الذين حيّروا الشيطان !!

 


 

د. عمر القراي
23 September, 2017

 

 


Omergarrai@gmail.com

(شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ) صدق الله العظيم

لا أحد مهما أوتي من بلاغة، يستطيع وصف الاخوان المسلمين، الذين إختطفوا الدولة السودانية، وعاثوا فيها ظلماً، وفساداً، بأفضل مما وصفهم به،السيد الرئيس عمر البشير حين قال ( أحيانا الشيطان يحتار في أشياء نعملها نحن) !! (الإنتباهة 12/9/2017م).
ولعل مما يحتار فيه الشيطان، ويعجز عن إتيانه، أن تقتل حكومة الإخوان المسلمين مئات الآلاف من أبناء دارفور، وتحرق قراهم، وتغتصب نساءهم،وتشردهم بين معسكرات اللجؤ والنزوح، ثم بعد كل هذا يأتي نفس الرئيس،الذي كان سبب مأساتهم، والذي أصبح بسببها مطلوباً للعدالة الدولية، يأتي بلا حياء ليزور ضحاياه في معسكر " كلمة" !! وهو حين يقوم بتلك الزيارة، لا يهتم بمعاناتهم في المعسكرات، ولا ينشغل بعودتهم الى قراهم، التي كان من المفترض أن يكون قد أعيد إعمارها، كأول خطوة في سبيل حل مشكلة دارفور .. جل ما يريده الرئيس، من زيارة معسكر النازحين، أن يستقبله هؤلاء الذين قتل أهلهم، وشردهم، بالتأييد، والتهليل، وأهازيج الفرح، ليغنوا له، ويرقص،ويصوّر هذه المهزلة، ويرسلها للأمريكان، ويقول أنه حل مشكلة دارفور،وهاهم أهلها يستقبلونه، وهم عنه راضون !! هذا هو مكرهم والله من ورائهم محيط .. فبفضله ثم وعي أهلنا الطيبين في معسكر " كلمة"، لم تجز عليهم الخدعة، وهتفوا ضد حكومة الأخوان المسلمين، ورفعوا الرايات التي كتب عليها " الدم الدم لكلاب الأمن"، و " أوفقوا الإعتداء على طلاب دارفور"، و " لا لا لزيارة البشير"، و " البشير متهم بالإبادة الجماعية لشعب دارفور"وغيرها من الهتافات الداوية، التي أكدت صلابة وأصالة هذا الشعب العظيم. ولو كان الشيطان هو الذي يقوم بزيارة المعسكر، لاستحى ورجع، ولكن الذين حيروا الشيطان، لم يرجعوا، بل فعلوا ما لا يخطر على بال الشيطان نفسه !!فقد قامت الحكومة ممثلة في أمن وشرطة الولاية، بمجزرة ، حين أطلقت الرصاص الحي، على النازجين، العزل، البسطاء، من رجال ونساء وأطفال،فسقط القتلى، والجرحى في معسكر " كلمة" .. أما الشهداء فهم حسب ما جاء في وسائل التواصل الإجتماعي : فاطمة آدم صالح 45 سنة –عرفة محمد آدم 40 سنة- اسحق صالح احمد 41 سنة وابراهيم آدم ادريس 42 سنة هذا الى جانب أكثر من 20 جريح منهم من هم في حالة خطيرة ، وعدد من المخطوفين بواسطة جهاز الأمن .. هذا الجرم الفظيع تزامن مع تصريح جاء فيه ( البشير: كيف لمسلم يقرأ كتاب الله يقتل نفساً بلا ذنب)!!(الأهرام اليوم 22/9/2017م) إن البشير شخصياً مسؤول مسؤولية مباشرة عن مقتل شهداء معسكر "كلمة" بلا ذنب غير رفضهم لزيارته، فلينظر أين يضع نفسه، وهومسلم، ويقرأ كتاب الله !! وعلى المجتمع الدولي، والمحكمة الجنائية الدولية، أن تضيف مجزرة " كلمة"، الى سجل البشير من الجرائم ضد الإنسانية .
ومما يحتار فيه الشيطان، مقدرة الاخوان المسلمين، على تصوير العقوبات الأمريكية، وكأنها مسألة مضرة بالشعب السوداني، وأنها السبب في الضائقة الاقتصادية .. مع أن الشركات المتضررة، من عدم الاستيراد من شركات أمريكية، أو لديها حسابات مع بنوك متعاملة معها، كلها يمتلكها أفراد من النافذين في حكومة الاخوان المسلمين، أو إخوانهم أو زوجاتهم أوذويهم. وحتى لو كان هناك رأسمالي سوداني، لا علاقة له بالاخوان، فلن يعطى الترخيص لينافس شركاتهم. فلو رفعت العقوبات، ستزيد أموال الاخوان المسلمين، ويزيد افقارهم للشعب، وتزيد سيطرتهم عليه، وضمان البقاء في كراسي السلطة .. من هنا، جاء اهتمامهم برفع العقوبات. ومن الطبيعي أن يحرصوا على رفعها، ولو أدى ذلك الى إنكار دعاوي الجهاد ضد الأمريكان !! ألم يقل أحد قادتهم، إن شعار " أمريكا قد دنا عذابها" ليس من شعاراتهم،وإنما هو من شعارات الشيوعيين ؟! ولكن الغير طبيعي هو محاولة إيهام الشعب، بأن رفع العقوبات، إنما هو لمصلحته، لأن ذلك كذب صراح، لو كان للاخوان المسلمين ذرة من الحياء، لما خطر ببالهم !!
