العلاقات الإنسانية فى منظمات الأعمال وأثرها على السلوك والإنتاجية

 


 

 


تسعى الادارة العليا في أي منظمة من اجل رفع أداء العاملين والاستغلال الأمثل  للموارد والامكانيات المتاحة للحصول على أحسن نتيجة،فقد كان الاعتقاد السائد سابقا أن رفع الأداء يتم عن طريق تطوير الخدمات ،باستخدام التكنولوجيا الحديثة ،رقي الأساليب بالاضافة إلى مهارات العاملين مما يعني اعتبار الجانب الانساني المتمثل في الافراد شيء ثانوي ،أما في الوقت الحالي فيمثل العنصر البشري أهم مدخلات النظام الانتاجي والخدماتي على حد سواء وأعظم القوى المؤثرة في تحديد هوية المنظمة الحديثة ورسم معالم مستقبلها ،فالأفراد هم حجر الزاوية والدعامة الرئيسية لنجاح المنظمات وتحقيقها أهدافها لذلك لابد من زيادة الاهتمام به والعمل على استخدامه الاستخدام الفعال وكذلك الاهتمام بالعلاقات بين الادارة والعاملين مما قد يؤثر على مستوى رضا العاملين ،وبالتالي على مستوى أدائهم من خلال الأهداف الشخصية والطموحات المستقبلية والتي قد تكون دافعا للأداء المتميز ،فرضا الفرد العامل عن عمله يحدث توافقا نفسيا واجتماعيا لديه لارتباطه بالنجاح في العمل .

وإظهارا للأهمية البالغة التي يلعبها العامل البشري في حركة المنظمة واستمرارها والمركز على كفاءتها وأدائها العام والذي يظهر عن طريق الأهتمام بالجوانب الانسانية والاجتماعية للعمال ، وإبراز الدور الكبير للجوانب الانسانية في تحسين أداء العاملين وبالتالي تحقيق أهداف المؤسسة. فلقد أصبح التنافس في ظل عالمية السوق يعتمد على تنمية الكفاءات و القدرات البشرية القادرة على الإبداع و التطوير و التجديد التكنولوجي و استثمار المعلومات و حسن إدارة التغيير من جهة، بما يمكنها من صياغة و تنفيذ الاستراتيجيات التنافسية الملائمة للتحديات الجديدة و المستمرة من جهة أخرى.

لم تكن فكرة إقامة علاقات إنسانية بين الافراد العاملين وليدة العصر الحديث ، لأننا إذا اعتمدنا سجلات تاريخ الانسانية ، لوجدنا أن هناك علاقات قامت بين الانسان وأخيه الانسان من أقدم العصور وهذه العلاقات تختلف بلا ريب عن العلاقات السائدة في زماننا ، لأن الظروف التي كان يعيش فيها الانسان في الأزمنة الماضية تختلف عن هذه التي نعيش اليوم في ظلها.

فإذا نظرنا إلى الوراء لعدة سنوات مضت سنلحظ تغيرا ملموسا في اهتمامات البحوث الاجتماعية في المجال التنظيمي ، وكانت بداية هذا الاهتمام ، تكشف عن عناية خاصة بدراسة المشكلات العمالية فتناولت بعض هذه البحوث تحليل العلاقة بين العوامل الفيزيولوجية والاقتصادية وبين معدلات الانتاج حيث تناول " تايلور" وزملاؤه تقديم دليل للحركة والزمن ، يستهدف رفع الكفاية الانتاجية للعامل ثم ما لبثت البحوث أن اتجهت وجهة أخرى بعد أن اتضح فشل هذا الاهتمام فدرست العوامل السيكولوجية والروح المعنوية ، وظهر خلال هذه البحوث أن الروح المعنوية للعامل تعتمد إلى درجة كبيرة على علاقاته مع الاخرين ، وعلى حاجاته الفردية والأجتماعية وهكذا ابتعد الاتجاه الحديث عن الاهتمام الخاص بالفرد واخذ يهتم أكثر بالعوامل الاجتماعية في مواقف العمل وذلك مع بداية ظهور اتجاه العلاقات الانسانية.

وانطلاقا من هذا الاساس تسعى المنظمات إلى الأخذ بعين الاعتبار أن العلاقات االانسانية باعتبارها هدف على رأس أولويات خططها ويستند هذا الاهتمام في إشباع حاجات العاملين العاطفية والنفسية وليس مجرد المادية إذ أن الحوافز والدوافع المادية أو الاقتصادية ليس هي أهم الدوافع التي تدفع العاملين بجد وحماس لأداء العمل بفعالية.

