الإمام الصادق المهدي يوجه أربعة نداءات

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة مع الذات لعام مضى وعام آت  .. بقلم: الإمام الصادق المهدي
24 ديسمبر 2013م

أشكر مكتبي وفي هذا العام أسرتي لوالدي أن أحيوا ذكرى ميلادي:
كلُّ امرىءٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ        وَكُلُّ مَكانٍ يُنْبِتُ العِزَّ طَيّبُ
قال شاعر متشائم:
ضَحِكنا، وكان الضّحكُ منّا سفاهةً      وحُقّ لسُكّانِ البَسيطةِ أن يَبكُوا
يحَطّمُنا رَيْبُ الزّمانِ كأنّنا زُجاجٌ       ولكن لا يُعـــــــــــــــادُ له سَبْكُ              
ولكن الإنسان يخلد روحياً وتخلده أعماله وتتجدد حياته النفسية والحسية في ذريته.
إذا كانت ذكرى الميلاد للتباهي الشخصي وتقديم الهدايا وجعل صاحبها أو صاحبتها محط الأنظار فهي نوع من الترف الاجتماعي الضار. ولكن إذا كانت الذكرى مناسبة لوقفة مع الذات من باب (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)، ومن باب تقديم كشف حساب والمساءلة فهي حميدة، فالنقد الذاتي أكبر وسيلة للبناء عرفها الإنسان.
1.    من الناحية الفكرية أسائل عما حققت في إطار مهمتي المزدوجة وهي:
(أ)           المرافعة عن المهدية وصحة الدعوة لا عن طريق تصحيح الـ 23 حديث التي وردت في صحاح أبي داود، وابن ماجة، والترمذي ولكن عن طريق اعتبار المهدية هي وظيفة إحياء الدين.
أقوى مدرسة شيعية هي الإثنى عشرية التي تعتبر الحفيد التاسع للإمام حسين الذي اختفى قبل 14 قرناً سيعود هو نفسه مهدياً، هذه عقيدة ولأصحابها حرية الاعتقاد، ولكن لا يسمح بها قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ* كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).
وأقوى مدرسة لدى أهل السنة في المهدية أن المهدي يظهر في آخر الزمان، ولكن لا يسمح بذلك قوله تعالى: (فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ). نقبت في دفاتر المهدية فاتضح لي جلياً أن دعوته هي إحياء الدين ووضع ضابطاً لتعاليهما بالالتزام بالكتاب والسنة ونبذ ما يتناقض معهما، وخطاب الدعوة لكل أهل القبلة امتثالاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ)، ومع أن صاحبها قد انطلق من خطاب غيبي فإنه خطاب قرآءني: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ). هذه المعاني تمحو عن الدعوة صفة الطائفية وتجعلها خطاب إحياء للدين لكافة أهل الإيمان بضوابط الكتاب والسنة.
(ب)      المهمة الفكرية الثانية هي الانتصار للإسلام باعتباره دين الإنسانية الذي يحتضن أرقى ما اهتدت إليه الإنسانية الصاعدة، الإسلام يحيط بضرورات الإنسانية العشر ويستجيب لها بصورة تتكامل مع إنجازات الإنسانية وتعطيها أساساً أخلاقياً وروحياً.
اجتهاداتي هذا العام واصلت هذه المرافعة، وأعد مكتبي كتاباً ضخماً جامعاً لحصيلة هذا العام بعنوان (حصاد العام 2013).
2.    الحصيلة السياسية: عندما قام انقلاب 30 يونيو 1989م صب الانقلابيون جام غضبهم على شخصي مع أنني كنت أقود حكومة ائتلافية، واستمر النظام يلاحقنا بكل الوسائل، ما أدى الاستقطاب الحاد لمعارضتنا للنظام حتى مقابلة العنف بالعنف.
ولدى افتراق كلمة الانقلابيين في عام 1999م مدوا يدهم لنا ما فتح باب حوار أثمر نداء الوطن. هذا النداء أتاح لنا فرصة العمل من الداخل، ولكنه لم يحقق التحول المطلوب، بل أتاح للنظام فرصة التآمر ضدنا، تآمر بدد نتائجه صمودنا وتفرق أصحابه أيدي سبأ.
