الإحياء الإسلامي مشروع مستقبلي لا ماضوي: كلمة الإمام الصادق المهدي
رئيس التحرير: طارق الجزولي
2 August, 2011
2 August, 2011
بسم الله الرحمن الرحيم
هيئة شئون الأنصار -أمانة الدعوة الإرشاد- منتدى الدعاة
بالتعاون مع جمعية تقابة الكون
دورة الشهيد عبد الله اسحق لتأهيل الدعاة
في الفترة بين 16-25 يوليو 2011م
المركز العام- ودنوباوي
الإحياء الإسلامي مشروع مستقبلي لا ماضوي
اليوم الختامي
كلمة الإمام الصادق المهدي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد-
يطيب لي جدا أن ألبي دعوة أمانة الدعوة ومنتدى الدعاة وتقابة الكون لمخاطبتكم اليوم، وسرني جدا الموضوعات التي درسوها ما يعني أن هذه الجماعة عرق ينبض من عروق الدعوة سيما وقد جعلوا هذه الدورة لذكرى الحبيب الراحل سيدنا عبد الله إسحق الذي كان في غاية التواضع ربانيا صالحا. فمنذ شبابه كان يؤم الإمام عبد الرحمن المهدي في الصلاة وكان يفيض ورعا وتقوى في الشباب، ثم واصل عطاءه مع كل الأئمة الذين تلوا الإمام عبد الرحمن: الإمام الصديق والإمام الهادي وحتى الطورالثالث للمهدية. كان سيدنا عبد الله إسحق ينبض صلاحا وللصلاح سيماء أولها حسن الخلق وثانيها التواضع وثالثها أن يكون باطن الشخص خيراً من ظاهره. وقد كان ربانيا وعلى طول حياته يجاهد بالقرآن، وكان لصلاته وتلاوته طعم خاص بما فيها من تقوى وقُربى، رحمه الله رحمة واسعة وجعل هذه الذكرى صدقة جارية من أجل روحه الطيبة الخيرة الصالحة.
طلب مني أن أقدم محاضرة واخترت موضوعا ربما ظن الناس أنه غريب هو: الإحياء الإسلامي مشروع مستقبلي لا ماضوي، وأرجو منكم يا أبنائي وبناتي وأخواني وأخواتي متابعة هذه الرؤية لأنها تدخل ضمن دعوتنا وضرورة أن نفهمها فكما قال الإمام المهدي عليه السلام من يدخل في أمر بغير بصيرة يخرج منه بغير بصيرة، فنحن إذن ينبغي أن نحصن أنفسنا بمادة البصيرة.
مقدمة:
ملة إبراهيم واحدة ثوابتها أربعة هي: التوحيد، النبوة، المعاد، والعمل الصالح (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ)[1]، ولكن مع ذلك الدوحة الإبراهيمة اشتملت على عدة حلقات تلتقي كلها في المعالم الأربعة وتختلف في أمور أخرى. كان الرسل قبل محمد (ص) مرسلين لأقوامهم، ولكن انفردت الرسالة المحمدية بأمرين: إنها للناس كافة، وأنه خاتم المرسلين. هذه الرسالات مع اتفاقها على الثوابت المذكورة فكل واحدة منها مختلفة لأنها تراعي الزمان والمكان. إذن فلسفة الرسالات أنها تراعي اختلاف الظرف الزماني والمكاني.
الرسل الذين سبقوا محمداً عليه الصلاة والسلام كانوا كلهم يقولون بالثوابت المذكورة.
الرسالة المحمدية فيما يتعلق بالثوابت: (التوحيد، والنبوة، والمعاد، والعمل الصالح)؛ والأخلاق؛ والأركان الخمسة ثابتة؛ ولكن في أمر المعاملات: الحكم والمعاش والعلاقات الاجتماعية، متحركة. وفيها للأمة وظيفة وهي أن الإنسان مكرم ومخير ومستخلف.
هذا يعني أن المسئولية انتقلت إلى الأمة بعد ختام الرسالات والمنوط بها –أي الأمة- حفظ الثوابت والاجتهاد في المتحركات.
