التنمية الاجتماعية في مشروع الجزيرة في العهد الاستعماري .. عرض وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
التنمية الاجتماعية في مشروع الجزيرة في العهد الاستعماري
سي. دبليو. بير
عرض وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
إهداء: إلى عبد اللطيف البوني فقد كان - ولا يزال- قلقا على مستقبل الشعب والعشب بمشروع الجزيرة.
****** ******* **********
هذا عرض وتلخيص لمقال كتبه السيد/ سي دبليو بير المفتش البريطاني للتنمية الاجتماعية بمشروع الجزيرة في خمسينيات القرن الماضي، ونشر بالمجلة البريطانية "الشؤون الأفريقية" في عددها رقم 54 الصادر في عام 1955م. وكان هذا المقال في الأصل خطابا ألقاه السيد / بير في اجتماع مشترك للجمعية الأفريقية الملكية مع جمعية المستعمرات الملكية بلندن في 22/ 7/ 1955م.
في بداية خطابه شكر المتحدث أعضاء الجمعيتين وذكر – ربما من باب التواضع- أنه يشعر بقلة الثقة في قدرته على الحديث عن مشروع الجزيرة إذ أن من بين الحضور السيد/ آرثر قيتستاسكل وهو مدير سابق للمشروع، وخبير بتاريخه، وهو من أسس برنامج الخدمات الاجتماعية فيه في 1951م (وفي عام 1959م نشر السيد / قيتستاسكل كتابا كاملا عن مشروع الجزيرة وتاريخه. المترجم).
وقبل الدخول في تفاصيل برنامج التنمية الاجتماعية في مشروع الجزيرة، وعن المشاكل الاجتماعية التي نشأت بسبب تأثير التغيرات الاقتصادية التي أحدثها المشروع في تلك البقعة الصغيرة من أفريقيا، قدم المتحدث وصفا مبسطا عن المشروع فقال إنه مشروع زراعي أقيم في شبه جزيرة تقع جنوب الخرطوم بين النيلين الأبيض والأزرق، يروى بمياه النيل الأزرق التي يحجزها سد سنار. ويزرع في هذا المشروع القطن محصولا رئيسيا، وتزرع فيه بالتناوب في أربع دورات متعاقبة محاصيل الدخن واللوبيا، والتي تستخدم في طعام البشر والحيوانات المزرعية أيضا.
وتغطي قنوات الري الممتدة مساحة يبلغ طولها 120 ميلا وعرضها 30 ميلا، ويقطنها نحو نصف مليون فردا موزعين على قرى متفرقة يتراوح عدد سكانها بين عشرات الأشخاص إلى نحو 5000 فردا. وعلى طرفها الشرقي تقع مدينة واد مدني والتي يبلغ عدد سكانها نحو 65000 نسمة، وبها رئاسة المديرية، وتعد النقطة المحورية للمشروع، رغم أن رئاسته تقع في منطقة صغيرة تبعد نحو 8 أميال عن واد مدني. وتقع مساحة مشروع الجزيرة ضمن المسئولية الإدارية والمالية لخمس مجالس بلدية، وتقسم المنطقة المروية إداريا إلى منطقتين ضمن مديرية النيل الأزرق.
يفخر السودان بمشروع الجزيرة، والذي أكسبه اهتماما عالميا مقدرا. ولا غرو، فهو المشروع الاقتصادي الأول الذي يعتمد عليه السودان اعتمادا شبه كامل كمصدر للدخل. ففي عامه الأول (1925 - 1926م) جلب تصدير القطن للسودان دخلا صافيا تجاوز 2.3 مليون جنيها (وبلغت مساحة الأرض المزروعة في ذلك العام 80 ألف فدانا)، وتصاعدت أرباح الانتاج من بعد ذلك حتى بلغت في موسم 1950 – 1951م نحو 50 مليون جنيها (من زراعة 207 ألف فدان)، وكان نصيب المزارعين (وعددهم 24794) من تلك الأرباح مبلغا تجاوز 18 مليون جنيها. وهنا يجب ذكر سنوات الثلاثينيات الباكرة التي مرت بالمشروع (وبالعالم بأسره)، فقد بلغ نصيب المزارعين (وكان عددهم 19602 مزارعا) في تلك السنوات نحو 157000 جنيه فقط. ولقد ظل المزارعون من بعد تلك السنوات العجاف يتقاضون مبالغ مالية ضئيلة نسبيا، إلا أن معيشتهم (خارج إطار المشروع) كانت مؤمنة، فالمشروع كان يضمن لهم (ولبقية المواطنين في أرجاء السودان المختلفة) في أعوام ربع القرن الماضي الصحة والتعليم ومشاريع حكومية صغيرة تدر عليهم دخلا معقولا.
