الشباب والطغاة

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

Abdelmoniem2@hotmail.com

المعارك بين الحق والباطل لا تطول وختامها انتصار الحق، والمعارك بين الباطل والباطل لا تخمد نارها إلا بعد أن تأتي على كلّ شيء. وإذا أردت أن تعرف أين الحق فانظر من يمثل المستقبل. فالباطل لا يريد تغييراً للحاضر لأنّ فيه مصلحته، ويخشى ظهور فساده، وسوء عاقبته في الدنيا، فهو في عفلة عن الآخرة.
والشباب هم مستقبل الأمم وضميره، فهم يرون الأشياء في صفائها قبل أن يغبّش وعيهم الكذب، وتغشي عيونهم عن رؤية الحق في معمعة الحياة حيث تبدأ المساومات.
والفرق بين من يطلب الحق ومن يطلب الباطل؛ هو الفرق بين من يؤمن بجدوى الشكل، ومن يوقن بجوهر المحتوي. فالشباب ينادي لمعني الحياة الحقيقي، وقيمها الخالدة التي لا تقوم الحياة الكريمة بغيرها من حرية وسلام وعدالة، ويضحون بأنفسهم للوطن وللآخرين، والطغاة همّهم سلامة أنفسهم، ويضحون بالوطن وبالآخرين صوناً لمصالحهم.
وهناك صنف آخر يقف بين الطرفين؛ من المتفرجين أو المحايدين أو الخائفين على أنفسهم وعلى مصالحهم، فهم يقدمون قدماً ويؤخرون أخري، ينتظرون أن يسكن الغبار ليعرفوا إلى أين تسير الأمور قبل أن يحزموا أمرهم ويقرروا أي الفريقين يساندون. هؤلاء الذين يقفون في النصف خونة لضميرهم ولوطنهم ولإنسانيتهم، فلا حياد وقت المعارك بين الخير والشر، ولا عذر ولا إيمان، فالصدق أمانة والكذب خيانة، وكما قال المصطفي صلوات الله وسلامه عليه: المؤمن يطبع على الخلال كلّها إلا الخيانة والكذب. فمن يكذب على نفسه يخونها. ومن يظنُّ أنّ قتل المستقبل مقبول أو مُبرّر بواسطة أوباش الحاضر فليراجع نفسه فإنّه ميت الضمير والوجدان.

المستقبل لا يموت، وإنّما يموت الحاضر ويصير ماضياً، فالمستقبل في نماء والحاضر في انحسار، وعندما يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الحق سيندم من شارك في محاولة طمس النور بالظلام، أو وقف على الحياد. فلا حياة بغير كرامة، ولا معني بغير قيم، ولا قيمة بلا مبادئ، ولا تنمية بغير تضحية، ولا وطن بغير إيثار، وإلا فالحيوان أفضل وأكرم.
أجيال الماضي علّمتنا أن السودان للسودانيين، والشباب علّمونا أن السودانيين للسودان، وبين المعنيين بعد السماوات والأرض، ولذلك وهبوا أرواحهم للوطن ليعيش والآخرين باعوه ليعيشوا.

ودمتم لأبي سلمي

 

آراء