أن سبب وجود المنظملة هو من اجل انجاز أهداف وأغراض محددة وان سبب وجود الأفراد بها هو تحقيق أهدافهم الشخصية من خلال أهداف المنظمة،كما أن المنظمة سواء كانت مدرسة أو مصنع أو مستشفى أو أي إدارة كانت يوجد فيها مجموعات من الأفراد يتفاعلون مع بعضهم البعض وهنا يأتي دور الادارة  لتوجيه هلذه التفاعلات لخدمة أهداف الأفراد والمنظمة بذات الوقت والتقليل ما أمكن من التفاعلات العشوائية أو غير المنتجة،فالسلوك الانساني هو محصلة التفاعل بيت خصائص الفرد وطبيعة الموقف الذي يعيش فيه وبالتالي يتخذ السلوك الانساني شكل نظام متكامل وعند دراسته لابد  أن يأخذ فى الاعتبار طبيعة وخصائص الموقف الذي يعيش فيه ،فالفهم هذا يعني الكشف عن العلاقات التي تقوم بين العاملين فيما بينهم من جهة وبين العاملين  والادارة من جهة أخرى وظواهر أخرى مثل العلاقات  التنظيمية والادارية ،والظروف الاجتماعية والبيئية .

مفهوم العلاقات الانسانية:  المداخل و التعريفات:-

هناك مداخل عديدة للعلاقات الانسانية تتناول أكثر من مدخل لاتجاهات  الادارة نحو العاملين، فهناك مدخل القيادة الادارية الواعية التي تؤسس على مفهوم استمالة العاملين وترغيبهم في العمل، وهناك مدخل التحفيز تحفيز العاملين على العمل بحماس ورغبة أكيدة، وهناك مدخل الاتصالات الفعالة بين المستويات الادارية و التنفيذية بالمؤسسة مما يكفل التلاحم الفكري بين أعضاء المشروع "كل هذه المداخل متداخلة بدرجة ظاهرة وبصفة عامة فإنها جميعا مداخل تهدف إلى رفع معنويات العاملين ورفع كفاءتهم الانتاجية وأدائهم الوظيفي بشكل عام.

أثبتت الدراسات الميدانية في مجال العلاقات الانسانية أهمية النواحي السلوكية و الانسانية في تحديد كفاءة العنصر البشري بمعنى أن هناك ارتباطا قويا بين مستوى أداء العامل والعوامل النفسية، ومن ثم فان الاهتمام بالنواحي السلوكية و النفسية و دراسة الدوافع و الاتجاهات لدى الأفراد و توافر مناخ العمل الملائم له اثر قوي في رفع مستوى الكفاءة الانتاجية لدى العاملين.

ويطلق لفظ علاقات إنسانية على التداخل الذي يتم بين الأفراد وهم في شكل مجموعات في أي مجال سواء كان في مجال الأعمال أو الحكومة أو السياسة أو في الدراسة أو في المنازل. و يمكن تعريفها بأنها الميدان من الادارة الذي يهدف إلى التكامل بين الافراد في محيط العمل بالشكل الذي يدفعهم ويحفزهم إلى العمل بإنتاجية وبتعاون مع حصولهم على إشباع حاجاتهم الطبيعية والتقنية والاجتماعية. ويمكن تعريفها ايضا بأنها تنمية الأهداف والحوافز المشتركة في المجموعات في محيط العمل.

ولزيادة إيضاح كلمة العلاقات الانسانية نقول أن لكل تصرف من تصرفات الانسان اثر او كما يقول علماء الطبيعة (لكل فرد رد فعل ) والانسان عادة لا يعيش بمفرده بل مع أشخاص آخرين، كل تصرف من تصرفاته تقريبا يترك أثره في هؤلاء  الآخرين سواء كأفراد أو كجماعات.ولهذا الأثر صداه فيهم يدفعهم غالبا لأتباع نوع معين من التصرفات، ونستطيع أن نطلق على هذه العملية اسم(التفاعل) حجز الزاوية في العلاقات البشرية، والطابع المميز لهذه العلاقات.أن العلاقات الانسانية في محيط العمل تستمد من أساليب التعامل بين الناس في المجتمع و بشتى جوانبه الاجتماعية والثقافية والسياسية ومرافقه العلمية والأسرية والتعليمية وهذا ما ينعكس بطبيعة الحال على المؤسسة التي تضم مجموعة من العمال من ثقافات مختلفة تتجمع في شكل من أشكال التنظيم يفرض الوصول إلى هدف مشترك.