ومما يحتار فيه الشيطان، الوظائف التي تخلقها حكومة الاخوان المسلمين،لأعضاء التنظيم، حين تبعدهم من مناصبهم، لشكها في ولائهم، ثم مع ذلك،تعطيهم مراكز يستطيعون منها نهب المال العام، حتى تكفى شرهم، أو نقدهم للحكومة. فمثلاً العميد يوسف عبد الفتاح، والذي بدأ الهوس حينما كان معتمد الخرطوم وحين أبعد من كل منصب، بدأ يتململ ببعض النقد للحكومة،فعين رئيس هيئة ترقية السلوك الحضاري !! ما هو السلوك الحضاري؟! وكيف سيرقيه هذا المهووس ؟! ثم أبعد عن هذا المنصب، وحول الى رئيس هيئة أهل القبلة !! من هم أهل القبة؟! وما مهمة رئيسهم ؟! وماذا تفعل هذه الهيئة للبلد ؟! ومن الأمثلة العجيبة ما حدث للأخ المسلم الصافي جعفر، الذي اتهم من قبل بنهب أموال مشاريع زراعية، فأبعد من ذلك المنصب، وعين رئيس مجلس الذكر والذاكرين !! وهل ذكرالله يعين عليه رؤوساء يأخذون مرتبات طائلة ؟!وما هي مؤهلات رئيس مجلس الذكر؟! وهل يمكن أن يكون لص سابق ؟! والدكتور الحاج آدم بدأ من هارب من العدالة، مطلوب القبض عليه، ثم أصبح نائباً رئيس الجمهورية، ثم أبعد مرة أخرى، وهو الآن رئيس مجلس توعية الجاليات بالسودان !! بماذا يوعيهم ؟! ولماذا اختير لمهمة التوعية، رجل منذور الحظ من الوعي العام؟! بل هو من عدم الوعي بحيث صرح بأننا يمكن أن نهزم اسرائيل بالسواطير !! ثم كم هي مرتبات هذه الوظائف الوهمية ؟! وكيف جوزوها لأنفسهم، في بلد فقير، لا تقدر فيه الأسرة العادية، على توفير وجبتين في اليوم ؟!
ومن فساد الإخوان المسلمين الذي يحتار فيه الشيطان، أن يصدر الذبيح من الضأن الى بعض الدول العربية، فيباع فيها بأقل من سعره في السودان،في محاولة للتقرب السياسي لتلك الدول !! والسبب أن المزارع التي يربى فيها هذا الضأن، شيدت على أراضي مجانية، ووفر لها رياً مجانياً، كما أنه ليس بها عمال، وإنما يقوم بزراعة العلف، ورعاية الضأن، مساجين يحضروا من السجن العمومي، ليعملوا بلا مقابل في مزرعة، تتبع للدولة اسمياً، ولأحد النافذين من جماعة الاخوان المسلمين حقيقة !!
ومما يحتار له الشيطان، أن يشتهر بسرقة المال العام، وزراء حكومة الاخوان المسلمين، الأكثر تشدداً وتمسكاً بإسلامهم، فنجد الفساد في الأوقاف، وفي إدارة الحج والعمرة، حيث تطول اللحى والسبح !! فقد جاء (قال عثمان أبو المجد، نائب رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار بالمجلس الوطني، أن لجنته بصدد إستدعاء محمد عطا، مدير جهاز الأمن، لمساءلته حول شبهة تواطؤ إدارة الأمن الإقتصادي مع وزير السياحة في تهريب الآثار وبيعها خارج البلاد. وأضاف نائب رئيس اللجنة، في تصريحات صحفية أمس، إن وزير السياحة محمد أبوزيد – ينتمي لجماعة "أنصار السنة"، ومدير مكتبه – المتهمين ببيع قطع أثرية خارج البلاد – وصلا مطار الخرطوم وبحوزة كل منهما 500 ألف دولار و 300 ألف دولار على التوالي، دون ان يتم سؤالهما من طرف الأمن الإقتصادي مما يشي بشبهة تواطؤ)(حريات10/9/2017م). فهاهو الوزير الوهابي المتشدد، يقبل أن يكون وزيراً للسياحة، وبدلاً من يحطم الآثار، باعتبارها أصنام، كما يأمره مذهبه الوهابي المتطرف، قام بسرقتها وبيعها،ألا يحير هذا الوزير الشيطان كما قال السيد الرئيس ؟!
إن حكومة الإخوان المسلمين الجائرة القاتلة، تلفظ أنفاسها الأخيرة.. والشعب الذي ثار عليها في معسكر "كلمة"، لم ينتظر زعماء الأحزاب الطائفية، ليقودوه في هبته، لأنهم لن يثوروا ضد النظام،لارتباط مصالحهم به، حيث يعمل أبناؤهم مساعدين، لرأس النظام الدكتاتوري، فما حاجة هؤلاء للديمقراطية، ما دامت الدكتاتورية ترعى مصالحهم ؟! والقوى السياسية التي أفلتت من إسار الأحزاب الطائفية، لم تستطع الإفلات من التأثر بها، والأمل فيها،مما عوقها هي أيضاً، رغم سلامة حسها الوطني. لقد تخطى الشعب السوداني كل الأحزاب وفجر ثورة أكتوبر 1964م،وتخطاهم مرة أخرى وفجر الإنتفاضة مارس 1985م، وسيتخطاهم مرة ثالثة، فإذا قدر الله ذلك، لن يجعل ثورته تنتكس، بتسلقهم لها،وإفراغها من محتواها، وتسليمها من جديد للدكتاتورية كما فعلوا مراراً.

د. عمر القراي

 

آراء