كان لنشوء الظروف الملائمة لتطور الخدمات الاجتماعية في مجتمع مشروع الجزيرة المستقر سببان يتعلق الأول منهما بملكية الأرض والتحكم فيها. فقد نظم قانون تسوية الأراضي وتسجليها أمر ملكية أرض مشروع الجزيرة، وقامت الحكومة بإصدار قانون في بدايات القرن العشرين ينظم ويحسم عملية تأجير الأرض بغرض الصالح العام لأربعين عاما، وظلت الحكومة تدفع سنويا لملاك الأرض الأصليين عشر (1/10) ثمن الأرض (بسعر السوق السائد) إيجارا. وبذا أزيلت – وبضربة واحدة- أول عقبة اعترضت سبيل قيام المشروع كان من الممكن أن تعرقل قيامه بسبب الجشع وما اسماه الكاتب بحب التملك العقاري ((Land lordism، ثم قامت الحكومة وعن طريق شركات امتياز (concessionaire companies) بتخصيص وتقسيم الأراضي على المزارعين، وأعطيت الأولوية لملاك الأراضي وأقربائهم، وذلك تحفيزا وتشجيعا لهم على العمل في "أرضهم"، ولإزالة أو تخفيف مشاعر الضيم عندهم لقسرهم على تأجيرها للحكومة. ومع مرور السنوات ابتاعت الحكومة بسعر السوق الكثير من الأراضي من المزارعين حتى غدت تمتلك الآن (أي عام 1955م) نحو ثلث مساحة المشروع. وقامت الحكومة كذلك بإصدار تشريعات لمنع تفتيت مساحات الأراضي بتوزيعها للوراث، وضمان شراء الحكومة للأرض عند وفاة مالكها الأصلي.
كان ذلك هو السبب الأول في نشوء الظروف الملائمة لتطور الخدمات الاجتماعية في مجتمع مشروع الجزيرة. أما السبب الثاني فقد كان يتمثل في أن الأرباح التي كانت تجنى من زراعة القطن كانت تقسم مناصفة بين الحكومة (والتي كانت تنال 40 % من تلك الأرباح لأنها قامت بتشييد البنيات الأساس للمشروع من قنوات ري وغير ذلك) والمزارعين (والذين كانوا يحصلون على 40 % أيضا)، بينما تحصل إدارة المشروع على 20% من الأرباح. وكانت إدارة المشروع في الماضي (والتي كانت تسمى "مزرعة السودان التعاونية Sudan Plantation Syndicate " و"شركة أقطان كسلا") مسئولة عن التخطيط الزراعي والإشراف، وعمليات حلج القطن وتسويقه لمدة 25 عاما خلت. وتم من بعد ذلك نقل مسئولية إدارة المشروع لمجلس إدارة مشروع الجزيرة في عام 1950م.
من العسير جدا على من لم ير أرضا قفرا كالجزيرة تغدو مخضرة بفعل علوم الري والهندسة والزراعة أن يتصور المدى الذي تغيرت به الحياة الاجتماعية لآلاف من سكان تلك الأرض بسبب قيام مشروع كمشروع الجزيرة. ولفهم المشاكل الاجتماعية التي نجمت عن قيام المشروع يجب أن نرسم صورة ذهنية لما كان عليه الحال قبل وبعد قيام المشروع.
