابه البداية والنهاية(13\136):(ان الملك المظفر كان يعمل المولد الشريف في ربيع الاول ويحتفل به احتفالا هائلا)،ويقول الإمام أبي شامة (599 ـ 665 هـ)وهو شيخ الإمام الحافظ النووي قال في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث_ص23) ما نصه:((ومن احسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور تعبيرا عن محبته صلى الله عليه وسلم)، وقول الإمام الحافظ ابن الجوزي المتوفّى سنة 597 حيث قال في المولد الشريف:( إنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام)المواهب اللدنية ( ج 1 ص 27)والامام الحافظ العراقي (وهو شيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني) (725هـ- 808 هـ)له مولد باسم المورد الهني في المولد السني ذكره ضمن مؤلفاته، قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى : (إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهور نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة)،ويقول شيخ الإسلام وإمام الشراح الحافظ ابن حجر العسقلاني: (أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة)) انتهى كلامه رحمه الله.
الفتاوى الكبرى (1/196)وكذلك كتاب حسن المقصد في عمل المولد للإمام السيوطي وقد عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه (( الحاوي للفتاوى))بابا أسماه (حسن المقصد في عمل المولد) ص189 وقال السخاوي( وان لم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان لكفى )السيرة الحلبية(ج 1 ص 83 ـ84) واذا جاز لنا ان نتحدث عن المولد فلنتحدث عن كيفية الاحتفال بالمولد واذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فان الاحتفال بالمولد اصبح ضرورة بعد ان صار شخص النبي صلى الله عليه وسلم هدفا للاساءة والسب والتشهير وهو الرد الابلغ على هولاء الذين سخروا القنوات والفوا الكتب واخرجوا الافلام للنيل من الاسلام ونبي الاسلام وقرآنه واظن هؤلاء يجدون من بيننا من يعينهم على فعلهم ذاك من حيث يعلمون او لا يعلمون من الذين يتحدثون عن بدعة المولد وان الرسول كسائر الشخصيات في التاريخ التي ادت دورها ثم ذهبت ولا شك ان حديثهم هذا يجد مكانه عند الذين لهم الغرض في الاساءة للنبي صلى الله عليه وسلم والحط من قدره وفي رأيي بناءاً على ما ذكرنا اصبح الاحتفال بالمولد ضرورة آنية وان لم يكن له ضرورة من قبل على عكس ما يصفه البعض بالبدعة فلنتحدث عن كيفية الاحتفال والاخراج ولنترك الخلاف والجدل وليجلس العلماء من اهل الوسطية ويخرجوا لنا بكيفية للاحتفال الذي يكون خاليا من كل بدعة ولا تنتهك فيه حرمة ولا يتصادم مع نص ويجب الالتزام بما يراه العلماء وان رأوا ان لا ضرورة للاحتفال.
نريد ان تجعله الكيفية مولداً يكون الحدث الاكبر والنداء الاعظم والمدافع الاقدر في العالم للتعريف بالاسلام ونبي الاسلام ويمكن ان يكون الاحتفال منبراً للمنافحة والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيما رواه مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع لحسان بن ثابت منبراً في المسجد ويقول له نافح عن رسول الله ومعك روح القدس،يمكن للاحتفال ان يكون منصة دعوة ومنبر موعظة ووسيلة تبليغ ومؤتمراً جامعاً متاحاً للجميع الكافر والمسلم المرأة والرجل الصغير والكبير بخلاف المساجد التي لا يدخلها الا المسلمون نريده ان يكون احتفالاً مفتوحا بشرطه ولكل الناس ومناسبة لتفعيل الآية:(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)مدعوماً بالعلماء والمفكرين وبكل اللغات حتى يكون لكل سؤال جواب عن محمد ودين محمد صلى الله عليه وسلم ، نريده احتفالاً نحبب به اطفالنا في هذا النبي ولا مانع فيه من تقديم الحلوى والملابس واللعب حتى ينشأوا على حب الله ورسوله وان يكون استذكاراً لعبر واستعراضاً لسير:( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ).
بقلم الشيخ: أحمد التجاني أحمد البدوي
Email:ahmedtijany@hotmail.com
////////////////////////

 

آراء