وبعد إبرام اتفاقية السلام في 2005م أجرى النظام تنازلات استقطبت بموجبها الحركة الشعبية لتحرير السودان، وانخرطت في صفه أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي، وانبهر كثيرون باتفاقية السلام، ولكننا انفردنا بنقد موضوعي لاتفاقية السلام، وقلنا بحجة قوية إن الاتفاقية لن تحقق الأهداف الثلاثة المعلنة: السلام، والوحدة، والتحول الديمقراطي. وبالفعل، في يوليو 2011م انفصل الجنوب وكوّن دولة مستقلة.  وأخفقت إدارة بروتوكولات أبيي، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق ما أدى لاشتعال الحرب في تلك الجبهات. كما استغل المؤتمر الوطني أغلبيته التشريعية والتنفيذية ليحول دون إجراءات التحول الديمقراطي كافة.
العجز في إدارة مشروع سلام دارفور حقق اتفاقيات جزئية لا سيما اتفاق الدوحة، ولكن الذين لم يوقعوا على اتفاق الدوحة من جماعات دارفور والحركة الشعبية جناح الشمال كونوا في عام 2012م الجبهة الثورية التي صعدت موقفها بإعلانها إسقاط النظام بالقوة.
موقفنا السياسي الذي بلورته تطورات العام الجاري هو:
(أ)      النظام الذي أسسه انقلاب يونيو 1989م هو المسؤول الأكبر عن انفصال الجنوب، وعن حريق دارفور، وعن الحروب الأخرى، وكذلك هو مسؤول عن تردي الحالة الاقتصادية في البلاد وعن عزلة البلاد دولياً وإنه المسؤول عن ما آلت إليه حالة الخدمة المدنية وحالة القوى النظامية ولا يجدى معه التلفيق بل المطلب الشعبي العادل هو قيام نظام جديد من القاعدة للقمة. طرحنا مشروع ميثاق النظام الجديد للناس كافة ونسعى لجمع الصف الوطني حوله فإذا تحقق ذلك الاتفاق نعمل جميعاً لضغوط شعبية حركية تستخدم الاعتصامات والمواكب والمذكرات أي كل الوسائل ما عدا العنف والاستنصار بالخارج.  وتقديرنا أن هذا الموقف والضغط الحركي سوف يجر النظام إلى خريطة طريق نحو السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل على نحو ما حدث في جنوب أفريقيا عام 1992م أو سوف يحقق انتفاضة شعبية سلمية.
(ب) وعندما التهب الشارع السياسي في سبتمبر الماضي كان موقفنا هو:
o       رفض زيادات الضرائب واعتبارها وسيلة لتحميل المواطن أخطاء سياسات النظام.
o      أن التحرك الشعبي للتعبير عن رفض تلك السياسات مشروع.
o      أن استخدام العنف ضد المتظاهرين عدوان على حقوق الإنسان.
o      انخرط كثير من شبابنا في المظاهرات وانفردنا بتأبين شعبي كبير للشهداء. ولكننا على مستوى القيادة لم نخرج للشارع ولم نحرض الآخرين علناً على التظاهر.
بعض الناس يقارنون بأحداث الربيع العربي، لدى نضج الظروف فإن مليونيات الربيع العربي لم تكن محتاجة لمحرضين.
شباب الربيع العربي الآن من أكثر الناس إحباطاً لأن ثوراتهم بغير قيادة محددة، وبغير برامج محددة، أتت بنتائج محبطة.
أخطاء النظام مستمرة والعجز عن حل مشكلات البلاد كذلك، وسوف تستمر كذلك التحركات الرافضة والمعارضة إلى أن تبلغ كتلة حرجة حاسمة.
سنواصل جمع الصف حول النظام الجديد وسوف نتحرك وفق خطة مشروع ميثاق النظام الجديد ولا نحجر حق غيرنا في أية مبادرات تحقق مطالب الشعب، ولكن كما قال الحكيم الصيني: من لا يدرك الهدف لن يجد الطريق.
3.    كنا أول من اتصل علناً بالجبهة الثورية في زيارة وفدنا لكمبالا في يوليو 2012م، وفي لقائنا معهم في لندن في نوفمبر 2012م.وموقفنا معهم هو ضرورة التخلي عن إطاحة النظام بالقوة لأن هذا الهدف إن أمكن تحقيقه فسوف يكون ملتزماً ببرامج انتقائي وتسنده فصائل تكوينها انتقائي وكما قال حكيم الهند: من أقام حكماً بالقوة سوف يحافظ عليه بالقوة.
