البرهان وحميدتي ثوران في مستودع الخزف، و”تورين داخل زريبة ما بقعدوا”!
عثمان محمد حسن
19 March, 2023
19 March, 2023
* الهشاشةُ المعيشية والأمنية والعسكرية، في السودان، هشاشةُُ أحالت البلد إلى زريبةٍ، وأيُّ زريبة هي تلك التي تتجسد أمامنا الآن في البلد الذي أضحى مستودعَ خزف ٍهشٍّ لم يستوِ تماماً داخل الأتون (kiln).. وكل ما بداخل المستودع آيلٌ للتهشمُّ والتلاشي.. ؟!
* ونُذُر المواجهة بين الجيش السوداني والجيش الموازي له، أو ميليشيا الجنجويد، لا تلبث أن تطل برأسها، يوماً بعد يوم، في هيئة تصريحان، غير مسئولة، تصدر من قادة لا كبير اهتمام لهم بمصير السودان قدر اهتمامهم بمصالحهم الشخصية عند بث تلك التصريحات الكفيلة بتدمير البلد..
* تصدر تلك التصريحات بقوة دفع من جهات تؤججها، متجاهلةً أن أي مواجهة بين الجيشين سوف تشكُّل زلزالاَ لا يبقي في البلد حجراَ ولا بشر..
* فقبل أيام، أعلن حميدتي، أن خلافه ليس مع الجيش، إنما مع (المكنكشين) في السلطة، وكان يعني البرهان وزمرته.. وقلتُ لصديقي حينها أن حميدتي "ما داير يجيبها على البر! "..
* بعدها، بيومين، أصدر الجيش السوداني بياناً أكد فيه أن الحِكمة والصبر تجعلانه يتعالى على تصريحات حميدتي وشقيقه؛ ووصف تصريحاتهما بالمزايدة وبالمحاولات المكشوفة للتكسب السياسي والإستعطاف..!
* تَدخَّل الأجاويد، بعدها، لإطفاء النار التي كانت على وشك الالتهاب، وتمكنوا من عقد لقاء بين الجنرالين المتشاكسين، في يوم ١٢ مارس الجاري، حيث اتفق الجنرالان على تشكيل لجنة أمنية مشتركة، وعلى "سير العملية السياسية وضرورة المضي قدمًا في الترتيبات المتفق عليها".
* ورغم الجودية التي أوصلتهما إلى الاتفاق المذكور، أتى البرهان يوم ١٥ مارس الجاري مخاطباً قوات النخبة، أو هيئة العمليات، بمعسكر المرخيات معلناَ:- "ستكون لدينا قوة ضاربة من الطيران المسير، قادرة على حسم أي تهديد داخلي أو خارجي."
* إذن ما تم الاتفاق عليه بين الجنرالين كان إرضاءاً لرغائب الأجاويد، وليس وصولاً لحلول ناجعة تحسم الوضع الشاذ لوجود جيش قومي وجيش آخر مواز له في نفس الدولة.. وليس من المتوقع أن ينتهي الصراع بين قائدي الجيشين: الجيش الأصلي والجيش الموازي له للجيش، الا بدمج أحدهما في الآخر، والجيش الموازي هو المرشح للدمج في الجيش الأصلي، لكن سيظل ما في نفسَّي الجنرالين سيظل في نفسيهما إلى حين اكتمال الدمج !
* ويجدر بالذكر أن حميدتي كان قد تباهى، قبل أشهر، بأن مجندي قواته يتدربون لفترة مدتها تسعه أشهر قبل الانتساب الكامل للقوات.. وأن مجندي الجيش يتدربون لفترة أربعة اشهر، فقط.. وبهكذا تباهِي، قلَّل من قدرات الجيش السوداني العسكرية، وأكد أن ميليشيا الجنجويد هي الأشد مراساً..
* وجاء رد البرهان على تلك المباهاة بالاشارة، في معسكر المرخيات، إلى قوة شكيمة قوات النخبة، هيئة العمليات، المتدربه تدريباً على أعلى مستوىَ، ولديها خبرة قتالية عالية تمكّنها من القيام بمهام حرب المدن على أكمل وجه.. ولم ينس البرهان أن يشير إلى أن الجيش السوداني يمتلك أحدث تكنولوجيات التسليح وطائرات drone بما يمَكِّنه من دحر كل من يرفع رأسه من الميليشيات في الداخل وأي تهديدات تأتي من الخارج..
* إن استحالة استمرار تعايش الجنرالين كقائدين، على النحو الحالي، حقيقة ثابتة، ولن تستطيع الكلمات التصالحية الصادرة من الأجاويد أن تزيلها.. طالما طبيعة الأشياء ترفض تعايش ”تورين في زريبة! ”، حيث ينشأ بينهما صراع وجودي حتمي، صراع وصفته السيدة عالية ابونا بقولها:- ”تورين في الزريبة مابقعدوا”!
