الإخوان الجمهوريون: حركة إصلاحية في السودان (1 – 2) .. ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

 


 

 

 

The Republication Brothers: A Reformist Movement in the Sudan (1 -2)

Paul J. Magnarella بول جي. ماقناريلا
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقدمة: هذا هو الجزء الأول من ترجمة لغالب ما ورد في مقال لدكتور بول ماقناريلا عن حركة الإخوان الجمهوريين في السودان، كان قد نشر عام 1982م في العدد الثاني والسبعين من مجلة العالم الإسلامي (The Muslim World)، وهي من أقدم المجلات الأكاديمية المحكمة الصادرة من الغرب عن "العالم الإسلامي"، إذ أنها بدأت في الصدور عام 1911م.
وحصل الكاتب على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة هارفارد، ثم عمل أستاذا للقانون بجامعة فلوريدا، ويعمل الآن – بحسب سيرته المبذولة في الشابكة العالمية - مديرا لدراسات السلام والعدالة في كلية وارن ويلسون بولاية نورث كارولاينا الأميركية. وسبق له العمل خبيرا في منظمة الأمم المتحدة في بعض مناطق النزاعات كيوغسلافيا.
ويدور المقال عن حركة الجمهوريين ومؤسسها. وللمزيد عن ذلك يمكن النظر في موقع "الفكرة الجمهورية" في الشابكة العنكبوتية.
المترجم
************* ***********
جاء في مقال لعبد الله أحمد النعيم بعنوان "نظرة أكثر ديمقراطية" نشر بمجلة "سوداناو" في نوفمبر 1979م أن "الشريعة التقليدية ليست ديمقراطية، ولكنها رأسمالية وتمييزية ...إننا نؤمن بأنه من الممكن، بل من الواجب إعادة تفسير القرآن وفهم السنة ... لقد كانت مرحلة الشريعة السابقة مرحلة انتقالية فحسب. أما عصرها الذهبي فلما يأت بعد. وسيأتي بعد أن يُبشر بالإسلام ويقبل بحسبانه نظاما اجتماعيا متسامحا يتمتع بالعدالة والديمقراطية، ويتساوى فيه الرجال والنساء، ويحق لكل فرد فيه أن يعتنق ما شاء له من المعتقدات، أو يكفر بها جميعا".

بذلك القول والوعد قدمت مجموعة من الإسلاميين الإصلاحيين بالسودان، عرفوا بالإخوان الجمهوريين، فكرة إسلامية جديدة، يقولون بأن زمنها قد جاء.
الإخوان الجمهوريون (الدعوة الإسلامية الجديدة)
كون جماعة من السودانيين في عام 1945م الحزب الجمهوري، وكانت منظمة وطنية تعارض إنشاء مملكة سودانية أو الاتحاد بين السودان ومصر. وبالإضافة لكونه حزبا معارضا للاستعمار، دعا برنامج الحزب لتجديد الإسلام. وتم في عام 1969م حل ذلك الحزب (مع بقية الأحزاب السودانية عقب قيام انقلاب مايو 1969م. المترجم)، إلا أن أعضائه واصلوا نشاطهم غير السياسي تحت مسمى الإخوان الجمهورين، أو الدعوة الإسلامية الجديدة. ومنذ البداية كان الأستاذ محمود محمد طه هو زعيم ذلك الحزب ثم تلك الجماعة.
ولد الأستاذ محمود محمد طه في عام 1911م في مدينة رفاعة على النيل الأزرق (ورد في موقع الجمهوريين أنه ولد في حوالي عام 1909م. المترجم). وأكمل دراسة الهندسة في كلية غردون التذكارية عام 1936م، والتحق بالعمل في مصلحة السكة حديد. وأستقال بعد نحو ستة أعوام ليمارس أعماله الهندسية الخاصة. وتم اختياره ليرأس الحزب الجمهوري في أول شهر لتكوينه. وسجن في العهد الاستعماري لأكثر من عامين. وفي أخريات الأربعينيات وبداية الخمسينات طور الأستاذ محمود محمد طه فكرة الدعوة الإسلامية الجديدة، ونشر كتابه الأول عنها في عام 1952م. ثم هجر من بعد ذلك مهنة الهندسة ليفرغ للكتابة ونشر أفكاره الدينية. ونشر الإخوان الجمهوريون حتى الآن (أي عام 1983م) نحو ثمانين كتابا باللغة العربية عن تلك الدعوة.
وأحد شباب الحركة الجمهورية والناطقين باسمها هو دكتور عبد الله أحمد النعيم، الذي يعمل محاضرا في القانون الدستوري والجنائي بجامعة الخرطوم. تخرج دكتور النعيم في جامعة الخرطوم عام 1970م، ونال دراساته العليا في كمبردج وأدنبرا. وأتيحت الفرصة لكاتب هذا المقال ليناقش دكتور النعيم في موضوع الإخوان الجمهوريين عام 1980م، وليتبادل معه عددا من الرسائل من بعد ذلك. ويدور هذا المقال حول تلك المناقشات مع دكتور النعيم، ومن المراجع المنشورة باللغة الإنجليزية، والتي سأوردها في ثنايا المقال.


