السودان و أريتريا مدخل أخر للمبادرات

 


 

 

أن المبادرات الخارجية لحل الأزمة السياسية السودانية ليس دلالة على أريحية السودانيين، و سعة الصدر عندهم، التي تتمثل في استقبالهم العديد لممثلي دول الجوار أو المجتمع الدولي، بل هي حالة سالبة تؤكد عجز العقل السياسي السوداني، و هذا العجز يجعله يفتح كل الأبواب للتدخل الخارجي في الشأن السوداني، و هناك العديد من القيادات لا تعتقد أن تقديم المبادرات من الخارج ليست هي حالة سالبة بل هو عملية تسهيل لعملية البحث عن حل للأزمة السياسية السودانية.
في بداية شهر إبريل جاء وزير الخارجية الأريتري في زيارة للسودان التقي فيها برئيس مجلس السيادة و عدد من من اعضاء مجلس السيادة، و أيضا عدد من السياسيين، كانت الزيارة السماح لهم أن يقدموا اسهامهم لحل المشكل السودان باعتبار أن أريتريا لها علاقة وطيدة بعدد من القيادات السياسية السودانية خاصة أولئك الذين كانوا أعضاء في التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يتخذ من الأراضي اريتريا قاعدة لمواجهة نظام الإنقاذ. و قد وجد الوفد الاريتري الضوء الأخضر لكي يسهم في حل المشكل السوداني.
و رجع الوفد الى أسمرة لكي يقدم رؤيته للرئيس أسياس أفورقي ثم يأخذ منه الضوء الأخضر لكي يقدم رؤية متكاملة لطبيعة الصراع و الاختلاف و معرفة آراء القوى الفاعلة، ثم صد الوفد راجعا للخرطوم بعد ثلاثة أيام و استطاع أيضا أن يلتقي بالقيادات العسكرية و قيادات في الجبهة الثورية، و التقى بقوى الحرية و التغيير في المركزي و مجموعة الميثاق، و عدد من قيادات لجان المقاومة، كما التقي الوفد بعدد من قيادات الشرق في المكونات المختلفة، إلي جانب اللقاءات مع عدد من الشخصيات السودانية المهتمة بالشأن السياسي، و خاصة أولئك الذي لديهم رؤى لحل المشكل. هذه اللقاءات اقنعت الوفد أن أريتريا يجب أن تقدم مبادرة تقارب بين المكونات المختلفة تمهد الطريق لحوار سوداني سوداني بعيدا عن الإملاءات الخارجية. و يعتقد الوفد؛ أن الشعب السوداني يجب أن يقدم على الحوار بعيدا عن التدخلات الخارجية. و معروف أن رأى الرئيس أسياس أفورقي؛ يعتقد أن واحدة من إشكاليات المنطقة، و خاصة منطقة القرن الأفريقي، التدخلات التي تقوم بها بعض الدول الغربية و أمريكا و غيرها. كما أن الرئيس أفورقي يعتقد أن مسألة الشراكة بين المدنيين و العسكريين يجب أن تستمر لفترة، لأنها تشكل صمام أمان بالنسبة للإستراتيجية الأمنية للدولة، خاصة أن البلاد فيها كمية كبيرة من السلاح خارج سيطرة الدولة.
و هناك تخوف أريتري من تدخل المجتمع الدولي في السودان، في اعتقاد أنه لا يتوقف على حدود السودان، بل سوف يمد أنفه للأخرين، أو أن يخلق أدوات و مؤسسات له، و لا يستبعد هذه المؤسسات ترسل إشعاعاتها لدول جوار السودان لكي تجعل لها موطئ قدم فيها لتحقيق مصالحها، و إذا استطاعت القيادات السودانية أن تتوافق في حوار بينها، سوف تصل لنتائج تحقق شعارات الثورة و التغيير، و تكون قد حفظت بلادها من التدخلات الخارجية، و تكون أيضا قد ساهمت في حماية كل منطقة القرن الأفريقي و أفريقيا بصورة عامة من تدخل الخارج في شؤونها الداخلية.
لكن السؤال المهم الذي يجب أن تجيب عليه القيادة الاريترية: أن الأزمة السياسية الحادة في السودان بسبب عقليتين متنافرتين: العقلية الأولى دائما تثير قضية الإستراتيجية الأمنية و حماية الدولة من التدخلات الخارجية لكي تبرر استمرار هذه العقلية في السلطة هروبا من عملية التحول الديمقراطي، و هي الإشكالية التي تعيشها أيضا اريتريا. و العقلية الثانية تدعم عملية التحول الديمقراطي، لكنها لا تملك الرؤية لهذه التحولات. السؤال: مع أي عقلية سوف تقف اريتريا. أن اختيار اريتريا لواحدة من العقليتين سوف يبين إذا كانت تجد مبادرتها القبول من الشارع أو رفضها.
و يقول أحد الذين التقى بهم الوفد الاريتري "أن الوفد الاريتري متفائل بأنه يستطيع أن يقدم مبادرة تكون مقبولة من قبل الجميع للعلاقة القوية بين السياسيين السودانيين و أسمرا، و أيضا مع العسكر. لكن اريتريا متخوفه من النفوذ المصري في السودان، خاصة بعد ما قدم السيد الميرغني مبادرة له، رغم أن مبادرة الميرغني أغلبية الاتحاديين لا يعرفون عنها شيئا، و لم تقدم تفاصيل لكي ترقى للمبادرة السياسية، الأمر الذي يؤكد ليس للمصرين علاقة بها. و رغم ذلك؛ تتخوف أسمرا أن تفهم مصر أنها تريد تحجيم نفوذها، لكن اريتريا تريد أن تتفهم مصر أنها تسعى فقط لإيجاد حل سياسي في السودان يؤمن السلام و الاستقرار، و ذلك سوف يكون خطوة مهمة لعملية السلام و الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. و شعب كل دولة هو الذي يحدد النظام الذي يريده دون تدخلات خارجية في الشأن الداخلي لها. الأمر الذي يجعل كل الدول أن تذهب مباشرة إلى قيام علاقات طيبة بينها تتركز على عملية البناء و التنمية و العلاقات الاقتصادية المتطورة. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
////////////////////////////

 

آراء