الكلونيالية الحديثة والشرق الأوسط الجديد!!

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعا لى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية
هذا بلاغ للناس


توطـــئة:
من الملاحظ ومنذ (سايكس- بيكو) و حتى إعلان كونداليزا رايس عن مخطط (الشرق الأوسط الكبير)؛ يعيش العالم العربي بمشرقه و مغربه على  إيقاع  التقسيم و التمزيق إلى دويلات إثنية ومذهبية دينية ؛ وذلك خدمةً للمصالح الغربية؛ التي طورت من عملها فحولت مقولته (فرق تسد)  إلى (فرق تنهب) ، والعجيب في الأمر أنه بعد أن حكم المسلمون جغرافية تمتد من آسيا إلى إفريقيا و أوربا؛ أصبحوا الآن يعيشون في رقعة جغرافية أصبحت تضيق كل يوم أكثر فأكثر؛ بفعل الأزمات العرقية والمذهبية التي يزكي الغرب أوارها كل يومٍ ؛ نتيجةً للمؤامرات الغربية ؛ و ساعد على ذلك الوهن والتراجع العربي المتزايد ؛ الذي شجع هذه المؤامرات؛ ووفر لها الغطاء والظروف المواتية لتحقيق النجاح . وأهم  إستراتيجية بدأ الغرب في تنفيذها  وقد أثبتت نجاحها العملياتي؛ هي إيديولوجية الانفصال؛ التي إنتشرت كالسرطان الذي سُلِّطَ لينخر في جسد الدول العربية والاسلامية ؛ فتحولت الإثنيات والمذاهب و الأعراق هي المشكلة الأساس في العالم العربي؛ لذلك فهي مرشحة لتصبح مشاريع دويلات أنابيب مشوهة الخلقة؛ تخدم الأجندة الغربية في العالم العربي .
المـنــن:
وبنظرة  خاطفة على خارطة جغرافية العالم العربي من مشرق إلى مغربه ؛ نجد  أن جميع الأقطار العربية تحت مرمي نيران الانفصال وبعضها تم بالفعل قصفه فأفرخت دويلات أيضاً تمّ التخطيط لأن تكون دويلات مغلقة لا منافذ لها على البحار أو الأنهار ؛ تم قيام هذه الدول المنفصلة لاعتبارات إثنية و أو عرقية؛ دينية و مذهبية ... و كلها اعتبارات؛ بدل أن تكون ثراء؛ تتحول إلى قنابل موقوتة؛ تهدد صوملة العالم  الاسلامي والعربي؛ و تحويله إلى كانتونات و قبائل متناحرة لتنشغل بنفسها ؛ ولتخدم المصالح الغربية؛ وذلك  مقابلحمايتها وتقديم الدعم السياسي والديبلوماس واللوجستي العسكري
. إنن العالم العربي والاسلامي ينبغي أن يستصحب حسرات الانفصال ؛ على إيقاع التقسيم الذي  تعرض له السودان بدعم أمريكي-أوربي-صهيوني؛ و في نفس الآن خرج علينا أكراد العراق أخيرا ملوحين بخيار الانفصال؛ أما مصر ا التي كنا نتباهى بتماسك نسيجها الاجتماعي ، لم تعد بمنأى عن التقسيم ؛ لأن فيروس الانفصال الذي أطلقه الحلف ( الصهيويورامريكي)  بدأ يخترق جسدها؛ وذلك بتحريضه المسيحيون الأقباط ؛ وبعض إنتهازيي الأقباط  لم يصدق،  واستغل الدعم الغربي المتزايد لأطروحتهم؛ التي أخذت شكل العلن وأصبحت تروج عن نفسها بشكل متزايد . وفي الحالة اللبنانية فهي نموذج حي  للبلقنة و التقسيم؛ و هو مشروع جاهز ويبدو أنه في كل يوم ينجرف نحو التحول إلى دويلات ؛ تخدم المحاور الدولية و الإقليمية المتصارعة ؛ وذات الاستراتيجية بدأ تنفيذها في سوريا الجارة التوأم للبنان؛ فتارة نسمع عن رغبة الأطراد السوريين أن يعلنوا ما أسموه إدارة المناطق المحررة!! ، الشيء الآخر  الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن الاعلام الغربي أيضاً يروج لفكرة مذهبة  الحرب التي تدور في سوريا.
