الديمقراطية بين الشعار والممارسة
زين العابدين صالح عبد الرحمن
2 March, 2023
2 March, 2023
أن إشكالية الديمقراطية في الساحة السياسية السودانية، تعاني من ضعف للثقافة الديمقراطية، و أيضا؛ أن الممارسة الديمقراطية لا تجد لها مساحة داخل القوى السياسية، حيث هناك قيادات مسيطرة سيطرة كاملة على عملية الحراك السياسي داخل المؤسسة الحزبية، فالقضايا ذات الإشكاليات الفكرية، لا ترغب القيادة مناقشتها أو الموافقة على فتح حوارات حولها، لأنها لا تقف في الحدود التي تحددها القيادة، و سوف تتجاوزها وفقا لمجريات الحوار و الوصول به لنتائج، و تتخوف القيادة من الحوارات الفكرية المفتوحة لأنها سوف تجر و تطال قضايا أخرى تصطدم بالقضايا التنظيمية، و أيضا؛ تتخوف القيادات أن تطالها عملية الحوار الداخلي بالتقييم، و المطالبة بإحداث تغييرات جوهرية في القيادة، و أيضا تصل إلي اختبار قدرات القيادة الفكرية و السياسية. باعتبار أن العديد من القيادات السياسية، و التي تصل إلي قمة الأحزاب دون كفاءة و مقدرات متواضعة دائما تتخوف من الحوارات المفتوحة، مما يجعلها تقلص حرية الممارسة الديمقراطية، فتصبح الديمقراطية محكومة برغائب هذه القيادات بهدف المحافظة على مواقعها. فالشعارات الديمقراطية التي ترفعها الأحزاب ليس شرطا ممارستها دخل المنظومة الحزبية، فهي شعارات تكتيكية، أو مناورات تحاول بعض الأحزاب تجميل نفسها بها، و معلوم أن طريق التحول الديمقراطي يحتاج لقيادات سياسية ذات معرفة فكرية، و لها إرادة قوية في عملية التغيير بشروط الديمقراطية، و ليس بشروط نخبة مصلحية.
و هنا تصبح الديمقراطية معطوبة لآن العديد من القيادات تريدها شعارات ليس لها واقعا في الممارسة، و الديمقراطية تتطور و تتقدم من خلال قدرة المجتمع و إرادته على إنتاج ثقافتها، و يصبح الرآي الأخر مكان أحترام عند الجميع. و الديمقراطية في حاجة أيضا للفكر، باعتباره آداة التغيير، و الفكر و الإنتاج المعرفي يمثلان القاعدة الأساسية التي تشيد عليها صروح الديمقراطية. هذا ما أشار إليه المفكر السوداني الراحل محمد بشير المعروف عبد العزيز حسين الصاوي في كتابه "في الفكر السياسي و ديمقراطية الاستنارة الجزء الثاني" يقول الصاوي " مع الركود التدريجي لقدرات الإبداع لدى النخبة السودانية و تداعي مقومات الاستنارة في المنظومة التعليمية تحت ضغط محاولات القولبة السلطوية، و تفشي اللامبالاة و الفساد كتعبير مباشر عن ضعف الشعور بالمسئولية بسبب انعدام المشاركة السياسية، حل الوقت الذي عجزت فيه الديكتاتوريات عن تقديم الدليل على صحة المعادلة التي سوقتها كتبرير لمشروعيتها و هي التلازم بين فقدان الحرية و التنمية الاقتصادية" و الركود و الصحوة تؤثر فيهما السلطة الحاكمة، لإنها تقليص مساحات الحرية، و مناهج التعليم التي تكون محكومة بمنظومة أيديولوجية لا تسمح بحرية الاجتهادات العلمية، و أيضا القبض على مفاصل الأجهزة الإعلامية و احتكاريتها. و الأحزاب أيضا لها دور و يبرز بصورة واضحة عندما تكون هناك مساحات من الحرية لا تستطيع الأحزاب استثمارها الاستثمار المطلوب الذي يعزز الديمقراطية داخلها.
و إذا نظرنا في الجانب الأخر لمسرح الوعي السياسي: و تتبعنا العديد من البرامج السياسية الحوارية في القنوات السودانية، تجد أن البرامج الحوارية تأتي بمحاورين سياسيين أو أكاديميين من ذات المرجعية، المتحاورون يمثلون القوى السياسية و العسكرية المتصارعة في الساحة السياسية، و هؤلاء يرددان ذات الخطاب الذي تم ترديده عدة مرات في مقابلات أخرى، لا جديد في هذه الحوارات. كل متخندق في مكانه لا يريد أن يتزحزح. من المفترض قدرة و إبداع مقدمي البرامج أن تحل هذه العقدة، أن يأتوا بمتحاورين أخرين تكون طريقة تفكيرهم أقرب للفكر منها إلي الخطاب السياسي، خاصة أن الخطاب السياسي محكوم برغائب و مصالح حزبية أو شخصية، لكن الخطاب الفكري غير مرتبط بهذه المصالح الضيقة، بل محكوم بالبحث عن مخارج عن الأزمة، و هذا التفكير يبدأ في طرح أسئلة جديدة، بهدف تغيير طريقة التفكير السائدة عند السياسيين و في المجتمع، المفكر غير محكوم بحدود حزبية أو شخصية بل محكوم بالقضية العامة لعملية التحول الديمقراطي و مطلوباتها، أيضا مهمته فضح الخطابات المغلقة التي ليس لها بعدا اجتماعيا أو وطنيا. لكن الملاحظ أن بعض مقدمي البرامج فقط يريدون ملأ فراغات في تلك القنوات. و هؤلاء نسوا أن دورهم تبصيري و خلق وعي جديد عند الجماهير، و أيضا وعي جديدا عند النخبة السياسية، و البعد عن الدغومائية، و الموضوعات المتكررة التي لا تضيف جديدا غير تأزيم الأزمة أكثر.