انطلق من هذه المقدمة التي تؤكد ثوابت الإسلام ومتحركاته لشرح موضوعنا في النقاط التالية:
النقطة الأولى: ولاية الأمر -وهي أهم ما في المعاملات- اجتهادية ففي الصدر الأول كانت ولاية أبي بكر رضى الله عنه في اجتماع تنافس في سقيفة بني ساعدة، دعا له بعض الأنصار، وكانت البيعة فلتة وقى الله شرها كما قال عمر (رض) أي كان يمكن أن تأتي بفتنة، وكانت ولاية عمر رضى الله عنه تعييناً قبله الصحابة، وكانت بيعة عثمان (رض) نتيجة شورى مقيدة، وكانت ولاية علي (رض) بشورى أهل المدنية، أما ولاية الخليفة معاوية بن أبي سفيان فقد كانت تغلبا ثم جعلها بعده وراثة في عقبه إكراها. إذن لا يوجد نمط واحد في ولاية الأمر.
النقطة الثانية: الفرق الإسلامية كثيرة أهمها ثلاث: أهل السنة، والشيعة، والصوفية، هم لا يختلفون في الثوابت المذكورة، ولكن في المعاملات، وفي كيفية التعامل مع المستجدات:
أهل السنة: تعاملوا مع المستجدات بموجب القياس والإجماع.
الشيعة: جعلوها مفوضة لقول الإمام المعصوم وهو الذي يقرر في هذه الأمور، الإمامة عندهم درجة أدنى من النبوة المستمرة. إذن صفته أنه معصوم واجب الناس طاعته.
الصوفية: فوضوا أمرها لولي هو حلقة الوصل بالنبوة وهو مطاع فيما يقول، فطاعته من طاعة النبي ولذلك لا اعتماد كثير على الكتب لديهم بل الولي ولديهم "السوى شيخه كتابه الودره اكثر من الجابه".
النقطة الثالثة: المذاهب الفقهية كلها تدل على اجتهادات متأثرة بما حولها مكانا وزمانا:
- أول المذاهب مذهب الإمام أبي حنيفة (ت 767م): كان يعيش في بيئة العراق المنفتحة على الحضارات القديمة ومع اعتماده الكتاب والسنة أصلا للأحكام فإنه قال: إن للشريعة مصالح مقصودة من أجلها شرعت، هذه المصالح أساس استنباط فيما ليس فيه نص، هذا تأثر ببيئة العراق المتنوعة وهي بيئة منفتحة وعالمية في ذلك الوقت.
- الإمام مالك ثاني أئمة الاجتهاد (ت 795م): اعتمد في مذهبه على مرويات أهل المدينة معتمدا على المنقول من السنة ولذلك كان ثاني اثنين بين الأئمة بالإضافة إلى أنه مجتهد كان محدثاً فألف الموطأ، الإمام مالك تأثر ببيئة المدنية الأقل تأثرا بالحضارات السابقة. ولذلك سمي مذهبه بمذهب أهل الحديث لأنه أكثر اعتماد على تقاليد أهل المدينة.
- الإمام الشافعي (ت 819م): كان أكثر الأئمة منهجية فجمع أصول وقواعد الاستنباط وجعلها علما مميزا وجعل الفقه تطبيقا لتلك القواعد، وفي التطبيق كان له مذهبان الأول: في المدينة وهو أقرب للمالكي، والثاني: في القاهرة وهو أقرب للحنفي.
- الإمام أحمد بن حنبل: كان آخر الأئمة الأربعة وفي وقت كثرت فيه الآراء الوافدة وطغى النهج العقلاني ما جعل المأمون يعين مذهب المعتزلة العقلاني مذهبا للدولة. المخاوف من التيارات الوافدة جعل مذهب ابن حنبل الأكثر تمسكا بالنصوص وبالفهم الظاهري لها. فمذهب المعتزلة متشدد عقلانيا وله رؤية خلافية حول أن القرآن مخلوق، وحينما جعل المأمون الاعتزال مذهب الدولة الرسمي "تحنبل" أي تشدد الإمام أحمد بن حنبل وبذلك السبب واجه محنة.
هنالك مذاهب أخرى ولكن إذا اتخذنا هذه الأربعة أنموذجا لوجدنا كيف أن نهجها يصور تأثير ظروف الزمان والمكان والظروف الاجتماعية على أصحابها، ولأنهم كانوا يدركون بأن كلامهم هذا ليس نهائيا وأنه اجتهادات بشرية كانوا متواضعين في اجتهاداتهم ويقولون ما معناه: رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب.
