السلام القادم من جوبا :آخر طريق الآلام!!
سلام يا .. وطن
*نكتب هذا الزاوية من جوبا حاضرة دولة الجنوب والمدينة الساحرة التي ضمت أكبر الفصائل الباحثة عن السلام فالبقاء فيها يورث الحسرة على فقداننا لجزء عزيز من السودان الكبير ، لكن العزاء الباقي هو تنامي فكرة شعب واحد في بلدين ، والرابط الذي يربط بين الشعب السوداني في الشمال والجنوب ،يؤكد على أن هذه الرابطة لاتوجد بين أي دولتين في العالم المعاصر مثلما هي بين شمال وجنوب السودان ، فإنك تسمع الأغنية الوطنية للعطبراوي من فنانة جنوبية ، وكذلك تجد من يقلد كابلي ومحمد الأمين والكل يرقص على الايقاع والأغنية السودانية ، وليس هذا بمستغرب فمعظم شباب وفتيان وشيوخ جنوب السودان هم ممن تكوّن وجدانهم الجمعي في الشمال دون ان يكون عندهم في الذاكرة صورة أخرى للقياس ، فكل ابناء وبنات الجنوب ممن عاشوا طفولتهم وصباهم وشبابهم في سودان ماقبل الإنفصال تحفظ دواخلهم السودان الكبير بكل مكوناته ومكنوناته ، وتكاد تكون الصور المطبوعة من الشمال وحده ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا فشلت النخب في الشمال والجنوب من المحافظة على وحدة الوطن الواحد؟!والإجابة ليست بالأمر الصعب لأنها تجسيد حي لفشل النخب في الشمال والجنوب ، الأمر الذي ساعد اليوم في تنامي فكرة شعبُ واحد في بلدين ، وذلك عندما فشلنا في أن نكون شعب واحد في بلد واحد.
*ثم تنادى قادة الجنوب ليكون سلام السودان من الأرض التي عانت من ويلات الحرب وخبرت آلام التشرذم والحروب ،ففتحوا بلادهم للتفاوض تحت رعاية أممية وإقليمية ، وإكتشفنا إننا يمكن أن نتفاوض ونختلف ونتشاكس ونتفق ، وأن السلام اذا توفرت له الإرادة فهو ليس بعيد المنال ،ولا عصيُ على التحقيق ،وبجهد ومثابرة الفريق /قلواك دينق رئيس وفد الوساطة والدكتور / ضيو متوك مقرر الوساطة وقد كان ان نجحا في إنزال السلام لأرض الواقع ، حتى تم التوقيع على البروتوكولات وعلى المصفوفة وعلى القضايا القومية ،وبقيت الفجوة التي بانت كالبقية من الجرح المتقيِّح والمتمثلة في تجاهل حقوق الثروة في مسار الوسط والشمال والتي وعد بتداركها السيد / رئيس الوزراء الدكتور /عبدالله حمدوك في زيارته لجوبا ، ولم يستبعد ادراكها الدكتور مكي ميرغني وكيل وزارة المالية ، فان نسبة العشرة بالمائة من السلطة التي حاز عليها مسار الوسط ينبغي أن تتضاعف في نسبة الثروة التي بداخل الارض بمنطق اذا لم يكن في الوسط ثروات في باطن الارض فماهو الضرر من ان تكتب نسبة 50%والتي لن تؤثر على أحد؟! بدلاً عن تحويل التهميش من الهامش الأول الى هامش جديد في الوسط والشمال ؟!ثم نقف نعض أصابع الندم على سلام منقوص؟!
*وتتأهب قوى وفد المقدمة للعودة الى الخرطوم يوم الخميس السابع عشر من سبتمبر 2020 وهي تحمل في جوانحها بشريات السلام القادم من جوبا والذي سيحط رحاله في خرطوم مابعد الكورونا ومابعد الفيضان وماقبيل إنهيار الدولة ، وشعبنا الصبور بالرغم من الواقع السوداني الأليم واجتماع الكارثة مع المعاناة من الفشل السياسي ،فترتسم لوحة من التحدي الذي يملك القدرة على التغلب والإنتصار على فقه الهزائم والإحتراب ، ووفد المقدمة يقول لكم :السلام القادم من جوبا :آخر طريق الآلام ..وسلام ياااااااوطن..
سلام يا
وانا في طريق السلام بجوبا يحمل لي الناعي وفاة خالي /عادل ادريس مسند ، ولم نستفق من الصدمة بعد ترحل كوثر حسن أرملة شقيقي الراحل يوسف احمد خيرالله ، والتي لحقت به عقب خروجها من العدة ، وسرعان ماجاءني خبر انتقال أخي نصرالدين حسن خيرالله ..ربنا تقبلهم عندك مع ومن المتقيين ، وسلام عليهم في الخالدين .
الجريدة الأحد13/سبتمبر2020