أهداف العلاقات الانسانية فى المنظمات :

 العلاقات الانسانية تسعى في الادارة الى تحقيق الأهداف التالية:

 حفز الأفراد على العمل بأعلى كفاءة.

 حفز الأفراد على التعاون المثمر البناء في تحقيق أهداف مشتركة بينهم و بين المؤسسة التي يعملون فيها.

 مساعدة الأفراد على اشباع حاجاتهم الاقتصادية و النفسية و الاجتماعية طبقا لتسلسل أهمية تلك الحاجات لدى الفرد في المواقف المختلفة.

فالعلاقات الانسانية اذن هي ذلك الفرع من المعرفة الذي يستخدم الدراسات السيكولوجية و الاجتماعية و الانسانية في مجال العمل الصناعي و التجاري و الزراعي و الخدمي و الأمني في تفهم الظاهرة العمالية في المنظمات و المؤسسات المختلفة و في ظروف معينة و الوصول الى التعامل مع المواقف المتنوعة التي تنظمها هذه المجالات و تكييف العامل مع عمله، ومع زملائه، و رؤسائه، و تحقيق الرضا و الانتاجية المطلوبة.

إدارة العلاقة الإنسانية:

 ظهرت فكرة إدارة العلاقة الإنسانية في مطلع عشرينات القرن الماضي، تحت نظرية العلاقات الإنسانية، حيث تهدف إلى التعامل مع الموظفين في مكان العمل كأفراد وليست آلات عاملة، والنظر إلى احتياجاتهم وسلوكياتهم وطريقة تفاعلهم مع المجموعة، لزيادة رفاهية الموظف وزيادة التفاعل الإيجابي معه، مما يؤثر على زيادة الإنتاجية، وبالتالي زيادة أرباح الشركة، وتشمل إدارة العلاقات الإنسانية مجموعة من العناصر كالموظفين والإدارة وبيئة العمل.

كيفية إدارة العلاقات الإنسانية:

إن إدارة العلاقات الإنسانية بشكل فعال تشمل مجموعة من الفئات التي لا بد من التركيز على كل منها، والتي تعمل بشكل متكامل في سبيل تحقيق النتائج المرجوة من العمل، وهم كما يلى :

الموظف :كما هو معروف فإن كل شخص يتمتع بصفات ومهارات وأهداف ووجهة نظر وإمكانيات مختلفة عن الآخرين، وإن كانت الشركة ترغب برفع مستوى التحفيز لدى الفرد فمن المهم التعامل معه بشكل فردي بما يتناسب مع شخصيته، وذلك من خلال الاهتمام بتطلعات الفرد وأهدافه ورغباته والسعي في تحقيق مستوى معيشي أفضل للفرد داخل وخارج العمل، لزيادة الدافع لدى الفرد وبالتالي رفع كفاءته.

المجموعات: الفئة الثانية التي لا بد من الشركات أن تلقي لها بالًا هي المجموعات التي تتشكل نتيجة تعامل الموظفين مع بعضهم البعض في مكان العمل، تلبيةً لحاجاتهم ورغباتهم الاجتماعية، حيث تنشأ بينهم علاقات غير رسمية تؤثر على سلوكيات وقرارات المجموعة بشكل كبير، فعلى الشركة تعزيز هذه العلاقات بشكل إيجابي، لما له من تأثير فعال على العمل الجماعي والسلوكيات والقرارات المشتركة بين الموظفين.


المدير : إن للمدير  أو المشرف دورًا كبيرًا وفعالًا في التأثير على الموظفين والجماعات، ففي غالب الأحيان يكون أداء الفرد ومشاعره وإخلاصه اتجاه العمل ناتجًا عن معاملة المدير أو المشرف له، وقد أثبتت الدراسة فشل المنهج الاستبدادي ضد الموظفين مقابل المنهج الديموقراطي.

مهارة المدير  في ادارة العلاقات الانسانية :

ان نجاح مدير المنظمة فى توثيق العلاقات الانسانية بين العاملين يعتمد على احترامهم وتقدير جهودهم لذلك تتوطد العلاقات الطيبة بين المدير والعاملين عن طريق ما يلى :

 مهارات التواصل: إن لمهارة توجيه الموظفين للعمل دور كبير، فخلق قنوات تواصل بشتى أنواعها؛ لفظية أو غير لفظية أو كتابية مهمة جدًا، للاستماع بشكل فعال لآراء الموظفين واقتراحاتهم، مما يرفع مستوى الرضا الوظيفي ويشعر الموظفين بالتقدير والتمكين.

