الدكتور عبد الله علي إبراهيم ومذكرة الشفيع أحمد الشيخ عن الإدارة الأهلية (2/3) بقلم: أ.د. أحمد إبراهيم أبوشوك
28 August, 2009
Ahmed Abushouk [ahmedabushouk62@hotmail.com]
فلا جدال أن تلك الدعوة إلى تصفية الإدارة الأهلية قد وجدت تأييداً في أوساط أحزاب المدن والمناطق الحضرية (الحزب الشيوعي وجبهة الميثاق الإسلامي)، لأنها كانت ترى في التحالف القائم بين القوى القبلية والقيادات الطائفية عقبة كأداء في سبيل بث نفوذها السياسي في المناطق الريفية. ومن الناحية المهنية نادى القضاة في مؤتمرهم الذي عُقد في الخرطوم في 13 ديسمبر 1964م بضرورة فصل القضاء عن الإدارة، وتحويل ميزانية المحاكم الأهلية إلى الجهاز القضائي، وحرمان العمد والمشايخ وغيرهم من الإداريين من رئاسة المحاكم الأهلية. وأيدت بعض القبائل الناشزة عن سلطان الإدارة الأهلية ما جاء في مذكرة الشفيع، لأنها كانت تشعر بالغبن من القبائل الكبرى التي ضُمت تحت لوائها، ونستشهد في هذا المضمار بموقف قبيلة المعاليا التي طالبت بالانفصال عن إدارة نظارة الرزيقات، وعمودية البطاحين البتقاب التي طالبت بالطلاق البائن من نظارة خط أبودليق، وأهالي عمودية ود راوة الذين نادوا بالانفصال من مجلس ريفي الشكرية، والانضمام إلى مجلس ريفي الخرطوم بحري، أو مجلس ريفي المعيلق.
وبعد الإطلاع على مذكرة الشفيع أحمد الشيخ ومرفقاتها، أصدر مجلس الوزراء في جلسته رقم 46 المنعقدة في 13 فبراير 1965م القرار رقم 206، والذي يقضي بـ"فصل القضاء عن الإدارة الأهلية وتصفيتها"، ثم تكوين لجنة وزارية لدراسة المذكرة، وأية مذكرات أخرى ذات صلة بالموضوع، ثم رفع تقرير عن أنجع السبل لتصفية الإدارية الأهلية.
وقبل أن تقدم اللجنة تقريرها النهائي ظهر في الأفق السياسي والإداري ثلاثة تيارات معارضة لمذكرة الشفيع، ولقرار مجلس الوزراء الذي يقضي بفصل القضاء عن الإدارة، وتصفية مؤسسات الإدارة الأهلية. فالتيار الأول كان مدفوعاً بمصالح ذاتية، يقف خلفها زعماء العشائر الذين عبَّروا عن استيائهم حول "المذكرة الملعونة"، وتجاوب مجلس الوزراء معها، وعقدوا سلسلة من الاجتماعات التي تمخضت عن قيام عدد من الاتحادات الشعائرية التي كانت تنادى ببقاء الإدارة الأهلية في الريف، وتطعن في شرعية المذكرة "الملعونة" التي رفعها أفندية الخرطوم الذين لا يفقهون شيئاً عن مطالب أهل الريف واحتياجاتهم. وإظهاراً لقوة نفوذهم المحلي، أحجم عدد من زعماء العشائر عن تقدير الضرائب المربوطة، وتحصيلها، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، حيث قام بتحريض القبائل على النـزاع المفتعل من أجل فرط عقد النظام والأمن العام في المناطق الريفية، ليثبوا للحكومة أن وجدوهم الإداري والقضائي لا يمكن الاستغناء عنه البتة في أماكن ثقلهم القبلي. بالفعل قد أحدث هذا الموقف والمواقف المماثلة له فوضى أمنية في بعض المناطق القبلية، وعطلت أيضاً عمل بعض المجالس المحلية. وعلى الصعيد السياسي كثف زعماء الإدارة الأهلية اتصالاتهم برؤساء الأحزاب التقليدية، واتفقوا معهم على تجميد قرار التصفية.
