إن ٱلْأَعْرَاب أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا

 


 

 

melsayigh@gmail.com

"ٱلْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"
قرآنٌ كريم

لا نزالُ بسِحَنِنَا السمراء الداكنه نحشُرُ أنفُسَنا حشراً في زُمرةِ الأعراب متجاوزين تهكُّمُهُم علينا ووصفِهم لنا بالعبيد ثمّ وَهُم يُقيمونَ أنفسُهُم أوصياء علينا ثُمّ وهُم ينهبونَ ثرواتنا ثم وهُم يتامرون على أراضينا وأطياننا ووطننا ثم وهم يحاربون حروبهم بأبنائنا وأخيراً ديمقراطيتِنا ذلكَ البُعبُع الذي يطرد النوم عن عيونِهِم ويُؤرّقَ تجهيلهم لشعوبهم.

الّذين تآمروا أخيراً على مشروعنا الديمقراطي الوليد وتنادَوا من كلّ حَدْبً وصَوب بمعاولهم لِقَبرِهِ لم " يُحظُوا " حتّى بالشجب والإدانة من بقيةِ أبناءِ جِلدَتِهِم مثلما حدث منهُم إثر تعليقٍ من مواطنٍ عبّرَ عن رأيِهِ الشخصي الذي وصَفَ فيه حرب اليمن بالعبثيّه فقامت الدنيا ولم تقعُد وتصاعَدَ الأمر حتّى بَلَغَ مرحلة سحب السُفراء وعوقبت دولة هذا المواطن وقُهِرَ قادتَُها رغم تنازلاتهم أصَرّ الجانب الآخر وتعنّت.

تآمرَت دولٌ أربعه على دولةٍ فقيره عزيزةٌ بأهلِها أحداها هي الجارةُ مصر الرسميه التي تغنينا بإسمها " مصر يا أخت بلادي يا شقيقه ". لم ترعوِ وهي تُجَرِّف ثرواتنا بطريقةٍ مُهينه على طريقةِ السّلب والنهب عندما وجدت من لا ضمير لهم من العملاء الذين خانوا شعبهم ووطنهم والّذين لا تهمهم إلّا جيوبهم ونفوسهُم المريضه التي لا يُشبِعُها غير السُحت ، وجدوهُم ، في موقع القيادةِ لدينا. ثم وهي تُصَابُ بالجنون من احتمال وجود ديمقراطيةٍ راكزه على حدودها الجنوبيه. تداعى الاعراب جميعهم المتآمرون مع قادتنا والمباركون من على البُعد وسحبوا سفراءهم من لبنان عقِبَ عبارةٍ مقتضبه لا يحمل قائلها اي صفةٍ رسميه ولكن لم يحرك فيهم انقلابٌ على نظام الحكم في السودان ، الذي يُعِدُّونَهُ عَرَبيّاً على مضض ، خطط لهُ ونفّذهُ بنو جلدتهم ضد إرادةِ شعبٍ لم يجدوا منه إلّا كل ما هو سمحٌ وخَيّر لم يحرّك فيهم ساكناً. لم يشجبوا ولم يدينوا ولم يُعلِنوا عن غضَبِهِم ولم يسحبوا سفراءهُم. لا غرابةَ أن أتى كلام الله عز وجلّ فيهم " إنّ الأعرابَ لأشدُّ كُفراً ونِفاقاً " وليس بعد كلام الله شيئ.

وأفاقت الجامعه العربيه من سباتها وحضر ممثلوها او ممثلوا مصر بالأحرى أخيراً ليُقِرّوا الإنقلابيين على إنقلابهم ويباركوا الخطوه تحت أستار الأحاديث المنمّقه وملامس الثعابين الناعمه وتمنياتهم القلبيه لشعب السودان وذهبوا تُشيّعهُم لعنات شهدائنا وشعبنا الأصيل وليس المُخَلَّق من أذيال الاجهزه الأمنيه والخبراء الإستراتيجيين والأمنيين الذين صاروا أضحوكة العالم وتندُّرِهِ وهُم يتقيّؤون حِقدَهُم وغلّهُم وجهلَهُم الى العالم عبر قنواته.

لم أكن أتصوّر أن يأتيَ يومٌ آخر على السودان يقومُ فيه أحدُهُم بتكرار نفس الشريط الذي حدثَ إبّان العهد الإنقاذوي المُباد وأثناء ثورة الشعب من معتقلاتٍ مجهوله ومُعتقِلين من الاجهزه الجنجويديه وأجهزة امن الإنقاذ " الجهاز الأب والاجهزه الشعبيه والطلابيه " وجميعهم تمّ الحفاظ عليهم " صاغ سليم " في حفظ وصَون عسكر اللجنه الأمنيه وظلت مرتباتهم ومستحقاتهم تُصرف اليهم من خزينة الدوله.

هذه الأجسام الشائهه كل ما فعلته السلطه الانقلابيه انها فعّلَت دَوْرَها فانطلَقوا من فَورِهِم ذلك إلى العمل " المُقَدّس " الذي تمّ إدّخارُهُم وحفظهم سالمين من أجلِهِ طيلة عامَي الإنتقاليه فبدأوا الإعتقالات على نفس النّهج الإنقاذوي الذي نحفظهُ عن ظهر قلب والذي يبدأ بإهانة البشر أمام ذويهم أولاً ثم سَوْقِهِم بعد عَصب أعيُنِهِم الى المجهول ثم تعذيبهم الذي يحمل ختم الجوده الذي عرفناهُ لأعوامٍ تخطت الثلاثين.

وإلى الشوارع تمّ إطلاق هذه الثيران المُهتاجه وإذا بنَفْسِ البصمه ونفس التوقيع في ضرب الماجدات الحرائر والقَنْص والترويع والسحل والإعتقال وضرب البيوت بالغاز المُسيل للدموع ودخول البيوت وترويع أهلها وقطع الطرق أمام إسعاف المصابين الى المشافي وحمل الموتى الى المشارح. وإذا بنفسِ اللَّبس والحَيْرَه ونحنُ أمامَ أزياء عسكريه لم تعُد أوصافها تُمَيّز أصحابها فهي لكلّ ساعٍ لمناصَرَةِ باطِلِهِم ذاك.

لم يتعظ احد رغم قُرب التاريخ من أحكامٍ بالإعدام طالت زُملاءهُم في عالَمِ الّا أخلاق والّا رُجوله. لم يتّعظ أحد من أحكام المجتمع السوداني المبنيه على الفرسَنَه والوجدان السليم. لم يتّعظ أحد من سلوكه وسلوك زملائه من المعروض في برامج بيوت الأشباح فعادوا ( يكذبون ) على مستوى قياداتهم وقواعدهم على طريقةِ الزبادي الذي سمّمَ استاذ احمد الخير.

فيما يلينا ، وفقط للتذكير ، ظللنا نُرَدّدُ ( طيلةَ ) عامين أننا نُقَدّسُ جيش السودان ولا نقبل فيه. قلنا أنّ جنرالات اللجنه الأمنيه ليسوا هم الجيش السوداني الذي عرِفنا ونادَينا بتسليم زمام أمرِهِ الى أبنائهِ المفصولين لأنّ الثلاثينَ عاماً بالإضافةِ إلى خيانة قياداتهِ و( معاول ) حميدتي لم تُبقِ شيئاً من الجيش الذي عرفنا.
قدّمنا ورقه في مارس ٢٠١٩ بإخراج مؤسسة الجنجويد من العاصمه وكل مدن السودان أوّلاً توطئةً لبحث أمر أفرادِها والنظر في أمر دمجها.
ظللنا نُرَدّد ونُنادي بإرجاع مفصولي الشرطه وتنظيف جهازها . ظللنا نُنادي بإنشاء جهاز الأمن الداخلي من مفصولي الشرطه وظللنا نُنادي ( بِحَلْ ) جهاز الأمن والمخابرات الإنقاذوي العقائدي ضربةَ لازب.

الّذين كنا نُخاطبهُم بحديثنا ذاك " رؤساء احزاب ، وزراء ، فاعلي قحت ، رئيس الوزراء ..الخ " مضوا فيما أُتْرِفوا فيه ما بينَ مُتهكّمٍ وبينَ سافِهٍ وبينَ من تَصْعُبُ بل وتستحيل قراءةِ وجوهِهِم.

حديثُنا لهم بدأ من قبل واقعة التفاوض ومضى حتى الخامس والعشرين من اكتوبر دون إنقطاع. كانت نظرتنا ترتكز على عدم المساهمه في توفير الزمن للعسكر " الجنرالات " وللمليشيا "الخازوق " الاكبر ولبقية المليشيات وسَندَهُم جميعاً جهاز الأمن والمُخابرات. وطّدَ الجميع أقدامَهُ وضمّ حميدتي من شاءَ إلى قوّاتِهِ خاصةً أفراد ( عمليّات )جهاز الامن وضباط وصف وجنود الجيش والشرطه واختارَ أماكن إستراتيجيه كمقَرّات لقوّاتِهِ وربط بينها بنُظُم إتصالات حديثه وسَلّحَها " بمزاج " وحتّى طائرات سلاح الجو لا تُقلِع إلّا بعد توقيع مندوبِهِ المقيم " تصَوّروا ". وقامَ كل امراء الحروب بإدخالِ قواتهم الى العاصمه التي غرِقَت في أحزانِها ودُموعِها لأنّ رجالَها من المدنيين غضوا طَرفَهُم وانكسرَت أعيُنهُم أمامَ مغتَصِبيها وسَدّوا آذانَهُم دونَ صياحِها وأنينِها.

قلنا لهُم أن المعركه فقط ( مؤجّلَه ) فقوموا بما يليكم الآن قبل أن يُثَبّت القوم أقدامَهُم. ( ما يليكم ) هذه قصَدنا منها أن يخرُجوا بمخاوِفِهِم وما يُعيقُ طريقهم الى هذا الشعب ليُسارع بالحل. قال البعض ان الحكومه تعرف ما تفعل وتريد أن تُلاعب البيضة والحجر لئلا تتضرر الفتره الإنتقاليه وأكثر من ذلك إحتجبوا عن مفجّري الثوره وهُم يقفون على أبوابِهِم بل ووصل الأمر في بعض الأحيان لتفريق جموعهم بالشرطه. الآن تضرّرت الفتره الإنتقاليه ولسوف يدفع الشعب الثمنَ باهظاً ولَن يهتمّ أحَدٌ. نادينا بخروجِ الجميع وتركَ الأمر لمن صنعوا الثوره ولكن لا أحد هان عليه أن يقمع أو أن " يَنهَر "بريق السلطه بداخله ليُعلي شأن الوطن. الآن يتجاذبون شأن ما سيؤول اليه الحال بالعوده الى ٢٤ اكتوبر وعيونهم على الكراسي. وقلنا وقال الشعب كلمته ولاءاتَهُ الثلاثه وسنمضي إليها فأمّا بلغناها او هلكنا دونها وحينها فقط سيجد الإنقلابيون متّسعاً ليحكموا وطناً أهلَهُ تحت التراب.

الشارع هو ( السيد ) الآن وليس الأحزاب ولا الحركات ولا الجيش ولا المليشيات. أيّ جلوس لإعادة الوضع للرابع والعشرين من اكتوبر هو إعادةٌ لإنتاج الأزمه وهو خيانه للشهداء والشباب الذي لولاه لما وجدنا حامياً. هيكلة الجيش والشرطه يجب أن يتمّا بيد أبنائهما المُعادين من الفصل التعسُّفي وهذا يعني بدايةً رحيل لجنة البشير الأمنيه وعودة عمل الجيش والشرطه بكفاءة ابنائهما الحقيقيين ويعني حجب الجيش عن السياسه والحكم وتفرّغهِ لواجباتِه. إن لم نَمْضِ في هذا الأمر بقوه وبصمود فلا فائدةٌ سوف تُرجى وإلى ذلك الحين نحنُ عند لاءاتِنا الثلاثه.

 

 

آراء