دور الدين ومأزق العالم
يركز تعريف الإخوان الجمهوريين العام للدين على جوانبه الفردية والمجتمعية. ويمكن وصف نظرتهم لليهودية والمسيحية بأنها اندماجية / تكاملية (integrationist). وبحسب ما جاء في مكتوب علي دهب في الـ "Weekly Review" في 01/10/ 1978م فإنهم يستخدمون كلمة "الدين" بصورة عامة بحسبانه "طريقة حياة، أو نظام سلوكي للأخلاق يشمل نظرة صحيحة للعالم، ووسيلة لتحقيق انعكاساته وتوقعاته واستقراءاته على المستويات الاجتماعية والفردية، حتى تقود كل فرد عبر الإيمان والاعتقاد إلى اليقين والمعرفة الحقيقة، وبذا يطرد المرء الخوف ويحصل على السلام (الداخلي) والحرية الحقيقة، وسعادة باقية تزداد مع الأيام".
ولا شك أن كثيرا من الأديان قد سعت لتحقيق تلك الأهداف الواردة في ذلك التعريف. ويزعم الجمهوريون بأن كل الأديان (حتى الإسلام بالصورة التي يمارس بها حاليا) لم تفلح تماما في مسعاها. وفي هذا كتب علي دهب أن الدعوة الإسلامية الجديدة من خلال كشفها عن المحتويات الكونية الشاملة في القرآن "قد أفلحت في الكشف عن المرحلة "العلمية" للإسلام، التي تؤكد على ما يربط البشر ببعضهم، وما يجمعهم من ملكات عقلية وعاطفية مشتركة، تتعدى كل حواجز العقيدة والعرق والجنس الخ وتدفع بنا نحو "عصر الإنسان".
ويعد الإخوان الجمهوريون اليهودية والمسيحية والإسلام هي "الرسائل التوحيدية السماوية الثلاث الأخيرة" التي تمثل مجتمعة رسالة كاملة يعبر عنها بأبعاد ثلاثة. وكما جاء في الطبعة الثانية من كتيب (The Religion of Man) الصادر بأم درمان عام 1980م فإنه "بينما تعكس اليهودية أشد جوانب التدين ماديةً، وتعكس المسيحية في المقابل أشد جوانبه روحيةً، يجمع الإسلام الجانبين في دين واحد يمكن لأي فرد أن يعتنقه". ونتيجة لذلك فإن الرسالة الثانية لا تمثل كلمة الله الأخيرة، وتكامل الرسالات السابقة فحسب، ولكنها تشكل الآلية الأيدلوجية التي يمكن للشخصية البشرية عن طريقها أن تحقق تكاملها الشامل والنهائي.
أما بالنسبة للأيدولوجيات العلمانية السائدة والمتحكمة في عالم اليوم، فالإخوان الجمهوريين يصفون نفس الأوضاع مع تلك الأيدولوجيات التي أدخلت العالم في مأزق، ويرون أن لا حل له بالإسلام في رسالته الثانية. ويرون العالم الآن (أي وقت كتابة المقال. المترجم) منقسم إلى أنظمة ديمقراطيات رأسمالية ليبرالية، وأخرى ماركسية شمولية. ويؤمنون بأن الرأسمالية قد أنجزت قدرا من التحسن في الأحوال المادية في الحياة، وأرست تقاليد تحترم الحرية الشخصية للأفراد، ولكنها عجزت عن توفير المساواة في توزيع الثروات. أما الماركسية فيرونها قد ظهرت لتصحيح مبادئ الرأسمالية، ولكنها تطرفت في مخالفة الرأسمالية فخلقت أنظمة قمعية شمولية. ويقول الجمهوريون بأن رسالة الإسلام الثانية كفيلة بإصلاح أخطاء النظامين وإنقاذ البشرية.
ما ضرورة الرسالة الثانية من الإسلام؟
يقول الجمهوريون في كتيب The Religion of Man بأن "قوانين الشرعية التقليدية قد عفا عليها الزمن، ولا علاقة لها بعالم اليوم ولا صلاحه". وحجتهم في ذلك القول تتمثل في انتقادهم للشريعة (التقليدية) في الأمور التالية:
1. عدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين. ففي الدولة الإسلامية التقليدية لا يتمتع غير المسلمين بحقوق المواطنة كاملة.
2. عدم المساواة بين الرجال والنساء. ففي الدولة الإسلامية التقليدية تتعرض المرأة (حتى المسلمة) لصنوف من المعوقات القانونية والسياسية والاجتماعية، وهي محرومة من الحقوق التي يتمتع بها الرجل. فعلى سبيل المثال يكون حق الطلاق بيد الزوج، وبإمكان الرجل أن يتخذ له أكثر من زوجة، وله الحق في معاقبة زوجته، ولا تنال الأنثى إلا نصف ما يرثه الذكر، وشهادة رجل تعدل شهادة امرأتين.
ويحرص الجمهوريون على التأكيد على أن الشريعة التقليدية تمثل تطورا وتحسنا ملحوظا في أوضاع النساء مقارنة بما كان سائدا قبل ظهور الإسلام. ويؤكدون أيضا أن تحسين أوضاع النساء يجب أن يأتي متدرجا في خطوات عديدة، إذ أن لا الرجال ولا النساء مهيئين الآن للمساواة الكاملة. "ولكن هذا لا يعني أن النساء هن في الأصل أقل شأنا من الرجال، فنحن نؤمن بأنهم مساويات للرجل، ولكننا ندرك أيضا بأن نساء ذلك الزمان كن أقل شأنا من رجالهن لافتقارهن للذكاء الكافي ولقوة الشخصية، وهما ما يكتسبان من التجارب في الحياة".
ويؤكد الإخوان الجمهوريون أن رسالة الإسلام الثانية ترفع المرأة لدرجة المساواة الكاملة مع المرأة، وتمنع تعدد الزوجات، وتقدس مؤسسة الزواج وترفعه لأعلى مراتب الشرف في مجال العلاقات الإنسانية. كما تعرف الزواج بأنه عقد اختياري بين شريكين متساويين.
ويعد الإخوان الجمهوريون أن الشريعة التقليدية ما هي إلا مرحلة جزئية مؤقتة في الإسلام. فهي مستوىً من القوانين الإسلامية بُني على نصوص معينة، وكان القصد منها سد حاجات معينة في مرحلة معينة في مسيرة تطور المجتمع الإسلامي. ولأن الشريعة التقليدية قد غدت عتيقة بالية (outmoded)، فقد وجد كثير من المسلمين أنه ليس بإمكانهم تطبيقها على حياتهم الخاصة والعامة، رغم أنها يشيدون بها قولا لا عملا. وهنالك من يسيئون استخدام الإسلام، ولا ينبغي الربط بين الإسلام وهؤلاء. ومن أمثلة ذلك الأنظمة في إيران والسعودية، وحركة الإخوان المسلمين في سوريا والسودان ومصر. فالإسلام لا يؤمن بالنظم الملكية الوراثية. وكما ذكر في كتيب The Religion of Man فإن "ما سمي بالثورة الإيرانية تعارض أساسيات الشريعة الإسلامية، بحرمانها معارضيها من أنصار الحكم السابق (الشاه) من أهم حقوقهم الطبيعية الأساسية ومن محاكمات عادلة، وبقيامهم بقتل معارضيها السياسيين دون تمييز أو محاكمة، وبحرمان الأقليات العرقية من حقوقهم السياسية والدينية الخ.... أما حركات الإخوان المسلمين، فهي تمارس الإرهاب السياسي والاغتيالات الجبانة لمنافسيهم السياسيين، ومما يناقض تماما كل ما يدعوا له الإسلام".
ويقول الإخوان الجمهوريون بأن المسلمين السلفيين قد "أخفقوا في فهم أن بعض قواعد الشريعة الإسلامية التقليدية كانت قد نزلت لمرحلة مؤقتة، وأنه بمجرد انتهاء إدائها لغرضها في تلك المرحلة، يجب تركها، والعمل بشريعة إسلامية (ثانية) لها قواعد أكثر مناسبة وديمومة". وضربوا مثالا لما أتت به الشريعة التقليدية من أحكام تتعلق بإجبار الناس على تغيير دياناتهم والدخول في الإسلام، وزعموا أن هذا مما استغله السلفيون في السودان.