ويقولون لا تقلدنا بل خذ من حيث أخذنا أي الكتاب والسنة، لذلك لم يكن أبوحنيفة حنفيا، ولا مالك مالكيا، ولا الشافعي شافعيا، ولا ابن حنبل حنبليا، هذه المذاهب جاءت بعدهم وتعصبا لهم ولكن هم في زمنهم يقولون بأفكارهم كاجتهادات دون تعصب ولا يلزمون بها الناس، وحينما أراد أبو جعفر المنصور أن يلزم الناس بموطأ مالك رفض الإمام مالك ذلك وقال إن الناس لهم روايات مختلفة واجتهادات مختلفة لا تلزمهم برواياتي بل ألزمهم بالكتاب. ولكن هذه الصفات تنطبق على المتأخرين الذين قالوا بتجميد الاجتهاد وحصره عليهم حسب ما جاء في جوهرة التوحيد:
ومالك وسائر الأئمة وأبو القاسم هداة الأمة
فواجب تقليد حبر منهم كذا قضى القوم بقول يفهم!
هذا أساس قفل باب الاجتهاد ولو سئل الإئمة هل هذا صحيح لقالوا خطأ، فمنطق الاجتهاد أصلا صوري. هؤلاء طبقوه فأغلق الباب على الخلف.
النقطة الرابعة: وفي المجال السياسي أدى الولاء للخلفاء الذين هم ملوك بني أمية أو بني مروان أو بني العباس أو بني عثمان إلى قفل باب الاجتهاد السياسي وتغييب تام للشورى. بدأ ذلك التحول في مشهد البيعة ليزيد بن معاوية حيث كان زعماء القبائل قعود فقام قائل وأشار لمعاوية وقال أمير المؤمنين هذا فإن هلك فهذا وأشار ليزيد، ومن أبى فهذا وأشار لسيفه! فقال له معاوية اجلس فإنك سيد الخطباء محددا النهج المفروض، ومنذ ذلك الوقت صار الحكم للمتغلب ويخلفه إما أخوه أو ابنه. فصارت هناك حالتان: الاعتماد التام على تقليد المذاهب وقفل باب الاجتهاد، والالتزام التام بالطاعة للحكام. صار المسلمون في حقيقة أمرهم يتبعون ديانة وضعية أي من وضع البشر.
وأصبح الدين هو اتباع المذهب والطاعة للحاكم الذي بدأ يقول إنه ظل الله في أرضه، هذا أدى للركود والاستبداد وقتل حيوية الأمة وهيأها للاستعداد للاحتلال الأجنبي.
النقطة الخامسة: ثم انبرى عدد من المجددين بعد العهد الاستعماري فنسفوا الديانة الوضعية: أجازوا الخروج على الحاكم وأجازوا الخروج على المذاهب، رفعوا القدسية عن المذاهب ورفعوا القدسية عن الحكام. وكانت أكثر دعوة تعبيرا وتجسيداً لهؤلاء هي حركة الإمام المهدي في السودان. قال الدكتور عبد الودود شلبي: "كانت حركة المهدي حركة تمثلت فيها كل حركات الإصلاح في عصره" وقال: "وإذا كانت الحركة المهدية قد عبرت عن الحركتين الوهابية والسنوسية بدرجات متفاوتة.. فقد كان تعبير هذه الحركة عن الحركة الأفغانية أكثر وضوحا وأكثر فاعلية".
حتى نفهم كيف دمروا الدين الوضعي وفتحوا الباب للاجتهاد في الدين نأخذ نماذج من كتابات الإمام المهدي عليه السلام. قال في رؤيته لهدم التقليد في منشور بتاريخ 1302هـ/ 1885م مفسرا لظاهرة النسخ في القرآن بأنه لمراعاة الظروف والمصلحة قال: "وأظن أن الحكمة في ذلك أن كانت الآيات تنسخ في زمن النبي (ص) على حسب مصالح الخلق، وكذلك الأحاديث تنسخ بعضها البعض على حسب المصالح"، وقال في منشور سابق في 1301هـ/1884م: "ولا تعرضوا لي بنصوصكم ولا بعلومكم على المتقدمين، فلكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال". والمعنى كله في هذا أنه توجد حركة في الدين.
وصفت دعوة الإمام المهدي بالسلفية ومعنى ذلك العودة للأصول قبل استنباطات الفقهاء وفتح باب الاجتهاد بمعنى عندما يقول البعض بأن دعوة المهدي سلفية كما قال محمد عمارة وعبد الودود شلبي، فالقصد هو أنه رجع للأصول: الكتاب والسنة قبل استنباطات المذاهب، ولكن هذا يختلف عن سلفية هذا الزمان والتي يتحدث عنها من يسمون أنفسهم بالسلفيين اليوم وهي سلفية العودة لاستنباطات المذهب الظاهري، فالفرق في أنهم يرجعون لمذهب والإمام المهدي لا يرجع لمذهب، وسلفية الإمام المهدي تفتح باب الاجتهاد والتجديد واسعا، والسلفية الأخرى تمنع التأويل وتقف عند الفهم الظاهري للنصوص وعندهم التفكير والتكفير متطابقان في الحروف والمعنى.
