أيها الأتحاديون أليس فيكم من رجل رشيد؟
لا أدرى ما الذى أصاب الاتحاديين؟ والأحداث فى السودان تترى؟ ورحم السودان يموج بالأجنة القادمة وهم بدلاً من أن يكونوا قطب الرحى الذى يخرج منه غذاء أجيال السودان الحاضرة والمستقبلية، ما بالهم وقد أصيبوا باللامبالاة ولا يفلحون ألا فى الفرقة والشتات والتنابز بالألقاب من على المنابر. ما بالهم وهم الآن فى مثل هذه الظروف التى يمر بها السودان انهم لا فى العير ولا فى النفير؟ وأعجب ما فى أمرهم أنك تجدهم فى ملماتهم الأجتماعية بروح تستغرب أن مثل هذه الروح يتولد منها عداءاً سياسياً أو فكرىأً أو شخصىاً؟ كيف تسنى لأبناء رواد الحركة الوطنية ومحققى الأستقلال وبناء دولة السودان وأبرازها لحيز الوجود على قمة دول العالم الثالث أن يكونوا بهذه السلبية واللامبالاة؟ أما آن لهم أن يلعنوا أنفسهم وينظروا فى دواخلهم ليغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله بهم أمر البلاد والعباد والتى صار حالها يغنى عن السؤال؟
ألا يتدبر الأتحاديون فى أمر الثورة العربية الكاسحة التى بدأت فى تونس باستشهاد بوعزيرى أنها ثورة شباب منطلقة ومنداحة ولن تتوقف حتى تقضى على كل النظم الشمولية والأوتوقراطية والديكتاتورية فى العالم العربى والأسلامى؟ هذه حتمية يجب أن يدركها الأتحاديون ويسألوا أنفسهم ما هو دورهم فى ثورة الشباب السودانى القادمة؟ وكما قلت فان رحم السودان الآن يموج بالثورة ولن يوقف أنفجارها تحديات وتصريحات نافع على نافع أو قطبى المهدى أو غيره مهما أوتوا من قوة؟ ولن يستطيع نافع ولا غيره أن يسحق الأرادة الجماهيرية والشعبية للشعب السودانى مهما أوتوا من قوة؟ وكل من يقول أن الشعب السودانى أو وضع السودان ليس هو كتونس ومصر فقد قالوها الذين من قبلهم. قالوها المصريون عندما أندلعت الثورة التونسية وأن مصر وأوضاعها ليس كتونس ثم جاء اليمن وقال حكامهم نفس قول المصريين وجاء حكام ليبيا وقالوا أنهم ليسوا كتونس ومصر واليمن ثم جاء السوريون ليقول لأسد ومن معه نفس قول سابقيهم من الحكام المتسلطين وفى النهاية أنتصرت الثورات والحكام الآن يبحثون عن ملاجئ آمنة ويبحثون لتأمين رقابهم من المقصلة ومحاكمات الفساد وقد أزهقوا من قبل أرواحاً وسفكوا دماءاً.
أن الاتحاديين بحكم تركيبة السودان وواقعه يمثلون مناطق الوعى والقوى الحديثة فى المجتمع السودانى ولن يحدث أى تغيير فى السودان ما لم يستدرك الأتحاديون دورهم الوطنى المناط بهم. ونحن لا نغالى عندما نقول أن فى عافية حزبهم الفتئ الذى لم يولد من رحم الغيب ولكنه ولد من رحم وآمال وتطلعات وأحلام الشعب السودانى وبذلك هو الممثل الحقيقى لتطلعات الشعب السودانى ولكن للأسف فقد أصاب قياداته وكوادرهم الوسيطة الضلال المبين وفقدوا بوصلتهم الوطنية وصارت كل حركاتهم وسكناتهم السياسية متمحورة حول ذواتهم. لقد صارت المبادئ والقيم والأطروحات والشعارات التى رفعها الرعيل الأول من الأتحاديين لا تمثل لهم شيئاً ورموها والقوا بها وراء ظهورهم وصاروا يلهثون حول ذواتهم ولذلك كان ضعفهم الظاهر فى كل موقف وطنى معلوم للقاصى والدانى.
