ازمةً الاعلام القومي في ظل هيمنة موظفي النظام السابق
حسن احمد الحسن
11 April, 2023
11 April, 2023
لا يمكن بنا انتقال ديمقراطي بكوادر امنية واعلام شمولي
يعاني الاعلام القومي من تلفزيون واذاعة قومية واذاعات محلية فيما يقدمه من محتوى اخباري وسياسي وثقافي من تاثير مباشر جراء الثقافة التراكمية الشمولية المسيطرة عليه على مستوى الاعداد والتحرير والتحليل والتقرير ونوعية المحللين الذين تتم استضافتهم بعناية وفقا للسياسة التحريرية التي ترتبط ارتباطا عضويا بتوجهات الحاكم الفرد او المجموعة الحاكمة او الانقلابية والسياسات المعلنة ضمنا او صراحة .
واي تصنيف مهني موضوعي يخضع لقواعد واخلاقيات مهنة الصحافة يضع معظم العاملين في هذا الحقل الاعلامي الحكومي في خانة الموظفين الاعلاميين وليس الصحفيين المهنيين سيما الذين عاصروا الانظمة الشمولية وعملوا معها في تنفيذ اجندتها السياسية في اكثر من نظام وظلوا يمارسون مهامهم في خدمة الانظمة الشمولية ولم يلتزموا بقواعد العمل الصحفي والتحريري الذي يتسق مع مواثيق ومباديء وقيم مهنة الصحافة التي تعلي من شان حرية العمل الصحفي وتقديم الراي والراي الاخر والحقيقة والشفافية والعدالة والمسؤولية والمساءلة وغيرها من اخلاقيات المهنة وهي ذات القيم المنعدمة تماما في ظل الاعلام الحكومي الشمولي القائم والراسخ حاليا .
ويبدو الامر اكثر وضوحا على سبيل المثال من خلال بعض الصور المشهدية .
فمثلا تحت ظل نظام الانقاذ كان الخط السياسي الاعلامي يقرره حزب المؤتمر الوطني وفق سياساته واهدافه ويحشد لادارة وتنفيذ ذلك الخط جيش من الموظفين الاعلاميين من ذوي الولاء للنظام دون اعتداد بمهنيتها او انتسابهم اصلا لمهنة الصحافة واكثرهم هواة كماهو معلوم وظل هذا الجيش يعمل باخلاص وولاء لسياسات الانقاذ في تناقض تام مع كل القيم المهنية والصحفية التي يجهلونها او يتغابونها وكان هذا طبيعيا لان معظم هولاء ليسوا بصحفيين اصلا بل جزءا اصيلا من النظام الذي كانت حرية العمل الصحفي لديه من المحرمات والخطوط الحمراء التي يمنع تجاوزها .
وبعد اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة وجد هؤلاء انفسهم امام واقع جديد فقلة منهم تحركت الى معسكر الثورة وبقيت الغالبية في مقاعدها تحكمها ثقافتها الشمولية التي تعبر عنها من خلال ماتقدمه من محتوى مناهض لاهداف الثورة ومشروعها الديمقراطي ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المحتوى المقدم ونوعية الرسائل التي يروجون لها .
وبعد ان تشكلت حكومة الثورة الاولى بقيادة حمدوك وتم تعيين ادارة جديدة للاعلام تعبر عن روح الثورة ظلت ثقافة الموظفين الاعلاميين تقاوم نهج الثورة بشتى الوسائل وتتماهى احيانا وتراوغ احيانا اخرى من خلال مناطحة التغيير والانعتاق نحو افاق الحرية والديمقراطية ولم تستطع الثورة اتخاذ قرار حاسم لتحرير الاعلام من قبضة الشموليين .
ومن سوء الطالع ان انقلاب البرهان في 25 اكتوبر شكل طامة كبرى ضد الاعلام الحر وبداية انعتاق الاعلام القومي الطفيف في ظل الادارة الجديدة حيث عادت الروح الشمولية مجددا للموظفين الاعلاميين الشموليين في الاعلام القومي وتحولوا الى انقلابيين شرسين بملابس مدنية عبرت عن ذلك سياستهم التحريرية الانقلابية المناهضة لقيم الحرية واهداف الثورة خاصة بعد اطلق الانقلابيون لهم العنان في تشويه الثورة ورموزها وشعاراتها وتحول الاعلام القومي الى فرع للتوجيه المعنوى للانقلاب ولا يزال يمارس تلك المهام بشخوصه وسياساته وخططه التي يرسمها له قادة النظام السابق من وراء حجاب . وقد عبر بعض مقدمي البرامج في التلفزيون القومي من الذين استشعرون قدرا من الحرج في مايقدم اهم من نقد غير مباشر بانهم يعملون وفق توجيهات تاتيهم وتحدد لهم مايقولونه ومن يستضيفونه وانهم مجرد منفذين .