لقد أتى سكان تلك المنطقة من قديم مهاجرين من شبه الجزيرة العربية، وظلوا شبه بدو (رحل) semi-nomadic وعاشوا مستقرين في قري صغيرة في الأراضي التي أقيم عليها الآن مشروع الجزيرة، وظل بعضهم يزرع الدخن (الطعام الأساس للسكان) في سهولها ويسقون محصولهم الوحيد بمياه سدود أرضية تحجز الأمطار الموسمية وغير المنتظمة والتي تهطل بين شهري يوليو وأكتوبر وتتراوح معدلاتها بين 10 إلى 26 بوصة سنويا. وكان السكان يضمنون محصولا معقولا من الدخن 3 مرات فقط من بين كل 5 مواسم للأمطار. وفي الشتاء يرحل الرجال جنوبا بحثا عن الماء والكلأ، بينما يعيش من يبقى من السكان في بؤس وسغب بين شهري نوفمبر إلى يونيو، ويحصلون على الماء بعد جهد جهيد من آبار يبلغ عمقها 120 قدما تكفي بالكاد لري السكان وأعنازهم القليلة، والتي لا تجد لها من مرعى غير أوراق أشجار شوكية صغيرة هزيلة تبقيها على قيد الحياة.
وكانت مساكن الذين يقطنون تلك القفار عبارة عن "قطاطٍ" من الطين معروشة بالقش، وكان معظم الرجال يتجولون في المنطقة على ظهور الحمير أو على أرجلهم، عدا القليل من ذوي الحيثية منهم، والذين كانوا يركبون الخيول. ولم تكن تشاهد السيارات في المنطقة إلا لماما. وكان الناس هنالك لا يقدمون لضيوفهم سوى الماء المحلى بالسكر في "قرع"، إذ أن الشاي والقهوة كانت من المواد الكمالية العزيزة المنال، وكان تناول اللحم أمرا نادر الحدوث، وقد يتناوله القادرون مرة أو مرتين كل شهر إن وجدوا لذلك سبيلا.
وبعد مرور ربع قرن من زراعة القطن في المشروع تبدل الحال بصورة كاملة، فصارت سبعة أقدام من المياه تتدفق على الأرض فترويها على مدى تسعة أشهر متصلة كل عام، تجري خلال 3500 ميلا من الأنابيب، مع عشرات الألاف من القنوات الفرعية التي توفر المياه مجانا ودون عناء للإنسان والحيوان.
وزرعت حوالي 125000 فدانا بالحبوب، و50000 فدانا أخرى بالأعلاف الحيوانية والمحاصيل النباتية.
ويعيش من / على خير هذا المشروع نحو 29000 مزارعا يعول كل منهم في المتوسط 7 إلى 10 شخصا (ويزعم بعضهم أنهم يعولون حتى عشرين فردا!)، ويحصلون على دخل نقدي يعادل ما يناله أي فلاح (peasant cultivator (في أي منطقة أخرى في العالم. فعلى سبيل المثال حصل مزارع مشروع الجزيرة في موسم 1950 – 1951م (بعد خصم كل ما عليه من التزامات وديون) على حوالي 800 جنيها نقدا.
ولكن تناقص هذا المبلغ في السنوات الأخيرة، إلا أن متوسط ما كان يناله المزارع ظل يعد بمئات الجنيهات، بالإضافة بالطبع إلى ما يناله من دخل إضافي من نشاطه الاقتصادي في غير أرض المشروع. وصار كثير من المزارعين يركبون الحافلات وعربات الأجرة (عوضا عن الدواب)، ويرتدون مفتخر الثياب القطنية، ويأكلون اللحم بصورة شبه يومية، ويشربون الشاي والقهوة والعصير في أكواب من الصيني الملون والقوارير الزجاجية، والتي تقدم على صوانٍ معدنية. وتبدلت كذلك البيوت وحلت الدور ذات الغرف المربعة والأبواب والنوافذ المبنية بالطوب والإسمنت محل العشش والقطاطي المسقوفة باليابس من النباتات. وشيدت في القرى كذلك المدارس الصغرى والمساجد والأندية. وعلى وجه العموم ارتفع مستوى المعيشة في المنطقة بفعل قيام المشروع ارتفاعا كبيرا.
