البضائع الصينية في السودان

 


 

 





استوقفتني الطُرفة السودانية حول زواج امرأة سودانية من رجل صيني ، وإثر وفاة وليدهما الأول ذكرت أم الزوجه بأنها كانت تعلم ذلك مسبقاً ،، وباستغراب الحاضرين أوضحت علمها بأن الصناعة الصينية عمرها قليل؟؟!!. هكذا يؤثر الاعلام الشعبي في صناعة صورة ذهنية من خلال التجارب والأحداث، وبالرغم من أنه لايكون وفق رؤى أو أبعاد علمية إلا أن تأثيره كبير في تشكيل الرأي وتوجيهه .
الكثير من التجار الذين أعرفهم يؤكدون أن البضائع الصينية فيها الجيد والأجود وفيها السيئ وهو الأرخص سعراً – [والرخيس برخستو ...] – فهل اللوم يقع على التاجر السوداني أم على المستهلك السوداني أم على المُصَنِّع الصيني ، وهل كل البضائع الصينية في السودان سيئة أم أن فيها جيد وعليه ضمان، (سبق أن اشتريت جهاز صيني وعليه ضمان وبالفعل بعد تعطله في فترة الضمان القليلة رجعت ببضاعتي غير المزجاة (لم يبدلوها بغيرها، لكنهم أعادوها لي اليوم الثاني بعد أصلحو العطل) ؟
الآن تهتم الدول كثيراً بنوعية البضاعة الداخلة لمواطنيها ، فالعالم كله بات يعرف أن الاستثمار الحقيقي هو الانسان وبتنميته والمحافظة عليه تتم النهضة الي يتشدق بها الكثيرون بعيدا عن المستهدف بها وركيزتها الأساسية، وبما أن البضائع العابرة للقارات تكون جيدة وبمواصفات محددة تضع صحة الانسان في قمة الأولويات ، فإن الكثير منها أيضاً تكون سيئة أو كما يقال عنها نفايات سامة ومهلكة للإنسان ، وقد ثبت أن التاجر يهدف للربح دون ضوابط أخلاقية – إلا من رحم الله – ، وبالتالي فإنه لايتورع من استخدام مواد رخيصة وضارة في آن واحد من أجل الربح السريع والكبير وأثبت معمل بعد تجارب بدولة عربية أن بضائع آتية من دولة أسيوية مصنعة بمواد – ليست رخيصة وضارة فحسب – بل مسرطنة ، والأدهى والأمر أن الجزء الأكبر من هذه البضاعة ألعاب أطفال وأثبت ذات المعمل أن المادة البلاستيكية التي صنعت بها (العرائس) أو الدمى مسرطنة والأطفال ليسوا نصف الحاضر وكل المستقبل بل أكثر من ذلك وآلامهم آلام أمة ضائعة لاتحترم أبسط حقوق الانسان والطفل، والوقاية هنا كل العلاج .
في هذا الصراع نجد المسئول عن صحته ومستقبل أبنائه هو المواطن المستهلك فهو المتضرر الأول في وقت لاتزيد فيه الشركات عن الإعلان والترويج لبضاعتها عبر برامج المسئولية الاجتماعية ولاتلمس إلا قليلا الهموم الحقيقية للمواطن، والبتالي فإن أحجمت أنا وأنت عن شراء تلك النفايات وقمنا بواجبنا إزاء هذا الانعدام الأخلاقي فإن التاجر منعدم الأخلاق لن يجد من يشترى تلك البضاعة المزجاة وسيدفعها الناس ويلقونها على وجهه. هذا أولاً
ثانياً هذا التاجر المسئول أمام الله والمجتمع ونفسه إن كانت لوامة فإنه سيحجم عن الاتجار بسموم تقتل اهله ومجتمعه وتدمر مستقبل أمته وقد تلحق الضرر بأهل بيته وبنفسه مستقبلاً وسيندم أشد الندم هنا وهناك، عندها سيعرف مختاراً أو مضطراً كيف يأتي ببضاعة تنفع الناس ولاتضرهم وتخدم ولاتهدم.
ثالثاً الجهة المصنعة لهذه الأسلحة الكيماوية فإن أفضل مواجهة لها هو تحريك جيوش الوعي لدى الناس عامة وترك نفاياتهم وعدم التعامل معهم أبداً ، بل ومحاربة تلك الدول التي تسمح بانعدام أخلاق وانحطاط مسئولية بتصنيع مثل هذه السموم ونشرها في العالم بل وأخذ مقابل مادي لها ، فإن صح الظن فيهم أنهم قوم يأجوج ومأجوج فإنهم لايبيدون الطعام والشراب كما كنا نسمع بل يبيدون البشر أنفسهم بالأمراض والألم .
خلاصة القول أن المسئولية تقع على ثلاث أولهم المواطن المستهلك والمهتم بصحته وصحة أبنائه والذي لايقبل يخسر صحة أولاده مقابل بضائع بخسة مزجاه من كل العالم، وأمامه التجارب لاتحتاج لأدلة ولا لشواهد وحتى بالحسابات البسيطة فإن قيمه ثلاث أو أربع مواد رخيصة وسهلة التلف أفضل منها شراء ذات المادة وتدوم وقتاً أطول ولاتهلك النسل، والقيمة العالية يمكن التعامل معها بأشكال مختلفة موجودة في مجتمعاتنا، وتقع المسئولية الثانية على التاجر فعليه أن يخشى الله وألا يُغلب الربح على حساب مصالح الناس وصحتهم وأن يسعى لزيادة وعيه بتلك البضائع فلا يكون سبباً في أذى الناس، أما المسئول الثالث فلا أظنه مسئول أصلاً ولا يهتم بذلك والدليل أنه بمصانعه التي تنعدم فيها أبسط الحقوق بل وتنعدم فيها معايير السلامة والصحة المهنية يحاول أن ينشر هذه السموم في كل العالم الثالث مستغلاً الجهل وضيق ذات اليد فتتحقق بذلك تفسيرات واقعية لفساد قوم يأجوج ومأجوج ولعل سد ذي القرنين في عصرنا هو زيادة الوعي ورفض بضائعهم القاتلة والمدمرة للناس في حاضرهم ومستقبلهم . وقد يقول أحد وأين دور الدولة أقول حسبي الله ونعم الوكيل.


ahmedkaruri@gmail.com
/////

 

آراء