السودان حتماً ستعود – قوياً حراً مستقلاً

 


 

 

ما يدور اليوم فى السودان يوضح جلياً هشاشة مجتمعنا الذي يصنف عالمياً بأنه خير أمم تتسم بالطيبة وحسن المعشر لكن الحقيقة أن السوداني سرعان ما يتحول الي وحش شرس يقضي على الأخضر واليابس إذا نار من سوء تفاهم قد تحدث تولعها أصغر شرارة من درجات القياس الحراري . ما يجري اليوم من خراب ودمار وقتل وتشريد أبناء وطن ونهب كامل لكل ما أدخروه طيلة العمر بأغلى الثمن وبالمعادل تهون فيه قيمة النفس والروح التى حرم الله قتلها إلا بالحق يجعلني أحس للأسف الشديد بمرارة حياتنا كلها " طيلة العمر" كسودانيين خاصة الذين ولدوا بعد العام الميلادي 1900 حتى هذه اللحظة. فكلنا تعساء لم نهنأ أبداً بنعيم الدنيا ورفاهية المجتمع المعافى وحضاري كغيرنا من شعوب العالم الحرة ، وواقعنا للاسف يشبه واقع جيوش من ضفاضع عطشى فاقت من سباتها الطويل لكنها غررت فاحتواها مسرعة بحر من سراب فماتت.

السودان أشبهه بمختبر التجارب. وافتراضية نجاحات التجارب أو فشلها عادة لا تتحقق فقط بما يعلنه الباحثون من إرهاصات بدون علماء إحصاء يحللون مقاييس نتائجها ويثبتون صحتها. سياسياً حسب تقديري أننا نعاني من راديكالية الابتلاءات التي لا تزال متجذرة عروقها وجلها أتتنا غزواتها من شمال الوادي "من أخت بلادي". الشيوعية والآخوان المسلمون تمركزوا فى السودان بعد مصر لدرجة صار ينطبق عليهما المثل " التركي ولا المتتورك". الشيوعية ماتت نارها فى بلدها الأصل لكن فلتحترق بها كل الأمة السودانية. نفتخر بأن أكبر حزب شيوعي فى آسيًا وأفريقيا يوجد في السودان وبالمقابل بأن السودان هو حق الإسلاميين وبيت منظمة الدعوة الإسلامية وإخوان مسلمين الشام وفلسطين كانوا ينتظرون قيام الخلافة الاسلامية من الخرطوم فبهتوا عندما انقلب البشير على شيخه حسن الترابي وزج به فى السجن. ما عدا هؤلاء غير مسلمين " ومنهم شخصي الضعيف الذي أكرمه الله بالحج والعمرات واللقمة الحلال والحمد لله " . أما حزب البعث " أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة "فهو شجرة "فرهدت فى كل من العراق وسوريا ، فجأة لكن "سرعان ما أكلتها الأرضة في بلاد الرافدين لتقوم شتلة صغيرة منها على أرض ليست أرضها "هي السودان" وفى زمن ليس بزمنها فصارت نشازا لا تثمر ولا تغني من جوع. ولا يزال السودان . أما المتصوفون وأطباء البخور فأمرهم عجب، لا يحتاج الي تعليق.

برغم هذه الابتلاءات يظل السودان حقل تجارب عفنة. وما تجربة الدعم السريع والبرهان اليوم إلا تجربة فاشلة نتيجة نظام عالمي خفي عينه على السودان منذ عقود، وما يحصل فى رايي وأشخاص أخرين عبارة عن خطط ممنهجة بدقة لتفكيك هذا السودان ومسحه من الخارطة الجغرافية العالمية. فيا أبناء وبنات السودان الأماجد ويا المواطنين الأصليين تأكدوا يوم تموتون لا ينفعكم حزب فلان ولا فكر علان ولا حمتي ولا برهان ولا ابناء أسر بالوراثة وريادة السيادة الوهمية يريدون أن يكونوا عليكم أسيادا وحكاما. يا شباب السودان استيقظوا ، حرروا أنفسكم ووطنكم ، لا عليكم بكلام كل من تعدى سن التقاعد ، دعوهم فى أفلاكهم المتهالكة يسبحون لتبتلعهم الثقوب السوداء وهي نهاية جداً حتمية. السودان يحتاج الي قائد شجاع ينقذه من الدونية والتبعية وضلال كل فكر سلطوي هدام. السودان وطن واحد وعظيم يجب الموت فداءه ليبقى لكم يا شباب ويا شبابا لم يولد بعد. يا رب العباد لطفاً بالسودان وعباد لك فيه هم الصالحين حقاً وأنت تعلمهم.

ختاماً: عزيزي القارئ ما يجري فى السودان يذكرني بايام ذات أحداث جداً بدائية اتذكرها منذ الطفولة. مثلاً صوراً من ليالي الأعراس " مواسم فرح القرى والمدن عند حلول شهور كل خريف" التي كانت معظمها للأسف تنتهي فجأة والفنان يطرب الناس بالمثير من الكلمات والالحان " الليل الليل أزاي من نار الكماين ديل، الابس العراقي أنا منه واحراقي" والشابات الجميلات يرقصن ببراعة وخفة فيأتي فجأة شبح أرعن ملثم كأنما حط من عل ليأخذ الشَبَّال "عنوة" فرصة شخص آخر ثم يستعرض جبروته وفروسيته أمام النساء بتكسير الدلوكة فتنتهي هكذا الحفلة بالعراك والهرج وتكسير المصابيح وجراح لا تندمل بل بعض الأحيان بفقدان الأرواح. فى النهاية من المنتصر؟ يتفرق القوم واللعنة تتبع نفس الشاب المهرج " أحدهم كان يعرف بإبليس"! فصار إبليساً طيلة حياته القصيرة فقتل غيره وأخيراً تم إعدامه زمن كان القانون يطبق بالجد.

يقولون الخرطوم مستعدة لتستقبل المزيد من إحتياطي كل فريقي القتال " القوي يأكل الضعيف"، لكن حقيقة الضعيف هو المواطن ابن البلد الغلبان يعيش فقط على كسب رزق اليوم باليوم ولا غير من سند له سوى رحمة السماء أو قريب مغترب يمد يد العون. ربي أرحمهم

وعلى الحرب أن تتوفق فوراً وعلى الجنرالين التنحي والاعتذار للأمة السودانية. وهذه الحرب عرفتنا من هو الصديق والعكس بعد أن هربت معظم الجاليات وسفاراتها. تركونا كشجرة وحيدة وسط صحراء سيناء . حمدا لله فالله معنا ونفوسنا ستبقى أبية. التغيير والإصلاح الجذري الصادق فى كل الأمور واجب شرعي

drabdelmoneim@gmail.com

 

آراء