الجبهة الثورية الوّهمية ومبادرة الضحك على الذقون

 


 

 

ليس كل ما نشاهدها او نقرأها او نسمعها، حقيقة او حتى نصف حقيقة في السودان، بل معظمها لا يعدو كونها اخبارا للتضليل ولتغبيش الوعي العام وأوهام، تصاغ وفق الاحداث ليستفاد منها ولإيصال رسائل معينة بفحوى مفبركة تتناسب مع الهدف والغاية والمصلحة الخاصة لأصحابه.
إذن، كثيرة هي تلك الأوهام التي تباع للناس مجانا في السودان، منها الاخبار الرائجة هذه الأيام وتزعم بشروع الجبهة الثورية (عقار+ مناوي+ الطاهر حجر+ الهادي ادريس+ جبريل)، في تقديم مبادرة لها لكافة الأطراف ذات الاختصاص والمعنية -دوليا وإقليميا وعلى صعيد الداخل السوداني، تدور حول حل الأزمة السودانية.
وقالت هذه الاخبار ان الهادي إدريس عضو مجلس السيادة الانقلابي ورئيس الجبهة الثورية الوهمية، قدم تنويرا شاملا للاجتماع الذي ضم إلى جانبه من الجبهة الثورية كل من الطاهر حجر و مالك عقار – حول مبادرة الجبهة الثورية حسب ما يقتضيه ظرف السماح من الكشف عن مضمونها في هذه المرحلة الراهنة.
وأكد مصطفي تمبور عضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية، في تصريحات صحفية، أن الهادي إدريس قدم شرحا مستفيضا عن مستجدات الأوضاع السياسية السودانية، واحاطهم علما بفحوى المبادرة، حيث تناول الاجتماع بنود المبادرة بالنقاش، مشيرا إلى أن الاجتماع كان بناءا، عبر المجتمعون خلاله عن دعمهم للمبادرة كل بما يليه، آملين أن تحقق أهدافها حتى تتجاوز البلاد أزمتها التي وصفها بأنها هي الأخطر في تاريخ البلاد؛ إذ إن أوضاعها باتت مفتوحة على كافة الاحتمالات لتكون البلد أو لا تكون.
وقالت الوكالة الرسمية للأنباء، إن الهادي إدريس، أنخرط فور الانتهاء من اجتماعه الأول في اجتماع آخر، ضمه بالحرية والتغيير (مجموعة أردول) حيث سيقدم لهم تنويرا مشابها عن المبادرة.
عزيزي القارئ..
انه لفضيحة كبيرة ما يحدث في السودان اليوم من لعب بعقول العامة وبالمجتمع الاقليمي والدولي معا، إذ ان البعض ما زال يصدر الوهم بعيدا عن الواقع وينسج الخيال ويظن أنه يصنع مستقبلا لوطن يعاني من كل الازمات.
الجبهة الثورية السودانية ونحن نسميها (الجبهة الوهمية)، وهي فعلا وهمية، لأنها لم تستطع خلال نضالها المزعوم، الوصول الى الخرطوم وتسلم السلطة، الا بعد الثورة الشعبية العظيمة، تلك الثورة التي اعطتهم مقاعدا في مجلس السيادة، واصبحوا وزراء وزارات سيادية، وحكام ولايات، وتولوا وظائف سياسية. كل ذلك بفضل الثورة.. لكنهم ويا للعار، تآمروا مع العسكر والجنجويد للانقلاب على الحكومة المدنية، لتستولي هي ومعها العسكر والجنجويد على كل مقاليد السلطة في البلاد.
إذن، الجبهة الثورية الوهمية -صاحبة المبادرة المزعومة، جزء أساسي من الأزمة التي يعيشها السودان كونها شريكة في انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي اسرع من وتيرة الأزمات السودانية المختلفة، فليس لها إذن أن تعتقد أن بمقدورها تشكيل الواقع السياسي على هواها وعلى قدر وعيها الزائف بالتاريخ، دون الاعتداد بالواقع والشروط الموضوعية في الشارع السوداني؟
إن التسويق للوهم السياسي عبر الشعارات الزائفة والعناوين البراقة، لن يجدي نفعا، ولن يصنع وطنا معافا، بل سيمكن الانقلابيين الذين قوّضوا الثورة على الاستمرار في غطرستهم التي أعطت نتائج سلبية وصدمات نفسية منذ انقلابهم على القوى المدنية.
ليس أمام الجبهة الثورية الوهمية التي تدعي امتلاك الحل للأزمات السودانية، إلا التخلص من التفكير الرغبى والعودة لجادة صوابها والتخلي عن الغطرسة والفنطسة، لأن الشارع السوداني الثائر قد قرر مواجهة المشاريع المتخبطة والأهداف الواهية والوهم المتبلد، لإسقاط الانقلاب وإتيان بمشروع وطني حقيقي رصين بعيدا عن تسويق الوهم يضمن بناء مؤسسات الدولة.
نعم، المبادرة المقدمة، لا مكان لها على الاطلاق عند القوى الثورية الحية ولجان المقاومة، كونها في واقع الحال مناورة من الجبهة الثورية الوهمية، وذلك لجرّ قوى الثورة ولجان المقاومة الى مربع الحوار المزعوم، كما تسعى الجبهة من خلال مبادرتها "المفخخة"، الى دق اسفين بين القوى الثورية مستفيدة من غياب الرؤية الموحدة بينها إزاء اسقاط الانقلاب، وهو محاولة يائسة لإيجاد طوق نجاة للعسكر والجنجويد، الأمر الذي يرفضه الشعب السوداني جملةً وتفصيلا.

bresh2@msn.com
///////////////////////////
/////////////////////////

 

آراء