أما التيار الثاني فتزعمه السيد حسن علي عبد الله، وكيل وزارة الحكومة المحلية، الذي وصف قرار مجلس الوزراء بالتناقض، لأنه في الجزء الأول ينادى بفصل السلطات القضائية عن السلطات الإدارية، وفي الجزء الثاني ينادى بتصفية الإدارة الأهلية، فإذا تمت التصفية فكيف يتمُّ فصل القضاء عن الإدارة. وعضد ذلك بقوله: "مهما يكن من أمر فلا جدال إطلاقاً فيما يتعلق بقرار الفصل، وإنما الجدل سيكون حول إمكانية تطبيقه بالنسبة للمناطق المتخلفة في السودان، ولكن على أي حال يؤسفني أن أقول بصراحة أنما صحب صدور القرار من دعاية ونشر قد أثرت في جملتها تأثيراً خطيراً للغاية على الجهاز الإداري الأهلي، وهزته هزاً عنيفاً حتى كاد أن يفشل فشلاً تاماً في أداء مهامه، إدارية كانت أم قضائية، وعليه ولئلا تستمر هذه البلبلة الخطيرة، أرى لا بد من البت السريع في أمره، ومعالجة الموضوع بكل حكمة، وحذر من ناحية التوقيت، والتطبيق حتى نستطيع أن نزيل هذا الأثر الغير مرضي، والذي تسببت فيه مع الأسف الدعايات، وأساليب النشر المختلفة." ومضى في الاتجاه ذاته بقوله: "إن فصل السلطات في الواقع سيؤدي في بعض المناطق إلى تدهور في الإدارة والأمن، إذ يصعب على رئيس القبيلة أداء أعماله الأساسية لحفظ الأمن، وتحصيل الضرائب، وشق الطرق، والحفاظ على العلاقات الطيبة في الحدود بين القبائل، وفي المرعى، وموارد المياه... إن الفصل يعني أن يصبح لكل قبيلة زعيمان يتنازعان السلطة، أحدهما قاضي والآخر إداري، وبين هذا وذاك سينقسم ولاء القبيلة، ولهذه الأسباب نرى من الضروري أن تدرس كل حالة على حداها، حتى نتفادى انهيار الجهاز الإداري." وقد ثـمَّن السيد أمين الصاوي، وكيل وزارة الداخلية، اقتراح السيد حسن علي عبد الله، وذلك بقوله: "اتفق الكثيرون في القطاع العام والخاص أن موضوع الإدارة الأهلية جد حساس، وقد اجتمعت الآراء حول قبول مبدأ فصله عن القضاء، على أن يتم هذا الفصل بالتدرج، وفي حكمة وحذر، بحيث يبدأ بالمناطق التي بلغت درجة من التطور والوعي حتى لا يتأثر أو ينهار تبعاً لذلك الجهاز الإداري."
أما التيار الثالث فكان يمثله رهط من محافظي المديريات، ومفتشي الحكم المحلي، وضباط المجالس والبوليس، الذين جاءت تقاريرهم الإدارية تطفح ببعض النتائج السلبية المحتملة من قرار تصفية الإدارة الأهلية، طارقين بذلك ناقوس خطر في آذان صاغة القرار السياسي في الخرطوم. نستشهد في هذا المقام بموقف السيد سليمان وقيع الله، محافظ مديرية كردفان آنذاك، الذي وضَّح وجهة نظره حول قرار التصفية في خطاب بعثه إلى السيد وكيل وزارة الداخلية بتاريخ 14/3/1965م، جاء في إحدى فقراته: "إنني أعارض هذا الاتجاه معارضة شديدة، لأن أي إجراء كهذا في نظري سيكون سبباً في انهيار أجهزة الأمن والإدارة بهذه المديرية. وإن زعماء القبائل في هذه المديرية [...] في حالة قلق شديد، وهم يعقدون اجتماعات متوالية، كما أن دولاب العمل الإداري يكاد يكون في حالة توقف بالنسبة لهم. وأما الحفاظ على الأمن في مناطقهم فيسير بقوة الدفع السابق، وقد يأتي الوقت الذي ينهار فيه تماماً بانهيار مقومات الجهاز القبلي، خاصة في مديرية ساشعة ككردفان، تكوِّن القبائل فيها أكثر من 95% من سكانها."
وثَمَّن هذا الموقف التجاني سعد، محافظ مدير دارفور، في خطاب سري، بعثه إلى السيد وكيل وزارة الحكومة المحلية بالخرطوم في 19/3/1965م، جاء فيه: "لقد فوجئنا بقرار الحكومة القاضي بفصل القضاء الأهلي عن الإدارة، ذلك الموضوع الذي تبنته الهيئة القضائية في اجتماع القضاة بالخرطوم، والذي لم يأخذ في الاعتبار رأي رجال الإدارة مما جعله منافياً للواقع بالسودان. [...] فقد وصلتنا شكاوى من السادة مفتشي الحكومة المحلية وضباط المجالس. [...] الحكومة بالمناطق الريفية أردنا أم نرد تتمركز في زعيم العشيرة، عمدة كان أم شرتاي أم شيخ خط. [...] واضح للغاية كدارفور مثلاً، أن مفهوم الأهالي للحكومة هنا هو أن الحكومة واحدة لا يميزون بين السلطة القضائية والسلطة الإدارية، وعليه تحقيقاً لأمن الدولة ورفاهية المواطنين فإن فصل القضاء الأهلي من الإدارة تكتنفه صعوبات عملية."