النقطة السادسة: الحضارة الغربية تجربة إنسانية هامة، وقد خاضت ثلاث ثورات: ثورة فكرية حررت البحث العلمي، وثورة سياسية حررت إرادة الشعوب، وثورة اقتصادية سخرت قوى الطبيعة للإنتاج وأقامت علاقات إنتاج جديدة، وبموجب هذه الثورات صنعت الحضارة الحديثة، الحضارة الحديثة هذه مكنت الغرب من تكوين قدرات مادية لا قبل للانسان بها فسيطرت على العالم.
غزت الثقافة الغربية بوجهها الحديث هذا وقوتها العالم الإسلامي، وأمام مفردات غزوها الفكرية والثقافية انقسم العالم الإسلامي لثلاث فرق:
- الرفض التام من منطق تقليدي أو منطق سلفي مثل الإمام المهدي يرجعون للصدر الأول والكتاب والسنة لذلك قالوا "الحمرة الأباها المهدي" والمهدي ما أبى الحمرة أبى الفعل.
- القبول التام من منطق أن الرفض يحبسنا في الماضي ما دام الدين محبوس وليس فيه تجديد، إذن الأفضل رفضه واتباع الحضارة الغربية بخيرها وشرها باعتبار أنها تمثل مستقبل الإنسانية.
- والموقف الثالث التوفيق بين الأصل الملزم والعصر النافع.
إن أية قراءة موضوعية لتاريخ المسلمين يؤكد أن الحضارة الإسلامية في أول عهدها في عهد الرسول (ص) كانت منفتحة على التجارب الإنسانية، ولذلك ففي عهد النبي (ص) أجاز استخدام النقود وكانت عليها صورة القيصر، وكذلك حفر الخندق بشورى سلمان الفارسي حول المدنية في غزوة الأحزاب. وفي عهد الخلفاء بعده استصحبوا المستجدات وتجاوزوا ما في النصوص بهذه الاجتهادات مراعاة للمصالح، وفي وصف هذه النزعة قال أحد أهم مفكري الغرب وهو بريطاني: الاستاذ منتجمري واط: "إن استصحاب الحضارة الإسلامية لإنجازات حضارات العالم القديم كان من جودته وإحاطته أشبه بالمعجزة".
النقطة السابعة: كان المذهب الظاهري أكثر المذاهب الإسلامية تمسكا بظاهر الأحكام وإعراضا عن التأويل، ولكن مجتهدي هذا المذهب الحنبلي لأنهم خافوا على الدين أن يموت من الجمود قلبوا التيبس إلى انفتاح بصورة مدهشة جدا، مثلا؛ قال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون فيه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يصفه الرسول ولا نزل به وحي. وقال ابن القيم -وهو حنبلي آخر- مشيرا لهذه المسألة: "هذا موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام ومقام ضنك ومعترك صعب فرط فيه طائفة فعطلوا الحدود وضيعوا الحقوق، وجرأوا أهل الفجور على الفساد، وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد محتاجة إلى غيرها، وسدوا على نفوسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له وعطلوها مع علمهم وعلم غيرهم قطعا: أنها حق مطابق للواقع ظنا منهم منافاتها لقواعد الشرع ولعمر الله أنها لم تناف ما جاء به الرسول وإن نفت ما فهموه هم من شريعته باجتهادهم، والذي أوجب ذلك: نوع تقصير في معرفة الواجب. وتقصير في معرفة الواقع. وتنزيل أحدهما على الآخر. فلما رأي ولاة الأمور ذلك وأن الناس لا يستقيم لهم أمر إلا بأمر وراء ما فهمه هؤلاء من الشريعة: أحدثوا من أوضاع سياساتهم شرا طويلا وفسادا عريضا، فتفاقم الامر وتعذر استدراكه، وعز على العالمين بحقائق الشرع تخليص النفوس من ذلك واستنقاذها من تلك المهالك". وهذا يعني أن ابن القيم وضع قاعدة وهي: لا بد من الإحاطة بالواجب وبالواقع وتنزيل أحدهما على الآخر، أي أن هناك حركة مستمرة. وأكد أن الفهم الجامد لمطالب الشريعة أدى لتعطيلها وفتح الباب لمن خرجوا عليها باعتبارها غير صالحة لزمانهم.