ولكن لا يجب إغفال أن ذلك التغير الاقتصادي قد جلب معه أيضا الكثير من المشاكل الاجتماعية. فبسبب إنشاء المشروع قلت قسوة الحياة وخشونتها وبؤسها، واختفى تقريبا القلق والخوف من هم الحصول على الطعام، وكثر النقد في الجيوب، فصار كل فرد تقريبا قادرا على شراء احتياجاته العادية، بل واقتنى بعضهم المبردات (الثلاجات) والسيارات، وانتشرت الخدمات التعليمية والصحية في مناطق الجزيرة. غير أن هذا التطور السريع أجبر السكان من المزارعين على التكيف مع نظم طرق الزراعة الجديدة ومواقيتها المحددة بدقة شديدة، فبعض العمليات الزراعية كانت تتطلب الأداء في ساعات وأيام محددة وفق تقويم بشري دقيق يخالف ما ألفه السكان قبل إنشاء المشروع من اعتماد على متغيرات الطبيعة والمواسم من أمطار ورياح.
وكذلك تعين على المزارعين التعود على السيطرة على حيواناتهم وحركتها في داخل أراضي المشروع المزروعة قطنا ومحاصيل أخرى. وتغيرت حياة المزارع فصارت تنظم بعوامل كثيرة لا سيطرة له عليها. وبالطبع كان كل مزارع يرى بأم عينيه الفوائد والمزايا التي يجنيها من اتباعه لتلك القيود والنظم والقوانين. ولم يلحظ أي أثر لإجهاد أو ضغوط نفسية (stress) عند المزارعين في سنوات المشروع الباكرة. ولكن مع مرور السنوات تبين أنه من الضروري القيام بخطوات إيجابية لمساعدة المجتمع كله على التأقلم على حياة جديدة بالكلية.
وقد تشابهت المشاكل الاجتماعية التي حدثت في مشروع الجزيرة مع تلك التي وقعت في مناطق كثيرة في أفريقيا حيثما أنشأت مشروعات تنموية اقتصادية، حيث صاحب قيام تلك المشروعات تفتيت البنية الاقتصادية والاجتماعية التقليدية بسرعة تفوق القدرة على التأقلم والاستيعاب. وصار من اللازم إعادة تنظيم نشاطات أعداد كبيرة من الناس، وتأهليهم للتأقلم على نمط عمل وحياة مختلفة، وكذلك مساعدة مجتمعات العالم النامي على التأقلم بالسرعة المعقولة على التغيرات العميقة والمتسارعة وذلك بكل الطرق الممكنة.
إن محاولة المساعدة في التأقلم وإعادة التأهيل هي أساس تخطيط التنمية الاجتماعية، وهي تتخذ اشكالا وصورا مختلفة، إذ ليس هنالك من حلول جاهزة أو وصفات سحرية، وقد تكون تلك الحلول مكلفة جدا كما عبر عنها بروفيسور فرانكل بقوله " ليس هناك وقت للتطور البطيء المطلوب من أجل حصول التكامل المستقر في بنية اقتصادية واجتماعية متكاملة".
إن طبيعة العملية الزراعية في مشروع الجزيرة لا تتيح للمزارع حرية واسعة في عمله، ولا تسمح له الادارة بابتداع طرق ووسائل جديدة أو اختيار مواد ومعينات زراعته، فهو ملزم بالسقيا ونثر البذور وإزالة الحشائش والحرث وجني المحصول في أوقات محددة ووفق ما يقرره المفتشون الزراعيون دون نقاش أو مشورة ... أي أن كل شيئ معد سلفا له، وما عليه إلا أن ينتج القطن كما يراد له أن يفعل. وفي الوقت ذاته فهو مواطن تجوس في صدره مشاعر الوطنية، فهو – كغيره من السودانيين - له تطلعات قومية، ويأمل في أن يري تحقيق تغيرات دستورية وتطورات في الحكم المحلي وفي خِدمات الإذاعة والصحافة وفي توسيع دائرة التعليم لأبنائه وأقربائه، فكل هذا له بالغ الأثر في حياته. ويزعجه أن يظل حبيس النظم والقوانين والاجراءات الزراعية الصارمة التي تفرضها عليه إدارة المشروع، فهو لا يفهم في أمور التقلبات العالمية في أسعار القطن وقوانين العرض والطلب، ولكنه يرغب في معرفة لماذا يحدث ما يحدث أمام ناظريه وكيف تسير الأمور في عالم اقتصاديات المحصول الذي ينتجه.