وصب في معين هذه الصعوبات والمحاذير خطاب السيد محمد الحسن إبراهيم، الضابط التنفيذي لريفي المسيرية، الذي قال فيه: إن "ثورة الواحد والعشرين من أكتوبر قد بشرت بنهاية الحكومة، وإن الناس أصبحوا أحراراً يفعلون ما يشاءون دون حسيب أو رقيب. وكان من الممكن استعمال الجهاز القبلي لتثبيت سلطة الحكومة، ولكن الجهاز نفسه صار عرضة للهجوم السافر.. وتأثر رجال الجهاز القبلي بهذا الهجوم الذي صدر حتى من كبار المسئولين بالخرطوم، وزعزعت الثقة في نفوسهم، وامتنعوا عن ممارسة سلطاتهم. إذ كان لديهم شعور بأنهم لن يجدوا سنداً من أحد إذا مارسوا السلطات الممنوحة لهم، سرى بينهم نوع من التمرد الخفي، كرد فعل للهجوم الذي شن عليهم، فأحجموا عن التحصيل الذي هو أهم واجباتهم الرسمية.. وقد فسر المواطنون الدعوة للتطهير بأنها فصل وعزل للنظار عن مناصبهم، وإن الفصل هذا ألغى تلقائياً الجزية عن كاهلهم، وهذا هو السبب الحقيقي لاهتمامهم بتصفية الإدارية الأهلية، لأنها تعني بالنسبة لهم الحياة بدون ضرائب."
وقد أحدثت هذه الصعوبات التي أشار إليها العاملون في الحقل الإداري تراجعاً واضحاً في سياسية الحكومة المعلنة تجاه الإدارة الأهلية، لأنها أدركت تعارض مذكرة وزير شؤون الرئاسة مع الاعتبارات الإدارية التي تقضيها مصلحة العمل الميداني. وظهر هذا التراجع جلياً في وقائع الاجتماع الذي عقده السيد عابدين إسماعيل، وزير الحكومة المحلية، مع اتحاد زعماء عشائر كردفان برئاسة وزارة الحكومة المحلية في 2 مارس 1965م، وأكد فيه أن المقصود من قرار مجلس الوزراء لم يكن إلغاء الإدارة الأهلية "على الفور، كما يتبادر إلى الأذهان، بل الهدف الحقيقي هو تطويرها، أو إدخال أي تعديل عليها، بما يجعلها تتمشى مع الزمن وتطور المجتمع، وهذا بالطبع شأن أي جهاز حساس آخر." هكذا تبخرت الثورية التي كان ينشدها الشفيع أحمد الشيخ في مذكرته بشأن إلغاء الإدارة الأهلية في شمال السودان، وأضحى التوجه الراجح هو تطويرها في نسق تدريجي، يرتبط بمؤهلات المناطق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وقد أكد ذلك السيد عابدين إسماعيل بقوله: إن التطوير يجب "أن تسبقه دراسة مستفيضة لكل الظروف، وأطوار المجتمعات القبيلة، كل على حداه، وما يستلزمه ذلك من زيارات لتلك المناطق، والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، وفي مقدمتها أراء رجال الإدارة الأهلية أنفسهم كل في منطقته حتى يجئ أي تطوير، أو تعديل مقترح متمشياً مع واقع الحال والإمكانيات الحقيقية." وفي ضوء هذا التراجع صدر القرار الثاني بالنمرة 744، في 4 مايو 1965م، حيث جاءت بعبارات أكثر مرونة من سابقتها، لأنه نادى بالتصفية في المناطق المتقدمة حضارياً، والتطوير والتطهير والديمقراطية في المناطق المتخلفة.
في ظل هذا التراجع نشطت تحركات زعماء الإدارة الأهلية الذين كثفوا اتصالاتهم برؤساء الأحزاب التقليدية، واتفقوا معهم على تجميد قرار التصفية، شريطة أن يعملوا سوياً على إسقاط مرشحي القوى الحديثة في الانتخابات القادمة، ويكوِّنوا حكومة ديمقراطية ترعى مصالح الطرفين، وتدرس مشروع التصفية وتضع التصور اللازم لتطوير أجهزة الإدارة الأهلية. وبهذه الكيفية أضحى شعار تصفية الإدارة الأهلية شعاراً ذا حدين في الحملة الانتخابية، دفع من طرف بعض القوى الجماهيرية الرافضة لهيمنة الإدارة الأهلية وزعماء العشائر إلى مناصرة القوى الحديثة، بغية الانعتاق من هيمنة رجالات الإدارة الأهلية، ومن طرف ثان أسهم في توثيق عرى الترابط بين القوى الطائفية والقيادات القبلية، لأن كلا الطرفين أدرك أن استمرار بقائه في السلطة على المستويين المحلي أو المركزي مرهون بفاعلية تعامله المصلحي مع الآخر، علماً بأن الحكم بالنسبة للطرفين أصبح غاية في ذاته، والقرارات والخطط والبرنامج التي يصيغها أفندية الخرطوم ما هي إلا شعارات يرفعها قادة الأحزاب عندما يستوجب الأمر نوعاً من المراوغة السياسية.
