الإتفاق الإطاري من الضامن لتنفيذه؟
زين العابدين صالح عبد الرحمن
25 December, 2022
25 December, 2022
أن حكم العسكر للبلاد في فترات استمرت أكثر من نصف قرن و نيف، أفرزت ثقافة شمولية تراكمية من الصعب إزالتها في فترة و جيزة، و تحتاج لسنين طويلة، و العسكر حكموا السودان هذه الفترات الطويلة بالثقافة العسكرية التى لا تؤمن بالمجادلة أو الحوار، هي سياسة تطالب بالتنفيذ دون المجادلة في القرار الصادر من القيادة حتى إذا كان خطأ، و هذه السياسة لها تأثيراتها السالبة لأنها تفرز ثقافة غير ديمقراطية في المجتمع، و عندما تحدث الثورات و الانتفاضات تظل الأرضية الثقافية التي يحاول أن يؤسس عليها الحكم الجديد نظامه الديمقراطي أرضية ضارة غير صالحة للديمقراطية تحتاج إلي إصلاح، و لآن الأغلبية رغباتها في السلطة تعجز تجدها لا تفكر كثيرا في إزالة الثقافة التي خلفتها النظم العسكرية الشمولية، أي أن تنتج ثقافة ديمقراطية تتجاوز بها الثقافة الشمولية المنتشرة، لذلك تهيء الأحزاب المعلب مرة أخرى للوجود العسكري لكي يستمر في إنتاج الثقافة الشمولية. و دائما العسكر يجدون من يساندوهم من القوى المدنية رغبة منهم في الحصول على مواقع قيادية في مؤسسات الدولة.
القضية الثانية: أن عملية التحول الديمقراطي تحتاج إلي فكر جديد يساعد في عملية التغيير و إصلاح البيئة لكي تساعد على إنتاج الثقافة الديمقراطية، و إصلاح البيئة تحتاج لقيادات سياسية ذات قدرات معرفية عالية و ثقافة ديمقراطية، باعتبار أن التحول الديمقراطي يحتاج إلي نخبة سياسية تفتح منافذ الاستنارة، و في ذات الوقت تكون متجردة لا تتحكم فيها رغبة السلطة، بل هي التي تتحكم في تشكيل السلطة التي تخدم عملية التحول الديمقراطي، و التحكم في السلطة أن تتعدد الوسائل التي يجب أن تراقب السلطة و تمارس عليها نقدا مستمرا حتى لا تنحرف عن مسار الأهداف الإستراتيجية. و أيضا العملية تتطلب فتح حوارات سياسية مع كل القوى المؤمنة بعملية التحول الديمقراطي ، و أيضا مع القوى الأخرى غير الراغبة حتى تحولها من حالة الفعل المضاد إلي الحياد، حتى تغلق الثغرات التي يأتي منها الفعل المضاد و المعيق للأهداف المطلوبة.
القضية الثالثة: معلوم أن الديمقراطية تؤسس في أي مجتمع على أرضية توازن القوى، و أن تكون القوى المدنية أكثر وحدة و تماسكا و قدرة على الحركة و التكتيك، و هي المناط بها أن تقدم البرنامج السياسي المطلوب تنفيذه للوصول إلي تحقيق الأهداف، و التركز دائما على قوة الشارع و يقظته في التصدي إلي أي محاولات تحاول إجهاض العملية السياسية. و الشارع لا يستطيع أن يقوم بهذه المهمة إلا إذا كان لديه علاقة عضوية قوية مع القيادات التي تقود العملية السياسية، و أي اعتماد في توازن القوى لقوى غير الشارع لن يحقق الديمقراطية، بل سوف يكون مشروعا جديدا لنظام شمولي. كيف نربط كل لذلك بالاتفاق الإطاري الذي تم بين الحرية و التغيير و العسكر؟.