وعندما تم تأميم المشروع في عام 1950م جرى تعديل قانون مشروع الجزيرة للتعامل مع تلك المشاكل الاجتماعية، وقامت إدارة المشروع بمحاولة لتوسيع مشاركة المزارعين في أعمال المشروع المختلفة وبتعليمهم عادات عملية وحياتية جديدة، وبشرح أوليات تنظيم الأعمال الاقتصادية والتجارية المعقدة. وأنشأ المشروع مجالس محلية في القرى لإدارة شئون المزارعين في مختلف نواحي الحياة.
وقد كانت إحدى أهم أعمال الإدارة الجديدة للمشروع بعد عام 1950م تخصيص 2 % من أرباح المشروع لبرنامج التنمية الاجتماعية (وكانت ميزانية هذا البرنامج تتراوح بين 60- 250 ألف جنيه في السنوات اللاحقة). وتم تعيين مجلس محلي من 26 فردا (على رأسه حاكم المديرية، الذي هو – وبحكم وظيفته exo -officio- رئيس مجلس إدارة مشروع الجزيرة ، وبه 10 من ممثلي المزارعين) للصرف من هذه الميزانية على التنمية الاجتماعية بحسب ما توصي به لجنة التنمية الاجتماعية بالمشروع، والتي يترأسها رجل سوداني مؤهل.
وقد قسمت الأعمال الاجتماعية بالمشروع إلى أربع أنواع تتعلق بالتعليم والصحة والزراعة والبحوث والتجارب. ففي موسم 1953 – 1954م مثلا خصص لهذه الأعمال الاجتماعية مبلغ 272421 جنيه صرفت على المباني والإسكان والمناشط الرياضية والنقليات والمدارس وبرامج محو الأمية وإنشاء مشتل ومزارع تعليمية للشباب وغير ذلك.
وكان طلب إنشاء وصيانة المدارس كبيرا جدا، وبمنطقة الجزيرة اليوم، والتي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة نحو 120 مدرسة مختلفة يدرس بها 16602 طالبا. وهذا يعني أن بالجزيرة نحو 7% من مدارس السودان كافة، و10% من أعداد كافة طلاب البلاد. وكثيرا ما يتكفل الأهالي في بعض القرى ببناء مدرسة صغرى بقريتهم ثم يطالبون بترقيتها لمدرسة أولية كاملة.
ومما يجب ذكره أن برنامج التنمية الاجتماعي قد ساهم في ابتعاث بعض المزارعين في زيارات تعليمية وتثقيفية لمصر وبريطانيا والهند والباكستان للوقوف على ممارسات وتجارب المزارعين في تلك البلدان ولتبادل الخبرات معهم (لو حدث هذا في زماننا هذا ربما سافر المدير ونوابه وتركوا المزارعين من خلفهم! المترجم). وأصدر البرنامج أيضا صحيفة عربية (غير سياسية) يرأس تحريرها صحفي مستقل تُعنى أساسا بأخبار المشروع والأعمال الاجتماعية به، ويكتب فيها أحيانا بعض المزارعين منتقدين لإدارة المشروع ولإدارة البرنامج الاجتماعي به!
ولبرنامج التنمية الاجتماعية خطة عشرية لزراعة أشجار الأخشاب للحصول على الوقود ولأغراض البناء، وأقيمت لهذا الغرض مزرعة مساحتها 5000 ألفا من الفدادين على أرض قليلة الخصوبة لم تعد تستخدم لزراعة القطن.
ويقوم برنامج التنمية الاجتماعية بأبحاث (ليس لها علاقة بالأمور الزراعية الفنية التي تتولاها الأبحاث الزراعية) مثل البحث الميداني الذي يتناول أمور التنمية الريفية والزراعة في القرى، وتدريب الشباب، و بحث آخر عن المواد المحلية المستخدمة في البناء، وبحث عن التعليم غير النظامي عند المزارعين وغير ذلك.
وقد خلص السيد بير إلى أن مشكلتي التنمية الاجتماعية في المشروع تتلخص في كلمتين: التأقلم (adaptation) والتسويات (compromise)، وتسعى خطة التنمية الاجتماعية في المشروع إلى حل المشكلتين عن طريق تفهم ومساندة المزارعين أنفسهم، وأخذ مشورتهم في الأمور كلها.
alibadreldin@hotmail.com