* إن كلاَ من الجنرالين يعرف مدى قوة الردع لدى الآخر، وكلاهما يعرفان أن لا أحد منهما سوف يهزم الآخر في عراك يرسم الطريق لمعادلة صفرية في النهاية.. ومن مصلحة السودان الفصل بينهما بطريقة ما.. ولا ننسى أن قوة كل منهما لم تكن لَتكون لولا ما بذلته الخزينة العامة من أموال لترقيتهما..
* فهناك أموال طائلة تم صرفها للحصول على طائرات قتالية وطائرات نقل وطائرات مسيرة ومدرعات ومضادات للطائرات وصواريخ ارض أرض، وأرض جو، وجو أرض، وذخائر والخ.. ورواتب صُرفت وتُصرف لمئات الآلاف من الجنود وضباط صف وضباط، وتكاليف صرفت في التدريبات العسكرية.. وكلها تم الصرف عليها من خزينة الدولة السودانية.. ويجب النظر إلى كل ما في الجيش الأصلي والجيش الموازي كأصول في تقدير موازنات (أصول وخصوم) القدرات العسكرية السودانية.. وأي مواجهة بين الجيشين سوف تكون في جساب الخصوم..
* نعم، الأموال التي تم صرفها، ويتم صرفها، على الجيشين أموال خرجت، وتخرج، من الخزينة العامة لجمهورية السودان، هذه هي الحقيقة التي يجب تذكرها، قبل التحريض على أي مواجهة بينهما.. وإذا تتبعنا مصادر الصرف على الجيش السوداني، منذ استقلال السودان، ثم تتبعنا مصادر الصرف على ميليشيا الجنجويد، منذ كانت الميليشيا رقماَ لا يُعتَّد به في الحسابات، فلا مناص من أن ننظر للأمور نظرة من يضع السودان في شغاف قلبه..
* إذن، أي مواجهة بين الجيشين هو إضعاف لقدرات السودان العسكرية، إضافة إلى خلق بيئة فوضوية تمهد لهلاك ونزوح ملايين السودانيين، داخلياَ ولجوء ملايين منهم إلى الخارج.. وربما تفتت السودان، وتلاشى اسمه من على خريطة جغرافيّة العالم، لا قدر الله..
* ويقيني أن الإحتفاء بالتصريحات، غير المسئولة، من قِبل قادة الجيشين إحتفاء غير مسئول، ايضاً.. وعلينا جميعنا العمل على إيقاف تلك التصريحات غير المسئولة متى استطعنا إلى ذلك سبيلاً..
osmanabuasad@gmail.com
///////////////////////////
* ونُذُر المواجهة بين الجيش السوداني والجيش الموازي له، أو ميليشيا الجنجويد، لا تلبث أن تطل برأسها، يوماً بعد يوم، في هيئة تصريحان، غير مسئولة، تصدر من قادة لا كبير اهتمام لهم بمصير السودان قدر اهتمامهم بمصالحهم الشخصية عند بث تلك التصريحات الكفيلة بتدمير البلد..
* تصدر تلك التصريحات بقوة دفع من جهات تؤججها، متجاهلةً أن أي مواجهة بين الجيشين سوف تشكُّل زلزالاَ لا يبقي في البلد حجراَ ولا بشر..
* فقبل أيام، أعلن حميدتي، أن خلافه ليس مع الجيش، إنما مع (المكنكشين) في السلطة، وكان يعني البرهان وزمرته.. وقلتُ لصديقي حينها أن حميدتي "ما داير يجيبها على البر! "..
* بعدها، بيومين، أصدر الجيش السوداني بياناً أكد فيه أن الحِكمة والصبر تجعلانه يتعالى على تصريحات حميدتي وشقيقه؛ ووصف تصريحاتهما بالمزايدة وبالمحاولات المكشوفة للتكسب السياسي والإستعطاف..!
* تَدخَّل الأجاويد، بعدها، لإطفاء النار التي كانت على وشك الالتهاب، وتمكنوا من عقد لقاء بين الجنرالين المتشاكسين، في يوم ١٢ مارس الجاري، حيث اتفق الجنرالان على تشكيل لجنة أمنية مشتركة، وعلى "سير العملية السياسية وضرورة المضي قدمًا في الترتيبات المتفق عليها".
* ورغم الجودية التي أوصلتهما إلى الاتفاق المذكور، أتى البرهان يوم ١٥ مارس الجاري مخاطباً قوات النخبة، أو هيئة العمليات، بمعسكر المرخيات معلناَ:- "ستكون لدينا قوة ضاربة من الطيران المسير، قادرة على حسم أي تهديد داخلي أو خارجي."