كان الاعتقاد أن الاتفاق الإطاري يكون بمثابة خطوة تفتح أبواب الحوار بين كل المكونات المدنية و يحدث حوارا جادا يخرج بمشروع سياسي، تكون الضامن له قوى اجتماعية عريضة هي نفسها تصبح القوى التي تعادل ميزان القوة مع العسكر، و هذه الخطوة كانت تحتاج إلي أفق أعلى في التفكير بعيدا عن رغبات السلطة، أو محاولة القبض على مفاصل الأدوات التي تتحكم فيها، حتى تصبح هناك قوى بعينها صاحبة القول الفصل. أن الحرية و التغيير المركزي استطاعت أن تدير عمليتها حتى توقيع الاتفاق، لكنها فشلت في تغير خطابها خوفا أن تخرج العملية من يدها، و لذلك أطلقت عليها " لا نريد إغراق العملية السياسية" الإمر الذي جعلها هي التي تحدد القوى التي يجب أن توقع على الإتفاق الإطاري. هذا الأمر سوف يخلق إشكالا بين القوى المدنية، ليس مختصرا على الأحزاب، بل حتى مع أغلبية لجان المقاومة، باعتبار أن الحرية المركزي تمارس عليهم الأستاذية، و أيضا يبعد قوى اليسار الأخرى باعتبار أنها قوى مضافة و ليست شريك في الفعل السياسي.
قال الصديق الصادق المهدي القيادي في حزب الأمة و الحرية المركزي في المؤتمر الصحفي للحرية المركزي الأخير " أن الاتفاق الآطاري أحدث نقلة جديدة أفضل من كل الاتفاقيات التي تمت في الفترة الانتقالية الماضية" و قال خالد عمر يوسف القيادي في المؤتمر السوداني و الحرية في ذات المؤتمر الصحفي " الآطار وضع الأساس الصحيح للانتقالي الديمقراطي" لكن هذا الاتفاق الإطاري يحتاج إلي خدمة سياسية تختلف تماما عن التي تتبناها الحرية المركزي، إذا هي تريد أن تؤسس بناء و حراك جديد يقوم على الشفافية، لكن الحرية خافت أن تفقد السيطرة على إدارة العملية السياسية إذا دخلوا لاعبين جدد في المسرح السياسي، هذا الخوف يجعلها لا تنشر الإعلان السياسي في الصحف السيارة لكي يصبح مادة للحوار السياسي، و أيضا لم تنشر الاتفاق الإطاري قبل التوقيع عليه و بعد التوقيع، حتى تصبح هي المسيطرة على المشهد، و تتحدث فيه لوحدها في غياب كامل للمعلومة عند الآخرين، هذه الأفعال لا تؤسس لبيئة صالحة لعملية التحول الديمقراطي، بل تجعل الساحة مليئة بالاتهامات و التشكيك، و أفرازات تقود الناس لصراعات هامشية، لذلك الشفافية مطلوبة و نشر المبادرات مطلوبة لكي تحدث الحوار و هو الذي يخلق وعيا جديدا في المجتمع، و مادام الحرية هي التي لها القدرة بتقديم المبادرات التي يفكر فيها الناس تكون هي القيادة المنتظر منها تقديم عروض الحل، و هذا المكسب السياسي الذي يعود عليها.
و عندما تحاول أن تضيق الحرية المركزي ماعون المشاركة، و تغلق ساحة الحوار؛ تكون بمحض إرادتها فقدت السند الشعبي الذي يسند مشروعها السياسي، و بالتالي لا تعتمد على الحل وفقا لتوازن القوة من قبل الشارع، بل تعتمد على قوة العسكر، لأنهم الجهة الموقعة على الاتفاق الآطاري مع قوى محدودة القاعدة الاجتماعية، و هنا يصبح العسكر هم الضامنين للإتفاق الإطاري، و أن القوى الموقعة معهم لا تملك عليهم كروت ضغط توقف تمددهم، و يصبح العسكر لم يخرجوا من السلطة، حتى إذا خرجوا من مجلس السيادة و الوزراء، و يصبحوا و حدهم القوى الضامنة للاتفاق، و في أي وقت؛ يعتقد العسكر أن الحرية المركزي تضر بمصالحهم يستغنون عنها كما فعلوا في 25 أكتوبر. و هنا يصبح التفكير عند قيادة الحرية المركزي لا تحكمه أهداف عملية التحول الديمقراطي، بل تحكمه رغائب السلطة.