هذا الفهم لمطالب الشريعة فتح الباب واسعا لمضار كثيرة أهمها:
المضرة الأولى: موقف البعض أنه وبما أن الشريعة جامدة فالواجب تجاوزها والانفتاح على العصر، مثلا مقولات:
طه حسين: علينا قبول الغرب بخيره وشره لأنه مستقبل الإنسانية.
سلامة موسى: أنا مؤمن بالغرب كافر بالشرق.
نجيب محفوظ: قصة اولاد حارتنا، وبسبب هذه القصة التي تقول بتحول الإنسانية في وعيها من الدين للعلم تمت محاولة اغتياله ونال جائزة نوبل.
ومقولات جديدة: ضرورة قطعية ابستمولوجية مع التراث- محمد عابد الجابري. نسبية وتاريخية النص القرآني - نصر حامد ابو زيد. علمنة الإسلام- برهان غليون. وأسطرة الدين – محمد أركون.
المضرة الثانية: الذين فهموا الدين فهما تقليديا وأسقطوا مطالب الواقع واندفعوا فيما يعتبرونه تطبيقا للشريعة: عندما أحس طاغية مايو بفقدان نظامه لبوصلة فكرية لجأ لما سماه بتطبيق الشريعة فأتى للإسلام وللبلاد بشر كبير وثق الحكم عليه جماعة من العلماء، ونفس الخطأ كررته الجبهة الإسلامية القومية في السودان، خالفوا ضوابط جماعة الفكر والثقافة الإسلامية التي كانوا أعضاءا فيها (1980م) واتفقنا فيها على أن تطبيق الشريعة في السودان يجب أن يراعي: العصر، والديمقراطية، ورأي الجماعة، ومصالح الأقليات. وأي تطبيق لا يراعي هذه المسائل المذكورة يضر بالإسلام. كانت جماعة الجبهة الإسلامية أعضاء معنا في هذه الجماعة ولكن خالفوها وانطلقوا بحافز صراع السلطة ينادون بثورة المصاحف، وثورة المساجد، والشريعة الناجزة قبل موسم الخريف، وهكذا.. حركات صبيانية كلها لإحراج النظام الديمقراطي في الصراع على السلطة، بهذه الذهنية القاصرة انقلبوا على النظام الديمقراطي الذي لم يكن منافياً للإسلام ولكنه منافٍ لهذه السطحية. والنتيجة: بلا اجتهاد جديد لفهم الواجب وبلا تشخيص صحيح للواقع اندفعوا فيما سموه تطبيق الشريعة فشوهوها ودمروا البلاد.
المضرة الثالثة: رفع الشعار الإسلامي بتلك الطريقة دون اجتهاد جديد ودون إلمام بالواقع أدى في التطبيق لتراجعات- مثلا اتفاقية السلام لسنة 2005م- هذه ظاهرة تتكرر كلما يرفع شعار أيديولوجي دون مراعاة الواقع، هذه المفارقة تفتح الباب واسعا لمن هم على منطقهم القديم وعلى الفهم الجامد للواجب، والغفلة التامة عن الواقع للانطلاق في تيارات تكفيرية ومتحجرة تدين وتخون وتكفر، هذا يفسر في بلادنا انطلاق التيارات السلفية بالمرجعية الظاهرية، وهؤلاء إذا استلموا ولاية الأمر يؤججون حربا أهلية مع بقية المسلمين ومع العالم، أو يجبرهم الواقع على التخلي عن مذهبهم.
إذن برنامج تطبيق الشريعة بالاعتماد على اجتهادات ماضوية أي دون اجتهاد جديد، وبإغفال الواقع كارثة مضرة بالإسلام وبالإنسان، وبالمواطن.
النقطة الثامنة: في تراثنا مثل حي، عندما سمع كثير من أنصار الدعوة المهدية بالإمام عبد الرحمن توافدوا إليه باعتبار أنه سوف يستنسخ المهدية، ولكنه اجتهد في معرفة الواجب، وأدرك حقيقة الواقع، وأتى ببرنامج جديد كان هو الأجدى فهو مؤمن بدور المهدية ودور المهدي ولكنه تناول المستجدات وجدد في فهم الجهاد والزهد واستطاع أن يقيم نموذجا مجديا في كيفية مراعاة المستجدات لتجديد الدين.