4.    من نتائج موقفنا المبدئي الصامد أن كثيراً من القوى السياسية والمدنية كانت تدعم النظام بما في ذلك فصائل من الحزب الحاكم صاروا يعملون من أجل مطالب مطابقة للأجندة الوطنية التي حددناها. الفصائل التي رفعت يدها من أجندات الحزب الحاكم بلغت حتى الآن ثمانية، والنزيف مستمر. ومن النتائج الإيجابية أيضا إصدار الاتحاد الأوربي في يوليو 2012م دعوة صريحة لحل للمسألة السودانية يطابق الأجندة الوطنية التي أعلناها. وأصدر ممثلان لمجلس السلم الأمريكي مذكرة فحواها:
•        يحتاج السودان عاجلاً الانخراط في حوار قومي وعملية إصلاح يقودها السودانيون ويدعهما المجتمع الدولي.
•        يجب أن تكون العملية شاملة بدرجة كبيرة لتضم عناصر من النظام الحالي والإسلاميين وكل مجموعات المعارضة المسلحة وغير المسلحة.
هكذا شدت أجندتنا الوطنية إليها الرأي العام الداخلي والخارجي. هذا الموقف الناجح هو الذي قررته مؤسسات حزب الأمة وتعمل من أجله قياداته. المخالفون سواء بالانخراط في النظام أو في الجبهة الثورية لا يمثلون حزب الأمة مهما كانت أسماؤهم.
إنك لا تعرف الحق بالرجال، أعرف الحق تعرف أهله.
5.    في آخر اجتماع للهيئة المركزية لحزب الأمة تبنت المنصة أن يكون تنصيب الأمين العام للحزب وفاقياً، وقد كان، ولكن الخطأ أن المنصة لم تفصل استحقاقات الأمانة العامة الوفاقية ما أدى لعثرات اجتهدنا لإزالتها بوسائل ديمقراطية لا بالأمر والنهي. وعبر محطات معينة صرنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا الهدف. هذا التعثر انعكس كذلك على تفسير لوائح المكتب السياسي، واتفق على تكوين لجنة تحكيم والتزم الجميع باحترام قرارها، فرغت اللجنة من تحكيمها ويرجى أن تحل هذه المشكلة قبل اجتماع المكتب الساسي القادم. هذه العثرات جزء من العملية الديمقراطية التي نحرص على حمايتها مهما كلفتنا من مشقة. ناس "أم رَخَم الله" راهنوا على استثمار تلك العثرات في أجندات غير مشروعة، ولكن الاختلافات في مسائل جزئية لم تمس شرعية المؤسسات ولا التزام الكافة بالاستراتيجية.
6.    في نص البيعة وفي تنظيم الأنصار تمت ثورة هادئة جعلت القرار مؤسسياً وحافظت على التربية الجهادية كالتزام دفاعي وعلى سلامة العبادات وعلى حفظ القرآن، ولكن تطوير الهيئة في المجال الخدمي والصحي والتعليمي ما زال قاصراً. ورغم شح الإمكانات قامت الهيئة بدور مهم للإغاثة أثناء نكبة السيول والأمطار، ومارست نشاطاً فكرياً مؤثراً في التصدي للنشاط التكفيري، وفي مجال تبني قضية تحرير المرأة. وأمام الهيئة تحديان مهمان هما إقامة البقعة الجديدة والمقبرة النموذجية ومشروع الجزيرة أبا الجديدة. كأنشطة في مجال التنمية الحضرية والتنمية الريفية.
7.     الرحلات الخارجية: عدد رحلاتي الخارجية في عام 2013م أقل منها في عام 2012م ولم تتجاوز الستة:
أولاً: كنا في نادي مدريد قد نظمنا بعثات لدراسة الأوضاع في ست دول عربية في الفترة (2006-2008م) واختتمت الدراسة بملتقى في البحر الميت ضم ممثلين لأحزاب حكومات ومعارضة ومنظمات مجتمع مدني، هذا اللقاء أصدر إعلان البحر الميت الذي جاء فيه أن البلدان العربية تواجه احتقاناً حاداً بين الحكام والشعوب ودعوناهم لحوار جاد يضع خريطة طريق لإصلاح سياسي وإلا مع ظروف الاحتقان سوف يقع الانفجار، كان هذا الإعلان في يناير 2008م، بعد عامين تفجرت الأوضاع في الثورة التونسية ثم المصرية وما تلاهما.
حول هذه الأحداث أصدرنا كتيباً صغيراً بعنوان: (بلاغ الثورة الناعمة)، وكتاباً بعنوان: (معالم الفجر الجديد).
قلنا إن هذه الثورات تعبير عن تطلعات الشعوب للحرية ولكنها بلا قيادة وبلا برامج، وقلنا ينبغي أن تكمل القوى السياسية النقائص وأن تتفق على ميثاق وطني كخريطة طريق لبناء الوطن، ثم يوضع الدستور، ثم تجرى الانتخابات.
القوى السياسية في تونس كانت الأقرب لهذا السناريو والمصرية كانت الأبعد.