أن الحرية المركزية مطالبة أن تعيد النظر مرة أخرى في خطابها السياسي إذا بالفعل هي تهدف لعملية التحول الديمقراطي، و أن تفتح كل أبواب الحوار مع القوى السياسية الأخرى الراغبة في عملية التحول الديمقراطي، صحيح هناك هوة شاسعة في التفكير بين المكونات السياسية لكن الحوار وحده يقرب المسافات بين الأطراف المختلفة، إذا كان القضية مرتبطة فقط بالديمقراطية. كما أن الأحزاب في الحرية المركزي في حاجة إلي أختبار عناصرها الذين يديرون العملية السياسية، باعتبار كل مرحلة تحتاج لقدرات بعينها لكي تسهل علمية التواصل مع الأخر. و إذا احتفظت الحرية المركزي بذات خطابها تكون قد أختارت العسكر دون الشارع حتى إذا ملأت سماء السياسة كلها بشعارات التحول الديمقراطي. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
القضية الثانية: أن عملية التحول الديمقراطي تحتاج إلي فكر جديد يساعد في عملية التغيير و إصلاح البيئة لكي تساعد على إنتاج الثقافة الديمقراطية، و إصلاح البيئة تحتاج لقيادات سياسية ذات قدرات معرفية عالية و ثقافة ديمقراطية، باعتبار أن التحول الديمقراطي يحتاج إلي نخبة سياسية تفتح منافذ الاستنارة، و في ذات الوقت تكون متجردة لا تتحكم فيها رغبة السلطة، بل هي التي تتحكم في تشكيل السلطة التي تخدم عملية التحول الديمقراطي، و التحكم في السلطة أن تتعدد الوسائل التي يجب أن تراقب السلطة و تمارس عليها نقدا مستمرا حتى لا تنحرف عن مسار الأهداف الإستراتيجية. و أيضا العملية تتطلب فتح حوارات سياسية مع كل القوى المؤمنة بعملية التحول الديمقراطي ، و أيضا مع القوى الأخرى غير الراغبة حتى تحولها من حالة الفعل المضاد إلي الحياد، حتى تغلق الثغرات التي يأتي منها الفعل المضاد و المعيق للأهداف المطلوبة.
القضية الثالثة: معلوم أن الديمقراطية تؤسس في أي مجتمع على أرضية توازن القوى، و أن تكون القوى المدنية أكثر وحدة و تماسكا و قدرة على الحركة و التكتيك، و هي المناط بها أن تقدم البرنامج السياسي المطلوب تنفيذه للوصول إلي تحقيق الأهداف، و التركز دائما على قوة الشارع و يقظته في التصدي إلي أي محاولات تحاول إجهاض العملية السياسية. و الشارع لا يستطيع أن يقوم بهذه المهمة إلا إذا كان لديه علاقة عضوية قوية مع القيادات التي تقود العملية السياسية، و أي اعتماد في توازن القوى لقوى غير الشارع لن يحقق الديمقراطية، بل سوف يكون مشروعا جديدا لنظام شمولي. كيف نربط كل لذلك بالاتفاق الإطاري الذي تم بين الحرية و التغيير و العسكر؟.
كان الاعتقاد أن الاتفاق الإطاري يكون بمثابة خطوة تفتح أبواب الحوار بين كل المكونات المدنية و يحدث حوارا جادا يخرج بمشروع سياسي، تكون الضامن له قوى اجتماعية عريضة هي نفسها تصبح القوى التي تعادل ميزان القوة مع العسكر، و هذه الخطوة كانت تحتاج إلي أفق أعلى في التفكير بعيدا عن رغبات السلطة، أو محاولة القبض على مفاصل الأدوات التي تتحكم فيها، حتى تصبح هناك قوى بعينها صاحبة القول الفصل. أن الحرية و التغيير المركزي استطاعت أن تدير عمليتها حتى توقيع الاتفاق، لكنها فشلت في تغير خطابها خوفا أن تخرج العملية من يدها، و لذلك أطلقت عليها " لا نريد إغراق العملية السياسية" الإمر الذي جعلها هي التي تحدد القوى التي يجب أن توقع على الإتفاق الإطاري. هذا الأمر سوف يخلق إشكالا بين القوى المدنية، ليس مختصرا على الأحزاب، بل حتى مع أغلبية لجان المقاومة، باعتبار أن الحرية المركزي تمارس عليهم الأستاذية، و أيضا يبعد قوى اليسار الأخرى باعتبار أنها قوى مضافة و ليست شريك في الفعل السياسي.
