الاعتبار من ذكري يوم مؤلم
11 May, 2009
د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
مر عام كامل علي الاحداث الدامية في مدينة ام درمان بعد الاختراق الامني الكبير الذي مكن حركة العدل و المساواة من دخول المدينة و التسبب في خسائر مؤلمة في الارواح و الممتلكات. لن يتم تجاوز ذلك الحدث في يوم من الايام و انما سيضاف لما تراكمه الحرب الطاحنة في دارفور نفسها و تبعاتها في الداخل و الخارج. تسبب اتساع نطاق الحرب و تزكيتها بنار الحرب الاعلامية في خسائر تمددت علي طول السودان و عرضه و تجاوزت الحدود الوطنية للسودان لتمتد الي الخارج علي المستويين الإقليمي ( ببعديه الافريقي و العربي ) و الدولي. طال اتساع الحرب و خسائرها سكان المنطقة بشكل اساسي و لكنه اثر بشكل كلي علي جميع انحاء السودان من حيث الخسائر الاقتصادية و الابعاد السياسية و القانونية التي تجر معها اثارا اقتصادية جديدة تضاف تكلفتها الي خسائر الحرب، و يشمل ذلك علي سبيل المثال الخسائر المباشرة علي الاقتصاد السوداني او غير المباشرة في الاستثمار الاجنبي و التجارة الخارجية و التعامل مع المؤسسات الدولية وو المنح و الاعانات و تكاليف الإغاثة. يمكن حل مشكلة دار فور او أي مشكلة اخري في اطار السودان كدولة و لكن في حالة الفوضي الشاملة المفضية الي التفكك و الانهيار لا يمكن حل أي مشكلة كانت مهما صغر حجمها ناهيك عن مشكلة نزاع كبير و معقد مثل ما هو عليه الوضع في دار فور. من هنا يمكن استلهام العبر و الدروس و الاستفادة من التجارب مهما كانت مرارتها و ان يتم توظيف ذلك في الحل و البناء. اتسع نطاق الحرب في دارفور لدرجة اصبح لا يميز بين ابناء القبيلة الواحدة و العنصر الواحد و لم يعد الامر محصورا بين عرب و افارقة او بين رعاة و زراع او اصحاب انعام و اصحاب حواكير. لقد اخذت مشكلة دارفور بعدا قوميا و اخر دوليا و من هنا يجب التعامل مع ملفاتها.
ذكرت الانباء ان المبعوث الامريكي للسودان سكوت غرايشن سيعمل علي عقد لقاءا مشتركا بين نائبي الرئيس السودان النائب الاول سيلفا كير و نائب الرئيس الاستاذ علي عثمان و الدكتور خليل ابراهيم زعيم حركة العدل و المساواة و ذلك في التمهيد لاجراء مباحثات شاملة من المؤمل ان تقود الي حل المعضلة الدارفورية. هنا تجب الاستفادة من تجربة نيفاشا في بعدين اساسيين الاول هو توسيع المشاركة السياسية في المشاورات و المحادثات حول ازمة دارفور بين جميع الاطراف الفاعلة في الحياة السياسية للسودان حكومة و معارضة في الداخل و في الخارج و السعي لاشراك جميع الحركات المسلحة و الاطراف المؤثرة في النزاع. ربما لا يري الطرف الامريكي جميع ابعاد المشكلة او تخرج اجزاء منها خارج حساباته و لكن لا يجب ان يفوت ذلك علي الاطراف السودانية. كذلك الاطراف العربية و الافريقية التي قد تختلف مصالحها او تتطابق مع المصالح الاستراتيجية للسودان مما يستدعي الموازنة بين مختلف الاطراف و المسك بجميع اوراق اللعب.
الجانب الثاني هو استصحاب البعد الاقتصادي لمشكلة دارفور و لرؤي الحل لان هناك بعد اقتصادي بالغ التاثير في مشكلة دار فور من ناحية ارتباطها بالموارد و بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و بتوفير آليات العمل الاقتصادي التي من المفترض ان تنفذ بها الاتفاقيات التي سيتم ابرامها. اذا لم يتم حساب البعد الاقتصادي بمنتهي الدقة و الحرفية فسيشكل بذرة جديدة للنزاع. لا يخفي علي احد العيوب المصاحبة لاتفاقيات قسمة الثروة و اليات تنفيذها في نيفاشا و لكن بالرغم من كل ما يثار حول تلك الاتفاقيات الا انها اكثر بساطة و اكثر قابلية للحل مقارنة مع ما سيكون عليه وضع قسمة الثروة الخاصة بدار فور و اليات العمل الضرورية لها نسبة لتعدد الاطراف و التعقيدات السياسية و الاقتصادية و الجيو بولتيكية المحيطة بالموضوع. المسألة تحتاج لكسب الوقت و التحرك بسرعة من اجل الوصول الي حل و من اجل استدامته و متانته و حتي لا يتم فرض امر واقع علي طريقة لي الرقاب.