 حل المشكلات: تمتع المدير بالقدرة على حل النزاعات الناتجة عن اختلاف الآراء ووجهات النظر مهم للغاية، حيث ينتج عن هذا الاختلاف أفكارًا إبداعية، ولذلك على المدير التعامل معه بحرفية، لتحقيق نتائج إيجابية وتوجيه هذه الاختلافات بما يصب في مصلحة العمل عن طريق التفاوض والنقد البناء والحث على العمل بروح الفريق.

 تقدير جميع العاملين واحترام أرائهم ومقترحاتهم.

 أن يثنى ويشجع العمل الجيد الذى يصدر من العامل مع الابتعاد عن لوم العامل ونقده.

 الرفع من معنويات العاملين مع الايمان بالفروق الفردية بين العاملين.

 أن يعمل مدير المنظمة على الاستفادة من جوانب القوة لدى العاملين وتصحيح نقاط الضعف عند البعض.

 اشراك العاملين فى القرارات التى تتخذ من داخل المنظمة .

 أن يبتعد المدير عن تتبع أخطاء العاملين.


الإدارة العليا :من دور الإدارة العليا توفير بيئة عمل مناسبة تحفز الموظفين على العمل والالتزام، وذلك عن طريق تنظيم العمل بين الأقسام والأفراد وتحقيق الأمن الوظيفي للعاملين في الشركة.

 نصائح لتحسين إدارة العلاقات الإنسانية:

 فيما يلي بعض النصائح التي تساهم في تحسين العلاقات الإنسانية ومنها:

تحديد أهداف الشركة بوضوح، ليتمكن الموظف من معرفة واجباته. تقبل النقد البناء والاستماع لآراء الموظفين. عقد دورات تدريبية متعلقة بمهارات التواصل الفعال. االاحتفال بالمناسبات الوظيفية والشخصية للعاملين فى أماكن العمل ، استخدام التكنولوجيا لزيادة المهمات وتسهيلها بنفس الوقت.

ادارة العلاقات الانسانية من اجل بيئة عمل سعيدة ومنتجة :

تهتم الإدارة المعاصرة بالتأكيد على الجانب الإنساني للموظفين والمديرين، وهو ما تؤكده الاحتفالات بالمناسبات المختلفة في أماكن العمل، سواء كانت شخصية أو وظيفية؛ فهي فرص مواتية جدًا لإظهار سلوكيات وآراء ومواقف واتجاهات ربما لن يكشفها الطابع الرسمي للعمل، وتؤكد اللمسة الإنسانية كالمشاركة الوجدانية؛ مما يزيد من ولاء الموظفين. كذلك تبرز الهوية الخاصة للموظفين في بيئات عملهم، وتكسر روتين العمل، وتضفي بهجة؛ مما يجعل المؤسسات والشركات المختلفة تبدو كبيئات عمل سعيدة. وتنظيم مثل هذه الاحتفالات لا يتعارض مع جدية وسير العمل وجودة الأداء؛ لأنها ستكون تحفيزًا وتقديرًا لهم.ففي الدول المتقدمة تولي المؤسسات والشركات المختلفة هذه الاحتفالات اهتمامًا كبيرًا ويعولون عليها في رفع معدلات الأداء.

وهنالك العديد من المناسبات للاحتفال بها في أماكن العمل،كالترقيات، والتقاعد، وأعياد الميلاد، والتخرج، واحتفالات الذكرى السنوية، وولادة الأطفال الجدد، وبداية ونهاية العام، وبدايات المشروعات، وتغييرات المكاتب، والاحتفالات بتقدير بعض الموظفين أو المديرين، وذكرى تأسيس الشركة،والمناسبات الوطنية، ومناسبات بناء فرق العمل الجماعي، موسم الأعياد يعد الوقت المثالي لشكر الزملاء والموظفين والاعتراف بالعمل الشاق والإنجازات. فقد خلصت إحدى الدراسات إلى أن 80% من العمال ذكروا أن أحد الأسباب الرئيسية لتركهم وظائفهم هو الشعور بعدم التقدير، وقد توصلت أبحاث أخري إلى أن إبداء التقدير يساعد على إشراك الموظفين أكثر من الترقيات أو زيادة الرواتب.وغيرها من المناسبات والاحتفالات التى سيتجعلك موظفًا أكثر سعادة وإنتاجية، وستستمتع بمزيد من المرح.