إذا كنا نتحدث عن بلدان المشرق العربي، فليس الوضع في المغرب العربي بأحسن من مشرقه، و في المغرب العربي؛ نشهد تدخل  الدول الغربية وهي تدعم  الأطروحة الانفصالية الأمازيغية في الجزائر؛ و التي تبلورت أخيرا على شكل حكومة صورية تم الاعلان عنها من باريس؛ أما المغرب فتتعالى أصواتاً تدعم الانفصال دوليا و إقليميا منذ 1975؛ إذ أن جبهة البوليساريو الانفصالية  ما زالت تمثل  الهاجس والكابوس ؛ هذه التحركات (الصهيو يورو أمريكية) بدأت أيضاً تدعم فكرة تقسيم المغرب؛ وذلك لإحكام السيطرة عليه؛خاصةً أن اليهود المغاربة يمسكون بكل تلابيب الاقتصاد المغربي ... والحبل على الجرار كما يقولون فأصبح العالم العربي؛ عرضة للتقسيم؛ إلى  دويلات طوائف مذهبية وأثنية ؛ إنها بؤر تهدد أمن ووحدة أراضي الدول العربية ؛ وقد تنفجر حتى نصحو ذات صباحٍ لنشاهد عرض مسري البلقنة على المدى القريب والبعيد .
الحاشية:
يجب أن لا نغمض عيوننا في بلهٍ ، فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر /أيلول 2001؛ فإن مشلروع الشرق الأوسط الجديد ماضٍ وفي مراحل التنفيذ قبل النهائية ؛ إذ أن التخطيط ( الصهيو يورو أمريكي) ؛ يعتبر هذا التقسيم مهم امتدادا  لمحور الهيمنة الإسرائيلي الأمريكي الأوروبا وهوما يتم الرهان عليه  كإمتداد مستقبلي  للمحور الأمريكي الصهيوني ؛ لذلك تم شن حرب على العراق وتدميره وتدكير جيشه الذي كان يعتبر رابع جيش في العالم ؛ بعد أن جُيّش الاعلام وحُشد  لتصوير العراق على أنه الدولة الوحيدة المارقة في المنطقة؛ ؛ وبذلك يكون قد تم تدشين المرحلة الأولى من الأجندة الأمريكية – الإسرائيلية؛ في منطقة الشرق الأوسط  لتحويله إلى شرق أوسط جديد.     لقد بدا واضحا منذ غزو العراق ؛ أن المحافظين الجدد؛ في تحالفهم مع الصهيونية ؛ يسعون إلى تحقيق مصالحهم المشتركة؛ في السيطرة على ثروات المنطقة,
بالطبع لن يتم ذلك إلا عبر رسم خطط جديدة؛ تقوم على مواجهة كل أنواع المقاومة – سواء تجسدت في جماعات أو دول – و في المقابل محاولة تدجين أنظمة و شعوب المنطقة؛ كي تستجيب للنزوات الأمريكية – الصهيونية وهذا ما نشهده الآن إذ بدأ الإلتفاف حول ثورات الربيع العربي وإجهاض الديمقراطيات الوليدة، التي جاءت عبر صناديق الاقتراع في التخاباتٍ نزيهة حرة ونزيهة ، ولأن  الحلف (الصيويورو أمريكي) يعلم أن هذه الحكومات التي وصلت إلى الحكم، لا بد  من أنها تستمد شرعيتها وقوتها من الشعب الذي أتي بها، ومن الصعب  على الغرب أن يفرض إملاءاته عليها ، لذا نشهد اليوم الانقلابات على الشرعية والديمقراطية.
لعلنا نذكر مقال رالف بيترز وقد نشر في صحيفة الجيش الأمريكي في عدد شهريونيو 2006 .  و السيد بيترز ضابط متقاعد يحمل رتبة مقدم، في الاستخبارات العسكرية الأمريكية؛ وضع مخططا لإعادة تقسيم الشرق الأوسط.
في البداية ينطلق بيتزر من مقدمة أساسية؛ سيبني عليها جميع النتائج التي سيخلص إليها في الأخير؛ و هي أن الحدود التي تفصل بين الدول في العالم ليست عادلة, لكن الحدود الأكثر اعتباطية في العالم –في نظر بيترز- هي تلك التي تشكل الدول الإفريقية ودول الشرق الأوسط ؛ تلك الحدود التي رسمها الأوربيون لحماية مصالحهم . و يستعير بيترز مصطلح الحدود غير العادلة من تشرشل ؛ ليعبر عن الوضع القائم في الشرق الأوسط ؛ و هذا الوضع في اعتباره؛ سيحضر كسبب رئيسي في اندلاع الكثير من المشاكل؛ بين الدول و الشعوب في المنطقة. وهذا ما نشهده اليوم في المنطقة العربية وفي بعض الدول الأفريقية التي تحتوي بواطن أراضيها بثروات نفطية ومعدنية الغرب أحوج ما يكون إليها ، إذن أن الغرب لا يجد أي غضاضة في إشعال الحروب الإنية والدينية المذهبية  وتشجيع القبلية لتنفيذ المخططات التي تخدم مصالحه. يعتمد إثارة بيترز مشكل الأقليات في المنطقة؛ و التي عانت من وجهة نظره التقسيم الفرنسي – لبريطاني السابق- ؛ ومن خلال إثارة هذا المشكل؛ ينتقل بيترز ليصوغ الحل المناسب لهذا المشكل؛ و يقوم هذا الحل على إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط؛ على أساس عرقي ديني (حدود الدم) .
