أولاد نادوس موديل 2023!!

 


 

 

نادوس (لمن لا يعلمون هو سودان بالمعكوس أو بالمقلوب)، بيت نادوس، هو أكبر بيوت الحي الأفريقي وأكثرها إثارة للجدل علي الإطلاق، أولاد نادوس، وهم أوشيك، ابراهيم، مجوك واسحق صاروا يشكلون ظاهرة سريالية فذة لا يفهمها عقل ولا يتصورها خيال!!
جيران النادوسيين، أحباب النادوسيين وحتى أعداء النادوسيين يقولون عنهم: (أولاد نادوس هم قوم سليمو النية بالفطرة لكنهم متمردون بالغريزة، حتي الأجنة في بطون أمهاتهم يتقلبون في ضجر ويستعجلون الخروج لكي ينضموا بأقصى سرعة إلي كرنفالات الجدل واحتفالات الاختلاف حول أي شيء وكل شيء)!!
(الأوشيكيون، الإبراهيميون، المجوكيون والإسحاقيون قوم غريبو الأطوار فهم شجعان إلي حد التهور، كرماء إلي درجة السخف، أذكياء إلي حد العبط ومتصوفون إلي درجة الانحراف)!! و(لا أحد يستطيع أن يحب أولاد نادوس ولا أحد يستطيع أن يكرههم، إنهم متساوو الحسنات والسيئات كأنهم أهل الأعراف الذين لا عرفوا نعيم الجنة ولا ذاقوا جحيم النار)!!
قالت إحدى الجارات وهي تثرثر مع جارتها: لقد صارت الحوادث العجيبة التي تقع في بيت النادوسيين من وقتٍ لآخر مثار تندر سكان الحي ومثار تهكم جميع جيران أولاد نادوس، فحينما أدخل ثور أحد النادوسيين رأسه في جرة النادوسي الآخر، انقسم النادوسيون يميناً ويساراً وراحوا يجرجرون رأس الثور والجرة دون أن يفلحوا في إخراج الرأس العنيد من الجرة الأكثر عناداً، وحينما أعيتهم الحيلة طلبوا من أحكم الحكماء النادوسيين أن يخرج رأس الثور من الجرة بطريقة حكيمة، عندها قال لهم رأس الحكمة النادوسية: اِذبحوا الثور، فلما ذبحوه ظل الرأس متمترساً في الجرة، فقال لهم: اِكسروا الجرة، فكسروها ومن ثم خرج أولاد نادوس من مولد الحكمة النادوسية برأس ثور مذبوح وجرة مهشمة!!
جيران النادوسيين يقولون بدهشة مكونة من مائة وخمسين طابق: النادوسيون هم أكثر شعب غير متجانس في العالم، كيف يُحشر كل هؤلاء البشر في دولة واحدة، يرفرف فوقها علم واحد وتردد نشيداً وطنياً واحداً؟!! وحتى بعد أن انفصل المجوكيون واستقلوا بدولتهم ما زال بعض النادوسيين يقولون بسخرية: كل نادوسي لا يشبه الآخر، النادوسي هو نسيج وحده، انظر لأخيك ابن أمك وأبيك تجده مختلفاً عنك في كل شيء، فلماذا لا يُمنح كل نادوسي استقلاله التام؟!! لماذا لا يُقسم البيت النادوسي الكبير إلي خمسة أو عشرة بيوت مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض؟!! لماذا لا يتم دفن البئر الكائنة في وسط بلاد نادوس والتي لا ينبع منها شيء سوي المشاكل النادوسية المعقدة العديمة الحلول؟
لكن الروح النادوسية الضاربة في أعماق التاريخ النوبي البعانخي الكنداكي العظيم ترد بعنف: تباً لكم يا أولاد نادوس، يا من تفكرون في الانفصال في عصر التكتلات العائلية الكبرى!! هناك بيوت بعيدة أهلها مثل لحم الرأس لكن القاسم الإنساني المشترك وحّد بينهم فتعايشوا فيها كأحسن ما يكون، متي تفهمون أن الهوية النادوسية لا يمكن الانسلاخ عنها واستبدالها كجلد الأفعى لأنها متأصلة في الروح النادوسية العظيمة إلي درجة أنها لا تقبل القسمة لا علي نفسها ولا علي غيرها!!

