العالم لا يحكمه فكياء وألف باء التعامل مع الدول الكبرى

 


 

 

sanous@yahoo.com

((1)) من ((5))

كلمة فكي، السودانية ، لا توجد في اى من قواميس اللغة العربية. الكلمة اصلها (فقيه). مجتمع غرب ووسط افريقيا لا يتحدث اللغة العربية في حياته اليومية ولكنه يقرأ القران وعلوم الدين الإسلامي باللغة العربية وكثير من الاعلام والاسماء ذات العلاقة بالدين بقيت بأسمائها العربية كما هي . عبارة او كلمة فقيه هي من تلك الأسماء و الاعلام التي بقيت باللغة العربية. وبما ان تلك الشعوب هي ذات لغات لا تحتوى على حرف القاف ، صعب عليها نطق الحرف قاف و نطقت كلمة فقيه و كأنها ( فكيه). وتحورت كلمة فكيه و صارت فكي. وكلنا يعلم ان معظم البيوتات الدينية في السودان ـ ترجع أصولها الى وسط شرق افريقيا ولذلك تبنى المحليون كلمه فكي لان السودانيين جملة ، كمتحدثون للعربية من الدرجة الثالثة ، لديهم اشكال في تبني الكلمات التي بها حرف القاف ، بالصورة التي تكتب بها و هي الفصحى.. فلا احد في السودان ينطق كلمات مثل ( قال ، قرش ، قمر ، قوز ، قريب ، قمار ، حق ..) بالصورة التي تكتب بها ، والا ، فسوف يعتبره العامة ان المتحدث به عطب ما في دماغه .
تاريخيا عرف الفكي في السودان بانه ركيزة المجتمع.. فهو المرجع الديني عندما يريد الناس حكم الدين في امر ما، وهو المثال في عفة اللسان الفرج واليد، هو مثال في الزهد في الدنيا و مباهجها و هو الجهة التي يقصدها الجميع عندما يريد افراده ومكوناته ان يقضى في نزاعاتهم بنزاهة و حياد ومخافة الله. الفكي هو المؤتمن على اسرار الناس التي تأتيه في صور شكاوي من الافراد و الجماعات و مؤتمن على شرف بناتهم ، اذ يهبوه بناتهم ابكارا و ثيبا لكى يزوجهن بمن يشاء و يراه اهلا لذلك.. الفكي السوداني لم تكن له قبيلة محددة و لا انتماء محدد و لا ارض محددة ولا مجتمع محدد. فأينما حل ، فهو عضو بالقبيلة التي حل بها وذاك هو انتماءه و الأرض ارضه و المجتمع مجتمعه. زهد الفكي في الدنيا يجعله لا يلبس الثمين من الثياب ، وحياده في المجتمع جعله قليل الكلام ، الزهد أيضا جعله لا يمتهن مهنا تأتى بالجدال و المشاكل مع المجتمع ، مثل التجارة وامتلاك الماشية و التي قد تتعدى على زراعة الغير و تتعرض للسرقة والنزاعات. كل هذه الأشياء أعطت انطباع بان الفكي هو رجل طيب و مسكين و يفعل كل شيء من باب التقرب الى الله و حسن النية و لوجه الله تعالى ولا يريد جزاء و لا شكورا و لا يطمع في مال او ارض او عرض أحدا من العالمين ، مهما ازدان ذلك المال او الأرض او العرض. هذا النوع من الفكي هو المقصود به في المقال. كما لا يفوتنا ان نذكر ان بعض من الناس يظن ان الفكي رمزا للسطحية والمسكنة و اخرا يطلق العبارة على الشخص الذى له منظر او هيئة فكي ، هي الجلابية و العمامة المذنبة و اللحية والمركوب ، دون ان يكون لذلك الشخص ادنى مقدار من صفات والمؤهلات الاخلاقية للفكي ، و( فكي جبريل) هو احد هؤلاء.

كتيباتنا التي سوف ننشرها عن قريب ، عنوانها هو ( العالم لا يحكمه فكياء ، الف باء التعامل مع الدول الكبرى) . كلمة فكي ، وجمعها فكياء ، في هذه الكتيبات مقصود بها المعنى الأصلي للكلمة . فالدولة الكبرى ليست فكي ، اى رجل طيب و مسكين و يفعل كل شيء من باب التقرب الى الله و حسن النية و لوجه الله تعالى ولا يريد جزاء و لا شكورا و لا يطمع في مال او ارض او عرض أحدا من العالمين ، مهما ازدان ذلك المال او الأرض او العرض . فالدولة الكبرى هي رجل طماع ، متوحش ، قاتل ، همباتى ، قاطع طريق ، لص ، معتد ، لا يخاف الله مثقال ذرة و لا شفقة او رحمة له ، غشاش ، مخادع ، إرهابي ، ليس له ود لاحد من العالمين ، ولا دين ولا ملة له ، وان عاملك بخلاف صفاته هذه ، فانه على الأرجح قرر ان حسن المعاملة هذه هي السبيل الأفضل لتحقيق ماربه واطماعه ، ولذلك هو ليس فكي و الدول الكبرى ليست فكياء.

مشيئة الله وقضاء الله ، سارا فى ان تكون للعالم دولة كبري او دول كبري ( امبراطوريات) تهيمن عليه ، منذ ان خرج الانسان من مرحلة القبيلة الى مرحلة الدولة القومية. هذا الترتيب الرباني اصبح شانا ثابتا كطلوع الشمس وغروبها. وبما اننا في دول العالم الثالث ، والسودان تحديدا ، لا يمكننا تغيير هذا المشيئة او رد قضاء الله ، ما علينا ان نجد ونتبع الطريق الأمثل للتعامل مع الدول الكبرى و الإمبراطوريات ، حتى لا نضر انفسنا بلا طائل.

نحن في السودان، وبالذات عندما يتسلط علينا (منفوخ) من القيادة العامة للجيش، ويأتي بالمتبطلين و الهواة ، والفاقد المعرفي ، المخابيل ، وحارقي البخور والمطبلين ، وتأكل عيش ، ويكون منهم حاشية مضرة ، وتلك الحاشية ترسم له خطا او طريقا يسير عليه للتعامل مع الدول الكبرى ، وغالبا ما يؤدى ذلك الطريق الى مهلكة او مكان تتعاظم فيه الخسائر و الاضرار للمجتمع كله. يسقط الدكتاتور بسبب رفض المدنيين له و تبقى الدولة كلها تحت احمال واثقال من الخسائر و الاضرار. وبأذن الله ، في هذه الكتيبات ، سوف نحال ان نكتب عن الامبراطوريات عبر التاريخ و تعريفها وندلو براينا في كيفية التعامل مع الامبراطوريات القائمة الان و هي الإمبراطورية الصينية و الإمبراطورية الروسية و الإمبراطورية الامريكية.

نواصل

السنوسي أبو الوليد
3 أكتوبر 2022م

 

آراء