ولتلك الأسباب دعا دكتور النعيم علانية لحل اللجنة التي عهد إليها بمراجعة وتعديل القوانين لجعلها تتماشى مع قوانين الشريعة (التقليدية). وكتب دكتور النعيم في مقاله بمجلة سوداناو الذي سبقت الإشارة إليه:
"لا يمكن المواءمة بين (حكم) الشريعة الإسلامية التقليدية والحكم الدستوري المعاصر. فغالب تفاصيل أحكامها تنص على عدم مساواة أساسية في جوانب السياسة والاقتصاد والاجتماع. وبغض النظر عن التأهيل والانجازات الشخصية، لن يعد غير المسلم أبدا مساويا للمسلم، ولا المرأة ستعد مساوية للرجل تحت الحكم الثيوقراطي الرأسمالي في مجتمع مقسم لطبقات اجتماعية – سياسية مختلفة....
لذا فإننا حينما سألنا اللجنة المسؤولة عن مراجعة قوانيننا لتجعلها متفقة مع قوانين الشريعة الإسلامية (التقليدية)، كنا نقصد أن الأخيرة أكثر تخلفا من نظامنا القضائي الحالي، فهي نظام لا يعترف بالأفكار العصرية الخاصة بالحريات المدنية والحكومة الدستورية. وواقع الأمر هو إننا نطلب من تلك اللجنة أن نحذف ونبطل بعض قوانيننا الحالية حتى نجعلها توافق نظريات قديمة وأفكار عتيقة".
وفيما بعد علق الأب فليوثيوس فرج كاهن كنيسة الشهيدين القبطية بالخرطوم مؤكدا ما كتبه دكتور النعيم (في مقال بعنوان "An Alternative View" في نوفمبر 1979م بمجلة سوداناو).
وكان دكتور النعيم قد نشر في ذات المجلة في نوفمبر من عام 1977م مقالا بعنوان "Can Religion be to all as well " وردت فيه إشارات شخصية عن نفسه: " أنا مسلم يؤمن بحكمة وصلاحية الشريعة الإسلامية التقليدية في مكان وعهد نزولها الأول. ولكننا الآن نعيش في زمن ومكان مختلفتين، ولا يمكننا نطبق ذات الإجابات القديمة (على الأسئلة الجديدة). وفي ذات الوقت فأنا على يقين من أنه يمكن لنا أن نجد في نفس المصدرين الرئيسيين للشريعة (القرآن وحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم) مجموعة من قوانين حكيمة وصالحة أخرى تصلح لمكاننا وزماننا هذا".
رسالتا الإسلام
إن أهم قاعدة راديكالية في الرسالة الثانية من الإسلام هي أن الإسلام كما جاء به القرآن يحتوي على رسالتين مقدستين (وليس رسالة واحدة): الأولى والثانية، تقومان على النصوص التي نزلت في المدينة، وفي مكة، على التوالي. ويرى الإخوان الجمهوريون إن القواعد التي أرستها النصوص المكية هي أعلى مقاما من النصوص المدنية. وفي كتبهم عن "الرسالة الثانية من لإسلام" يقدمون حجتهم على النحو التالي:
ألزم ذلك الجزء من القرآن الذي أنزل على محمد في مكة في غضون ثلاثة عشر سنة النبي لدعوة كل الناس إلى طريق الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالإجبار. وألزمه القرآن المكي أيضا بالدعوة لمساواة الرجال والنساء وعموم البشر أمام خالقهم. وسرعان ما جذب الدين الجديد أناسا من كل طبقات المجتمع في مكة، ولكن بأعداد أكبر من طبقات فقراء المجتمع المظلومين. وكان هذا ما بث الرعب في قلوب أفراد الطبقة الحاكمة خوفا على مصالحهم الاقتصادية والسياسية، فحاربوا محمدا وأصحابه، وأجبروا النبي على الهجرة للمدينة. وكانت ردود أفعال خصوم محمد توضح بجلاء عدم قدرة معظم رجال تلك الأيام للاستجابة بذكاء لدعوة سلمية تنادي بطريقة حياة أكثر تقدمية وتنويرا. وبالضرورة تم بعد هجرة النبي من مكة إلى المدينة إلغاء النصوص المكية واستبدالها بالآيات المدنية.
