الدراويش والحيران عند عتبة السياسة !! مبارك الفاضل (بهنا عودي راكب) !!!

 


 

 

شكا الحجاج يومًا سوء طاعة اهل العراق فقال له المحاربي وكان خطيبًا لسناً :
اما انهم لو احبوك لاطاعوك ، على انهم ما شنؤوك لنسبك ولا لبلدك ولا لذات نفسك ، ولكنهم نقموا افعالك ، فدع ما يبعدهم عنك الى ما يدنيهم منك !!

عندما استخدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمير بن سعد على حمص كتب اليه لما مضت السنة ان اقدم علينا .
فلم يشعر عمر الا وقد قدم عمير ماشيًا حافيًا ، عكازته بيده وادواته ومزوده وقصعته على ظهره . فلما نظر اليه عمر قال : يا عمير اجبتنا ام البلاد بلاد سوء فقال عمير جئت اليك بالدنيا اجرها بقرابها !!
ما معك منها يا عمير هكذا قال عمر .
فقال :
عكازة اتوكأ عليها وادفع بها عدوًا ان لقيته ، ومزود احمل فيه طعامي ، واداوة احمل فيها ماء لشربي وطهوري ، وقصعة اتوضأ فيها واغسل فيها راسي ، وآكل فيها طعامي فو الله يا امير المومنين ما الدنيا بعد الا تبع لما معي !!

وكان الشيخ عبدالباقي المكاشفي عليه رضوان الله لا يبيت عنده ابيض ولا دينار ولم يلحق بمخيطه جيب لحمل وسخ الدنيا من الدراهم والدنانير !!

هكذا خرجت الصوفية للدنيا تحمل من متاعها عكازة ومزود وادواه وقصعه !!!
لذلك إلتف حولها الصادقون يجمعهم الحب الزاهد والرضا القاصد ويفرقهم الظلم وتتبع الملذات ومباهج الحياة !!
كانت البيوت الصوفية عنوانًا للصدق والطهر والنقاء ومحلاً للتقشف والزهد !!
ولكن مكر السياسيين يأبى الا وان يطرق باب تلك الديار وبما ان السياسة لا تخلو من الخباثة فقد هتكت جدار الزهد في كثير من بيوت اهل الزهد من المشايخ ففرقت ما جمع الصالحون سابقًا وزرعت ضغائن الحقد والحسد بدلًا عن الالفة والمحبة بين الحيران والمريدين ، ووزعت عليهم نعيم الدنيا الزائل فبدلا (المرقع ) بالمزركش حتى راينا على اجساد بعض المشايخ ملابس تحاكي (جلود النمور ونعومة ريش النعام ) فتبدلت تبعا لذلك النفوس !!

مسيد ( ام ضبان ) لم يك عصيًا على دخول السياسة الى باحة الذكر و تقابة الذاكرين ، وقد عمد( البادرات ) منذ وقت الى زرع ابنائهم في السلطة ودفعوهم الى ذلك مستقلين الارث الكبير من المحبين والمريدين عند بداية التجربة ، والمنتفعين والنفعيين عند ثباتهم في السلطة ، وقد صنعوا لهم لوبي سياسي من ارث صوفي عريض يفعل عن جهل كل ما يأمر به رأس ( المسيد ) او مايسوق باسمه من قبل شياطين السياسة !!
تشغلنا هذه الايام مبادرة ( كرتي - الخليفة الجد ) التى اعلن عنها مسيد ( ام ضبان ) بدوافع ظاهرها وطنية ( غير مراده ) و باطنها تهيئة الاجواء لعودة تيار النظام المباد الذي يحسب عليه (رأس المسيد ) الخليفة الجد راعي المبادرة حيث انه بثابت الدلائل اخواني قح وبكامل دسم خباثة النظام الاخواني !!
وبما ان المال والسلطة والجاه في مثل هذه المواضع مقصود فقد انجر بعض اصحاب المنافع المحسوبين على بعض بيوت الطرق الصوفية بالانضمام الى المبادرة بهدف الفوز بمغانم يرجونها وعند المغانم دومًا يختلف الغانمين (مساجلات البقال حول المبادرة ) !!
وهناك من البيوت الصوفية من قدم الى المبادرة بنية صادقة مصدقًا ما قال به الخليفة الجد ظاهريا ولكنهم سرعان ما تململوا بعد ان تكشفت لهم الحقائق (الطريقة العركية القادرية ) !!
دخول الطرف الصوفية في المعتركات الحزبية و ( العراك ) السياسي افقدها حيويتها الدينية وجردها من براءة الزهد وسماحة التقشف وصفاء التحور الفردي ونقاء روح التزهيد الجمعي ،وقذف بها في وادي من سعير الخلاف والتشتت والتحزب ، وملأ جوانح المحبين والمريدين الزاهدين قبلًا بالحقد والغل والتربص والفجور في الخصومة .
ازمة السودان ازمة سياسية وليست دينية حتى يتبناها اهل الدين والتصوف....لن تبارح القضايا الخلافية مكانها وإن توحد اهل القبلة واهل السودان عامة مالم يعود العسكر الى رشدهم قبل عودتهم للثكنات..
لذلك كان على بيوت التصوف وبالتحديد ( مسيد ام ضبان ) بدلًا من الزج بهم في مبادرات عدمية ان يقدموا النصح الى المكون العسكري بان الشعب السوداني نقم افعالهم ، وكره استمرارهم ، ولن يسمح لهم بالبقاء في السلطة وان انقرض عن اخره ، وقبل ذلك ان يرشدوا التيار البائد الى احترام رؤية ومطالب الشعب السوداني ، وان يحث الخليفة الجد اخوانه ( الكيزان ) على ترك المكر بدلًا من ان يشاركهم فيه وفي معيته مبارك الفاضل صاحب ( العود الراكب في اي مغنم او محفل سياسي ) !!
حتى لا تشكوا سوء طاعة الحيران والمريدين ، اتركوا للصوفية عكازتها ومزودها وادواتها وقصعتها ، وتمثلوا زهد العارف بالله عبدالباقي عمر احمد المكاشفي !!!!
جمال الصديق الامام
المحامي ،،،

elseddig49@gmail.com

 

آراء