الاضراب يتواصل والحكومة ضاربة طناش

 


 

 

بشفافية -
ماتزال الاضرابات متواصلة، سواء تلك المعلنة بواسطة لجنة المعلمين أو تلك المقررة بواسطة اساتذة الجامعات، بينما لاتزال حكومة الانقلاب (ضاربة طناش) وكأن الأمر لا يعنيها ولا صلة لها به، ولنأخذ مثالا على ذلك اضراب اساتذة جامعة الخرطوم، الذي وصفته مديرة الجامعة بأنه لو تواصل في ظل عدم مبالاة الدولة، فإن سمعة الجامعة ستكون على المحك، ويبدو أن المديرة استيأست تماما من خير في الحكومة، ولهذا توجهت بمناشدة للأساتذة برفع الاضراب مراعاة لمستقبل الجامعة مع الاعتراف بمشروعية وعدالة قضيتهم، وفي الاثناء كان عدد من طلاب الجامعة الأعرق قد شرعوا في مغادرتها للالتحاق بجامعات اخرى حكومية وخاصة اكثر استقرارا..
دون التقليل من حزمة المشاكل الأخرى التي تعانيها الجامعة منذ العهد البائد، الذي كان يستهدفها بشكل خاص وكأن بينه وبينها (تار بايت)، فقد عن لي ان اخالف المديرة في مناشدتها للاساتذة برفع الاضراب، بأن اطالب الحكومة بأقوى العبارات الاستجابة الفورية لمطالبهم العادلة والمشروعة، فمشكلة الرواتب الهزيلة التي يتقاضونها ولا تغطي احتياجاتهم المعيشية الاساسية الا لأيام معدودة في الشهر، ظلت متطاولة منذ زمان ليس بالقصير، حتى أن البروف العلامة عبد الله الطيب طيب الله ثراه، كان قد قال في خصوصها،
إن المآل الذي آل إليه حال أساتذة الجامعات يدخلهم في زمرة الفقراء والمساكين المستحقين للزكاة لا الدافعين لها كما تفعل معهم الحكومة، وكان البروف رحمه الله صادقا في قوله الذي عكس بدقة منذ ذلك الوقت، حجم المعاناة والبؤس الذي يرزح تحته هؤلاء العلماء، فيما يهنأ بالعيش وطيبه الفهلويون والأرزقية الذين أثروا وتنعموا بعد فقر وشظف وانتقلوا الى السكنى في الفلل والعمائر في قلب المدن، فمن كان منهم غنيا ازداد غنى حد التخمة، ومن كان فقيرا، أغبشا، أشعثا، أغبرا، وجهه (دشن) وملمسه (خشن)، فقد صار ناعما، متنعماً، مرفها، مزواجا، يتخير الحسناوات، يركب الـ الفارهات ويدير (البيزنس) بهاتف الثريا،
بينما علماؤنا من أساتذة الجامعات ومربيو الاجيال من المعلمين الذين انفقوا شبابهم في التحصيل العلمي والكد الاكاديمي وكرسوا حياتهم للبحث والتنقيب في أمهات القضايا، لا مطمع لهم في سلطة ينافسون عليها، ولا رغبة لهم في جاه يصيبونه، حتى يعاديهم هؤلاء المتكالبون على السلطة والمتقاتلون عليها، والمتنافسون على حياض المال العام تنافس السعية على حفير الماء، وهو ما عليه الحال الآن من امر الشركات الامنية والحكومية التي لا يعرف احد كم عددها وأين مقارها ومن يديرها والى من يذهب ريعها، رغم كل ذلك ورغم اعتكاف هؤلاء العلماء في محاريبهم العلمية يقضون سحابة نهارهم بين طلابهم ويسهرون ليلهم مع كتبهم ومراجعهم، يكابدون رهق البحث والتدريس ويعانون ضنك المعيشة، إلا أن الحكومة باستخفافها بهم ولا مبالاتها بقضيتهم، لم تترك لهم خيارا غير الاضراب، فالعتب واللوم ليس عليهم وانما على هذه الحكومة التي لا تقيم وزنا للعلم والعلماء، وأنى لها ذلك اذا كان بين قياداتها جهلة وتجار حرب ومستثمرين في قضايا أهلهم.. ان الاساتذة نالوا مكانتهم بالكد والسهر والمثابرة، وهم أصحاب حق وأهل كرامة وعزة ونفع وسيبقون كذلك في نظر الشعب، وأما الزبد فسيذهب جفاء إن شاء الله..
الجريدة

 

آراء