وبالفعل جاءت الأحزاب التقليدية إلى سدة الحكم، وفي عهدها عقد محافظو المديريات مؤتمراً برئاسة وزارة الحكومة المحلية بالخرطوم في مارس 1966م، وأصدروا التوصيات الآتية:
• استمرار المحاكم المحلية في المناطق التي يسودها الطابع القبلي، لأنها لا زالت تعتمد على التقاليد الموروثة، والعرف، والسوالف التي تكون الأساس الذي يقوم عليه القضاء في هذه المحاكم، وذلك بالإضافة لعدم وجود البديل الذي يمكن أن يقوم بأعبائها بكفاءة وتكاليف مقبولة.
• إلا يتم الفصل بين السلطتين القضائية والإدارية إلا بعد الدراسة والتشاور بين محافظي المديريات وقضاة المديريات.
• إن مهمة الإشراف والرقابة على المحاكم تكون لمساعدي المحافظ ومفتشي الحكومة المحلية في المنطقة، وذلك تحت إشراف قاضي المديرية.
• تكون تبعية النظار والعمد والمشايخ من حيث التعيين والأشراف والرقابة لوزارة الحكومة المحلية، لأن سلطاتهم سلطات إدارية أكثر من أن تكون قضائية، أو ضبطية، لأنها ترتكز على الحلول المرضية دون الأحكام القضائية التي يسندها القانون في أغلب الأحيان.
• وأخيراً أمن المؤتمر على الدور الهام الذي تقوم به الإدارة الأهلية، وأوضح أن الوقت لم يكون مناسباً لتصفيتها، لأن الظروف التي تستدعي بقاءها لا زالت قائمة، لذا فمن الأصلح الدعوة إلى إصلاحها حتى تكون مواكبة لمتطلبات العصر.
وفي ظل هذه التحولات السياسية والإدارية أصدر مجلس وزراء الحكومة الائتلافية (الأمة-الوطني الاتحادي) القرار رقم 137 المؤرخ في 4 مايو 1966م، والذي ظهرت عليه ملامح التراجع والإدراك بصعوبة المهمة، إذ خلص إلى تكوين لجنة كبرى من مختلف الوزارات والمصالح الحكومة لتقوم بدراسة مشروع تصفية الإدارة الأهلية، وترفع تقريراً يوضح أنجع السبل لتصفيتها، ويطرح البدائل المناسبة، مع وضع التصور المالي اللازم، وتحديد الخطوات والمراحل التنفيذية التي يجب اتخاذها. وجاءت مقدمة قرار تكوين اللجنة على النحو الآتي: "تختلف مناطق السودان اليوم بين مناطق تطورت علمياً، واقتصادياً، واجتماعياً؛ ومناطق تطورت جزئياً؛ وأخرى دون ذلك. وبما أن المجلس حريص على أن يكون نظام الإدارة الأهلية في السودان نظاماً حديثاً يؤدي إلى بلورة القومية السودانية، وتوحيد الإرادة السودانية، فإن تصفية الإدارة الأهلية أصبحت ضرورة، وسيتم ذلك في مراحل زمنية يحددها حال كل منطقة من مناطق السودان، ونظراً لتفاوت أحوال مناطق السودان فإن الإجراءات العملية التي ستتخذ الآن هي إجراء التصفية في مناطق، وإجراء التطوير والتطهير في مناطق أخرى، مع الاحتفاظ بالأهداف الكبرى الرامية في النهاية لإعطاء السودان نظاماً إدارياً حديثاً، يدعم القومية السودانية، ويوحد إرادة الأمة."
وقبل أن توضع تقارير اللجان التي تفرعت من اللجنة الأم موضع التنفيذ، سقطت الحكومة الائتلافية في الخامس والعشرين من مايو 1969م، وجاءت حكومة مايو الانقلابية إلى سدة الحكم، مدعومة بقيادة الحزب الشيوعي السوداني الذي طُرد نوابه من الجمعية التأسيسية في 16 ديسمبر 1965م، بحجة أنهم فقدوا شرطاً من شروط الأهلية، وذلك بانتمائهم إلى حزب يروج للشيوعية والإلحاد، وعدم الاعتقاد في الأديان السماوية، وانسحب على هذا الإجراء حلّ الحزب الشيوعي السوداني، وجميع التنظيمات غير المشروعة في حدود المعنى الوارد في البند الثاني من المادة الخامسة المعدلة من دستور السودان المؤقت.
نقلاً عن صحيفة الأحداث