أما عن طريقة الاحتفالات في مكان العمل، والتي يمكن إجمال أبرزها باختصار في الآتي: تحث المؤسسة الرؤساء التنفيذيين على إرسال بريد إلكتروني أو إعلان فيديو بشأن الاحتفال بالإنجازات والنجاحات في العمل، وترتيب مفاجآت سارة للموظفين كأن يقدم قادتها ومديروها الشكر لهم أو التقاط الصور معهم، والاحتفاء بالمديرين من خلال تقديم الموظفين هدايا رمزية لهم للتعبير عن امتنانهم تجاههم.

بالإضافة إلى إبراز هذه الاحتفالات عبر مواقع المؤسسة أو الشركة بوسائل التواصل الاجتماعي، وتحديث بروفايل المؤسسة على هذه المواقع للتعبير عن هذه المناسبات والاحتفالات، ودعوة الموظفين للاحتفال من خلال تناول الغداء، وتناول الكعك، وتزيين مكاتبهم، وتوزيع هدايا عليهم، وإنشاء ملفات تعريف الارتباط "Cookies"، وتدشين حملات الإعلانات الخارجية بخصوص الاحتفالات بالإنجازات، وتحفيز الموظفين بمنحهم الوقت الإضافي للاسترخاء والترفيه، ودعهم يرتدون ملابس غير رسمية في بعض الأحيان، وأن تجعل المؤسسة موظفيها يشعرون بالرضا، ومشاركتهم التعليقات والتفاعل معًا.

وتجدر الإشارة إلى أن الاحتفالات بالمناسبات، سواء الشخصية أو الوظيفية، في أماكن العمل لها العديد من الفوائد، فهى تمنح الموظفين تقديرًا لإنجازاتهم في كل من العمل وحياتهم الشخصية،زيادة تماسك وبناء فرق العمل،رفع الروح المعنوية والتحفيز.

لماذا يعد الاحتفال بالنجاحات في العمل أمرًا مهمًا؟

الاحتفالات بالمناسبات المختلفة في أماكن العمل يشجع  الإيجابية في مكان العمل ويجعل الموظفين يشعرون بالتقدير ، يعزز الإنتاجية وتحسين التواصل الفعال ،يعزز الاحتفاظ بالموظفين والرضا الوظيفي وبناء سمعة إيجابية للشركة.وقد تساعد في التعرف على المواهب غير المعروفة لبعض الموظفين. لذلك فإن الاحتفالات تصبح كمزيل للضغط. وخلال ممارسة الأنشطة والألعاب، يتم الكشف عن الكثير من المواهب غير المعروفة. فربما يكون أحد الموظفين موهوبًا في الموسيقى، وقد يتمتع أحدهم بالمهارات السلوكية، مثل المبادرة أو الاتصال، والتي لم تظهر أثناء العمل، بحيث تمثل هذه الاحتفالات الفرصة السانحة لاكتشافها.

أثر العلاقات الإنسانية على السلوك والإنتاجية:

1. انخفاض درجة مقاومة التغيير: في جو  العلاقات الإنسانية الفعّالة في الغالب يهتم القادة في المنظمة معرفة اعتراضات الموظفين والمخاوف بالنسبة للتغيير الذي سوف يحدث، ومحاولة شعور الموظفين بالاطمئنان وإعدادهم وتهيئتهم لكي يستقبلوا التغيير وأن يتعاملون معه، ومن هنا نجد أن مقاومة العاملين للتغيير بكل صوره وأشكاله وأنواعه تقل إذا أنتشر في المنظمة جو من العلاقات الإنسانية الجيدة والفعّالة.

2. الإنتاجية المرتفعة:العلاقات الإنسانية الممتازة والفعّالة تعني دائمًا الكفاية الإنتاجية العالية من جهة الموظفين وهذه الكفاية الإنتاجية العالية ترجع لرفع شعور الموظفين بالانتماء للمنظمة وخوفهم على مصلحتها، وتعود أيضًا إلى إحساس الموظفين بقيمة ما ينفذونه من عمل وشعور الموظفين بأن إدارة المنظمة تعمل دائمًا على حل المشكلات الشخصية لديهم ومشكلات العمل لرفع مستوى الإنتاج وتحقيق الجودة.

3. قلة الشكوى من جانب العاملين:في الغالب يكون الشكوى بين صفوف الموظفين في جو العلاقات الإنسانية الجيدة قليلة، فقلة الشكوى تعتبر مظهر للعلاقات الإنسانية الجيدة الفعّالة داخل المنظمة، والشكوى قد تكون ناتجة عن بعض الموظفين بسبب أوضاع عامة في المنظمة يرغبون أن يحققوا من خلالها إصلاح، فقد تكون شكوى من قِبل بعض الموظفين بسبب مسائل أو مطالب خاصة بهم، وقلة ونقص الشكوى من قِبل الموظفين يعني أن إدارة المنظمة تحاول معرفة مشاكل الموظفين، وتسعى أن تجد الحلول الملائمة لها.

