السودان جدل الثورات (3/3)

 


 

 

 

تمخضت حركة النضال ضد نظام الفريق ابراهيم عبود عن قيام جسم نقابي اطلق عليه اسم "جبهة الهيئات" وهذا الجسم هو عبارة عن كيانات نقابية من الموظفين والعمال والمزارعين والطلاب ويمثل ما اطلق عليه القوي الحديثة وهو مصطلح يساري ضد القوي التقليدية المتمثلة في الحزبين الطائفيين الأمة والإتحادي الديمقراطي,وقبل مجيء نظام عبود كان هناك صراع حزبي شديد حول قبول المعونة الأمريكية اقطابه اليسار الرافض لها مثل الحزب الشيوعي وحزب الشعب الديمقراطي والنقابات بينما كان حزب الأمة الوطني الإتحادي وهو الوحيد المؤيد لقبول المعونة الامريكية, وفي فورة الحرب الباردة وإشتداد الصراع بين المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي كانت شعارات اليسارهي السائدة في الشارع زمانئذ ضد المعونة الامريكية التي زار السودان عام 57 نائب الرئيس الامريكي ا يزنهاور ريتشاردنيكسون لتسويقها مثل "عدت الي بلادك يانكسون" داون دوان " يو اس ايه"لا للأحلاف العسكرية ," يسقط يسقط نوري السعيد", يسقط حلف بغداد" كانت تلك الشعارات تعبرعن الصراع المحتدم علي مناطق النفوذ بين المعسكرين الرأسمالي والإشتراكي ويتفاعل مع مضامينها مجتمع مابعد الإستقلال.

• اذن كان الشعار السياسي مرتبطا دائما بطبيعة الواقع المحلي والإقليمي والدولي , فقضايا مابعد الإستقلال إحتلت المقدمة في اولويات النخب السياسية واهمها لسيادة الوطنية. واذ اتفقنا علي ان الشعارالثوري شديد الصلة بالواقع السياسي زمانا ومكانا ويخضع لطبيعة الأحداث التي تنتجه , فأن الشعارات التي جري تداولها اثناء ثورة اكتوبر كانت تعبر عن برنامج اليسار السياسي فتلقفها الشارع المنفعل والتواق للتخلص من حكم العسكر دون التأمل في بعض مضامينها , مثل " التطهير واجب وطني" "لازعامة للقدامي" "داون داون يو اس ايه " عاش كفاح الطبقة العاملة " عاش نضال الشعب السوداني والي السكنات ياعساكر وكان كل هذه الشعارات تردد بالميكروفونات المعلقة فوق " تندة " السيارات يردده إثنان يجلسان داخل العربة وتنتهي كل المظاهرات دائما امام السفارة الأمريكية التي يحرسها الجنود وفي معيتهم قاضي مكلف بمراقبة المتظاهرين .

لم يجد الشعر في ذلك الزمان فرصة يتحول الي شعار ثوري كما يحدث اليوم فكان الشعراء يلقون قائدهم في حشود المظاهرات فينفعل معها الجمهور او ينشر الشعراء قصائدهم في الصحف, ومن اشهر القصائد التي شاعت في ثورة اكتوبرقصيدة "اكتوبر الأخضر" للشاعر محمد المكي ابراهيم و"لن احيد لمحي الدين فارس "وقصائد لعلي غبد القيوم وعبد الرحيم ابوذكري ومحمد عبد الحي هذا غير القصائد المغناة بواسطة فنانين كمحمد الأمين ومحمد وردي وعبد الكريم الكابلي .

ثمة إعصار تكنولوجي ضخم ضرب فيما ضرب السودان كجزء من المنظومة الدولية ,علي وتيرة سريعة تراجع عصر التلغراف , والفاكس , والبليب, والهاتف الأرضى "ليحل محله العصر" السوبراني" فدخلت في السنوات الأخيرة مصطلحات ومسميات ورموز لها صلة بالأنظمة الإلكترونية والحاسوب والفضاء الافتراضي والقرى الذكية، وكل ما له علاقة بعلم الاتصالات الذي تفرع إلى علوم لا حصر له "وفي لجة هذا البحر المتلاطم تفتح جيل سوداني جديد يبتدع ويوظف لاول الشعر والزجل في الشعار السياسي , جرد الشعار السياسي من جفافه ورتابته ليحوله الي اهازيج مموسقه يرددها الالاف في متعة يتخللها الرقص الثوري انظر الي "دسيس "هذا الأنسان البسيط كيف يؤلف "من راسه" وفي بديهية سريعة اهازيج تراكيبها غريبة يرددها معه الشباب في تجاوب مبهج مرح فقد انتجت الثورة عشرات الشاعرات والشعراء وهي ظاهرة اختفت معها تماما شعارات" داون داون يو اس اي" , وعاش نضال الشعب السوداني "والتطهير واجب وطني " ولازعامة للقدامي " ولن ترتاح ياسفاح"


siddiqmeheasi7@gmail.com
/////////////////////

 

آراء