الحاج عبدالله بتاع الغاز موزع الفراغ!!
بتجرد
في الحي الخرطومي الذي أسكنه، موزعاً للغاز يقع محله أمام منزلي تماماً ، وصاحبه هو الأخ عبد لله، وقد أسبغ صفة "حاج" على إسمه الكريم فأصبح " الحاج عبدالله" ، رغم أن هناك همساً يدور بأنه لم يخرج ولا فرسخ واحد من الحي طوال عمره المديد ، فلا أدري هل لقب حاج هو فخرياً كالدكتوراة الفخرية أم ماذا؟!!ـ ما علينا ، فلا الصفات ولا الألقاب تُدفع عنها " جمارك أو رسوم و جبايات" والبلاش كَتِّر منو!! .. ندخل في الموضوع ، تعلمون أن الوالي عبدالرحمن الخضر قرر عدم فرض أي زيادة على أسعار أمبوبة الغاز وهذا يُحمد له، ولكن الواقع عكس ذلك ، ومع ذلك رضينا بالهم، المهم هو يرضى بينا، ولكني لاحظت أن أنابيب الغاز التي يوزعها " الحاج عبدالله " قصيرة الأجل"، وبدأ عمرها ينقص رغم إننا في البيت " قردين وحابس" ، يعني بالعربي لم يطرأ أي زيادة في عددنا لتطرأ زيادة في استهلاكنا من الغاز.
قررتُ مراقبة " الحاج عبدالله " من بعيد لبعيد ، ليس شكاً في ذمته ولا تخويناً – معاذ الله – ولكن من باب ليطمئن قلبي!! ، ولمعرفة أسباب قصر عمر المحروسة المفاجيء، والتي كانت (مبروكة) ولكنها فجأة تحولت (مفروكة) عندما شاهدت بأم عيني العجب ، وإليكم ما رأى الفؤاد وما كذب، والعينان سليمتان لم يصبهما العطب بعد ، فالحاج عبدالله كما يحلو له دائماً القول بأنه بدأ رحلته الشاقة في بيع الغاز فقط خدمةً للوطن والمواطن ( شوف الحِنّيةة!!) .. وبعد قرارات على محمود برفع الدعم ، قرر أبو الغاز أن يتخذ خطوة لجهة عدالة التوزيع بعد أن بدأت تسري شائعات بندرته ، فأخذ يفرغ نصف أمبوبة الغاز المليئة بأمبوبة أخرى فارغة ويبيعهما كأمبوبتين .. ثم أصبحت الأمبوبة ثلاث أنابيب ، ثم أربعة ، وصولاً إلى سيارة غاز كاملة , وذلك من باب محاربة الإسراف المكروه شرعاً، فالمسرفون أخوان الشياطين؟!! ... المهم، شيئاً فشيئاً تطورت الحالة معه فقرر الامتناع عن تزويد الأنابيب الفارغة بسانتي متر مكعب واحد من الغاز طالما أشاع هو أن الغاز القادم من المستودعات غير قابل للاشتعال وعزا السبب إلى موجة الصقيع التي ضربت البلاد وكأننا في " الاسكيمو!!.
فجأة شالت الهاشمية " الحاج عبدالله أبوالغاز" واشترى ( كومبرسور هوا ) وبدأ يحقن الانابيب بالهواء الصافي المضغوط , لم يتوقف الكومبراسور لحظة عن العمل، ولم يكتشف هو كلفة تشغيله الباهظة إلا بعد أن توقفت " الجمرة الخبيثة " عن العطاء لنفاذ الرصيد وانقطاع التيار ، وقد تجاوزت كلفة التيار ما يعادل ثمن عشرة أنابيب بالتمام والكمال .. عندها أصابته رعدة وجمد وبدأ العرق البارد ينهمر منه كالمطر وكأنما ضربته ملاريا هذه الأيام!! .. تردد قليلاً ثم توكل على الله وقرر عدم حقن االأنابيب بأي شيء مع عمل ختم ورقي دلالة على أن الأنبوبة مليئة بالغاز. كانت نسوة الحي يأتينه بأنابيب الغاز الفارغة , فيستلمها منهن ويسلمهن أنابيباً بديلة فارغة ومختومة ويحصل منهن ما بين 27-29 جنيهاً عند كل تبديل للفراغ بالفراغ .
اشتكت الناس في البداية ثم سكتت على مضض أمام حجته المفحمة القوية : أنا قاعد استلما كده وبسلّما كده .. العجبو يشتري , والما عجبو يشوف محل تاني ... والله يمحق شركات الغاز البتحمّلني خطاياها.. تهليل .. تكبير !! .. فتكبر النسوة وراءه ويدحرجن الأنابيب الفارغة المستبدلة وقد دفعت كل منهن للحاج عبدالله ما بين 27- 29 جنيهاً قيمة الفراغ!! وينطلقن لحال سبيلهن.. وهكذا توالت الأيام حتى أصبح الحاج عبدالله المورّد شبه الوحيد للفراغ بالبلد!! , كان يدعو ربه ليل نهار أن لا تتوقف حركات (تحريك) الدعم عن المحروقات، فينتهي معها بيع الفراغ بالجملة والمفرق .. كما صلى ودعا الله ليحفظ السودان من كل سوء ... بل إنه لم ينسَ من بركات دعائه الصادق عوض الجاز وعلى محمود .. مدددددد يا حاج عبدالله ابوالغاز !! ... عملوها فينا وسابونا مشلهتين وفزوا ... راقبوا الموزعين من فضلكم في حملات مفاجئة ..و بس خلاص.. سلامتكم،،،،،،،
zorayyab@gmail.com
نقلاً عن جريدة الصحافة