هذا لا يتحقق إلا في جو علاقات إنسانية وعلاقات عمل جيدة وفي بيئة قيادة إدارية وديمقراطية واعية، إذا فعّلت الاتصالات بين الموظفين والقادة الإداريين في المنظمة ما يُسمح لهؤلاء القادة من معرفة مشاكل الموظفين، كمدخل رئيسي لمحاولة الوصول إلى حلول ملائمة لها.

4. جودة الإنتاج:لا يمكن للموظف أن يقوم بإتقان المهام إلا إذا كان جو العمل يمنحه الشعور بالأمن والأمان، وينتشر في العمل العلاقات الجيدة بين الموظف ورفاقه وبين الموظف وبين المسؤولين عنه، فلا يمكن أن يهتم في عمله ولا يمكن أن يصل لدرجة الإتقان للعمل إلا إذا كانت حاجاته الرئيسية قد أشبعت وأيضًا حاجات عائلته، فعلاقات العمل إذا انتشر فيها جو مليء بالتوتر والاضطراب فإن هذا سوف يؤثر بشكل سلبي على الإنتاج بالكمية والطريقة.

5. زيادة تماسك الأفراد في المنظمة:العلاقات الإنسانية الفعّالة والجيدة في المنظمة، تحقّق التماسك بين الموظفين داخل المنظمة وإلى ترابطهم في الأوقات التي تتعرض فيها المنظمة إلى أزمات، والشدة التي تواجهها تعكس صورة المنظمات التي تضطرب فيها العلاقات الإنسانية. وفي الغالب يقل تماسك الموظفين في مواجهة أي صعوبات او أزمات قوية قد تتعرض لها المنظمة. ويبدأ هنا الموظفين في الصراع والتفرق، لذلك فإنه يمكن القول أن تماسك الموظفين يعتبر مظهر من مظاهر الروح المعنوية العالية لدى الموظفين ومظهر من مظاهر القيادة الديمقراطية الناجحة.

6. نقص معدل دوران العمل:في العادة ما يرافق العلاقات الإنسانية الجيدة والفعّالة في المنظمات قلة معدل دوران العمل، ويتمثل هذا بسبب نقص عدد الموظفين الذين يتركون عملهم بالمنظمة إلى أعمال في منظمة أخرى، ويعود السبب في هذا لتمسك الموظفين بأعمالهم وعدم التنازل عنها إلى أعمال أخرى إلى الإشباع الملائم الذي يحصلون عليه من خلال العمل، وهذا الإشباع قد يكون مادي وقد يكون معنوي. أما المنظمات التي لا تكون فيها العلاقات الإنسانية جيدة عادة ما تتصف بسرعة دوران العمل، فالموظفون في هذه المنظمة في الغالب يتركون أعمالهم بالمنظمة للعمل في منظمات أخرى.

7. اختفاء صور السلوك الشاذ في المنظمة:المنظمة التي تكون فيها العلاقات الإنسانية مضطربة والتي تعمل على تلبية رغبات الموظفين الفسيولوجية وحاجاتهم النفسية وحاجاتهم الاجتماعية، في العادة ما يكثر فيها صور من السلوك الشاذ الذي يصدر عن بعض الموظفين، ومن بين صور هذا السلوك الشاذ العدوانية، الانطواء، الانعزال، الاستسلام المفرط لأحلام اليقظة، كثرة التغيب عن العمل، تخريب الأدوات والمعدات والآلات والشكوى المرضية.

وفي جو العلاقات الإنسانية الجيدة والفعّالة لا تتواجد صور السلوك الشاذ الذي يصدر عن بعض الموظفين؛ لأن معنى أن تنشر المنظمة علاقات إنسانية جيدة وفعّالة والمنظمة يكون لديها محاولات لإشباع حاجات الموظفين ورفع مستوى الانتماء للمنظمة، وارتباطهم بالعمل وتعمل بشكل دائم على تقديم صور الرعاية لهم، فهذا الذي يقلّل الإحباط من حياة الموظفين ومعلوم أن الإحباط وزيادة مستواه يعتبر دافع أساسي لكل سلوك شاذ يصدر عن الموظفين.