بعض جيران النادوسيين يتهامسون في تأفف: كلنا لدينا مشاكل لكننا نحلها بالكتمان أما أولاد نادوس فهم يعملون من الحبة قبة بل أنهم مولعون بشكل خاص باستجلاب الخبراء الأجانب من خارج البيت النادوسي وتفويضهم بإيجاد الحلول المستحيلة، وما زال كل جيران النادوسيين يتذكرون بدهشة مكونة من مائتين طابق ذلك المؤتمر العجيب الذي عقده النادوسيون في بيتهم بحضور عشرات الخبراء الأجانب واستمر عقداً من الزمان حول أيهما وُجد أولاً الدجاجة أم البيضة؟!! وهل النادوسي عربي أم أفريقي؟!! وما زال العالم كله يتفرج ويضحك على بدعة الحوار النادوسي الكبير، فها هم النادوسيون يعقدون مؤتمر حوار الطرشان ويحكّمون البهلوان ويستدعون الجيران والغرباء لحضور خزعبلاته التاريخية بينما يستغل بعض الجيران صراعات الاخوة النادوسيين الأعداء وانشغالهم الشديد بالفارغة والمقدودة فيقضمون أجزاء شاسعة من أراضي النادوسيين وهم لا يشعرون!!
ها هي روح نادوس الكبير القلقة تحوم ليل نهار فوق البيت النادوسي الكبير وتهبط أحياناً ثم تصيح بصوتها المكتوم الذي لا يسمعه أحد: أيها النادوسيين السفلة، بعضكم يقول أن هذا البيت النادوسي يحتاج إلي تحسينات كبيرة حتي يرتقي إلي مستوى الجحيم الملتهب ويصبح مؤهلاً لكي يُحشر فيه كبار الأبالسة!! هل هناك جحود وطني أكثر من هذا؟!! لن تعرفوا أبداً أن بيتكم هذا هو أعظم جنة علي وجه الأرض إلا حين تفقدوه ذات يوم وتصبحون لاجئين في بيوت الجيران!!
ها هي روح نادوس الكبير تشتعل غضباً وتصيح بصوتها المكتوم الذي لا يسمعه أحد: تباً لكم يا أولاد نادوس!! فحينما يصر كل فريق منكم علي إحداث ثقب في الموضع الذي يخصه من القارب فإنكم تمارسون حرية الغرق النادوسي الجماعي!! افتحوا عيونكم علي آخرها، عضوا علي هويتكم النادوسية الواحدة بالنواجذ، لا تتقاسموا البيت النادوسي الكبير، لا تدفنوا البئر النادوسية الكائنة في الوسط، احذروا حكماءكم النادوسيين ذوي الخبرات الثيرانية، خذوا حذركم من أولئك الخبراء الأجانب الذين يدخلون بين البصلة وقشرتها، ثم لا تنسوا أبداً عبقرياتكم النادوسية البسيطة التي تمكن فقرائكم من اقتسام النبقة وتجعل سريركم الواحد يكفي مائة!! وبينما كانت روح نادوس الكبير منشغلة في صياحها وتقريعها للإخوة النادوسيين الأعداء، وقعت أحداث جسام في ذلك الوقت في بلاد نادوس وفي بلاد جيران نادوس، انشغل الجميع بالتصدي لها، توحد سائر الجيران بشكل عفوي لمواجهة تداعياتها الخطيرة لكن لم يظهر أي وجه من وجوه أولاد نادوس في تلك اللوحة الانسانية التضامنية المشرقة، وحينما تحري الجيران عن سبب ذلك فوجئوا بانهماك أولاد نادوس في متابعة مجريات سباق الحمير وصياحهم العظيم وانشغالهم الأعظم بأيهما سيفوز الحمار الأبيض أم الحمار الأسود!!
فيصل علي الدابي\المحامي\الدوحة \قطر

menfaszo1@gmail.com
////////////

 

آراء