انه من المعلوم ان الرسل من لدن آدم عليه السلام الى سيدنا عيسى عليه السلام كان الرسول يرسل برسالة خآصة لتعالج ظاهرة خآصة في مكان خآص وزمن خآص لشعب او قوم او قرية او قبيلة فارسل نوح الى قومه وابراهيم كذلك وصالح لثمود وهود لعاد وشعيب لمدين ولقريته لوط وموسى لشعب بني اسرائيل وعيسى كذلك ارسل لبني اسرائيل ليصحح لهم ما حرفوه من التوراة وليحل لهم بعض الذي حرم عليهم وكلهم جاءوا لاصلاح افرادهم ومجتمعاتهم فالنبي الوحيد الذي ارسل للناس كآفة هو محمد صلى الله عليه وسلم لاصلاح المجتمع الانساني كلهوالذي ارسل برسالة تصلح لكل زمان ومكان ولكل انسان (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) ولما كانت الرسالة المحمدية بهذه العمومية والشمولية كان لا بد ان يكون فيها ما يؤهلها لذلك من نصوص وتعاليم تهدف وتؤسس للوحدة والجماعة والامة الواحدة ذات الرب الواحد والقبلة الواحدة(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)فجعلت الافضلية بالتقوى ووصفت المؤمنين بالاخوة وقدمت نسب الدين على نسب الطين(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ) والاسلام هو الجنسية وشهادة ان لااله الا الله محمد رسول الله هي الهويةوالشرف هو العمل وليس الشكل او الصورة(إن الله لا ينظر إلى أجسادكم , ولا إلى صوركم , ولكن ينظر إلى قلوبكم)وهذا يهدف ويؤسس للمجتمع المسلم المترابط المتعاون المتماسك ولما جاء الاسلام وعاء جامع تذوب فيه الفوارق وتزول الحواجز وتقتصر به المسافات بين المسلمين فالمسلم في السنغال يتألم بما يتألم به المسلم في اندونيسيا والبنغال وما يحدث في نجيريا يحس به المسلم في السودان ويفرح بما يفرح ويحزن لما يحزن له ويدعو له بالخير عقب كل صلاة ولما كان مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ولكي يتحقق ذلك المجتمع المثالي يستوجب علينا ان نصلح ما يقوم عليه هذا المجتمع من قواعد واركان ولبنات حتى يستقيم البنيان ويقوى ولكي نحقق ذلك علينا الاهتمام بتربية اطفالنا وببر آبائنا ونحسن لجيراننا ونفشي السلام ونؤديالامانة ونوفِ بالعهد ونصدق ونتصدق ونأكل ونشرب ولا نسرف فالمؤمن لا يأكل ويشرب ويتناسل كما تفعل البهائم للشهوة واللذة لكن المؤمن اذا اكل فليوم كريهة لقمته واذا جامع فلزيادة الامة نطفته واذا خطى فلقضاء حاجة اخيه خطوته وللمسجد تسارعه ومن الحلال اكتسابه وفي محلها نفقته واذا تحدث يحلو لفظه وخطابه هذا غاية ما يهدف اليه الدين ويقصده الاسلام ويرضاه الله ورسوله وتحلو به الدنيا ويسعد به في الآخرة اذا فعلنا ذلك سوف يكون من بيننا الابن البار والزوجة المطيعة والتاجر الصادق والعامل المتقن والجندي المخلص والجار المحسن والحاكم العادل والشاب العفيف والشيخ الشريف فيكون نتاج ذلك المسلم الحق والمجتمع المثالي المتماسك كالبنيان المرصوص كما في الصلاة لا فرقة ولا فرجة ولا تفاضل ولا تمييز بسبب جاه او سلطان الناس سواسية كاسنان المشط يد على من سواهم يقوم بذمتهم ادناهم فيكون ذلك المسلم الذي اول من يتقدم يوم الفزع وآخر من يمد يده يوم الطمع يكرم ضيف الهجعة ويمسح الدمعة ويزيل الوجعة اذا فعلنا ذلك يصدق فينا قول الله تعالى:( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:( الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة)اوكما قال صلى الله عليه وسلم.