أن الإعلام يجب أن يكون رائدا في عملية التحول الديمقراطي، من خلال التنوع في الحوار السياسي ليكسب تيارات فكرية أخرى تعطي الحوار الحماسية المقرونة بالمعرفة، و ليس التصطيح السياسي التي تمارسه بعض القيادات التي تحاول أن تكرر حديثا محفوظا لديها يكشف عن تمسكها بمصالح أحزابها دون مصالح المجتمع و الوطن. أن حالة الإضطراب السياسي متوقعة في دولة كانت ثلاثين عاما تحت حكم الشمولية، و في ظل ثقافة ديمقراطية ضعيفة، فالصحافة و الإعلام لهما القدرة على تجاوز هذه المعضلة. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
و هنا تصبح الديمقراطية معطوبة لآن العديد من القيادات تريدها شعارات ليس لها واقعا في الممارسة، و الديمقراطية تتطور و تتقدم من خلال قدرة المجتمع و إرادته على إنتاج ثقافتها، و يصبح الرآي الأخر مكان أحترام عند الجميع. و الديمقراطية في حاجة أيضا للفكر، باعتباره آداة التغيير، و الفكر و الإنتاج المعرفي يمثلان القاعدة الأساسية التي تشيد عليها صروح الديمقراطية. هذا ما أشار إليه المفكر السوداني الراحل محمد بشير المعروف عبد العزيز حسين الصاوي في كتابه "في الفكر السياسي و ديمقراطية الاستنارة الجزء الثاني" يقول الصاوي " مع الركود التدريجي لقدرات الإبداع لدى النخبة السودانية و تداعي مقومات الاستنارة في المنظومة التعليمية تحت ضغط محاولات القولبة السلطوية، و تفشي اللامبالاة و الفساد كتعبير مباشر عن ضعف الشعور بالمسئولية بسبب انعدام المشاركة السياسية، حل الوقت الذي عجزت فيه الديكتاتوريات عن تقديم الدليل على صحة المعادلة التي سوقتها كتبرير لمشروعيتها و هي التلازم بين فقدان الحرية و التنمية الاقتصادية" و الركود و الصحوة تؤثر فيهما السلطة الحاكمة، لإنها تقليص مساحات الحرية، و مناهج التعليم التي تكون محكومة بمنظومة أيديولوجية لا تسمح بحرية الاجتهادات العلمية، و أيضا القبض على مفاصل الأجهزة الإعلامية و احتكاريتها. و الأحزاب أيضا لها دور و يبرز بصورة واضحة عندما تكون هناك مساحات من الحرية لا تستطيع الأحزاب استثمارها الاستثمار المطلوب الذي يعزز الديمقراطية داخلها.
و إذا نظرنا في الجانب الأخر لمسرح الوعي السياسي: و تتبعنا العديد من البرامج السياسية الحوارية في القنوات السودانية، تجد أن البرامج الحوارية تأتي بمحاورين سياسيين أو أكاديميين من ذات المرجعية، المتحاورون يمثلون القوى السياسية و العسكرية المتصارعة في الساحة السياسية، و هؤلاء يرددان ذات الخطاب الذي تم ترديده عدة مرات في مقابلات أخرى، لا جديد في هذه الحوارات. كل متخندق في مكانه لا يريد أن يتزحزح. من المفترض قدرة و إبداع مقدمي البرامج أن تحل هذه العقدة، أن يأتوا بمتحاورين أخرين تكون طريقة تفكيرهم أقرب للفكر منها إلي الخطاب السياسي، خاصة أن الخطاب السياسي محكوم برغائب و مصالح حزبية أو شخصية، لكن الخطاب الفكري غير مرتبط بهذه المصالح الضيقة، بل محكوم بالبحث عن مخارج عن الأزمة، و هذا التفكير يبدأ في طرح أسئلة جديدة، بهدف تغيير طريقة التفكير السائدة عند السياسيين و في المجتمع، المفكر غير محكوم بحدود حزبية أو شخصية بل محكوم بالقضية العامة لعملية التحول الديمقراطي و مطلوباتها، أيضا مهمته فضح الخطابات المغلقة التي ليس لها بعدا اجتماعيا أو وطنيا. لكن الملاحظ أن بعض مقدمي البرامج فقط يريدون ملأ فراغات في تلك القنوات. و هؤلاء نسوا أن دورهم تبصيري و خلق وعي جديد عند الجماهير، و أيضا وعي جديدا عند النخبة السياسية، و البعد عن الدغومائية، و الموضوعات المتكررة التي لا تضيف جديدا غير تأزيم الأزمة أكثر.
أن الإعلام يجب أن يكون رائدا في عملية التحول الديمقراطي، من خلال التنوع في الحوار السياسي ليكسب تيارات فكرية أخرى تعطي الحوار الحماسية المقرونة بالمعرفة، و ليس التصطيح السياسي التي تمارسه بعض القيادات التي تحاول أن تكرر حديثا محفوظا لديها يكشف عن تمسكها بمصالح أحزابها دون مصالح المجتمع و الوطن. أن حالة الإضطراب السياسي متوقعة في دولة كانت ثلاثين عاما تحت حكم الشمولية، و في ظل ثقافة ديمقراطية ضعيفة، فالصحافة و الإعلام لهما القدرة على تجاوز هذه المعضلة. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com