السودان بين عمامة البشير وبرنيطة سيلفا … بقلم: حسن احمد الحسن /واشنطن

 


 

 

 

وضعت الانتخابات أوزارها وأصبح تقرير المصير المفضي إلى الانفصال على مرمى حجر . ولكن للأسف يبدو أنه حتى مجرد التطلع إلى انفصال جاذب أصبح أمرا مستعصيا في ظل عداء الشريكين الذين أراد الله أن يكون السودان الذي حدد ملامحه الأجداد بمساحة مليون ميل مربع في يديهما ومن خلفهما غرايشون بعينه الزرقاء حين يبتسم والحمراء حين يغضب.

البشير يتهم الحركة الشعبية بالتلاعب في نتيجة الانتخابات في الجنوب بعد ان نال أقل من 10 بالمئة وهو ما يعتبر أقوى مؤشر للانفصال . وسيلفا كير يتهم البشير وحكومته في الفضائية المصرية بتمزيق السودان ودفعه للتشرزم في الجنوب والغرب والشرق وحتى في الشمال القصي ويحمل المؤتمر الوطني مسؤولية الانفصال الحتمي حين حصاده بسبب ما قال إنها السياسات التي دمرت البلاد .

وما ارتكبه المؤتمر الوطني من تجاوزات في حق منافسيه المشاركين والمقاطعين للانتخابات في الشمال ذات الفعل الذي ارتكبته الحركة الشعبية في الجنوب في حق شريكها  اللدود المؤتمر الوطني في الجنوب   "وكما يقول المثل من حفر حفرة لأخيه وقع فيها " فلو صدقت النوايا لصدقت الأفعال .

 

الحسيب النسيب غرايشون

 

كثيرا  ما يصنف بعض قادة المؤتمر الوطني من فصيلة " الصقور " خصومهم في حزبي الاتحادي والأمة بأتباع أحزاب " البيوتات " والأسر  التي تسير المريدين بالإشارة والطاعة العمياء وما إلى ذلك من اتهامات .

قد يتفق البعض ويختلف آخرون في توصيف وتقييم هذه الاتهامات لكن ما يحتاج فعلا إلى توصيف وتقييم هو طاعة المؤتمر الوطني العمياء لسادة من نوع آخر أمثال الحسيب النسيب السيد غرايشون وزملاءه من رعاة نيفاشا وفي أي نوع يصنف ذلك  الولاء رغبا ورهبا وفي ذلك شواهد كثيرة عبر سيرة ومطبات اتفاق نيفاشا منذ التوقيع وحتى قيام انتخابات الاستفتاء الحالية  .

مامن شك فقد أزعجت تصريحات نيفاشا حول المحكمة الجنائية وعدم نزاهة الانتخابات وقبولها على مضض باعتبارها مطية للانفصال الحزب الحاكم الذي قال إنه يطلب توضيحا من واشنطن ،لكن الحقيقة هي أن ما يقال في واشنطن أكثر بكثير مما قاله غرايشون .

 فماذا يضير المؤتمر الوطني لو احترم عقول السودانيين ووعيهم وحقوقهم واستدرك مخاطر ماهو قادم من استهداف للوطن واعترف بحجم الأخطاء وضرورات وحدة الكيان الوطني بكل طيفه السياسي من أجل أقل الخسائر الممكنة دون عنجهية قاتلة وعزة بالإثم .

 

الصوت العاقل

 

من أطلق على السيد الصادق المهدي بأنه "حكيم الأمة" فقد صدق ففي خطابه أمام لجنة التضامن المصرية في القاهرة تناول المهدي التطورات السياسية في السودان وتعالى على كل جراح التجاوزات ومضايقات ومكايدات الحزب الحاكم له ولحزبه قائلا بإحساس أم الوليد " رغم كل ما حدث ودون تفريط في الثوابت المعلنة إنه مستعد للدخول في حوار مع الحكومة حول اتفاق سياسي غير معني بالانتخابات ونتائجها ، يركز على درء المخاطر عن الوطن وتحقيق الوحدة،  أو الجوار الأخوي, وحل أزمة دارفور، وحذر من أن انفصال الجنوب سوف يؤدي إلى زعزعة الاستقرار بالمنطقة. وقال أن الانفصال سيؤثر بالسلب على الدول المجاورة, وأن هناك تيار بأمريكا يشجع الوحدة،وفي المقابل هناك تيار آخر يرى العكس."

 

الحكومة القادمة

ورغم أن التطورات السياسية في السودان أصبحت تخلو من المفاجآت وتركن إلى مايشبه برنامج معلن حتى قيام الدولة الجديدة في جنوب الوطن حسبما ماهو مخطط لذلك، إلا أن التوقعات بشأن تشكيل حكومة المؤتمر الوطني القادمة يرهن شكلها القادم  بمدى قدرة أي الجناحين داخل المؤتمر الوطني سيمتلك القدرة والتأثير على تشكيل الحكومة المتوقعة .

فالجناح  الأمني بزعامة نافع على نافع يجنح إلى استعداء المعارضين والاستخفاف بهم والمضي في التصعيد في جميع الاتجاهات دون ما يؤشر على إحساس وطني بأن الوطن للجميع  أما  الجناح السياسي بزعامة على عثمان طه وغازي صلاح الدين فيجنح لإيجاد معالجات سياسية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بتحقيق قدر من الوفاق الوطني والإجماع من اجل محاصرة الأزمة السياسية وتداعيات الانفصال القادم او في دارفور التي أصبحت كالمعلقة او قضية الحريات والشفافية في الممارسة لتحقيق التحول الديمقراطي الحقيقي.

 فأي الجناحين سيكون قادرا على التأثير على الرئيس البشير لترجيح قراره الذي اما أن يكون في اتجاه ميلاد حكومة مصادمات وأزمات أو حكومة حوار وانفتاح سياسي؟.

المتشائمون يقولون إن إشراف الجناح الأمني في المؤتمر الوطني على الانتخابات وتحقيقه للنتيجة المعلومة سيكون الأقرب للتحكم في تشكيل الحكومة القادمة مماسيفتح الباب أمام جميع الاحتمالات غير المتوقعة .

أما المتفائلون فيرون أن حجم المخاطر والأزمات الداخلية والخارجية التي تحيط بالوطن كفيلة بأن تجعل مساحة للعقلاء لحشد جميع السودانيين من إطفاء مايحيط بالوطن من حرائق.

فأي الجناحين سيحلق في فضاء الوطن بين رغبات المتفائلين وتحسبات المتشائمين . " اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه"

 

الصحافة

 

Hassan Elhassan [elhassanmedia@yahoo.com]

 

آراء