الكتابة بلغة الشهد والدموع..!!

 


 

 

بقلم : صديق السيد البشير

siddigelbashir3@gmail.com
(1)
أربعون عاما أمضاها أسامة بابكر في دهاليز الإبداع السوداني ،في بعديه المحلي والكوني ، فأسامة المولود بحي القوز بمنطقة الخرطوم جنوب في نهايات الخمسينيات من القرن الماضي ، إتخذ لنفسه حياة غضة بالشعر والموسيقى ، حيث أثمرت دراساته الموسيقية المتخصصة عن أعمال فنية تبدو عليها سمات البراعة في العزف الإحترافي من خلال جولاته في حييه القديم الذي شهد تفجر طاقاته الإبداعية.
زادته التجارب الفنية العديدة صقلا وتوهجا ، مقدما مساهماته الفنية عبر آلة البيكلو في صياغة الوجدان السوداني بنماذج من أعمال موسيقية ، حيث عكف على وضع لبنات موسيقية أساسية في مشروعه الفني ، مشاركة منه ضمن آخرين في تثبيت ركائز للموسيقى البحتة في السودان.
أحب آلة البيكلو حبا جما حتى عدها أصبعا سادسا في يديه ، مشكلا بها لوحات موسيقية على السلم الخماسي ، حيث تنوعت أعمالة بين التأليف والتوزيع والتلحين ، بأسلوب أقرب للإمتاع والمؤانسة
تمضي الأيام والأعوام ، تتبدل الأزمان والأمكنة ، فيؤسس أسامة بابكرفرقته الموسيقية الخاصة ، إلى أن يمم وجهه شطر الأمارات العربية المتحدة مدرسا للتربية الموسيقية ، عاد بألحان وأعمال أثارت أشجانه في الغربة.
وفي تجربة هي الأولى من نوعها يعتبر أسامة بابكر التوم أول موسيقي سوداني ينتج ألبوما للموسيقى البحتة بآلة البيكلو هذه على مستوى العالم ، مما يعد فتحا جديدا للفن السوداني.
هي خواطر من كواليس تسجيل تقرير تلفزيوني أنتجته لقناة الشروق الفضائية قبل سنوات خلت ،من داخل منزل الموسيقار أسامة بابكر بمنزله بضاحية الرياض شرقي العاصمة السودانية الخرطوم ، بصحبة المصور الفنان أحمد كشك ، والحبيب فريد.
(2)
ثلاثون عاماً، أو ربما تزيد، أمضاها عابدا في محراب التربية والتعليم في السودان، يأكل خبزه من بين سبورة وطبشورة، مقدما للطلاب والطالبات، جرعات مميزة، عملا، علما ومعرفة، تابعت مسيرته عن كثب، ومحبة متواصلة للمضي في التحصيل العلمي، منذ دراسته الجامعية في جمهورية مصر العربية، إلى عودته مجدداً إلى أرض الوطن، وصولا إلى انضمامه معلما/مدرسا في سلك التربية والتعليم في السودان، ليصل إلى درجة موجه تقنية الدراسات التجاريه و الحاسوب بالتعليم الفني في ولاية النيل الأبيض، لينال درجة الدكتورة من جامعة السودان المفتوحه في دراسه بعنوان(دور المراجعة الداخلية المستمرة في تقليل مخاطر نظم المعلومات المحاسبية و تقويم الادا۽ المالي : دراسه ميدانية علي مصانع السكر السودانية العاملة بولاية النيل الابيض، أمنيات ودعوات للدكتور حسن يوسف ضوالبيت بنيل الأستاذية، وان ينفع الله بك طلاب العلم والمعرفة.
(3)
يشهد قطاع الإعلام تغييرات جذرية ، مواكبة لعصر التحولات التقنية الكبرى في العالم ، وثورة المعرفة ، تحتم على المشتغلين بمهنة الصحافة التلفزيونية، العمل على الاستفادة من إيجابيات التحول الهائل في المجال ، شكلا ومضمونا ، لتظل الرسالة الإعلامية كما هي ، لكن تطورت الوسائل الناقلة ، من تقليدية إلى رقمية ، لتنتقل إلى المتلقي في مكانه ، أى من شاشة تلفزيون إلى منصة رقمية عبر الهاتف المحمول ، وظهور منصات ك (نتفليكس) ، و (شاهد) ، ملأت الدنيا وشغلت الناس، لتبرز الحاجة لمنصة سودانية ، تعمل هي الأخرى على إنتاج وعرض المحتوى السوداني على المنصات الرقمية والفضاءات المختلفة، لتبدأ منصة ( شوفنا) في تنفيذ أعمال بصرية تلامس العقول والقلوب ، ببصمة سودانية خالصة ، أمنيات للزملاء بإدارة المنصة ، بالتوفيق في والسداد والنجاح والتميز في تقديم مادة دسمة ، تلبي الأشواق والأذواق.
(4)
نخبة من الفنانين السودانيين أعلنوت عن إطلاق جسم يعنى بالثقافة والفنون تحت اسم (مجموعة الهزيم للفنون الأدائية)، لتحمل المجموعة التوعية والتثقيف والتنوير للمجتمعات المختلفة، من خلال إنتاج باقة منتقاة من أعمال فنية تخاطب الأسماع الأبصار والعقول، بهدف إحداث حراك في المشهد الثقافي السوداني في بعديه المحلي والكوني، أملا في إحداث التغيير عبر الفنون، وتخطط المجموعة إلى إنتاج حزمة من الأعمال، مسرحية وموسيقية وأخرى مستوحاه من التراث الشعبي السوداني، إلى جانب استعداد مجموعة الهزيم للفنون الأدائية للمشاركة في مختلف الفعاليات داخل وخارج السودان.
(5)
