الحرب كنقلة للمستقبل الوطني الجديد- او وضع الحصان امام العربة

 


 

وجدي كامل
26 April, 2023

 

اذا كانت التكاليف جراء المواجهات والمعارك الجارية حاليا تكاليف مدمرة، وماحقة، بالغة القسوة على الجميع، فانها وفي القراءة التحليلية الاخرى، وفي الوعى الايجابي بنتائج ما يمكن الاستفادة منه والبناء عليه تعد النداء الانساني الاعمق لبناء المستقبل المتحرر الحر من قيود ما ساد. مستقبل يسمح باطلاق النسخة الجديدة من الافكار والفكر التنموي التفكيكي النقدي الذي سيحقق النقلة للمستقبل ليس بتصور المستقبل املا فقط وانما طاقة توفر الوضع النقيض لمقعدات الحاضر.
وتكتسب فكرة تحرير السوق السياسي الاقتصادي واعادة تركيب المجتمعات بتحريرها وفي مقدمتها المجتمع السياسي كمجتمع قائد هنا الفكرة المركزية الحيوية التي تستهدف حيثياتها تفكيك ما ساد من تقاليد ومرجعيات ومرتكزات الفكر السياسي السوداني و الثقافي والاجتماعي القديم بما مكن وتمكن من تقييد حركة المجتمعات السودانية من الانطلاق الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لاكثر من سبعة وستين عاما هى عمر الاستقلال وبدء انطلاق سيرة وسردية التدمير الذاتي لفرص صناعة الوحدة الوطنية باعاقة اهم شروط تحقيقها المتمثلة في اقامة نظام ديمقراطي راسخ.
فالسودان وبما يملك من قدرات علمية ومجتمعات معرفة متميزة منتشرة بداخله وخارجه مطالب باعادة موضعة واختراع القيادة السياسية والاقتصادية التي ظلت تلك الكفاءات والمجتمعات ولاسباب تضييق الخناق عليها باعتماد وسيطرة لعبة سياسية واحدة احادية نهبا للتجريب السياسي الكئيب من الحركة السياسية ذات المصالح التي تعلي من قيمتها الفردية الذاتية والحزبية على القيمة العليا للسودان.
وتكاد تتورط في ذلك اغلب العصب السياسية الاقتصادية المنخرطة في الصراع على الموارد دون اعتراف بدور القوة المطلعة بالتفكير العلمي النقدي التخطيطي ومحاولة جر اعداد منها للحراك السياسي الحزبي القائم على اجادة تاكتيكات الصراع بدلا عن اتخاذ صراع الافكار والبرامج وسيلة لتحقيق الاهداف الحزبية الوطنية المطلوبة.
الآن وقد قادت الاخطاء ورغم وقوع ثورة نادرة الجوهر من حيث الاتحاد والوحدة الشعبية للتخلص من نظام المؤتمر الوطني الا انها قادت الى افدح النتائج المتمثلة في عسكرة الصراع على الموارد واخرجت اوزار الحرب فان على القوى العلمية والثقافية النقدية الانخراط البنيوي العاجل لاعادة اختراع عجلة السياسة والاقتصاد السودانيين والدفع بمساهماتها على نحو عملي يضعها ضمن قوى صناعة السياسة والسياسات ومعالجة امراضها المزمنة التي اوصلت الى ما نحن عليه من دمار وخراب.
ان الحقيقة الباهرة التي لا مناص من اعتماد عناصرها تقوم في وحدة الروح والعقل الوطني الراغب في الدفع بالسودان اماما عن طريق تحسين مفاهيم التطور والاخلاص لخيار صناعة المجتمع المدني الديمقراطي بافكار علمية ثقافية وليس بافكار سياسية مكاسبية مغلقة تنظر الى الدولة كغنيمة والاقتصاد كهدف نهبوي يحرم الشعوب السودانية من اعز حقوقها في التطور التشاركي المتوازن.
الحرب فرصة لاعلاء سلاح العقلانية والتفكير العلمي للتخلص من عيوب الوعى التدميري الذي انتجته السياسة واورث كل هذا الخراب برفع السلاح الحربي الفتاك فوق سلاح العقل والافكار.

wagdik@yahoo.com

 

آراء