أن الثورة العربية المنداحة قد أبلغت بما لا يدع مجالاً للشك أن القضية واضحة لا تحتمل المساومة وهى الحرية والديمقراطية والعدالة والحكم الراشد وأقتلاع الفساد من جذوره وفى هذا نحن لنا القدح المعلى أكثر من كل الشعوب العربية والأفريقية والأسلامية أذ أننا نرزح تحت وطأة حكم عقائدى شمولى عسكرى ديكتاتورى مهما أعطى من هامش حريات لا تمس جوهر حكمهم الآحادى. وهو أيضاً نظام موغل فى الفساد من أعلى سبيبة على راسه حتى أخمص قدميه، بل هو فساد منظم ومقنن بواسطة الدولة وبالفتاوى الشرعية التى تبيح سرقة المال العام. ولذلك ليعلم الجميع ولتعلم القوى السياسية أن مطالب الحرية ومحاربة الفساد لن يحققها النظام الحاكم الحالى مهما حاول الجميع ترتيقه أو مثابرة الحوار معه لأن تحقيق الحريات الكاملة ومحاربة الفساد يعنى نهاية حكم الأنقاذ فكيف تريدونهم أن يحكموا على أنفسهم بالفناء بمحض أرادتهم؟ مالكم كيف تحكمون؟ أن مطالب تحقيق الحريات العامة الكاملة وممارسة الديمقراطية الحقة ومحاربة الفساد لن يتم فى ظل هذا النظام أو أى نظام قادم يكون فيه الأسلاميون جزء منه على الأطلاق. ولذلك ليس هنالك من سبيل ألا أقتلاع هذا النظام من جذوره بالثورة الشعبية ويكون على رأسها قيادات رشيدة كما هو حادث فى كل ثورات البلاد العربية. والذين يتخوفون من الحالة اليبية واليمنية فهى حالة شعبين شجاعين ليتنا نكون مثلهم فليفنى ثلث الشعب السودانى وليبقى الثلثان الآخران ليعيشا حياة حرة وكريمة، برغم أن حالتى ليبيا واليمن تدخلت فيها أيادى أجنبية ونتمنى ألا يتم ذلك لبلادنا فى حالة أندلاع ثورته. كيف تخافون كثرة الموت ونحن فى ظل هذا النظام نفقد كل يوم ميئات الأرواح من السودانيين فى دارفور والجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق بسبب هذا النظام ولن نفقد أكثر من ذلك يومياً فى ميدان أبو جنزير فى قادمات الأيام. ويجب أن يصمت المخذلون من القيادات الحزبية التى أتضحت أهدافها لكل الشعب السودانى وقد صار كل يوم يسخر من تصريحاتها الكثيرة التى لا تستقر على وتيرة واحدة غير أنها كلها فى نهاية الأمر تصب فى مصلحة هذا النظام وبقاءه ليظل جاثماً على صدر الشعب السودانى.
أيها الأتحاديون هل فقدتم كلكم رشدكم وعقولكم وأنتم ترون ما يحدث لوطنكم وأنتم سادرون فى غيكم فى الفرقة والشتات والأنقسامات والتنابز بالألقاب والأسم الفسوق؟ آن الأوان أن يتجمع الأتحاديون فى حزب أتحادى واحد قوى وفاعل وعلى كل الأتحاديين الذين يتفرجون من خارج السياج والذين يقفون موقف المعارضة لنظام الأنقاذ الحاكم الحالى والذين يريدون العمل على أزالتهم بدلاً من السير فى ركب القيادات الأتحادية التى تغازل النظام وتقدم رجلاً وتؤخر الأخرى أن يتجمعوا جميعاً فى حزب أتحادى واحد قوى بعيداً عن الأحزاب الأتحادية التى لم تتضح مواقفهم السياسية من هذا النظام إإ وفى هذا يمكن أن يتجمع الأتحاديون فى الحزب الأتحادى الديمقراطى الموحد والهيئة العامة والوطنى الأتحادى والخارجون من الحزب الأتحادى الديمقراطى بقيادة جلال الدقير والحزب الأتحادى الديمقراطى بقيادة السيد محمد عثمان الميرغنى أن يتوحدوا فى حزب واحد سواءاً ن يرتضوا بأسم يكون أسمهم من أحد هذه الأحزاب المسجلة كالحزب الوطنى الأتحادى لقيمته التاريخية فى المسار الأتحادى أو تسجيل حزب جديد يجمع كل الوسط السودانى ويبنى على الفكر والطرح الأتحادى وهذا هو الأفضل لئلا يحدث تحيز لأسم من الأسماء وليسمى الحزب بالأتحادى الديمقراطى الحر Libral DemocraticUnionist Party وأن يكون هيكله التنظيمى المؤقت متسع بحيث يلبى تطلعات وأيجاد مواقع لكل قيادات الأحزاب والفصائل والتيارات الأتحادية التى فيه وأيضاً موقع قدم لكل القوى السياسية الديمقراطية التى تؤمن بأطروحاته للأنضمام اليه ليجدوا موقعهم مثل حزب المؤتمر السودانى ألذي قام بتكوينه المرحوم عبد المجيد أمام بعد الأنتفاضة وهو فى الأصل أتحادى قح والبعثيون والناصريون والقوميون العرب الذين أقتنعوا بأن هذا الطرح مفرق لوحدة الشعب السودانى وحزب التحالف السودانى والحزب الفيدرالى السودانى وأيضاً الحركة الشعبية شمال وكذلك حركات دارفور التى تؤمن بالعمل السياسي وأطروحات الحزب الديمقراطى الليبرالى الجديد. أيها الأتحاديون أحزموا أمركم ولا يكن أمركم عليكم غمة وتصدوا لمسئولياتكم الوطنية فقد خنتم الأمانة الوطنية التى تركها كم رعيلكم الأول على أعناقكم.
mohamed.z.osman1950@gmail.com