* إذن ما تم الاتفاق عليه بين الجنرالين كان إرضاءاً لرغائب الأجاويد، وليس وصولاً لحلول ناجعة تحسم الوضع الشاذ لوجود جيش قومي وجيش آخر مواز له في نفس الدولة.. وليس من المتوقع أن ينتهي الصراع بين قائدي الجيشين: الجيش الأصلي والجيش الموازي له للجيش، الا بدمج أحدهما في الآخر، والجيش الموازي هو المرشح للدمج في الجيش الأصلي، لكن سيظل ما في نفسَّي الجنرالين سيظل في نفسيهما إلى حين اكتمال الدمج !
* ويجدر بالذكر أن حميدتي كان قد تباهى، قبل أشهر، بأن مجندي قواته يتدربون لفترة مدتها تسعه أشهر قبل الانتساب الكامل للقوات.. وأن مجندي الجيش يتدربون لفترة أربعة اشهر، فقط.. وبهكذا تباهِي، قلَّل من قدرات الجيش السوداني العسكرية، وأكد أن ميليشيا الجنجويد هي الأشد مراساً..
* وجاء رد البرهان على تلك المباهاة بالاشارة، في معسكر المرخيات، إلى قوة شكيمة قوات النخبة، هيئة العمليات، المتدربه تدريباً على أعلى مستوىَ، ولديها خبرة قتالية عالية تمكّنها من القيام بمهام حرب المدن على أكمل وجه.. ولم ينس البرهان أن يشير إلى أن الجيش السوداني يمتلك أحدث تكنولوجيات التسليح وطائرات drone بما يمَكِّنه من دحر كل من يرفع رأسه من الميليشيات في الداخل وأي تهديدات تأتي من الخارج..
* إن استحالة استمرار تعايش الجنرالين كقائدين، على النحو الحالي، حقيقة ثابتة، ولن تستطيع الكلمات التصالحية الصادرة من الأجاويد أن تزيلها.. طالما طبيعة الأشياء ترفض تعايش ”تورين في زريبة! ”، حيث ينشأ بينهما صراع وجودي حتمي، صراع وصفته السيدة عالية ابونا بقولها:- ”تورين في الزريبة مابقعدوا”!
* إن كلاَ من الجنرالين يعرف مدى قوة الردع لدى الآخر، وكلاهما يعرفان أن لا أحد منهما سوف يهزم الآخر في عراك يرسم الطريق لمعادلة صفرية في النهاية.. ومن مصلحة السودان الفصل بينهما بطريقة ما.. ولا ننسى أن قوة كل منهما لم تكن لَتكون لولا ما بذلته الخزينة العامة من أموال لترقيتهما..
* فهناك أموال طائلة تم صرفها للحصول على طائرات قتالية وطائرات نقل وطائرات مسيرة ومدرعات ومضادات للطائرات وصواريخ ارض أرض، وأرض جو، وجو أرض، وذخائر والخ.. ورواتب صُرفت وتُصرف لمئات الآلاف من الجنود وضباط صف وضباط، وتكاليف صرفت في التدريبات العسكرية.. وكلها تم الصرف عليها من خزينة الدولة السودانية.. ويجب النظر إلى كل ما في الجيش الأصلي والجيش الموازي كأصول في تقدير موازنات (أصول وخصوم) القدرات العسكرية السودانية.. وأي مواجهة بين الجيشين سوف تكون في جساب الخصوم..
* نعم، الأموال التي تم صرفها، ويتم صرفها، على الجيشين أموال خرجت، وتخرج، من الخزينة العامة لجمهورية السودان، هذه هي الحقيقة التي يجب تذكرها، قبل التحريض على أي مواجهة بينهما.. وإذا تتبعنا مصادر الصرف على الجيش السوداني، منذ استقلال السودان، ثم تتبعنا مصادر الصرف على ميليشيا الجنجويد، منذ كانت الميليشيا رقماَ لا يُعتَّد به في الحسابات، فلا مناص من أن ننظر للأمور نظرة من يضع السودان في شغاف قلبه..
* إذن، أي مواجهة بين الجيشين هو إضعاف لقدرات السودان العسكرية، إضافة إلى خلق بيئة فوضوية تمهد لهلاك ونزوح ملايين السودانيين، داخلياَ ولجوء ملايين منهم إلى الخارج.. وربما تفتت السودان، وتلاشى اسمه من على خريطة جغرافيّة العالم، لا قدر الله..
* ويقيني أن الإحتفاء بالتصريحات، غير المسئولة، من قِبل قادة الجيشين إحتفاء غير مسئول، ايضاً.. وعلينا جميعنا العمل على إيقاف تلك التصريحات غير المسئولة متى استطعنا إلى ذلك سبيلاً..
osmanabuasad@gmail.com
///////////////////////////