السودان إلى أين
محمد تورشين
7 November, 2022
7 November, 2022
تحليل سياسي
د. محمد تورشين
مقدمة :
بعد عام من انقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان على الوثيقة الدستورية المعيوبة والإطاحة بالحرية والتغيير الشريك الفاعل في السلطة انذاك، وهو الانقلاب الذي أربك المشهد السياسي السوداني وادخل البلاد في أتون متاهات سياسية واقتصادية واجتماعية إعادت الواقع السياسي الي نقطة الصفر في أزمة لا تزال تروح مكانها .
وفي حين كان الناس قبل عام ونيف يتوقعون انتقالا سلسا في قيادة مجلس السيادة مما يؤدي لاكمال الفترة الانتقالية - على علاتها - والتحضير والاستعداد للانتخابات، الا أنه كانت هناك أطراف عسكرية ومدنية لديها مصالح في استدامة الفترة الانتقالية تحت سيطرة العسكر ومصالحهم.
مسالب الاتفاق السابق :
لقد كانت فترة العسكر وقحت مليئة بالثقوب، حيث لم يكن من المنطق اعتماد فترة انتقالية تزيد عن عامين، مع الأخذ في الاعتبار بأن مشاركة الأطراف السياسية في الفترة الانتقالية تفضي بشكل مباشر أو غير ذلك الى استغلال نفوذ ومقومات الدولة لمصلحة القوى السياسية والحزبية مما يؤثر على العملية الانتخابية أن حدثت في الأصل .
في تقديري ان المؤسسة العسكرية السودانية وبعد ادراكها لضعف الأحزاب ، سعت وتسعى وبدعم ومساندة من بعض الأطراف الإقليمية والدولية إلى لعب دور حديث يختلف عن أدوار الجيش السوداني فيما مضى من أوقات، سواء كان ذلك في أبريل 1985م أو اكتوبر 1965م وحتى في الانقلابات العسكرية 1958م بقيادة ابراهيم عبود أو 1969 بقيادة جعفر نميري أو هاشم العطا 1971م أو المحاولات الانقلابية في 1975 بقيادة حسن حسين ، و هي في الأصل إنقلابات وقفت خلفها الإتجاهات والفواعل السياسية والحزبية.
الآن نحن أمام معطيات جديدة تسعي إلى تشكيل واقع تكون فيه المؤسسة العسكرية رأس الرمح كما يحدث في الدول المجاورة والمشابهة (مصر، الجزائر، باكستان )، مع تجيير بعض من القوى السياسية والمجتمع المدني وراءها .
اعتقد ان نجاح الجيش في هذه المقاربة سوف يعقد المشهد السياسي خلال امد بعيد. ويهدف الجيش لتغيير المشهد من خلال السيطرة على الاقتصاد والتحكم في الاعلام .
إلا ان الجيش يواجه تحديات كبيرة أمام هذا المخطط، وأهمها فشله في تحقيق الأمن والاستقرار الذي يمثل اهم واجباته ، واحداث النيل الازرق و لقاوة. فضلا عن فشله التام في الملف الاقتصادي وكذلك في ملف العلاقات الخارجية المرتبط بملفي الامن والاقتصاد.
هذا التوجه الجديد للجيش يحتم على القوى السياسية وضع قضية تحالفها وشراكتها معه تحت التساؤل، كما تفرض واجب اصلاح المؤسسة العسكرية ضمن أولويات الفترة الانتقالية وأن يقوم بذلك خبراء مدنيين ليس لديهم مصالح باستمرارية الاختلالات التاريخية المرتبطة بهينة الجيش على الحكم .
ويزيد من تعقد الموقف وجود الطامحين من أبناء المؤسسة العسكرية وبعض أصحاب المصالح بالتقاطعات بين القوى السياسية والحزبية والذين يتعيشون من الازمة الحالية.
ان تمسك كل طرف من الأطراف الفاعلة حاليا بمواقف وآراء حول الخروج من الأزمة الراهنة ، يجعل من الصعوبة بمكان اعتماد موقف موحد للخروج من الأزمة واستكمال مسار الانتقال، لأن ذلك بحاجة إلى تقديم تنازلات حتى يتشكل موقف شامل جامع بحضور كل القوى السياسية والحزبية باستثناء المؤتمر الوطني.
ان السودان اليوم يحتاج الى صياغة كل الأفكار في مشروع وطني ودستور يصادق عليه الجميع ومن ثم طرحه للشعب للاستفتاء عليه،و لكن في ظل ثقافة رفض الاخر وعدم حيادية أطراف الوساطة ورغبتهم في تشكيل واقع يتماشى مع اجندتهم في السودان ومصالح الجيو استراتيجية تضيق فرص التوصل إلى شبه إجماع وطني عن طريق مائدة مستديرة.
في الوقت الحالي علي القوى السياسية والحزبية رفض الدخول في تسوية ثنائية مع الجيش لأن الفشل سيكون مصيرها كما حدث في شراكة قوى الحرية والتغيير والجيش، واعتماد مبدأ التسوية الشاملة بحضور جميع الأطراف وشمولية القضايا والمواضيع محل الخلاف كقضايا شكل الدولة ونظام الحكم وملامح السياسة الخارجية والهوية الوطنية.