إزاء هذا الواقع البائس لابد من وضع قضية الاعلام القومي ودوره في اعلى سلم الاولويات لتحريره من العقلية والثقافة الشمولية التي تاسره وتتحكم فيه حتى في ظل الثورة رغم ما تعانيه الثورة نفسها من استهداف .
لابد من رفد هذه الاجهزة بصحفيين مهنيين وفق شروط وضوابط مهنة الصحافة وقيمها ودورها في تقديم المعلومات والكشف عن الحقيقة والاستقصاء وتنوير المجتمع وتشكيل الراي العام وفق قيم الحرية وحقوق المواطن في المعرفة .
لابد من تحويل العاملين الاعلاميين الحاليين الذين عملوا في ظل انظمة شمولية الى وظائف اخرى بعد اخضاعهم لتقييم مهني عادل.
لابد من عقد مؤتمر اعلامي قومي لحماية دور الصحافة في المجتمع الديمقراطي الحر وتثبيت اخلاقيات مهنة الصحافة كشرط اساسي للمشتغلين بهذه المهنة ووقف الاعتداء على حرية العمل الصحفي وحماية الصحافة من المتغولين عليها من خارج الحقل الصحفي ووضع حد فاصل بين الصحفيين المحترفين والموظفين في مكاتب الاعلام والمراسم الحكوميين من غير الصحفيين المهنيين لرد الاعتبار لمهنة الصحافة التي ابتذلتها الانظمة الشمولية وفي مقدمتها نظام الانقاذ وتوابعه الانقلابية .
ويقع على عاتق نقابة الصحفيين دور اساسي وحاسم لاستعادة بوصلة الصحافة والصحفيين في الاتجاه الصحيح . ان اهم الاسس التي تبنى عليها الانظمة الديمقراطية المدنية ودولة الموسسات وجود صحافة حرة مهنية ووجود صحافيين محترفين قادرين على حماية قيم الحرية والسلام والعدالة. لقد ان الاوان ان تلعب الصحافة دورها في التغيير بعد ان تحرر نفسها وصحفييها من اعتداءات الشمولية في كل صورها واثارها لانها تشكل راي الرمح في معارك الوعي والتحرر والبناء.
يعاني الاعلام القومي من تلفزيون واذاعة قومية واذاعات محلية فيما يقدمه من محتوى اخباري وسياسي وثقافي من تاثير مباشر جراء الثقافة التراكمية الشمولية المسيطرة عليه على مستوى الاعداد والتحرير والتحليل والتقرير ونوعية المحللين الذين تتم استضافتهم بعناية وفقا للسياسة التحريرية التي ترتبط ارتباطا عضويا بتوجهات الحاكم الفرد او المجموعة الحاكمة او الانقلابية والسياسات المعلنة ضمنا او صراحة .
واي تصنيف مهني موضوعي يخضع لقواعد واخلاقيات مهنة الصحافة يضع معظم العاملين في هذا الحقل الاعلامي الحكومي في خانة الموظفين الاعلاميين وليس الصحفيين المهنيين سيما الذين عاصروا الانظمة الشمولية وعملوا معها في تنفيذ اجندتها السياسية في اكثر من نظام وظلوا يمارسون مهامهم في خدمة الانظمة الشمولية ولم يلتزموا بقواعد العمل الصحفي والتحريري الذي يتسق مع مواثيق ومباديء وقيم مهنة الصحافة التي تعلي من شان حرية العمل الصحفي وتقديم الراي والراي الاخر والحقيقة والشفافية والعدالة والمسؤولية والمساءلة وغيرها من اخلاقيات المهنة وهي ذات القيم المنعدمة تماما في ظل الاعلام الحكومي الشمولي القائم والراسخ حاليا .
ويبدو الامر اكثر وضوحا على سبيل المثال من خلال بعض الصور المشهدية .
فمثلا تحت ظل نظام الانقاذ كان الخط السياسي الاعلامي يقرره حزب المؤتمر الوطني وفق سياساته واهدافه ويحشد لادارة وتنفيذ ذلك الخط جيش من الموظفين الاعلاميين من ذوي الولاء للنظام دون اعتداد بمهنيتها او انتسابهم اصلا لمهنة الصحافة واكثرهم هواة كماهو معلوم وظل هذا الجيش يعمل باخلاص وولاء لسياسات الانقاذ في تناقض تام مع كل القيم المهنية والصحفية التي يجهلونها او يتغابونها وكان هذا طبيعيا لان معظم هولاء ليسوا بصحفيين اصلا بل جزءا اصيلا من النظام الذي كانت حرية العمل الصحفي لديه من المحرمات والخطوط الحمراء التي يمنع تجاوزها .