8. اختفاء الشائعات:العلاقات الإنسانية الجيدة تعني علاقات عمل جيدة بين الموظفين فيما بين بعضهم البعض وبينهم وبين قائدهم، فالعلاقات الإنسانية الجيدة الفعّالة مبنية على الإيمان بأهمية كل موظف في المنظمة، لذلك فإن القيادة في هذه المنظمة في الغالب  تكرّس جهدها لتنشيط الاتصالات بينها وبين الموظفين التابعين لها والقواعد المطبّقة، وفي العادة تنشط الاتصالات من أعلى إلى أسفل من القائد إلى الموظفين، ومن أسفل إلى أعلى من الموظفين للقائد، وهذه الاتصالات النشطة في الغالب تزوّد الموظفين أو القادة بما يلزمهم من معلومات تتصل بالعمل وبهم.

وعندما تتواجد المعلومات لدى الموظفين تكون الشائعات قليلة وأيضًا القيل والقال وينتبه الموظفين لمهامهم، ومن المعلوم أن هناك أثر سيء للشائعات على بيئة العمل وما تسببه هذه الشائعات من اضطراب في أنحاء المنظمة، وما تسببه من أضرار بالعلاقات الإنسانية داخل هذه المنظمة، ومن المعروف أيضًا أن هذه الشائعات تتزايد في فترات التغيير وفترات التي يكون فيها الجو متوتر ومضطرب.

9. تمتع العاملين بالصحة النفسية:ممّا لا شكّ فيه أن قمة الأمل في المجتمعات المتطورة هو أن يتمتع الموظفين بمستوى عالي من الصحة النفسية، وقد ارتفعت أهمية هذه القضية بعد أن ثبت أن الجوانب المادية وحدها، وتحسين هذه الجوانب لا يحقّق دائمًا السعادة للموظفين وصحتهم النفسية وإحساسهم بالأمن والسعادة الإيجابية ورفع مستوى الأجر، فلم تعد وحدها قادرة على تحقيق السعادة للموظفين ومن ثم يبدأ الاهتمام بمحاولة إشباع حاجات الموظفين النفسية والاجتماعية والترويحية، وذلك حتى تحقّق استقرار الموظفين وتقريبهم من الصحة النفسية وأثر علاقات العمل على سلوك الموظفين.

وأصبح واضح وخاصة بعد أن أصبح الموظفين يقضون كثير من ساعات العمل فى المنظمة وأصبح للعمل تأثير كبير على سلوك الموظفين، حتى في حياتهم الخاصة والعلاقات الإنسانية الفعّالة هي تقرّب الموظفين من الصحة النفسية التي أصبحت هدف الفرد بعد أن باعدت الماديات بينه وبين الاستقرار والرضا والسعادة، في جو هذه العلاقات الإنسانية الفعّالة ينتشر التفاهم والسلام بين المستويات الإدارية للموظفين وتجد المشاكل الحلول السريعة؛ حتى تقل الصراعات والمنازعات داخل العمل ويتفرغ الموظفين للعمل الذي يحقّق الإنتاجية والمثمر، فالعمل أصبح حياة الأفراد والجماعات في العصر الحالي وحسن تكيف الفرد في عمله أصبح مرتبط ارتباط وثيق بالتكيف العام وصحته النفسية.

10. انخفاض نسبة منازعات العمل:ممّا لا شك فيه أنه في جو العلاقات الإنسانية الفعّالة يتمكّن الموظفين من إشباع الحاجات الفسيولوجية والحاجات النفسية الاجتماعية؛ ممّا يسبب لهؤلاء الموظفين مستوى من الرضا والاستقرار، فلا يكون هناك جو مليء بالمنازعات داخل المنظمة سواء بين الموظفين فيما بينهم أو بينهم وبين المسؤولين عنهم أو بينهم وبين قادة المنظمة.وكثرة المنازعات بين الموظفين داخل المنظمة أو بين القادة فيها وبين اللجان النقابية المتواجدة داخل المنظمة، أو بين هذه القيادة ونقابات العمال أكبر دليل على وجود علاقات إنسانية غير جيدة والمنازعات العديدة في مجال العمل تعني أن الموظفين بتعرَّضون لصور عديدة من الإحباط سواء في العمل أو في حياتهم الخاصة.


مما سبق نخلص الى الاثار المترتبة على حسن العلاقات الانسانية :

• شعور العاملين بثقتهم بمدير المنظمة.

• الارتياح النفسى والرضا الوظيفى والذى يجعلهم يعملون بحيوية ونشاط.

• تقبل العاملين توجيهات مدير المنظمة بصدر رحب ولها صدى فى نفوسهم.

• توفر المناخ الصحى ينمو فيه العاملون مهنيا واجتماعيا ونفسيا.