أنفق سنوات من عمره في مهنة التربية والتعليم، مقدما العلم والمعرفة لمئات الطلاب والطالبات في المدارس المختلفة في محلية قلي بولاية النيل الأبيض، يأكل خبزه من بين سبورة وطبشورة، الأعوام خلت، باحثا عن المعرفة في الثقافة السودانية، يعززها بمحبة عذبة لروائع المديح النبوي ورواته في السودان، جمعتنا به أواصر الصداقة النبيلة والمحبة في الله ومن الله وبالله ولله، ثم سعادة أخرى حين سجلت له إفادة مميزة في فيلم عن قريتنا العليقة الشيخ ودمضوي، وهو من إنتاجي بث على شاشة قناة الشروق الفضائية، ضمن برنامج ( كاميرا الشروق) قبل أثنى عشر عاما ماضية، كان يتحدث عن تاريخ التعليم بالعليقة الشيخ محمد ود مضوي بجانب خلاوي الشيخ التي تتنفس القرآن الكريم بكرة وعشية.
غادرنا إلى دار الخلود بعد صراع مع المرض، الأستاذ أحمد محمد الطيب الخليفة البشير الشيخ الطيب محمد ود مضوي، تقبلك الله عنده القبول الحسن، وأحشره مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا يارب العالمين، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم، العزاء موصول لأسرته الصغيرة والكبيرة ولعموم آل الشيخ محمد ودمضوي، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(6)
من توفير كامل الخدمات الطبية لأسرتين وافدتين من العاصمة السودانية الخرطوم إلى مدينة تندلتي وصولا إلى شبكة للعيادات المجانية بولاية النيل الأبيض، ثم تأسيس منظمة هيلث كير ، التي بدأت أولى اجتماع مكتبها التنفيذي بمركز شباب كوستي ، لأتشرف بعضويته أمينا للتدريب والتأهيل، وضع الاجتماع خطة رشيقة لتنفيذ حزمة من البرامج الخدمية ، نأمل دعم الجميع، تطبيقا لتلك البرامج على أرض الواقع في ولاية النيل الأبيض مع تقديري للجميع.
(7)
قضت حياتها كفاحا في الفلاحة وتربية الأغنام، لتنتج القمح والذرة والفول السوداني في مساحة الأرض التي تخصها بقرية الكرو الأحامدة جنوبي مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، كشأن نساء الريف في السودان، الريف الذي لا تبعد قراه سوى كيلومترات عن مجرى النيل، عاصرت هي الأخرى بضع سنوات قليلة من حياتي، حين كنت طفلا على يديها، صافحت عيوني البريئة وجهها الصبوح، على مدى أعوام، لتغمرني بمحبة فائقة العذوبة، محبة الجدة لحفيدها، كانت تهديني قروش حين تزورنا في العليقة الشيخ ودمضوي، زيارات تتكرر من حين لآخر، لتحمل لنا معها ما لذ وطاب من فاكهة خضروات وتوابل وبعض حصاد من طحين فلاحتها، لترحل في رمضان المبارك الماضي ، بعد سنوات حياتها التي ناهزت المئة، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم، اللهم تقبل الجدة عائشة الحر المساعد (والدة أمي) عندك القبول الحسن يا رب العالمين وادخلها الجنة وأحشرها مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(8)
عاش بيننا بسيطا في حياته ، قليلة العمر ، كثيرة التواضع، ودودا ورحيما ، صاحب قفشات راسخة في الذاكرة ، عانى كثيرا من آلام مرض السكر ،تجاوز مصاعب بصبر عجيب ، ليفارق دنيانا الفانية في لحظات قبل أن يتناول مصل السكر على يد شقيقه السر صديق البشير ، رحمة الله تغشاك في قبرك وآخرتك بن عمي البشير صديق البشير الخليفة، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم بين النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(9)
أمضى سنوات في دهاليز الإعلام والقانون والرياضة وفريق المريخ ، مغطيا لكل فعاليته، أحب الصحافة حبا جما، مزج بين الصحافة الرياضية والساخرة، تحريرا وكتابة، محررا ومصورا للخبر، ليصبح اليوم خبرا تتناقله المنصات المختلفة، وداعا نميري شلبي عاشق القلم العدسة، في جنات وعيون، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(10)
لسنوات ظل عادل فرج الله يأكل خبزه من عروض كوميدية، ترسم البسمة على وجوه الناس، عرفه الناس من خلال مسيرته الفنية مع مجموعة (تيراب) الكوميديا، التي أسهمت في إنجاز باقة منتقاة من أعمال فنية تخاطب الأسماع الأبصار والعقول بمودة ومحبة عذوبة، لإسعاد الآخرين، أحب الدراما حبا جما، لوطن ومدينته كوستي درة النيل الأبيض، والتي منها تنتقل روحه الطاهرة إلى بارئها، اللهم تقبله عندك القبول الحسن يا رب العالمين، أحر التعازي وصادق المواساة لأسرته ورفاقه وعارفي فضله، إنا لله وإنا إليه راجعون.
*صحافي سوداني

 

آراء