عندما تقرأ مقال رالف بيترز تجد أنه يقدم هنا نموذجين لذلك: ؛ وهما:
      النموذج الأول يرتبط بإسرائيل؛ الطفل المدلل للاستعمار الأمريكي الجديد؛ و هذا المعيار في التقسيم سيكرس طابع الدولة العرقي و الديني؛ كدولة لليهود (تحطيم معيار الديمقراطية الغربي !!!
      النموذج الثاني؛ يرتبط بالأكراد؛ الذين خصص لهم بيترز حيزا مهما من مقاله؛ و هو يتأسف عن غياب دولة كردية مستقلة. فهناك ما بين 27 و 36 مليون كردي يعيشون في المناطق المجاورة في الشرق الأوسط ؛ و حتى الرقم الأدنى يجعل الأكراد؛ المجموعة العرقية الأكبر في العالم من دون دولة خاصة بهم. لكن هل هذا كله من أجل سواد أعين الأكراد؛ أم إن في الأمر غاية أخرى ؟  يجيب بيترز بالمباشر :  " إن كردستان حرة؛ تمتد من ديار بكر إلى تبريز؛ ستكون الدولة الأكثر دعما للغرب بين بلغاريا و اليابان ؛  
من هذا المنظلق يقدم بيترز خريطته الجديدة للشرق الأوسط ؛ كما يتصوره؛ فيتحدث بداية؛ عن تقسيم العراق إلى ثلاثة أجزاء، دولة كردية بالشمال، ودولة شيعية بالجنوب، ودولة سنية بالوسط؛ ستختار الانضمام إلى سوريا مع مرور الزمن.  ويصف المقدم المتقاعد السعودية بأنها دولة غير طبيعية، ويقترح أن يقتطع منها كل من مكة والمدينة المنورة؛ حتى تنشأ فيها "دولة إسلامية مقدسة" على رأسها مجلس يترأسه بالتناوب أحد ممثلي الحركات والمدارس الإسلامية الرئيسية، أي أن يكون المجلس نوعا من "فاتيكان إسلامي أعلى".      كما يقترح إضافة الأرض المقتطعة من شمالي السعودية إلى الأردن، وأن تقتطع أرض من جنوبي البلاد كي تضاف إلى اليمن، وأما شرقي البلاد فلن تسلم أيضا من المقص، إذ تقتطع منها حقول النفط لمصلحة دولة شيعية عربية.  ويرى رالف بيترز أن المملكة الأردنية الهاشمية ستحتفظ بأراضيها؛ وتضاف إليها أرض من شمالي السعودية، كما سيرتبط "مستقبل الضفة الغربية بها".  ؛ أما الإمارات فيطلق السيد بيترز عليها اسم "الدولة المدينية" (تشبها بالمدن اليونانية قديما)؛ وقد يُدمج بعضها مع الدولة العربية الشيعية التي تلتف حول الخليج، وستصبح قوة توازن؛  مقابل دولة فارسية لا حليف لها . أما عُمان والكويت، فتحتفظ كل منهما بأراضيها. ويفترض أن إيران، وفقا لهذا المشروع، ستفقد الكثير من أراضيها لصالح أذربيجان الموحدة، وكردستان الحرة، والدولة الشيعية العربية، وبلوشستان الحرة، لكنها ستكسب أراضي من أفغانستان حول هيرات. ويطرح رالف بيترز تصوره بأن إيران سوف تصبح في النهاية بلدا إثنيا فارسيا من جديد ، ينتهي رالف بيترز إلى أن تعديل الحدود بناء على رغبات الناس قد يكون مستحيلا، لكنه من الممكن أن تنشأ حدود جديدة مع الزمن. فتعديل حدود الشرق الأوسط الأكبر، بناء على روابط الدم الطبيعية والعقيدة الدينية، ضرورة ملحة لحقن الدماء!! ومن هنا مسؤولية الولايات المتحدة وحلفائها!
إن لم تصحو الدول العربية والاسلامية من غيبوبتها؛ ستجد نفسها قد أُكلت كما أُكل الثور الأبيض!!
رمضان كريم .. عوافي,,,,,,,


Abubakr Yousif Ibrahim [zorayyab@gmail.com]

 

آراء