المعادلة المؤجلة خرابنا وما كسبت الأيدي

 


 

 

بـهدوووء_
أشرنا سابقا بأن المعادلات ما بعد 6 ابريل ، ستتبدل وهذا يعود بطبيعة الحال ، الى وضع مراكز القوى في ميزانها الصحيح ، ومدى فاعلية كل طرف في معادلة الفعل . فلحظة 25 اكتوبر نفسها ، كانت ترتيب لهذه المعادلة ، و الجميع يعلم ذلك داخل اروقة الاجهزة حينها.
بعد مرور اسبوعين على لحظة 6 ابريل ، وبخروج غندور الرجل الذي يبدو اكثر حكمة من بقية الذين صرحوا إلى الآن ، و قدم كرت ضمانه كفاعل مهم ، على عكس الجزولي الذي يبدو كأنه مهتم بلملمة الشمل على راية التيار الاسلامي العريض والذي لن يتحقق له ذلك ، لانه ببساطة الجزولي في نظر الاسلاميين وما محاولاته الا ليلملم الذين كانوا يخرجون في ذات المواكب المسماة الزحف الاخضر ، وهؤلاء اقرب إلى الفيس بوك منه إلى الواقع.
أو انس عمر الذي في النهاية يحسب مثل كادر التأمين كرت يستخدم متى ما احتيج له ، وما تصريحاته الا مجرد ( كولن ) بغض النظر عن موقعها و واقعها ، اما الناجي فأمنيات قلبه الذي يتحدث عنه و يرجوه ولكن مجرد دعوات و أماني ، و الناجي بطبيعة الحال منجرف. اذن بدأ المسرح السياسي في أخذ اركانه من جديد ، وهذه المرة الاسلاميين ليسوا اسلاميين ، ولا الحركات المسلحة هي الحركات المسلحة ولا حميدتي هو حميدتي ، انها لعبة المصالح ، لعبة بدأت ملامحها الداخلية تغلي منذ 2014م ، لعبة تفكك الايدولوجيا و النظر الى السلطة.
اي قراءة من غير استصحاب التحولات الداخلية للاسلاميين في معادلة السلطة فستكون مجرد ( احلام عَصر) وهذا الأمر وصلت له قوى اعلان الحرية و التغيير يوم أن وافقت على فصل الدعم السريع من القوات المسلحة داخل الوثيقة الدستورية ، هنالك بعض مؤسسات الاسلاميين الذين احتفظوا بمواقفهم الناقدة للنظام لكنهم ظلو يكنون له الود دون التدخل في صراع ما ، وهؤلاء هم من اخرجتهم قوى اعلان الحرية و التغيير و حميدتي من صياصيهم . بالاضافة إلى بعض الذين وقفوا ضد المخلوع البشير مرات كثيرة في مواقف عدة . وهؤلاء سيعودون لحمل الخناجر على اخوتهم مجددا.
يعلم المجتمع الدولي و الاتحاد الافريقي و الخليج ان فرص قوى اعلان الحرية و التغيير قد ذهبت ، وانه لابد من ضبط محدد يسمح بالاستقرار ، وهذا الاستقرار مبني على قدرة الفاعل الداخلي في حسم المعادلة دون أن يفجر تناقضات تفاعلها ، ومن غير ان يتعدى المحاذير التي تم رسمها مسبقا اقليميا.
وهنا ننظر الى معادلات القوى العسكرية ، البعض اعطى للحركات المسلحة اكثر من حجمها ، من ناحية عتاد ، ولكن يمكن لكل هذا ان يذهب ادراج الرياح اذا قررت ليبيا /تشاد/ السودان اغلاق هذا الملف ، وليس بأمر منهم بكل تأكيد وانما من يتحكم في أمن هذا المثلث ، و ما لقاء برهان و كاكا في انجمينا الا نقاط على الحروف.
سيعود تحالف تجار البوكو و الذهب المهرب ، و بعض الهواة من هنا وهناك ليحاول الصعود ، ولكن سيكون في الضفة الاخرى المؤسسات التي سيطرد جرذانها الذين دخلوها مع موجة الجنون السياسي ، و المؤسف ان ما حدث للحرية و التغيير سيكون طامة كبرى على احزابها بصورة منفردة . و بعض الذين ارادوا ان يصبحوا كبارا ولم يبلغو سن الرشد السياسي . ولم يعملوا لهذه المواقف.
كلما شرقت شمس على أرض هذه البلاد ، نعود ألف عام وعام ، إلى ظلمات الجهل و التخبط . ويسأل صديقٌ لي عن جدوى اهتمامي ، وما بالك وهذه المخروبة؟ ، ابتسمت وعبرت في مخيلتي المناصب التي تقاسمتها بنات آوى ، ليأتي الطير و يقضي على بقية (جنازة البحر ) مليارات تنفق على أقارب و محسبوين ، مطبلاتية و ساسة فسدة ، مرتزقة ومليشيات وتجار سيارات مهربة (بوكو) حفنة من صعاليق مخدرات ومهربي بضاعة . و آخرون مضى على زمانهم الدهر ، فما تعلموا من حالهم ، فكانوا في ضلالهم.
نحن لن نموت بالأمراض أو السرطانات كما يقول بعض الاطباء ، بل حسرة على هذا النزف في خاصرة البلاد ، تمعن في خلق الله في السودان بائعات الاطعمة ، آباء أكل الدهر من لحمهم ، و بعض الشباب الذين جلهم لا يدرك مستقبله.
تمعن حال الدولة ، وهي تدار في افطارات الفسدة و الغافلين ، اصوات تتعالى وكأننا في جلسات (دق الريحة ) أو جلسات القهوة في نهارات نسوة الحي ، وربما تكون الأخيرة ذات شأن مقارنة بهذا العبث ، فمنها يخرج التدبير المنزلي و قضاء الحاجات الاسرية.
تمعنت عجز هؤلاء الذين جلسوا في مناصب ما كانت ستؤولهم ، ولكنها حكمة الزمان ، فأسأله التعلم من هذا ، فما كنا ندرك أن سيعود بنا إلى مربعات ، تتحول الملمات فيه إلى منابر ، افطارات النعيق هذه ، كانت بديلا عن المنابر السياسية ، و المؤسسية الرصينة التي من خلالها يدار الشأن العام ،جُهلