احتفالا بشهر السود في كندا

 


 

 



(1)  

اليوم الفاتح من فبراير" أحب شهر اتنين  "  ، ما اجملك ما أروعك يافبراير ، في بلدي نحتفل بشهر يناير ومارس وأبريل وأكتوبر .. إلخ  ولكن يظل فبراير له طعم خاص  أقصر شهر في العام ، وأروع شهر في العام ، أو شباط في الشام ، وفيفري في تونس والجزائر " أحب الجزائر " ، وأنا اسميه شهر " الفيروس " شهر النقاء والصفاء ، ويكفي أن 21 فبراير هو عيد الأم،   وفيه مواليد أعظم الناس وهو شهر السود في كندا ، و أول إنسان أسود وصل السواحل الكندية في فبراير  عام 1605 كان يدعى ماتيو داكوستا وكان على متن السفينة التي أقلّت المستكشف الفرنسي صامويل دو شامبلان ، وكان داكوستا مترجماً نالت خدماته إستحسان شامبلان  ،  ولكن تجربة العديد من السود الذين حذوا حذوه كانت مختلفة جداً
وخلافا للبيض  فإن ملحمة السود في أميركا الشمالية تميزت بأن عددا كبيرا منهم اقتيدوا إلى كندا رغما عنهم وأصبحوا عبيداً ،  ما تسبب باضطراب في أوساطهم لعدة أجيال " وأقولها بالفم المليان السود هم الذين بنوا كندا !!!ما نحن برضو قارين تاريخ !!!
وقد لعبت كندا دورا في عتقهم من نير العبودية ، وفي بعض الأحيان ، في إعادة عدد كبير منهم إلى إفريقيا  ،  لكن العودة لعدد آخر منهم لم تكن واردة  ،  ومع مرور الزمن باتت جذورهم اليوم في كندا" أحبك يا فبراير ، أموت فيك يا فبرير " . 

شهر فبراير إحياء تاريخ السود في كندا
القصة بدأت وحسب ما قرأت وأنا في الطائرة قادما إلى كندا ، عندما تقدمت السيدة جين أوغستين بمذكرة بهذا الخصوص أمام مجلس العموم الكندي . والسيدة إوغستين "الله يطراك بالخير يا حاجة نفيسه  أقصد يا حاجة أوغستين أول امرأة سوداء تم انتخابها نائبة في البرلمان الكندي عن إحدى دوائر مقاطعة أونتاريو . وصوّت البرلمان بالإجماع لمصلحة المذكرة ،  وزي ما قال ود ضيف الله " في كل بلد سوالو ولاد ، وأنا بقول في كل بلد عندي خال والما عندو خال يشوف ليهو خال " 
وتجدر الإشارة إلى أن السعي للاعتراف بمساهمة السود في المجتمع الأميريكي بدأ قبل ذلك بكثير في الولايات المتحدة  ،  ففي العام 1926 أسس كارتر ودسون ” أسبوع تاريخ السود ” إحياء لذكرى أبراهام لينكولن " يا حليلك يا حنان بلوبلو وحاجة كولن كولن "  وفريديريك دوغلاس باعتبارهما ناضلا لإلغاء العبودية .
في غضون ذلك بدأ عدة أعضاء من الجالية السوداء في كندا ، مثل العاملين منهم في السكك الحديد ، بعرض تاريخهم وإحيائه  ، وفي تورونتو عمدت ” الجمعية النسائية للكنديين السود ” في الخمسينات إلى إحياء ذكرى السود في كندا . وفي نوفا سكوتشيا ظل تاريخ السود حيا في أوساط الأجيال اللاحقة ممن تمكنوا من الهرب من العبودية في الولايات المتحدة واللجوء إلى كندا في نهاية القرن الثامن عشر

وفي العام 1978 تأسست ” الجمعية التاريخية للسود في أونتاريو ” وفي العام التالي قدمت عريضة لمجلس بلدية تورونتو لتعلن هي الأخرى فبراير شهرا للسود  ،  وابتداء من العام 1980 بدأت الاحتفالات بالشهر بالازدياد لتعم سائر أنحاء كندا، ما أروعك أيها السوداني أبو الجالية السودانية في كندا حسن إدريس ، وما أروعك يا عبدالوهاب التوم . 
وفي كل عام يكتشف المزيد من الكنديين قصصا غير محكية عاشتها الجالية السوداء في كندا          
وكما قلت أعلاه القصة بدأت عندما تقدمت السيدة جين أوغستين بمذكرة بهذا الخصوص أمام مجلس العموم الكندي ..
وتجدر الإشارة إلى أن السعي للاعتراف بمساهمة السود في المجتمع الأميريكي بدأ قبل ذلك بكثير في الولايات المتحدة . ففي العام 1926 أسس كارتر ودسون ” أسبوع تاريخ السود ” إحياء لذكرى أبراهام لينكولن وفريديريك دوغلاس باعتبارهما ناضلا لإلغاء العبودية .
في غضون ذلك بدأ عدة أعضاء من الجالية السوداء في كندا ، مثل العاملين منهم في السكك الحديد ، بعرض تاريخهم وإحيائه . وفي تورونتو عمدت ” الجمعية النسائية للكنديين السود ” في الخمسينات إلى إحياء ذكرى السود في كندا . وفي نوفا سكوشيا ظل تاريخ السود حيا في أوساط الأجيال اللاحقة ممن تمكنوا من الهرب من العبودية في الولايات المتحدة واللجوء إلى كندا في نهاية القرن الثامن عشر .
وفي العام 1978 تأسست ” الجمعية التاريخية للسود في أونتاريو ” وفي العام التالي قدمت عريضة لمجلس بلدية تورونتو لتعلن هي الأخرى شباط/فبراير شهرا للسود . وابتداء من العام 1980 بدأت الاحتفالات بالشهر بالازدياد لتعم سائر أنحاء كندا.


إحتفالا بشهر السود في كندا " 2"

شهر شباط فبراير هو شهر تاريخ السود في كندا ، وتحتفل كل المقاطعات الكندية بالمناسبة منذ عام 1995 بمبادرة من النائبة جان أوغستين التي كانت أول سيدة سوداء تنتخب لمقعد نيابي في مجلس العموم الكندي

وتحيي كندا خلال هذا الشهر تراث الجاليات السوداء ومساهماتها الكثيرة في المجتمع الكندي. وتجري الاحتفالات في طول البلاد وعرضها وتشارك فيها أيضا القوات الكندية المسلحة وفاء منها لمساهمة أبناء الجاليات السوداء في الحربين العالميتين في صفوف القوات الكندية المسلحة  ،  وتثمَن الحكومة الكندية مساهمات الجاليات السوداء التي أثرت التعددية الثقافية والعرقية التي تميَز المجتمع الكندي.
والحديث عن السود لا يعني الحديث عن جالية واحدة فحسب وإنما عن جاليات عديدة من إفريقيا ودول الكاريبي ومناطق أخرى من حول العالم اختارت الاستقرار في كندا.
تذكرت صديقي الدكتور الطيب  الأمين أستاذ الاقتصاد الزراعي الكندي السوداني حول انطباعاته في شهر السود وأبعاد الانتماء الافريقي والعربي والكندي بالنسبة له، وتذكرت رجال أفذاذ أمثال الصادق  أبو نفيسة والدكتور الذي يعيش بيننا غانم عبدالسلام  .

مانديلا والساكت عن الحق شيطان أخرس

كندا التي منحت أرفع درجات التقدير وحتى جنسيتها الفخرية لنلسون مانديلا المدافع الأسطوري عن حقوق الإنسان الذي كان يذكر كندا كمصدر للإلهام في كفاحه من أجل العدالة بين السود والبيض في جنوب إفريقيا، شهر فبراير مناسبة كي أهدي له وهو في قبره باقة ورد ملأى بالتقدير والعرفان لمواقفه النبيلة التي لن تنسى .
وقد وجد مانديلا دعما لقضيته عندما كان غير قادر على الكفاح من أجلها كما وجد حلفاء دعموه خلال سنوات سجنه الطويلة ومعجبين استقبلوه كواحد منهم عند إخلاء سبيله ، إنهم أفذاذ كندا .
وحسب عدد من المؤرخين فإن كندا كانت مثالا لنلسون مانديلا عندما انتخب على رأس السلطة في بلاده وترك السلطة " أحبك: يا مانديلا "
وهذا الإعجاب المتبادل لم يفارقه حتى وفاته في سن الخامسة والتسعين.
ويعتبر خبراء أن التقدير الذي تكنه كندا بالنسبة لنلسون مانديلا وجد قبل أن يحتفى به حول العالم لمشاركته في وضع حدّ للتمييز العنصري ودفاعه عن حقوق السود في وطنه الأصلي، " الغريبة أول مرة دخلت فيها السجن في بلدي كان بسبب إنتقادي لسياسة التمييز العنصري " !
هل تذكرون ليندا فريمان التي درست العلوم السياسية في جامعة كارلتون والأخصائية في جنوب إفريقيا  التي ظلت تؤكد أن منظمات منددة بالتمييز العنصري بدأت ترى النور على الأرض الكندية في السبعينات ،  فمجموعات دينية ومنظمات اجتماعية ومنابر كندية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحزب السياسي لنلسون مانديلا حشدت جميعها طاقاتها للوقوف في وجه النظام العنصري، " نظام الأبارتايد " وكم خرجنا في مظاهرات صاخبة أيام الثانوية ضد سياسة الفصل العنصري ،  في وقت كان فيه زعيم الحركة (مانديلا) يرزح في غياهب السجون بعد أن حكم عليه مدى الحياة بتهمة محاولة قلب الحكومة العنصرية.
وقد باءت محاولاتهم للفت انتباه أوتاوا لقضيتهم بالفشل حسب الأستاذة فريمان، كما أن رؤساء حكومات كندية من جون ديفنبيكر إلى جون تورنر بذلوا القليل من الجهد لوضع حد للعلاقة التجارية المربحة لكندا مع إفريقيا الجنوبية.
وتوضح السيدة فريمان أن كندا كانت تعتمد ولفترة طويلة موقفا متأرجحا مع إفريقيا الجنوبية ، وأقصى ما فعلته كندا لفترة طويلة كان التنديد بالتمييز العنصري أمام الأمم المتحدة مع الدعم ا للتجارة والاستثمارات في الوقت نفسه ، كانت بالفعل سياسة غاية في الخبث كما تقول  السيدة فريمان.

معركة بريان ملروني
لقد تغيرت الأمور في أعقاب وصول بريان ملروني للسلطة في عام 1985 ، و أشارت السيدة فريمان  لذلك مضيفة أن رئيس الوزراء التقدمي المحافظ برز بسرعة كمدافع متحمس عن قضية نلسون مانديلا.
وعلى خلاف زعماء غربيين آخرين، ندد بريان ملروني بحزم بالتمييز العنصري وفرض عقوبات اقتصادية صارمة بحق حكومة جنوب إفريقيا.
ويؤكد رئيس قسم الأرشيف في مركز مؤسسة ذكرى نيلسون مانديلا في جوهانسبورغ فيرن هاريس أن بطل مقاومة التمييز العنصري كان يشعر بالدعم المتصاعد الذي كانت تقدمه كندا خلال سنوات سجنه السبع والعشرين.
هذا التضامن كان هاما بشكل خاص بالنسبة للسجناء بالإضافة للمنظمات التي كانت منخرطة في مسيرة تحريره كما  يؤكد هاريس  .

وهذه الزيارة حصلت بعد أربعة أشهر فقط من إخلاء سبيله في الحادي عشر من فبراير شباط 1990.
وحسب السيد هاريس، فإن مانديلا عبر عن رغبة حارة لزيارة كندا التي كان يعتبرها مثالا يحتذى واعتبر فخرا له قبول دعوة بريان ملروني الرسمية لزيارة كندا بأسرع وقت ممكن ، وهذا هو حالي مع كندا .

ويؤكد هاريس أن مانديلا كان يعطي الأولوية للدول التي كانت في تلك الفترة على علاقة خاصة بمعركته من أجل حريته. وكانت كندا تحتل المركز الأعلى في اللائحة كواحدة من الدول الأولى التي زارها بعد نيله حريته.

لقد جئت كندا في عهد الرجل العظيم الرائع جان كريتيان ، فله مني مليون تحية ، فما أروعك يا مانديلا وما أنبلك يا كريتيان
badreldinali@hotmail.com

 

آراء