في مصر كان قرار الأخوان المسلمين السير بحذر ولكن يبدو أنهم استمعوا لدعاة التجربة السودانية أن يقدموا على رسالتهم وأن يحموها بالتمكين كما فعلوا في السودان. نعم حققوا انتصاراً انتخابياً ولكنهم لم يدركوا بالقدر الكافي الاصطفاف المضاد لهم، كان أهم دلائل السقوط في هاوية التمكين الإعلان الدستوري الصادر من رئيس الجمهورية في 21 نوفمبر 2012م. في معارضة هذا الإعلان بدأت حملة تمرد. حاولنا نصحهم واقترحنا إلغاء الإعلان الدستوري، ومراجعة بعض بنود الدستور الجديد، وتكوين حكومة انتقالية جامعة.
كان الرئيس السابق محمد مرسي مستعداً لدراسة المقترح ولكن قيادة الأخوان لم توافق.
في بلداننا اليوم اشتباكات ذات ثلاث شعب: اشتباك إسلامي/ علماني، وآخر سني/ شيعي، وثالث أخواني/ سلفي.
كثيرون الآن شخصوا هذه الاشتباكات، ونرى ضرورة إجراء كافة الأطراف مراجعات لتمكين الجميع من التعايش إذ لا يمكن لأي طرف في هذه المعادلات أن يلغي الآخر وإذا حاول سوف يكون ذلك على حساب الممارسة الديمقراطية ويفتح أبواب التدخل الأجنبي.
ثانياً: في عام 2006م شرفني معهد الدراسات الموضوعية في الهند باختياري ضمن 26 شخصاً باعتبارنا قادة عظام للعالم الإسلامي في القرن العشرين تحت عنوان (قادة وحكام)، القائمة فيها مائة شخص اختيروا لتخصصات مختلفة في كتاب (مائة قائد إسلامي عظيم في القرن العشرين)، وكان ترتيبي بين الـ 26 الخامس.
المحررون لهذا الاختيار هم العلماء:  د. محمد منظور عالم، وبروف زد إم خان، وبروف إيه آر مؤمن، بروف منظور أحمد، ود. شوكت علا خان، وبروف زد إيه نظامي.
وفي حيثيات الاختيار استعرضوا أدائي الفكري والعملي بصورة محيطة وما واجهت من مشقة في حياتي، ثم قالوا: على الرغم من كل ذلك امتلك الصادق القدرة على التماسك ليصمد ويقاوم الضغوط المتنوعة مبرهناً عن همة استثنائية "كقائد عظيم في القرن العشرين".
بعد ذلك توالت تكريمات ومشاركات في المجال الأفريقي، والعربي، والإسلامي، والأوربي، وأخيرا كانت جائزة قوسي.
إن احتفاء أهلي في السودان من كل المشارب والاتجاهات كان أعظم من قوسي نفسها لعل أهلنا في السودان من فرط "مرمطة" اسم السودان الحالية وجدوا في هذه الجائزة ضياء في ظلام دامس. على أية حال لهم جميعاً مني شكر بلا حدود.
أهم ما في الجوائز التي نلتها أن حيثياتها تشيد بدوري في إحياء حضارتنا لا على حسابها، لأن بعض الجوائز منحت لأشخاص تقديراً لدور منتقص من حضارتهم، مثلاً: نجيب محفوظ وهو روائي صور الواقع الاجتماعي المصري بصورة حية ويستحق التكريم ولكن في حيثيات تكريمه أشادوا برواية (أولاد حارتنا) وهي رواية سخيفة تتتبع قصص الأنبياء بصورة سطحية وتوظفها باعتبار الدين مرحلة تخلف إنساني يحل محله العلم في تقليد لآراء الفيلسوف الفرنسي أوغست كومت. وتكريم سلمان رشدي على رواية أكثر سطحية وسخفاً من أولاد حارتنا أي رواية: (آيات شيطانية). أو السيدة الصومالية أيان هيرسي على التي نشرت مذكراتها بعنوان: كافرة. وقال عنها رتشارد دوكنز: هذه السيدة من عظماء أبطال هذا الزمان.
8.    نداءات: ولأهمية الظروف التي نمر بها فإنني أختم هذا الخطاب بنداءات: 
نداء للمؤتمر الوطني: آن الأوان للتخلي عن العناد والانفراد والاستجابة لمطلب الشعب المشروع لإقامة نظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، هذا الهدف وحده الذي يمكنكم من إنقاذ دوركم وخلاص الوطن.