• يسعى كل عامل الى فهم مهامة والتفانى فى مساعدة ادارة المنظمة لتحقيق أهدافها وانجاز كل ما يسند اليه من أعمال.

• استخدام أسلوب التفاهم والصراحة لحل المشاكل بطريقة هادئة.

• شعور العاملين بقيمتهم وثقتهم بزملائهم مما يجعل الاستقرار النفسى والطمأنينة

• رفع الروح المعنوية للعاملين.

• يسود المنظمة مناخ تنظيمى يقوى عرى التماسك والصلات الودية والتعاون بين العاملين.

• يقل عدد الايام التى يتغيبها العامل عن المنظمة  أو تأخره.

• تقل مشاكل العاملين وتظلماتهم .

وايضا نخلص الى العوامل التى تؤثر سلبا على العلاقات الانسانية :

• تصيد أخطاء العاملين ومقابلتها بالنقد واللوم أمام زملائهم.

• التسلط وعدم اشراك العاملين فى شؤون المنظمة.

• مجاملة بعض العاملين.

• عدم بث روح التعاون بين العاملين.

• المحاباة والاستماع الى بعض العاملين دون البعض.

• كثرة توجيه الانذارات الى العاملين كعقاب لهم .

• تقريب بعض العاملين الى مدير المنظمة وتفضيلهم على الاخرين .

• ضعف الاتصال بين المدير والعاملين.


الذكاء العلائقي ودعم الابداع والابتكار فى العمل:

"الذّكاء العلائقي هو قدرتنا كبشر على التواصل مع الآخرين وبناء الثقة."

ربّما سمعت بالذكاء العاطفي من قبل، وقد تتسائل ما علاقته بالذكاء العلائقي، والأمر من منظورنا، هو أن الذّكاء العاطفي القوي يُعزّز الذكاء العلائقي ويطوّره ويوسّع نطاقه، فعندما تكون قادرًا على تشخيص وفهم مشاعرك والآخرين، تكون أكثر جاهزيّة لبناء العلاقات معهم.

مؤشر العلاقة المتينة وأثره على العمل:

• الانفتاح ومشاركة الأفكار بصدق إزالة العوائق التي تجعل المحادثات صعبة أو حساسة، ويزداد التماسك بين الزملاء.

• رغبة الجميع بمشاركة الخبرات والمعلومات لإفادة الغير كسر الحواجز بين الزملاء وتوحيد أهدافهم وتحقيقها أسرع وأكفأ.

• تجربة الأفكار الجديدة على مستوى الفرد والجماعة والتفكير الإبداعي والتخلص من الخوف من الفشل ودعم الابتكار والإبداع.

كما تقول Esther Perel:

"مهما كانت كمية المال أو الطعام المجاني أو الاغراءات التي تقدمها، فإنها لن تعوض عن الضرر الذي تحدثه العلاقات السامة في محيط العمل."

لا يعني التركيز على العلاقات محاولة جعل الجميع أصدقاء، أو ضمان أنه لن يحدث أي انزعاجات أو خلافات، بل يُفترَض بالبناء الصحيح للعلاقات ألّا يثبّط الخلافات نفسها بل يشجع المنافسة بين الأفكار والعمل بالتكيف مع الخلافات، حتى تُحلّ عندما تظهر، مؤدية إلى مردود إيجابي.

لا يساهم وجود ذكاء علائقي قوي في فريقك في بناء ثقافة الاندماج فقط، بل أيضًا إلى توليد أفكار إبتكارية أفضل كَمًا ونوعًا، وتعزيز روح الحيوية والتعاون في الفريق، وتقوية الإحساس بالأهداف والغايات المشتركة. لهذا فإنه من الضروري للمدراء تشجيع وتبني هذه الروابط داخل وخارج الفريق.


ختاما:  يمكن القول ان العلاقات الانسانية في محيط العمل تعتبر وسيلة تتخذها الادارة من اجل الوصول الى جهود جماعية مثمرة ومشبعة،فهي تعمل على ايجاد التماسك بين افراد التنظيم بطريقة تضمن تحريك دوافعهم كفريق واحد في صورة تعاونية ومحققة لاشباع حاجاتهم المادية،والاجتماعية والنفسية في سبيل الوصول الى الأهداف المشتركة بينهم وبين المنظمة التي يعملون بها.

عندما نستثمر في علاقات محيط العمل، نصبح أكثر من مجرد أشخاص يعملون معًا، بل فريقًا متماسكًا يبني يدًا بيد وموحد الهدف والمغزى.

***


drsomaiasaeed@gmail.com

 

آراء