د. محمد تورشين
mohamedtorshin@gmail.com
//////////////////////////////
د. محمد تورشين
مقدمة :
بعد عام من انقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان على الوثيقة الدستورية المعيوبة والإطاحة بالحرية والتغيير الشريك الفاعل في السلطة انذاك، وهو الانقلاب الذي أربك المشهد السياسي السوداني وادخل البلاد في أتون متاهات سياسية واقتصادية واجتماعية إعادت الواقع السياسي الي نقطة الصفر في أزمة لا تزال تروح مكانها .
وفي حين كان الناس قبل عام ونيف يتوقعون انتقالا سلسا في قيادة مجلس السيادة مما يؤدي لاكمال الفترة الانتقالية - على علاتها - والتحضير والاستعداد للانتخابات، الا أنه كانت هناك أطراف عسكرية ومدنية لديها مصالح في استدامة الفترة الانتقالية تحت سيطرة العسكر ومصالحهم.
مسالب الاتفاق السابق :
لقد كانت فترة العسكر وقحت مليئة بالثقوب، حيث لم يكن من المنطق اعتماد فترة انتقالية تزيد عن عامين، مع الأخذ في الاعتبار بأن مشاركة الأطراف السياسية في الفترة الانتقالية تفضي بشكل مباشر أو غير ذلك الى استغلال نفوذ ومقومات الدولة لمصلحة القوى السياسية والحزبية مما يؤثر على العملية الانتخابية أن حدثت في الأصل .
في تقديري ان المؤسسة العسكرية السودانية وبعد ادراكها لضعف الأحزاب ، سعت وتسعى وبدعم ومساندة من بعض الأطراف الإقليمية والدولية إلى لعب دور حديث يختلف عن أدوار الجيش السوداني فيما مضى من أوقات، سواء كان ذلك في أبريل 1985م أو اكتوبر 1965م وحتى في الانقلابات العسكرية 1958م بقيادة ابراهيم عبود أو 1969 بقيادة جعفر نميري أو هاشم العطا 1971م أو المحاولات الانقلابية في 1975 بقيادة حسن حسين ، و هي في الأصل إنقلابات وقفت خلفها الإتجاهات والفواعل السياسية والحزبية.
الآن نحن أمام معطيات جديدة تسعي إلى تشكيل واقع تكون فيه المؤسسة العسكرية رأس الرمح كما يحدث في الدول المجاورة والمشابهة (مصر، الجزائر، باكستان )، مع تجيير بعض من القوى السياسية والمجتمع المدني وراءها .
اعتقد ان نجاح الجيش في هذه المقاربة سوف يعقد المشهد السياسي خلال امد بعيد. ويهدف الجيش لتغيير المشهد من خلال السيطرة على الاقتصاد والتحكم في الاعلام .
إلا ان الجيش يواجه تحديات كبيرة أمام هذا المخطط، وأهمها فشله في تحقيق الأمن والاستقرار الذي يمثل اهم واجباته ، واحداث النيل الازرق و لقاوة. فضلا عن فشله التام في الملف الاقتصادي وكذلك في ملف العلاقات الخارجية المرتبط بملفي الامن والاقتصاد.
هذا التوجه الجديد للجيش يحتم على القوى السياسية وضع قضية تحالفها وشراكتها معه تحت التساؤل، كما تفرض واجب اصلاح المؤسسة العسكرية ضمن أولويات الفترة الانتقالية وأن يقوم بذلك خبراء مدنيين ليس لديهم مصالح باستمرارية الاختلالات التاريخية المرتبطة بهينة الجيش على الحكم .
ويزيد من تعقد الموقف وجود الطامحين من أبناء المؤسسة العسكرية وبعض أصحاب المصالح بالتقاطعات بين القوى السياسية والحزبية والذين يتعيشون من الازمة الحالية.
ان تمسك كل طرف من الأطراف الفاعلة حاليا بمواقف وآراء حول الخروج من الأزمة الراهنة ، يجعل من الصعوبة بمكان اعتماد موقف موحد للخروج من الأزمة واستكمال مسار الانتقال، لأن ذلك بحاجة إلى تقديم تنازلات حتى يتشكل موقف شامل جامع بحضور كل القوى السياسية والحزبية باستثناء المؤتمر الوطني.
ان السودان اليوم يحتاج الى صياغة كل الأفكار في مشروع وطني ودستور يصادق عليه الجميع ومن ثم طرحه للشعب للاستفتاء عليه،و لكن في ظل ثقافة رفض الاخر وعدم حيادية أطراف الوساطة ورغبتهم في تشكيل واقع يتماشى مع اجندتهم في السودان ومصالح الجيو استراتيجية تضيق فرص التوصل إلى شبه إجماع وطني عن طريق مائدة مستديرة.
في الوقت الحالي علي القوى السياسية والحزبية رفض الدخول في تسوية ثنائية مع الجيش لأن الفشل سيكون مصيرها كما حدث في شراكة قوى الحرية والتغيير والجيش، واعتماد مبدأ التسوية الشاملة بحضور جميع الأطراف وشمولية القضايا والمواضيع محل الخلاف كقضايا شكل الدولة ونظام الحكم وملامح السياسة الخارجية والهوية الوطنية.
د. محمد تورشين
mohamedtorshin@gmail.com
//////////////////////////////