المخلوع البشير وعثمان أحمد حسن وجهاً لوجهه

 


 

 

 

 

أتذكر أنني قرأت إستقالة كل عثمان أحمد حسن وفيصل مدني مختار من مجل الإنقلاب في عام 1990 ، وقد تم نشر تلك الإستقالة في مقهى النشاط بجامعة الخرطوم، وقد قلل تنظيم الإتجاه الإسلامي من قيمة تلك الإستقالة لأن المذكورين لم يتوجها لوسائل الإعلام العالمية وكشف تفاصيل الإنقلاب وفضح طبيعة الذين يحكمون الإنقلاب ، ولكنهما آثرا عدم المواجهة خاصة بعد ضباط حركة 28 رمضان ، وقتها كنا نعيش كذبة أن هناك ضباط وطنيين أعتلوا أسطح الدبابات لإنقاذ السودان من السقوط في براثن الحركة الشعبية بقيادة الراحل قرنق . وما قاله العميد فيصل مدني مختار كان معروفاً للجميع بخصوص علاقة الحكام الجدد بتنظيم الإخوان ، لكن المعلومة الجديدة هي ان الشهيد مجدي محجوب تم إعدامه بناءً على فتوى صدرت من علي عثمان محمد طه بينما أكتفي البشير بتنفيذ الحكم ، ولكن المفارقة الغريبة لماذا كان الإنقلابيين بشقيهم العسكري والمدني حريصين على إعدام الشهيد مجدي محجوب على الرغم أن الرجل لم يشكل خطراً أمنياً على النظام ؟؟ وكيف أنهم كانوا في سباق مع الزمن أجل إعدامه حتى يتجاوزوا مبادرة السفير الكويتي عبد الله سريع ؟؟
ولم تعد الإجابة على هذا السؤال صعبة ، فالنظام كان مرتعشاً وخائفاً ولذلك كانوا في حاجة لتقديم نموذج في العنف ، ومثلما قال الزبير محمد صالح وقتها : من المطلوب التضحية بثلثي الشعب السوداني للحفاظ على ثلث آخير مسلم يقيم الشريعة الإسلامية ، لذلك كان الداعية الإخواني عبد الحي يوسف مقلداً للزبير محمد صالح عندما افتى للبشير بضرورة قتل ثلث الشعب السوداني من أجل بقاء الثلثين ، والتحسن في نسبة الضحايا من ثلثين إلى ثلث هو توهمهم أن نسبة مشروعهم الحضاري قد انداحت في وجدان الشعب السوداني ولا تعارضهم إلا فئة شذاذ الآفاق .
لم يكن المخلوع البشير مستعداً لعملية سقوطه ، وكذلك لم يكن مستعداً للمحاكمة ، ولا أعتقد أنه كان يتخيل مثوله مع علي عثمان طه في قضية إنقلاب الثلاثين من يونيو من عام 89 ، فهو كان يتوقع مثوله في قضايا مخالفات مالية تنتهي بالتسوية البسيطة ، لكن عبقرية الراحل علي محمود حسنين هي التي جعلت المخلوع البشير يخضع لهذه المحاكمة ، فحتي وقت قريب كان عبد الباسط سبدرات يراهن على سقوط تهمة تدبير الإنقلاب بالتقادم ولكن هذا لم يحدث ، فالأن المخلوع يواجه جنرالاته وما كان همساً بالأمس أصبح معلناً اليوم ، والان يونس محمود ناي بنفسه عن الإنقلاب ، واللواء الخنجر قال أنه كان برتبة مقدم في سلاح الموسيقي ، اما التيجاني آدم الطاهر فقد قال أنه كان بمصر ساعة الإنقلاب وأن اسمه قد وُضع في قائمة الإنقلابيين دون الرجوع إليه ، وحتى الطيب السيخة أنكر دوره في الإنقلاب وقال أنه طبيب ولم يكن يتعاطى السياسة ، الجميع أنكر تلك التهمة وايديهم وارجلهم وحواسهم كانت تشهد بدورهم في ذلك الإنقلاب المشئوم ، ولو رجعنا لإرشيف التلفزيون السوداني في تلك الحقبة سوف نجد أنهم يشهدون على أنفسهم في كل يوم ..
إذا هم اليوم أنكروا دورهم في هذا الإنقلاب فما الذي نفذه إذاً ؟؟
أكيد لم تكن الكائنات الفضائية ولا شخص اتى من خارج السوداني ، فقد كانوا يتبجحون بدورهم في هذه الجريمة ، فحتى قاضيتهم بدرية سليمان كانت تفتخر بانها قادت خلية شاركت في تنفيذ هذا الإنقلاب ، وقتها كان الإعتراف بالمشاركة يفتح الطريق لشغل المناصب وتملك القصور ، وعندما حانت لحظة المحاسبة نأي الجميع وأنكروا صلتهم بالإنقلاب .

 

آراء