التحكم في الموازنة و الحكم الفيدرالي

 


 

د. حسن بشير
13 April, 2009

 

د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم

       حدث تغير جذري في السياسات المالية جراء الأزمة الاقتصادية الراهنة و بذلك أصبحت السياسة المالية اهم مؤثرات المتغيرات الاقتصادية حتي في الدول المتقدمة اقتصاديا. كان تركيز الدول المتقدمة منصبا علي الاستقرار الاقتصادي عبر ادوات السياسة النقدية و التدفقات التمويلية عبر أسواق المال . لكن بعد ما جري هناك من أزمات قفزت الاجراءات المالية الي الواجهة. نتيجة لما تم من تطورات في السياسات الاقتصادية العامة علي المستوي الدولي فان ادارة القطاع العام و خاصة ادارة الإنفاق العاام باتت في موقف حرج من حيث القدرات و الصلاحيات و الرقابة. في هذا الوضع فان نجاح السياسات الاقتصادية الكلية يعتمد علي التوافق في وضعها و تطبيقها بشكل متزامن في العديد من دول العالم خاصة مجموعة العشرين التي تمر بامتحان عملي في القدرات الخاصة بفاعلية ما اتخذت من اجراءات في إطفاء نار الازمة الاقتصادية التي يمر بها العالم.      اتخذت معظم دول العالم إجراءات حاسمة من اجل التحكم في الموازنة العامة و تقوية انظمة التحكم في الانفاق العام و توجيهه بدقة و مراقبته. لكن تلك الاجراءات تصطدم بصعوبات كبيرة في مجال التنفيذ من حيث ترتيب الاولويات و التحكم في الاثار الناجمة عن التوجهات الجديدة للانفاق العام. هناك حاجة ملحة لتصميم سياسات تعالج تلك الصعوبات و تحاصر آثارها المضرة علي النشاط الاقتصادي مما يستدعي اتباع تدابير محددة في عدد من المجالات. اول تلك المجالات هو تطوير الادارة الحكومية علي مستوي المركز و الولايات باعتبارها من اهم الطرق المؤدية الي توظيف الانفاق العام في التنمية. تلك اداة مهمة في تخصيص و حشد الموارد و استخدامها بكفاءة عالية من اجل تحقيق الاهداف الكلية للتنمية. تكتسب الادارة المالية المتقنة للدولة اهمية استثنائية في هذه الظروف بسبب العجز في الموازنة و تفاقم المديونية و بوادر التضخم الركودي و انخفاض عائدات الصادرات ليست البترولية فحسب و انما جميع الصادرات. اذن لابد من ايجاد ادارة فعالة للمالية العامة بجميع عناصرها في المحاسبة و الضرائب و الرقابة المالية.  المجال الثاني المهم هو توسع الجهاز الحكومي للدولة نتيجة لاتباع الحكم الفيدرالي مما يتطلب تخصيص موارد ضخمة للجهاز الاداري و الدستوري للدولة و يؤدي ذلك الي نقص مريع في الموارد المخصصة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية. هنالك جانب اخر و هو احتمال لجوء الحكومة للإنفاق فوق طاقتها بما يفاقم العجز . في نفس الوقت فان تخفيض حجم القطاع العام و مخصصات الولايات خاصة ذات الموارد المحدودة يؤدي الي مفاقمة البطالة و مستويات الفقر و يزيد من التفاوت في الدخل و الثروة. الجانب الاخير هو ذلك المتعلق بالصدمات الخارجية التي يتلقاها الاقتصاد السوداني خاصة من جهة تأثيرها علي اسعار الصادرات و علي حركة التجارة الخارجية في مجملها مما اثر علي حجم الايرادات الحكومية من جهة و انكماش الاحتياطات من جهة اخري. يضع كل ذلك السياسات المالية للدولة في وضع حرج. يحتاج الموقف الحالي الي دراسة متأنية لاتجاهات السياسات المالية الحكومية في جانبي الانفاق و الايرادات العامة و تقويم مدي قدرتها علي تحفيز النمو الاقتصادي و اثرها الايجابي علي توزيع الدخل ، خاصة في ظل الحكم الفيدرالي و مدي توافق ذلك مع حجم السكان و مستوي التنمية بمختلف الولايات و الوحدات الادارية الاخري. و قد يستدعي الامر دراسة جدوي شاملة للتقسيمات الادارية الحالية للولايات و المحافظات و المحليات بشكل يراعي المعايير الاقتصادية و متطلبات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و عدالة قسمة الموارد.    

 

آراء