الدعم السريع والتغيير الجذري !!

 


 

 

ساذج من ظن أن مشروع التغيير الجذري يمكن أن يكتمل دون الحاجة إلى ذراع عسكري قوي، فمثلما أدت الثورة المدنية السلمية دورها كاملاً في إسقاط رأس النظام البائد ورموز الصف الأول، ها هي قوات الدعم السريع تقوم بالواجب الوطني الأكثر أهمية في المشروع، ولأن أعمدة حكم حزب المؤتمر الوطني المحلول قد ارتكزت منذ البداية على ترسانة عسكرية حديدية صلبة، وكما هو الحال فإنّ الحديد لا يفلّه إلّا الحديد، فبعد أن أدى شباب ثورة ديسمبر الواجب الوطني الملقى على عاتقهم، جاء دور قوات الدعم السريع المكمّل لما قدموه من تضحيات ومهام جسام، تهدف للخلاص من تراكمات الفشل الحكومي المتوالي، وكان لوجود جنرالات اللجنة الأمنية لمنظومة حكم الرئيس المعزول الأثر الملحوظ، في عرقلة سير حكومة الانتقال التي قادها الدكتور عبدالله حمدوك، وبما أنهم مارسوا انتهازية واضحة على منجز ديسمبر الثوري، طفقوا يدعمون سراً وجهراً الثورة المضادة التي ختمت تآمرها بانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الثاني لإسقاط الدكتاتور، الانقلاب الذي أعاد جميع فلول النظام البائد إلى دواوين الحكم، وشرع في التضييق على الثوار وملاحقتهم جهاراً، واودع الكثيرين منهم السجون والمعتقلات والزنازين، فبدأت حلقة جديدة من مسلسل وأد أحلام الناس وإرجاع الوضع السياسي لما قبل ديسمبر، وظللت سحب الإحباط سماء البلاد.
خروج قوات الدعم السريع من حلف الانقلاب وإعلان قائدها للاعتذار الرسمي عما اقترفه من خطأ، ثم وقوفه علانية مع الخط الداعم للتحول الديمقراطي وإرساء دعائم الدولة المدنية، وإصراره بصرامة على وجوب هيكلة القوات المسلحة المخترقة والمسيطر عليها من رموز الحزب الحاكم، ثم تضامنه مع أجندة الاتفاق الإطاري المتوافق عليه من غالبية القوى السياسية السائرة على خط المطالب الديسمبرية، وضع الانقلابيين وداعميهم من بعض الحركات المسلحة أمام خيارات صعبة للغاية، اختاروا منها المواجهة العسكرية وشن الحرب على القوات التي وقفت حجر عثرة أمام الطموحات غير المشروعة للانقلابيين وداعميهم، فشنت كتائب المؤتمر الوطني – الحركة الاسلاموية – الاخوان المسلمين – الجبهة الإسلامية – دولة القانون الداعشية، الهجوم الغادر على معسكرات قوات الدعم السريع، وسرعان ما قلبت الأخيرة الموازين وأمسكت بزمام المبادرة العسكرية فهزمت مليشيات الحركة الاخوانية، في معارك متتالية أسقطت على إثرها الحاميات العسكرية التي يديرها ضباط إسلاميون – اخوانيون، وبعد ستة أشهر من الاعتداء الغاشم من كتائب الاخوان اقتحمت قوات الدعم السريع جميع المعسكرات التي يتواجد بها الإرهابيين الداعمين لنظامهم المندحر، ومن حيث لا يدري الناس وجدت قوات الدعم السريع نفسها خائضة لمياه ركيكة لمعارك مصيرية مع بقايا كتائب الإرهاب الإخواني.
التغيير الجذري الذي دشنت مشروعه الطموح قوى سياسية، خرجت باكراً من منظومة الحكم الانتقالي الضعيفة والمشتركة بين الضباط العسكريين الانقلابيين، ها هو يتحقق على سواعد أشاوس قوات الدعم السريع، التي لاحقت الكتائب الإرهابية الممولة والمسنودة من قادة الجيش الفاسدين الوالغين في أموال الناس، لقد حققت قوات الدعم السريع سبقاً وطنياً تحسدها عليه القوى الوطنية الأخرى، بأنها حسمت كتائب الإرهاب والتطرف التي كانت تستثمر في خوف المواطنين من قوة بطشها، وشدة وقسوة منسوبيها من الإرهابيين الذين تلقوا دورات تدريبية مكثفة ببعض البلدان الحاضنة لبؤر الإرهاب الدولي، وكما هي الحكمة الإلهية البليغة في إخراج اللبن اللذيذ الذي يستسيغه الشارب من بين الفرث والدم، كذلك أخرج قوات الدعم السريع من بين الصراعات البينية لمنظومة الحكم بفصائلها المتزمتة، لتكون سيفاً للحق باتراً يستأصل خلايا الداء الألد من بين لحمة المجتمعات السودانية الطيبة المتسامحة، وها هي تقود معركة المصير الظافرة ضد فلول النظام البائد، وتتقدم باتجاه تحرير المقرّات العسكرية التي سطا عليها جنرالات حزب المؤتمر الوطني المحلول – الاخوان المسلمين، تحقيقاً وإنفاذاً لأجندة مشروع التغيير الشامل الذي لا يغادر مدينة ولا قرية إلّا وطالها، لترسي دعائم التحول المدني الديمقراطي الذي لن يجد طريقاً للتحقق بغير سيف وحسام صارم يقطع دابر هؤلاء الإرهابيين.

إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com

 

آراء