شاهدت في المنتديات الإلكترونية صور من حفلة القداس التي أقامها الطيب مصطفى بمناسبة إنفصال جنوب السودان ، لكل ما رأيته كان اقلّ مما وعدنا بيه مفكر دولة الشمال النيلي العظيمة ، فهو قال عندما يتم الإنفصال سوف يقوم مجتمع الشمال المسلم والعربي بذبح الخرفان والثيران ونحر الإبل بأعداد كبيرة فرحة بهذا اليوم السعيد ، وبأنه سوف يجعل هذا اليوم مثل يوم زي قار حيث أنتصر العرب على الفرس ، لكن ما رأيته كان أقلّ من التوقعات كما أسلفت ، ثورٌ واحد وقد تحلقت حوله مجموعة محدودة من الناس وهم يشهرون سكاكينهم ، وقد كان للون الثور " الأسود " رمزية خاصة ، فالسودان الآن هو دولة عربية يكسو وجه سكانها اللون الأبيض الخالص الذي لا تعكر صفوته طلاسم السواد ، ومستقبلاً ربما لا يسمح والي الخرطوم بذبح أي ثور بقري يميل لونه للبياض بحكم أنه رمز وطني ، والثيران المهددة بالذبح هي السوداء فقط ، وهذا سوف يُمهد لقيام إبادة جماعية ضد الثيران السوداء في كل أنحاء السودان ، وكما كان الطيب مصطفى بخيلاً في مشاعره الوطنية تجاه الآخرين إلا أنه أيضاً بخيلاً في ماله ، فقد توقعت أن يذبح الخراف والثيران في كل الولايات السودانية كما وعدنا وليس في الخرطوم فقط حيث الشهرة والإعلام سهولة دعوة الاقارب ، فقد أكل من لحم الثور من هم في شاكلة الطيب مصطفى وقد حُرم منه الفقراء والمساكين ولا أعلم كيف تم توزيع اللحم ..فهل تم توزيعه بنسبة ثلث لأهل البيت وثلثين للمساكين ؟؟؟ لا أعتقد ذلك ، لأن ما رايتهم في الصورة هم ثلث واحد نعرفه منذ عقدين من الزمان ،وهم متخمين بأكل مال الشعب السوداني وثروته ولا يضرهم أو ينفعهم أكل لحم ثور واحد ، وما يُدهشني وجود الصحفي الصادق الرزيقي بين هذه الحشود التي شحذت أنصالها للثور الاسود . وربما يكون غير مدرك لهذه الرمزية الخبيثة ، والآن علمت لماذا كانت اليهود حريصة على معرفة لون البقرة قبل ان يقوموا بذبحها ، ولماذا كان البقر دلالة على العناد والجحود كما ورد في خبر بني إسرائيل ، كما كان رمزاً للضلالة والإغواء عندما عبدته ولم تجف أقدامهم من حمأ البحر .
لكن الطيب مصطفى تجاهل الاضحيات البشرية التي قدمها حزبه في حرب الجنوب ، نسى الدكتور محمود شريف ومحمد أحمد عمر وعوض عمر السماني وأحمد علي الريس ، نسى كل هؤلاء وغيرهم من الشباب ، فمن أجل كسب حرب الجنوب ضحى حزب الطيب مصطفى بالأنفس البشرية الغالية ، ومن أجل الفراق ضحى بثور واحد كثرت حوله السكاكين ، أنه أدهى من بخلاء الجاحظ ، لكن ما أرجوه من الطيب مصطفى الآن وقبل أن يستفحل الغلاء وتنضب موارد الدولة بسبب قطع ريع حصتها من البترول ، وقبل أن يرتفع سعر الثيران السوداء في السوق الموازي ، أطلب منه بأن يشتري خمسة ثيران سوداء بمناسبة الإنفصال المتوقع لجبال النوبة والأنقسنا والنيل الأزرق ودارفور والشرق ، ولن يجد مكابدة في العثور على الطبيب البيطري الذي يقوم بالفحص اللازم ويصادق على عافية الثيران من الأوبئة والأمراض حتى يستمتع المعازيم بالشية والمرارة ، يجب أن يكون كل ثورٌ مقرون بإسم منطقته ، ويجب أن نستوثق أنه اشترى هذه الثيران من حر ماله وليس من صدقة تسربت من خزينة حزب المؤتمر الوطني ، لكن هذا السؤال مطروح لهيئة كبار العلماء التي لزمت الصمت حيال هذا الذبح الذي اُهلّ به لغير الله ..فهل يجوز الأكل من لحمه ؟؟؟ صحيح أن الغرض منه البهجة والتعبير عن الفرح مثل رياضة مبارزة الثيران في أسبانيا ، أما الذبح من أجل الوحدة أو الإنفصال فهو سنة سيئة سنها الطيب مصطفى ..عليه وزرها ووزر من أتبعها إلى يوم القيامة .