العداء للأحزاب موقف معيب!

 


 

 

خلال سنوات نظام الكيزان منذ إنقلابهم في 30 يونيو 1989م عملت الصحف و الإذاعة و التلفزيون علي شيطنة القوي السياسية و أسرفت في الحديث عن فشل الأحزاب الوطنية في إدارة الديمقراطية الثالثة و كانت هذه هي دعاية التنظيم المجرم لتثبيت إنقلابهم و إيجاد السند الشعبي له. إنطلت هذه الأكاذيب علي كثيرين حتي من خريجي الجامعات و صاروا يرددون بنوع من الجهل و عدم الدربة السياسية شعارات الكيزان دون علم. لم تنجح الجبهة القومية الإسلامية في تحقيق مكاسب خلال فترة الديمقراطية فاسقطتها بإنقلاب عسكري كان التخطيط له جارٍ من الستينات علي حسب ما قاله الترابي.
بلغ هذا العداء للاحزاب مبلغا بعيدا في منابر الحوار السودانية علي صفحات الإنترنت حتي سمينا تلك المجموعات بمعارضة المعارضة و إتضح أنهم في النهاية من أهل الدنية المتكسبون أيام حكم الكيزان. نشأ جيل ثورة ديسمبر 2018م في كنف إعلام الكيزان و تربوا علي العداء للاحزاب في المدرسة و المسجد و الفضاء الإجتماعي العام. و استقلبتهم جحافل امبرتكو إيكو في السوشيال ميديا لتضيف إلي عدم الوعي السياسي درجة من الجلافة و سوء الأدب.
زاد الطين بلة ما جادت به أقلام الإنتهازيين فيما يعرف بحركات الكفاح المسلح التي تبنت شعارات السودان الجديد بإمساك عصاة السياسة من النُص. لدرجة أنهم وصفوا الأحزاب السياسية للقوي الوطنية بأحزاب الجلّابة. و هؤلاء يكفي فقط أن يكون من أمثالهم اردول و مناوي و عسكوري و التوم هجو. خلطوا بين كلمة جلّابي و كلمة نهّاض و الأخير هو من نشط في إسترقاق ضحايا عمليات خَرِت الأرقاء من اهل كردفان و دارفور و الجنوب و جنوب النيل الأزرق. الدارس للظاهرة خلال زمن الفونج و التركية السابقة و ما قبلها يفهم أن عملية الإسترقاق تحتاج لحلفاء من أهل منطقة الضحايا. لكن مثل هذه الحقائق لا يقول بها أدعياء ما يسمي ببرنامج السودان الجديد.
الغاضبون من أحزابهم ممن توفرت لهم فرصة الكتابة لجحافل امبرتو ايكو في السوشيال ميديا أدوا العايرة سوط فطفقت ترفس بلا ضابط و لا رابط كالثور في مستودع الحزف.
العداء للاحزاب مناصرة للإنقلابات. العداء للأحزاب عداء للديمقراطية لأن في عميلة التداول السلمي للسلطة لا بد من وجود الأحزاب السياسية خلال الإنتخابات مثلاً. بالمناسبة العداء للاحزاب السياسية نشاط تدفع ثمنه الدول المانحة التي أردات التنكنقراط من ربائب المنظمات الدولية لتدير البلاد فتسمح بهنب مواردها و تسمح بِ و تكرس للإفلات من العقاب عبر التسويات السياسية. و الدول المانحة من ألد أعداء الديمقراطية و الحكم الرشيد في بلد كالسودان
لا اعرف عن حزب سياسي واحد لا يشتمل في لوائحه علي بنود النقد و النقد الذاتي بفهما كما في الكتاب و أقصد أن عملية النقد هي الآلية التي بها يستمر الحزب في بناء جسمه و قدرته علي أدارة الإنتخابات و الفوز بمقاعد المجالس النيابية. الشرط الإساسي لممارسة النقد مع الأحزاب السياسية هو أن تكون عضوا فيها. أما كللام الصحافة و الكتاب في تقييم أداء الأحزاب فهذا اسمه مناقشة البرامج السياسية ذات المنطلقات الطبقية المحددة بمنطلقات طبقية مغايرة. ببساطة إذا لم تكن عضوا في حزب سياسي فانت غير مؤهل لنقد ذلك الحزب و سيحنصر كلامك في الشتائم و التهجم الذي يتكلم عنك اولأاص و من تكون. أما كعضو حزب فمن حقك منازلة اطروحات الأحزاب الأخري لتحقيق المكاسب الإنتخابية المعروفة جدا للجميع بروح الحوار الديمقراطي و أخلاقه المعروفة.
ثقافة إختراق الأحزاب ممارسة لا اخلاقية يمولها و يقوم بها تنظيم الأخوان المسلمين. هذه الممارسة الدنيئة مدفوعة الثمن و لا توجد مثلها في الدولة الديمقراطية المتقدمة ببساطة لأنها جريمة خاصة إذا خالط الأمر مكسب مالي أو إفشاء لأسرار بناءً علي قوانين حماية الخصوصية. لأننا كمجتمع رزح تحت حكم العسكر و رقابة الأجهزة الأمنية تلخبطت عند بعضنا الأمور خاصة فيما يتعقل بالممارسات اللاخلاقية كالإختراق و التجسس فصار بعضنا يشوفوها شطارة و فهلوة . لولا هذه الحرب لما عرفنا أن كيان غاضبون بلا حدود اشتمل علي مجموعات كبيرة من عناصر الأمن و المخبرين الذين يعملون في صفوف أجهزة الأمن و الإستخابارات فاليوم طالعتنا الصحف بفصل توباك عن الكيان الإستخباراتي غاضبون بلا حدود فرع جيش سناء حمد. و جميعنا يعلم عن مجموعة أخري من غاضبين بلا حدود تقاتل في صفوق الدعم السريع فيا للمهزلة
العداء للاحزاب أفقد ثورتنا بوصلتها فتمت هزيمتها بسهولة . لكننا كحزبيين سنقوم ببعث الثورة من جديد علي أسس جديدة مستلهمة دروس الحرب الكارثية الحاصلة. معا من أجل جبهة قاعدية رافضل للحرب و متمسكة بشعارات الثورة كاملة غير منقوصة.
و بالفعل من سمح للإعلام الموجه ببناء وعيه سيعادي الأحزاب السياسية و هو يعتقد أنه مع الديمقراطية و الحريات.

طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا
27 ابريل 2024م

taha.e.taha@gmail.com

 

آراء