النقطة التاسعة: إن لمدرستنا اليوم جدوى لأنها:
1. حررت الفكرة المهدية من العلائق المستحلية: أن يأتي نفس الشخص الغائب منذ 13 قرن مهديا، هذا ضد طبيعة الأشياء فالبشر دون ذلك من العمر يموتون، وضد حقيقة الدين الإسلامي: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ)[2]، وما جاء في حديث نبوي رواه البخاري قال الإمام علي (رض): "حَدِّثوا النّاسَ بِمَا يَعرِفونَ، أتريدونَ أن يُكَذَّبَ الله ورسولُهُ؟". وجاء عن النبي (ص) في مسند أحمد: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ، فَأَنَا أَوْلاكُمْ بِهِ، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَنْفَرُ مِنْهُ أَشْعَارُكُمْ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ، فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ".
2. وحررت الدعوة المهدية من قيد الزمان المستحيل: لأنه تعالى يقول: (يَوْمَ يَأْتِي آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)[3]وقال: (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعهُمْ إِيمَانهمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّة اللَّه الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَاده)[4].
3. جردت الدعوة المهدية من المستحيلات وربطتها بالواجبات:
• وظيفة إحياء الدين المطلوبة بنص القرآن: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[5]، (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[6]، (وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ)[7] و(مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)[8]. هذه الصفة الوظيفية موجودة في القرآن ومستنهضة للمسلمين ليقومون بوظيفة إحياء الدين. وهذه الصفة الوظيفة لا تنفي الدافع الإلهامي الغيبي وممكن للناس أن يشعروا بضرروة إحياء الدين وكذلك يوجد من يكلف إلهاميا. عندما سئل الإمام المهدي أين توجد دعوتكم في كتاب الله رد قائلا في آية الكرسي لدى قوله تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ)[9] فالله يفعل ما يشاء. والوظيفة لا تنفي دور الإلهام الذي يأتي عن طريق الغيب.
• وحررت النهج الإسلامي من الاجتهادات البشرية التي صارت محل ولاء المسلمين دون وجه حق، فهي اجتهادات بشرية مقدرة وغير ملزمة، وهذا فتح عظيم.
• أكدت مشروعية الحركة في الاجتهاد على أساس: "لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال".
إذن الآن نستطيع أن ندعو كل المسلمين بصورة عقلانية وواضحة ومقبولة ومفهومة لهذه المفاهيم، وفي ندوة فيها جماعة من أهل السنة والصوفية والشيعة قلت بذلك الفهم للمهدية ولم يعترضوا عليه ورأوا أن هذا كلام معقول ومقبول عندهم، وقلت فيما يتعلق بالاختلافات في التفاصيل التي بيننا يحكم بينها ربنا يوم القيامة، ولكن نحن الآن نفكر في عملية الإصلاح ونتفق حولها.
النقطة العاشرة: الإحياء الإسلامي بكل أجزائه يمكن أن يقوم على فكرة الرجوع للماضي واستنساخه في الملفات المختلفة:
- الفكرية: أي تقليد مذاهب الأقدمين.
- السياسية: استنساخ الخلافة.
- الاقتصادية: في أمر الربا، والزكاة وغيرها.
- حقوق المرأة.
- العلاقات مع الآخر الملي.
- العلاقات مع الآخر الدولي.
في كل هذه الملفات الدعوة لإحياء ماضوي دون اجتهاد جديد ودون مراعاة الواقع المعاصر ربما لبت نداءا عاطفيا ولكنها تضر بالإسلام إذ تحبسه في الماضي وتثبت ضده مقولة: لقد تجاوزه الزمن وبالتالي تبرر الاستسلام لحضارة الغرب. هذا بالضبط ما حدث في تركيا العثمانية ففتح الباب للاستلاب الكمالي الذي حاول تدمير الإسلام في تركيا.