نداء للجبهة الثورية: آن الأوان لتقبلوا إعلان المبادئ المقترح فإن فعلتم فنحن مستعدون للتحالف معكم لتحقيق مطالب الشعب.
نداء للقوى السياسية المعارضة لنظام العناد والانفراد، والتي نفضت يدها منه، لموقف إايجابي من مشروع ميثاق النظام الجديد.
نداء لأهلنا في الجنوب: أنتم تعلمون أن ضحايا الاقتتال الجنوبي الجنوبي كانوا إحصائياً أكبر من ضحايا الاقتتال الشمالي الجنوبي، وتعلمون كم ساهم الانقسام بين القوى السياسية الجنوبية في فشل اتفاقية سلام أديس أبابا لعام 1972م، وتدركون المواجهة داخل الحركة الشعبية التي وصلت ذروتها في عام 1991م ثم في عام 2004م في رمبيك، وتدركون كذلك الخلافات بين القوى السياسية الجنوبية أثناء الفترة الانتقالية 2005-2011م والتي اتصلت حتى المواجهة الأخيرة. هذه الخلافات تقف وراءها انتماءات قبلية وقوى مسلحة وتحالفات ما يجعل انهاءها بالقوة مستحيلاً، لذلك نناشدكم بأقوى صورة وقف إطلاق النار، وقبول لجنة أفريقية محايدة للتحقيق في الأحداث، ومساءلة الجناة، والتفاوض بين الفريقين لإيجاد حل وفاقي انتقالي يعقبه أجراء انتخابات حرة ليحسم الشعب خياراته. ويرجى أن يحرص الطرفان على المحافظة على تنفيذ الاتفاقيات بين الدولتين على ألا يقوم أي طرف بعرقلة إنتاج وترحيل البترول ولا بعرقلة التجارة والمراعي بين البلدين.
وسوف نعمل على امتناع السودان عن التدخل إلا فيما يتعلق بالصلح وحسن النوايا بين الطرفين.
نداء لأهلنا في مصر: الصراع الدائر الآن لا يمكن حسمه بالوسائل الإدارية والأمنية لأن فيه اختلافاً فكرياً وثقافياً وسياسياً وتصطف على جانبيه قوى اجتماعية متجذرة.  ينبغي أن يجري الطرف المدني مراجعات يدرك بموجبها أن الدين ليس مجرد شأن خاص، وأن لأصحاب الأجندات الدينية الحق في التعبير عن تطلعاتهم إذا التزموا بحقوق المواطنة المتساوية وبالآلية الديمقراطية. كما يجرى الطرف الإسلامي مراجعات يتخلى بموجبها من تكفير المجتمع وعن إقصائية التمكين وعن الثيوقراطية. هذه المراجعات كما اقترحناها بصورة أكثر تفصيلاً في ميثاق التعايش ضرورية للسلام الاجتماعي ولا مفر منها للمحافظة على الديمقراطية.
وفيما يتعلق بالمواجهات الحالية في مصر يرجى إجراء تحقيق عادل عما حدث في البلاد منذ 30 يونيو 2013م ووقف كافة مظاهر العنف وقبول الأخوان خريطة الطريق والانخراط في العملية السياسية وتطبيع أحوالهم. 
وفي الختام،
لقد سرني أن فكرت أسرتي لوالدي أن تجمع بين الاحتفاء بمولدي وبتكريمي من قبل مؤسسة قوسي، وبين تكريم ابنة الأسرة الدكتورة لمياء أحمد محمد الحسن، تهنئة لها على اختيارها عميدة لكلية الطب بجامعة الأحفاد لتكون أول عميدة لكلية طب في السودان والعالم العربي. أتوجه لها ولوالدها البروفسور أحمد محمد الحسن ووالدتها وأخواتها ولزوجها صديق ولكلية الطب التي اختارتها بالتهنئة الحارة، راجياً لها كل تقدم وازدهار، فهي أهل للموقع الذي تقلدته راجياً أن تتواصل فتوحات المرأة السودانية ويتواصل كسبها لمطالبها المستحقة.
إن ما يدور في بلادنا من اقتتال قبلي ينبغي أن ينتهي بالصلح والوئام بين القبائل.
وكم يسرني أن يقبل شبابنا لنداء (أيها الجيل) فهم ذخيرة مستقبلنا.
كما أشكر أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة على تعاونهم معنا، فقد كانوا في الغالب عن حسن الظن بهم.
والسلام عليكم،

سورة الضحى الآية (11)
سورة الأنبياء الآية (34)
سورة غافر الآية (85)
سورة الصف الآية (14)
سورة لقمان الآية (14)

 

آراء