أخطأ وزير المالية فظلمه الإعلام

 


 

 

نعم لقد أخطأ وزير المالية الدكتور جبريل إبراهم حينما مارس سلطاته التقديرية المخولة له قانوناً ومنح إبن إخيه إعفاءً جمركياً لسيارته الخاصه.

علي أن الخطأ الأعظم كان فى طريقة وأسلوب تناول الإعلام – بمختلف وسائله – لهذه الحادثة حيث كانت الحملة غير بريئة إن لم تكن جائرة وظالمة وذات دلالات لا نود الخوض فيها علماً بأن هناك عشرات الوزراء يمارسون يوميا سلطات تقديرية أخطر من إعفاء سيارة.
Justice requires that, the punishment should always be equal to the crime.

من الثابت والمستقر في القانون الإداري أن السلطة التنفيذية - وبصفة أخص الوزراء – تتمتع بصلاحيات غير إعتيادية في أحوال ثلاث (أ) عند الظروف الإستثنائية (ب) عند ممارسة أعمال السيادة (ب) في حالات السلطة التقديرية.

ما قام به الوزير في الحالة التي أمامنا أنه مارس سلطاته التقديرية أمام واقعة معينة وأصدر القرار الإداري الذى رآه مناسباً، والقرار الإدارى بمجرد صدوره مستوفياً أوضاعه يتمتع بقرينة المشروعية وعلي من يدعى خلاف ذلك الطعن ثم الإثبات.

بيد أن القانون لا يترك ممارسة هذه السلطة غير الإعتيادية مطلقاً أو عشوائياً من غير قيود أو ضوابط وفى ذلك يقول الفقيه الدستورى Albert Dicey
“Discretion is not an arbitrary authority, it should be guided by rules, principles and polices, otherwise be struck down by the Court”.

من بين أهم هذه الضوابط (أ) أن تتم ممارسة السلطة التقديرية بمنتهي حسن النية (ب) ولأهداف النفع والمصلحة العامة (ج) وأن تكون بعيدة عن شبهة المصلحة (د) التقيد التام بمبادئ الإنصاف والعدالة المستقرة وبعبارة أخرى "يجب أن تمارس السلطة التقديرية من خلال القانون ما هو عادل"
“Discretion is to discern through the law what is just” – William Blackstone
خطأ الوزير هو أنه أغفل الإمتثال والتقيد ببعض الضوابط خاصة المتعلقة بشبهة المصلحة Conflict of interest وهذه الشبهة دائما ما تقود المحاكم للتساؤل عما إذا كان الشخص المعني يتصرف وقتئذ بحسن نية Acting in good faith وأن قراره كان لغرض مشروع For proper purpose.

من واقع الحيثيات والظروف المحيطة فإن من المرجح لا المحتمل فقط أن هناك ما يقارب شبهة محاباة حقيقية كانت أوحكمية كان من المفترض أن يعلمها الوزير طبقاً لمعيار ال Reasonable man وهذا ما يجعل قرار السيد الوزير مشوباً بعيب الإنحراف والبعد عن المصلحة العامة.
ثم نأتي للبيان الذي قيل أنه صادر من الوزير والذى يبرر فيه قراره علي سند أن مثل هذه الإعفاءات واردة في إتفاق جوبا للسلام وما فعله يندرج تحت تنفيذ بنود الإتفاق. فى تقديرى هذا البيان غير موفق جملة وتفصيلاً، فالقوانيين – ونحن نتحدث عن قانون الجمارك – تعدل أو تلغى بواسطة قوانين لا عن طريق إتفاقات سياسية وحسب علمى لم يعدل حتى الآن قانون الجمارك ليستوعب نصوص إتفاق جوبا.

A wrong does not corrected by a wrong

عبالرحمن حسين دوسة
مستشار قانونى

hatemgader@yahoo.com

 

آراء