الإحياء الإسلامي ينبغي أن يكون مشروعا مستقبليا يجتهد في معرفة الواجب، لا يقوم على تفويض إمام أو ولي أو فقيه بل المسئولية للأمة (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)[10] خطاب للأمة كلها، اجتهاد لا يحبس في المنطق الصوري (القياس والإجماع)، ولكن ينطلق من المنطق المقاصدي الذي آلياته: العقل، والمصلحة، والمقاصد، والإلهام الصائب. هذه هي النقلة من المفهوم الذي يحبس الحاضر في الماضي إلى الانفتاح للتجديد لملائمة ظروف وواقع العصر
الحاجة ماسة أن تصحب الإرادة الإسلامية صحوة ثقافية مفرداتها:
- أن فهمنا للقرآن في عالم الشهادة يزيد مع الزمن – مثلا- آية الذكورة والانوثة (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَة إِذَا تُمْنَى[11]) فقد كانوا يفسرونها بأنه إذا علا ماء الرجل كان الجنين ذكرا وإذا علا ماء المرأة كانت أنثى وقد أثبت العلم الحديث أن مني الرجل هو الذي يحدد النوع وهو ما يتطابق مع ظاهر الآية، كذلك آية مفاتيح الغيب، (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)[12]. كثير من المتدينين يرفض معرفة نوع الجنين باعتبار ذلك من خواص علم الله سبحانه وتعالى الحصرية. ولكن الآية تذكر بوضوح ما اختص به الله نفسه من علم الساعة ومن أنه لا يدري أحد زمان ومكان موته فهو علم خاص بالله تعالى ولكنه قال إنه يعلم ما في الأرحام ولم يقل غيره لا يعلم، وقال ينزل الغيث ولم يقل سواه لا يقدر تنزيله، وهذه من أكثر الدلائل أن العلم يزيد مع الزمن ويؤكد أن القرآن وحي يتطابق مع الحقائق العلمية بصورة مذهلة وأنه منزل.
• السنة: ليس كلما فعل النبي (ص) وحي بل ما صدر عنه في مقام التشريع: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)[13] أي القرآن وإلا لما جاء فيه عتاب على بعض أفعال النبي (ص): (لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ؟)[14] وراية مسلم: "إنما أنا بشر" أي احتمال أن أنطق بغير الصواب، مقولة القرافي حول السنة: نفرق بين ما هو تشريع وما ليس كذلك مثلا زواجه من أكثر من أربع نساء ليس تشريعا وإلا لجاز للمسلمين ذلك. والحديث عن البدعة سدوا به دروب التطور، البدعة في ثوابت الدين وإلا جففت المجتمع.
النقطة الحادية عشر: قاعدة ابن القيم الذهبية هي: المطلوب هو اجتهاد في معرفة الواجب، وإحاطة بالواقع، ثم التزاوج بينهما. وبما أن الاجتهاد في معرفة الواجب كما ذكرنا نفسه متحرك، وكذلك الواقع متحرك فالإحياء الإسلامي مشروع مستقبلي لا ما ضوي.
الأمة كلها مساءلة عن البحث عن هذا المشروع:
- لا طبقة فقهاء فهذا كالاكليروس المسيحي.
- ولا طبقة علماء فالعلم واجب على كل مسلم ومسلمة.
- التخصص مطلوب وهو اجتهاد حميد ولكن لا يعني كهانة علمية أو فقهية.
- الفصل بين الدين والدولة أو الدين والسياسة مستحيل حتى في أكثر البلدان ادعاء للعلمانية، المطلوب هو الالتزام بحقوق المواطنة، وكفالة الحرية الدينية على ألا تمنع حرية جماعة حرية غيرهم.
- الفصل بين السياسة والفكر تقصير ضار، إن المشكلات السياسة هي مشكلات كل الناس، إن مشكلات كل الناس هي مشكلات سياسية، والتعامل مع مشكلات الناس دون اجتهاد فكري تخبط ظلامي. من جانبي إذ اسعى في هذا السبيل أسمع ساسة يقولون فلان نظري، واسمع مفكرين يقولون فلان سياسي، والحقيقة أنهم في الحالين يطيرون بجناح واحد، الطيران بجناحين السياسة والفكر فالذي يطير بجناح واحد يقع. ولذلك إن كتبي تحاول دائما أداء هذا الواجب: "العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي" الفكرة فيه أن تطبيق عقوبات شرعية في نظام غير إسلامي غير ممكن. "جدلية الأصل والعصر" للتوفيق بين الأصل والعصر. "ميزان المصير الوطني" دراسة للتجربة الانقاذية وبيانها من جانبين إسلامي ووطني. "نحو مرجعية إسلامية متجددة" والغرض منه تبيان المرجعية المتجددة الصحيحة لهذا العصر. "معالم الفجر الجديد" صدر مؤخرا لإعطاء الحركات في العالم العربي والإسلامي بوصلة فيما ينبغي عمله في هذه الظروف، حيث يوجد ديمقراطيون يسقطون الإسلامية وإسلاميون يسقطون الديمقراطية.
