إلى عبدالعزيز الحلو: “لو صبر القاتل لمات المقتول! ” بقلم: عثمان محمد حسن

 


 

 

* صار السودان، اليوم، فريسة يتصارع الشرق والغرب صراعاً شرساً لاصطيادها.. وبداخله صراع أشرس بين الساسة السودانيين للنيل من بعضهم البعض، لِسَّوق البلد إلى حظيرة المنتصر منهم.. ويقف (بعض) الساسة عياناً بياناً مع أو ضد الشرق أو الغرب لإنجاز المهمة، ولوضع أحزابهم في وضع مريح متى آن أوان الانتخابات عقب الفترة الانتقالية..
* وللسودانيين رأي في الانتخابات المدغمسة وفي التطبيقات المبتذَلة للإسلام السياسي طوال فترة النظام (المنحل) وينظرون إلى دعاة تطبيق الشريعة الإسلامية، المفترى عليها، نظرةً فيها كمٌّ هائلٌ من الاحتقار والإزدراء، نظرةً هي أقرب إلى نظرة المسلمين للمنافق عبدالله بن أبي بن سلول، فعلى درب إبن سلول سار منافقو السودان رافعين شعار (المشروع الحضاري)، ذاك المشروع الذي أصبح مدعاةً للسخرية والتندر لاحتوائه على كل ما تعنيه جملة (الغاية تبرر الوسيلة)..
* كان لا بد من محاربة الثوار لذاك المشروع بلا هوادة، إذ أدى إلى ترﮂٍّ شنيع في كل ما هو جميل مادياًّ أو معنوياً، وحطَّ من قدر القيم الدينية والأعراف المجتمعية السائدة في المجتمع السوداني..
* إنفض المؤمنون بالقيم الدينية، والأعراف المجتمعية السامية والسائدة، وابتعدوا إبتعاداً صارماً عن كل ما يمت إلى (المشروع الحضاري) المفترى عليه بِصِلة، ونأوا عن كل ما يلمح إلى المشروع، مجرد تلميح، دعك عن من يدعو إليه..
* ولهذا وذاك أجدني في حيرة لمعرفة مغزى إتفاق القائد عبد العزيز آدم الحلو والسيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني من إصدار بيان وإعلانه على الملأ يصران فيه:- ".... على فصل الدين عن الدولة، مؤكدين أن دور الدين في المجتمع أساسي ولا تنازل عنه..... "؟
* في تقديري أن عبدالعزيز الحلو لو صبر، لبعض الوقت، لوجد البيئة المهيأة تماماً لقيام دولةٍ مدنية ذات دستورٍ مدنيٍّ، مَتْنَاً وحواشٍ، تتم صياغته برغبة شعب السودان الرافض لكل المشاريع السياسية المشبوهة والمبنية على هوامش الدين الإسلامي، بعيداً عن لُّب ومقاصد الدين الحنيف.. أي لَوَجَد ما يصبو إليه دون ضجة..
* لم يكن عبدالعزيز الحلو، في حاجة لإثارة قضية الدين والدولة في هذا التوقيت بالذات.. وفي يقيني أن الحلو يدري أن القضية محسومة سلفاً في الشارع السوداني، وأن ما يدعو إليه من فصل الدين عن الدولة إنْ هو إلا تحصيل حاصل لا يستدعي الجهر به لإقناع شارعٍ شاهد الفساد والثراء الحرام يتحركان في كل بقاع السودان ملتحِفَّين عباءة (الإسلام دين ودولة)..
* أدرك الشارع ما وراء الدعوة ل(الإسلام دين ودولة)، فناضل وأسقط نظام المنافقين، ومع سقوط النظام سقط المشروع الحضاري إلى الأبد، وهتف الثوار هتافات تطالب يفصل عباءة الدين عن الدولة بلا مماحكات..
* أما سمع الحلو هتافات ملايين السودانيين تصِم الآذان في جميع أنحاء السودان:- " أي كوز ندوسو دوس! "؟
* كان حرياً بالحلو أن يستقرئ المثل القائل:- " لو صبر القاتل لمات المقتول!"، حتى لا يحاول أن يقتل المقتول بذلك البيان الذي هو، في تقديري، بيان إلى العبث أقرب!
* وفي تقديري أن تلك محاولة غير موفقة حيث أنها تُدخِل الحلو في حساسيات مع مواطنين كُثر، لابد وأن يكون في حاجة لدعمهم له في رؤيته، المقاربة لرؤيتهم، لكيف ينبغي أن يكون عليه حكم السودان الجديد..
* ما كنتُ أتمنى أن يثير المناضل عبدالعزيز الحلو، العواطف الدينيّة بتصريح أو بيان لا يضيف جديداً لصالح ما يناضل، ويناضل الثوار، لأجل تحقيقه.. خاصة وأنه سبق ونادى بالتخلي عن يوم الجمعة كيوم عطلة، فأدخل نفسه في متاهات أدت إلى شيئ من الفرقة والشتات والهجوم عليه من عدة جهات.. وقد سمعتُ، مؤخراً، من يُكَفِّر الحلو ويتهمه بالزندقة..
حاشية..... حاشية..... حاشية..... حاشية..... حاشية
* كان أخي أحد الكفاءات اللا منتمية سياسياً، وسافر إلى أديس أبابا، ضمن الوفد الحكومي المفاوض لقادة الحركة الشعبية شمال، قبل انقسامها إلى حركتين، حول العديد من المسائل السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية.. وقد أفادني أن عبدالعزيز الحلو كان القائد الوحيد من قادة الحركة الذي يخرج معهم من الجلسات لأداء الصلاة في مواقيتها بصالة الفندق.. أما قادة الحركة الآخرون فكان لهم (مآرب) أخرى..
* ذلك ما أكده لي أخي اللا منتمي سياسياً.. وبعد هذا أقول لمن شاء أن يكَفِّر عبدالعزيز الحلو فليكفره.. والله أعلم بمن ضل عن سبيله، والله أدرى بمن اهتدى..

osmanabuasad@gmail.com

 

آراء