الاستعمار الخديوي المستتر

 


 

 

fdil.abbas@gmail.com

سمعت من بعض الثقاة بمدينة مروي أن ما ظل يتناقله السابلة عن الاحتلال المخابراتي المصري لنظم وأجهزة اتصال مطار مروي حقيقة ماثلة منذ عامين علي أرض وبرج ذلك المطار، أي منذ المناورات المشتركة بين سلاحي الجو المصري والسوداني التي كانت تهدف لتخويف إثيوبيا وتحسيسها بأن العدائيات آتية لا ريب فيها، وأن الجيش السوداني طرف بها حليفا لصنوه المصري، لو استمر تعبئة سد النهضه حسب الخطة الإثيوبية المعلنة.
ويقول أهل مروي إن كل مهندس سوداني بالمطار تم إردافه بإثنين من الجيش المصري، وكل فني أصبح يستصحب إثنين من نفس تلك الجنسية.
ولقد تم تشبيك أجهزة المطار ومخازن بياناته بالسيرفر الرسمي المصري في أسوان أو أسيوط أو شئ من هذا القبيل.

ولقد تزامنت الهيمنه علي المطار مؤخرا مع وجود مصري مكثف في مساحة ضخمة (آلاف الأفدنة) شمال شرق مروي يقال بأن المسح الطبقراطي الحديث أشار لوجود مكنونات غير عادية من الآثار المنحدرة من مملكة مروي القديمة، والمنطقة معروفة كذلكً بوجود مخزون خرافي هائل من معدن الذهب ، ولقد منع الأهالي (الدهابة) من الاقتراب من تلك المنطقه بحجة أن أجهزتهم الاستكشافية تشوش علي رادارات الجيش.

ويبدو أن السلطات المصرية تستعد فعلا للقيام بعدائيات ما ضد إثيوبيا ، وهي غالبا ، حسب ما يتواتر في الإعلام الاجتماعي المصري، تدمير سد النهضة قبل الملء القادم الذي تخطط له إثيوبيا.

وبالأمس، أصدر مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية بيانا عدوانيا متهافتا تنقصه الحصافة ضد إثيوبيا متعلقا بسد النهضة ومنوها بأنه خطر يهدد الأمن القومي المصري، وكذلك العربي. أي أن الجامعة تلوح بعصا الكتلة العربية برمتها ضد دولة إثيوبيا، تماما مثل الاستنفار العشائري في أيام الحاهلية. ولا أدري ما دخل الدول العربية بنزاع مائي محدود بين ثلاث دول - مصر والسودان وإثبوبيا - كان يتم الاقتراب منه بالمحادثات السلمية الهادئة طوال الأربع سنوات المنصرمة، وظلت إثيوبيا تستجيب لاستفسارات ومطلوبات الجهات الفنية المعنية دون تشنج يقود للغليان ودق طبول القبيلة والتصعيد المؤدي لحرب لا مصلحةً لشعوب الدول الثلاث فيها.

ويروج الإعلام المصري بهستريا مدوية لحالة الفوضي والتشظي التي يمر بها السودان ووللثقب الأسود الذي ينتظره إذا استمر بلا حكومة لكل السنوات الماضية والقادمة؛ ويتحدث بعض الخبراء المعطوبون عن السوابق التاريخية التي تبيح لدولة جارة ذات شوكة ومستقرة أن تتحرك بجيشها لإنقاذ ذلك البلد المستغيث الموشك علي الضياع، مثلما فعل جوليوس نايريري رئيس تنزانيا الاشتراكي التقدمي الخالي من الأطماع التوسعية، عندما زحف بجيشه نحو يوغندا عام ١٩٧٩ ووضع حدا لحكم الدكتاتور عيدي امين دادا، وسلم البلد لرئيسها الشرعي ملتون أبوتي الذي كان عيدي أمين قد انتزع الحكم منه بانقلاب عسكري، وسرعان ما عاد الجيش التنزاني النبيل لبلاده، تاركا يوغندا لتصاريف الزمن التي انتهت بها لدكتاتور آخر إسمه يوري موسفيني. ولقدً تجاوزت الأسرة الدولية عن ذلك التدخل التنزاني في الساحة اليوغندية. كما يستدل الخبراء التعلمجية بالعديد من الغزوات الحديثة، مثل التدخل الأمريكي في العراق وفي أفغانستان، وما ظلتُ تفعله تركيا في سوريا وشمال العراق بلا ضابط أو رابط، بل ما ظلت تفعله في ليبيا بلا كوابح.

ولا نريد أن نناقش هذه التهويمات والثرثرات، إذ أن جميع تلك الغزوات لم ولن تنته إلي خير للدول المعتدية أو الدول المعتدي عليها. ولكننا نذكر من يهمهم الأمر أن شعب السودان شئ آخر (المي الحار ما لعب قعونج)، ولقد أثبت عشرات المرات منذ عهد بعانخي وترهاقا ومحمد احمد المهدي والحركة الوطنية وثورة أكتوبر ١٩٦٤ وانتفاضة ابريل ١٩٨٥ وثورة ديسمبر ٢٠١٨ انه شعب صعب المراس وراكب راس وقوي الشكيمة، وقد اثبتت الأحداث الأخيرة أنه من الوعي بمكان، ومدرك تماما للمخططات الامبريالية التوسعية المحيطة به، ولن يكون نصيبها الا الفشل الذريع. (لقد زعم الفرزدق يوما أن سيقتل مربعا….فابشر بطول سلامة يامربع) !
حريه. سلام. وعداله !
سلميه خيار الشعب
والنصر معقود لواؤه لأهل السودان.

 

آراء