النطقة الثانية عشر: أساليب الدعوة:
هل الجهاد جهاد طلب أم دفاع؟ في محاضرتي لدى هيئة شئون الأنصار عن فقه الجهاد أوضحت أنه دفاع عن حرية العقيدة وضد العدوان، وفي كل حالاته فالجهاد القتالي خاضع لضوابط تكاد تكون معاهدات جنيفا الاربع المتعلقة بحقوق الإنسان في الحرب مستمدة منها.
إن الأسلمة الفوقية بأساليب القهر كالانقلاب العسكري كارثة كبرى:
أولا: العسكرية مهنة عظيمة ما التزمت بضوابطها المهنية ولكن لأن جدواها تقوم علي الطاعة، والسياسة جدواها تقوم على الحكمة والشورى، فإن السلطة العسكرية مفسدة للعسكرية وللسلطة معا.
وكل الدعاة الذين حاولوا استخدام الانقلابيين سلما للسلطة السياسية انتهى بهم الأمر ليكونوا ضحايا تدبيرهم:
قال المتنبي:
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده يصيده الضرغام فيما تصيدا
وبيتي:
من تمطى باسماً ظهر النمر حتماً سيأكله ويبتسم النمر!
كيف يجوز تطبيق اسلمة قهرية والنبي (ص) وهو نبي يوحي إليه خوطب: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[15]، (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ)[16]، (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّار)[17].
المشروع الإسلامي ينبغي سيما في هذا العصر ألا يتناقض مع حرية الاختيار فإن كان إكراهيا: فرق كلمة أهل القبلة واستقطب ضدهم الآخرين.
الضوابط الصحيحة: أن يكون بإرادة المسلمين وأن يراعي حقوق غيرهم والتوازنات المطلوبة وإلا استقطب ضده عوامل داخلية وخارجية، وهذا في عالم معني بحقوق الإنسان خطة خاسرة.
• ومن أضل مسالك بعض الناس الإسراع بتكفير الناطقين بلا إله إلا الله محمد رسول الله، هذا تجديف في الدين وتمزيق للأمة وفتح أوسع الابواب لأعداء الدين.
• القوة الناعمة هي سلاح الدعوة الأمضى، إنها لا تعني إسقاط الاستعداد تربويا وتدريبيا للقتال ولكن تضبط دوافعه ودواعيه.
• القوة الخشنة ضرورية للدفاع (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)[18].
القوة الناعمة أمضى أسلحة الفتح وهذا درس السيرة فقد فتح النبي (ص) المدينة بالقرآن واستمال الجزيرة العربية في عامي الحديبية، وفتح مكة بلا اراقة دماء.
• والفتح العسكري كان مناطحة دول ولكن الشعوب لم تجبر على الإسلام كما أوضح تفصيلا السير توماس أرنولد. وغالبية مسلمي اليوم أسلموا اهليا كما في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا واليوم في أوربا وأمريكا. إذ ينتشر الإسلام اليوم والدول الإسلامية من دول العالم المستضعفة. وأدهش ما في حالة السودان الشمالي أنه أسلم سلميا وقد كانت دوله المسيحية من رماة الحدق الذين صدوا الجيش الإسلامي ثم اسلم كله تقريبا طوعا. ومع أن تركيا الكمالية من أشرس أعداء الدين فإن مجهود عدد من الدعاة سلميا قلب السحر على الساحر فشب موسى في بلاط فرعون الكمالي، نفس الشيء غلب دواؤد جالوت بالقوة الناعمة في إيرن.
القوة الناعمة سلاح غلاب: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)[19]. يعني القرآن والتوجيه الإلهي: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[20]
ويقول أهلنا: "ألمي بارد بقد الدلو" وما حكاه أبو فراس:
ملكت بحلمي فرصة ما استرقها من الدهر مفتول الذراعين أغلب
والسلام عليكم ورحمة الله.
[1] سورة الحج الآية (78)
[2] سورة الإسراء الآية (59)
[3] سورة الأنعام الآية (158)
[4] سورة غافر الآية (85)
[5] سورة النور الآية (55)
[6] سورة الانبياء الآية (105)
[7] سورة آل عمران الآية (104)
[8] سورة المائدة الآية (54)
[9] سورة البقرة الآية (255)
[10] سورة الشورى الآية (38)
[11] سورة النجم الآيتان 45-46
[12] سورة لقمان الآية (34)
[13] سورة النجم الآية (3)
[14] سورة التوبة الآية (43)
[15] سورة البقرة الآية (256)
[16] سورة الغاشية الآية (22)
[17] سورة ق الآية (45)
[18] سورة البقرة الآية (194)
[19] سورة الفرقان الآية (52)
[20] سورة النحل الآية (125)