وعينت النصوص المدنية المعنية بـ "الرسالة الأولي من الإسلام" النبي قيما / وصيا على الرجال الذين لم يكن بمقدورهم إدارة شؤونهم المجتمعية بنجاح، وكذلك لأن أغلب الرجال في ذلك الوقت كانوا قد فشلوا في قبول الإسلام على أساس التنوير والاقناع والاقتناع. ونزلت الآيات التالية آمرة أتباع محمد بنشر الإسلام بحد السيف. وبنى الإخوان الجمهوريون على ذلك أن الناس لم يعودوا كلهم سواسية (بحسب تلك الآيات). ووضعت الآيات المدنية الرجال في مرتبة أعلى من النساء، وأسست لعدم المساواة السياسة والاقتصادية بينهما.
وكان الإخوان الجمهوريون يقرون بأن "الرسالة الأولي من الإسلام" قد طورت بلا شك من الحياة في شبه جزيرة العرب. فقد شملت الإصلاحات التي أدخلتها تحريم وأد البنات التي قيل إنها كانت تمارس هناك، وجعلت أداء الزكاة أمرا واجبا، مما حسن من الأحوال للفقراء والمساكين، وحسنت كذلك من أحوال عدد كبير من النساء. وجاء في كتاب "Republican Brothers: An Introduction" ما يلي:
"ولكن على الرغم من كل تلك الإنجازات، لا نعد الرسالة الأولي من الإسلام (المبنية على الآيات المدنية) هي الكلمة الأخيرة للإسلام، إذ أنها لم تمض لنهاية الشوط لتحقيق قواعد المساواة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية".
وعلى الرغم من أن الآيات المدنية ألغت الآيات المكية السابقة لها، إلا أن الآيات المكية لم تُهجر تماما. ويؤمن الإخوان الجمهوريون بأن كل ما جاء في الآيات المكية من تعاليم اجتماعية وأخلاقية سامية ظل باقيا عند النبي في حياته الخاصة. ولكن كان على النبي – بحسبانه زعيما للمجتمع المسلم - أن يعتمد على الآيات المدنية كأساس للتشريع السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وبذا تمت المحافظة على مستويي الإسلام (أو رسالتيه الأولى والثانية) معا في غضون سنوات حياة النبي. ورغم ذلك ظلت القوانين الإسلامية حتى وقتنا هذا تعتمد على الآيات المدنية الأقل شأنا من الآيات المكية (بحسب ما جاء في كتاب "Republican Brothers: An Introduction").
ويقول الإخوان الجمهوريون إنه يجب قبل تحقيق الرسالة الثانية من الإسلام (الأعلى مقاما) أن تنتقل القوانين الإسلامية من مستوى الآيات المدنية إلى مستوى الآيات المكية. ويتضمن هذا الانتقال بالضرورة الاعتماد بشدة على الاجتهاد البشري.
وجاء في كتاب "Republican Brothers: An Introduction”: "وفي هذا التطور الواعي في القوانين الإسلامية سيكون مرشدنا هو روح الإسلام الحقيقي المتمثل في البحث عن الحرية الشخصية المطلقة، التي تجسدها حياة النبي. وسنسترشد أيضا بحاجات مجتمعنا المعاصر، وبحثه عن العدل الاجتماعي الكامل".

alibadreldin@hotmail.com

 

آراء