وبعد اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة وجد هؤلاء انفسهم امام واقع جديد فقلة منهم تحركت الى معسكر الثورة وبقيت الغالبية في مقاعدها تحكمها ثقافتها الشمولية التي تعبر عنها من خلال ماتقدمه من محتوى مناهض لاهداف الثورة ومشروعها الديمقراطي ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المحتوى المقدم ونوعية الرسائل التي يروجون لها .
وبعد ان تشكلت حكومة الثورة الاولى بقيادة حمدوك وتم تعيين ادارة جديدة للاعلام تعبر عن روح الثورة ظلت ثقافة الموظفين الاعلاميين تقاوم نهج الثورة بشتى الوسائل وتتماهى احيانا وتراوغ احيانا اخرى من خلال مناطحة التغيير والانعتاق نحو افاق الحرية والديمقراطية ولم تستطع الثورة اتخاذ قرار حاسم لتحرير الاعلام من قبضة الشموليين .
ومن سوء الطالع ان انقلاب البرهان في 25 اكتوبر شكل طامة كبرى ضد الاعلام الحر وبداية انعتاق الاعلام القومي الطفيف في ظل الادارة الجديدة حيث عادت الروح الشمولية مجددا للموظفين الاعلاميين الشموليين في الاعلام القومي وتحولوا الى انقلابيين شرسين بملابس مدنية عبرت عن ذلك سياستهم التحريرية الانقلابية المناهضة لقيم الحرية واهداف الثورة خاصة بعد اطلق الانقلابيون لهم العنان في تشويه الثورة ورموزها وشعاراتها وتحول الاعلام القومي الى فرع للتوجيه المعنوى للانقلاب ولا يزال يمارس تلك المهام بشخوصه وسياساته وخططه التي يرسمها له قادة النظام السابق من وراء حجاب . وقد عبر بعض مقدمي البرامج في التلفزيون القومي من الذين استشعرون قدرا من الحرج في مايقدم اهم من نقد غير مباشر بانهم يعملون وفق توجيهات تاتيهم وتحدد لهم مايقولونه ومن يستضيفونه وانهم مجرد منفذين .
إزاء هذا الواقع البائس لابد من وضع قضية الاعلام القومي ودوره في اعلى سلم الاولويات لتحريره من العقلية والثقافة الشمولية التي تاسره وتتحكم فيه حتى في ظل الثورة رغم ما تعانيه الثورة نفسها من استهداف .
لابد من رفد هذه الاجهزة بصحفيين مهنيين وفق شروط وضوابط مهنة الصحافة وقيمها ودورها في تقديم المعلومات والكشف عن الحقيقة والاستقصاء وتنوير المجتمع وتشكيل الراي العام وفق قيم الحرية وحقوق المواطن في المعرفة .
لابد من تحويل العاملين الاعلاميين الحاليين الذين عملوا في ظل انظمة شمولية الى وظائف اخرى بعد اخضاعهم لتقييم مهني عادل.
لابد من عقد مؤتمر اعلامي قومي لحماية دور الصحافة في المجتمع الديمقراطي الحر وتثبيت اخلاقيات مهنة الصحافة كشرط اساسي للمشتغلين بهذه المهنة ووقف الاعتداء على حرية العمل الصحفي وحماية الصحافة من المتغولين عليها من خارج الحقل الصحفي ووضع حد فاصل بين الصحفيين المحترفين والموظفين في مكاتب الاعلام والمراسم الحكوميين من غير الصحفيين المهنيين لرد الاعتبار لمهنة الصحافة التي ابتذلتها الانظمة الشمولية وفي مقدمتها نظام الانقاذ وتوابعه الانقلابية .
ويقع على عاتق نقابة الصحفيين دور اساسي وحاسم لاستعادة بوصلة الصحافة والصحفيين في الاتجاه الصحيح . ان اهم الاسس التي تبنى عليها الانظمة الديمقراطية المدنية ودولة الموسسات وجود صحافة حرة مهنية ووجود صحافيين محترفين قادرين على حماية قيم الحرية والسلام والعدالة. لقد ان الاوان ان تلعب الصحافة دورها في التغيير بعد ان تحرر نفسها وصحفييها من اعتداءات الشمولية في كل صورها واثارها لانها تشكل راي الرمح في معارك الوعي والتحرر والبناء.