الحزن قادم .. والاعاصير ! …. بقلم: د. على حمد إبراهيم

 


 

 

 

عرضحالات  الى البلد:

 

الوفود التى تترى فى حجها السرمدى الى واشنطن قادمة من الجنوب ظلت  تؤكد لنا   بدون الحاجة الى الافصاح  ان  الامر قد قضى . قابلت  المسئول الجنوبى الكبير الذى كان مشاركا فى اجتماعات  آخر  وفد يصل من الجنوب الحبيب للتو . وكان منتشيا وهو يحدثنى عما تم ابلاغه  للامريكيين  للتو من قبل الوفد الرفيع . لقد تبلغ الامريكيون الرسالة القصيرة الشافية الوافية  الموجزة " لقد ذهب الجنوب! " . ولما رأى محدثى ان  مسحة من الحزن والاشفاق قد رانت على قسماتى ، قال مداعبا :" لا تحزنوا  ،دعونا نذهب فى سلام ، فقد يساعد ذلك فى عودتنا مرة اخرى" . قلت لمحدثى لو كان لى فرصة للاقتراع فى الاستفتاء لصوت باصابعى العشرة  لصالح  الوحدة . ولكنى لن اقاتلكم من أجلها . فوحدة بالاكراه  خير منها الف مرة فراق باحسان ." وافقنى المسئول الكبير . ومضى يحادث آخرين وهو فى نفس الحالة من الانتشاء . لقد سمع كلاما مشجعا من  اصدقائه الامريكان ، الذين هم مثله قد اقتنعوا ان بلد محجوب شريف الحدادى المدادى  قد اصبح  ذكرى  واثرا  بعد  عين  باعتبار ما سيكون فى ظرف سبعة اشهر من الآن .

الاستفتاء  قادم . وسوف تهب فى البرية  اعاصير الريح الاصفر لو حاول بعضنا التلاعب به او تحويل  مساره  عن  الاتجاه  الذى  يريد . والأمل  ، كل الامل ، ألا  يحاول البعض اللعب بالنار ، واستولاد ابريل جديد. استفتاء  ينائر هو خط أحمر وفاصل  بصحيح . فاذا احترقت الخطوط الفاصلة  بين النيران  ، فان الحرائق المدمرة  ستقضى  على الاخضر واليابس .

 نعم، دعوهم  يقرروا فى  حرية تامة   اتجاه  وخط السير  الذى يريدون . فان اختاروا  النوى ، وصدحت  مزاميرهم  بلحن الوداع  الاخير ، فسوف نكابد حزننا ، ونقول لهم فى بركة الله، ولا يعتر ليكم ريح .

مواطن عربى غاضب  رأى فى السودان  أندلسا  جديدا  قادما  ، صاح فى وجهى  : اجدادكم  هزموا  جيوش الخديوية ، وجيوش فكتوريا ، وحرروا  بلادهم من دنس الاستعمار.  واقاموا دولة حرة مستقلة  فى الوقت الذى كانت  فيه جيوش  الاستعمار  تدك   حصون  الدول  المستقلة  وتستعبد شعوبها . وجدودكم  أؤلئك  لم يكونوا  فى مثل كثرتكم  االعددية اليوم ، أم  أنكم  غثاء كغثاء  السيل .  ولم يكونوا  فى مثل قوتكم الاقتصادية ،  ولا  قوتكم المعرفية . ما بالكم تلتحفون   الهوان ،  والمسكنة   والاستسلام. و تتسابقون  فى الترحيب  بانفصال جزء عزيز من وطنكم  فى رخاوة غريبة  كانكم  لستم  احفاد  المهدى ، محرر  السودان  ، وقاتل غردون الذى فتك بشعوب آسيا والصين . ومشيد اول دولة اسلامية فى مجاهل افريقيا . الا ترون كيف تحارب تركيا  الانفصالى عبد الله اوجلان . وكيف تحارب روسيا  عن باطل  الشيشان والقرغيز . ما بالكم  أنتم  تضحون بجزء عزيز من بلدكم خضوعا  لمخططات الامريكان. كيف يقبل الرئيس البشير أن يكون مثل  جورباتشوف  ، زمثل العربيد بوريس يلتسن ، اللذين  فككا  الامبراطورية السوفيتية ومضيا الى مزبلة التاريخ.

كان الرجل الاصولى يرتعش من الغضب . وهو  يلقى  علىّ  خطبة زياد بن ابيه تلك  . وقلت فى نفسى  : جميل ان تجد من يحس ببعض حسسك  حتى وان كنت لا تعترف به . ولكنى كدت اصرخ  فى وجه  الرجل كما  صرخ فى  وجهى.  واقول له بالفم  المليان : "  اسمع  . . . يا  زول  هوى! حرّم ، وطلاق بالثلاثة ، أنا  يانى القاعد  فى الجنوب ، الليلة ، وباكر ، وبعد باكر ،  والى ا ن يرث  الله  الجنوب  ومن فيه ! أمى وأبوى  مدفونان فى الجزء الجنوبى من  مدينة جودة  الذى  ضم   رجالة  واقتدارا  الى الحنوب رغم انف الصارية  الضاربة الجو كحد  وضعه الانجليز  . وشقيقى ابوجديرى ، ذلك الشاب الاخضر الجميل ، قتل فى الجنوب ظلما وعدوانا  وهو مسافر ، وليس له فى عير السياسة ولا نفيرها نصيب . انا قاعد  بجوار اؤلئك  الحنفاء ، ، ومتوتد فى الارض بقربهم  مثل هرم  خوفو  الكبير ،  لا يحركنى  انفصال  ، ولا يهزنى  ريح . اكتب عندك  على رأس الصفحة الاولى . وبالحبر الشينى الذى يرفض الفناء .

                 أخ . . .  يا بلد !

 

Ali Hamad [alihamad45@hotmail.com]

 

آراء