قال الصديق الصادق المهدي القيادي في حزب الأمة و الحرية المركزي في المؤتمر الصحفي للحرية المركزي الأخير " أن الاتفاق الآطاري أحدث نقلة جديدة أفضل من كل الاتفاقيات التي تمت في الفترة الانتقالية الماضية" و قال خالد عمر يوسف القيادي في المؤتمر السوداني و الحرية في ذات المؤتمر الصحفي " الآطار وضع الأساس الصحيح للانتقالي الديمقراطي" لكن هذا الاتفاق الإطاري يحتاج إلي خدمة سياسية تختلف تماما عن التي تتبناها الحرية المركزي، إذا هي تريد أن تؤسس بناء و حراك جديد يقوم على الشفافية، لكن الحرية خافت أن تفقد السيطرة على إدارة العملية السياسية إذا دخلوا لاعبين جدد في المسرح السياسي، هذا الخوف يجعلها لا تنشر الإعلان السياسي في الصحف السيارة لكي يصبح مادة للحوار السياسي، و أيضا لم تنشر الاتفاق الإطاري قبل التوقيع عليه و بعد التوقيع، حتى تصبح هي المسيطرة على المشهد، و تتحدث فيه لوحدها في غياب كامل للمعلومة عند الآخرين، هذه الأفعال لا تؤسس لبيئة صالحة لعملية التحول الديمقراطي، بل تجعل الساحة مليئة بالاتهامات و التشكيك، و أفرازات تقود الناس لصراعات هامشية، لذلك الشفافية مطلوبة و نشر المبادرات مطلوبة لكي تحدث الحوار و هو الذي يخلق وعيا جديدا في المجتمع، و مادام الحرية هي التي لها القدرة بتقديم المبادرات التي يفكر فيها الناس تكون هي القيادة المنتظر منها تقديم عروض الحل، و هذا المكسب السياسي الذي يعود عليها.
و عندما تحاول أن تضيق الحرية المركزي ماعون المشاركة، و تغلق ساحة الحوار؛ تكون بمحض إرادتها فقدت السند الشعبي الذي يسند مشروعها السياسي، و بالتالي لا تعتمد على الحل وفقا لتوازن القوة من قبل الشارع، بل تعتمد على قوة العسكر، لأنهم الجهة الموقعة على الاتفاق الآطاري مع قوى محدودة القاعدة الاجتماعية، و هنا يصبح العسكر هم الضامنين للإتفاق الإطاري، و أن القوى الموقعة معهم لا تملك عليهم كروت ضغط توقف تمددهم، و يصبح العسكر لم يخرجوا من السلطة، حتى إذا خرجوا من مجلس السيادة و الوزراء، و يصبحوا و حدهم القوى الضامنة للاتفاق، و في أي وقت؛ يعتقد العسكر أن الحرية المركزي تضر بمصالحهم يستغنون عنها كما فعلوا في 25 أكتوبر. و هنا يصبح التفكير عند قيادة الحرية المركزي لا تحكمه أهداف عملية التحول الديمقراطي، بل تحكمه رغائب السلطة.
أن الحرية المركزية مطالبة أن تعيد النظر مرة أخرى في خطابها السياسي إذا بالفعل هي تهدف لعملية التحول الديمقراطي، و أن تفتح كل أبواب الحوار مع القوى السياسية الأخرى الراغبة في عملية التحول الديمقراطي، صحيح هناك هوة شاسعة في التفكير بين المكونات السياسية لكن الحوار وحده يقرب المسافات بين الأطراف المختلفة، إذا كان القضية مرتبطة فقط بالديمقراطية. كما أن الأحزاب في الحرية المركزي في حاجة إلي أختبار عناصرها الذين يديرون العملية السياسية، باعتبار كل مرحلة تحتاج لقدرات بعينها لكي تسهل علمية التواصل مع الأخر. و إذا احتفظت الحرية المركزي بذات خطابها تكون قد أختارت العسكر دون الشارع حتى إذا ملأت سماء السياسة كلها بشعارات التحول الديمقراطي. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com