الثلاثون من يونيو… الاستطراد والخروج

 


 

 

في علم البلاغة هنالك مفردة تكاد تصف الوضع الراهن في السودان بُعيد" مقتلة الجنود السودانيين في إثيوبيا وقُبيل الموعد المضروب للخروج في الثلاثين من يونيو... المفردة هي (الإستطراد) وهي من جنس المحسنات البديعية التي يلجأ إليها الكاتب أو الخطيب أو الشاعر خروجاً عن مضمون موضوعه الأصل ليتطرق لحدث يعبر فيه عن رأيه بسرعة خاطفة (بالمدح أو الثناء أو القدح أو الذم أو الهجاء أو الإدانة... الخ) ثم لا يلبث أن يعود للموضوع الأصلي.... هذا بالضبط توصيف ما تثيره قضية قتل الأسرى في إثيوبيا مقارنة مع ما يشغل ذهن ووجدان أهل السودان في اللحظة الراهنة... على أقل تقدير منذ انتشار خبر اغتيال الأسرى والي حلول ذلك اليوم الموعود... حاصل الأمر ولكل من يتابع أجهزة الإعلام الرسمية في السودان يمكن أن يدرك أنها تحاول أن تجعل من حادثة الاغتيال خروجاً وانصرافا عن مضمون ما سوف يحدث في الثلاثين من يونيو، ليحيلوا الأمر لحالة "تعبئة عامة" تأسياً بأدبيات "صيف العبور" "وساحات الفداء" تحمل الناس حملاً على التضامن مع ما قد ظنوه حدثاً مركزياً يوحد الوجدان لحظة حدوثه، كأنه طوق نجاة القي على غريق كادت أن تبتلعه أمواج المد المتلاطم، وما دروا أن الأمر مجرد إستطراد تحدث فيه الإدانة لإنتهاك حقوق الأسرى المغدورين ثم ما تلبث أن تعود لتنشغل مجددا بما تفرضه اللحظة من أهازيج المواكب الدعائية للموعد المحتوم.
د. محمد عبد الحميد

 

آراء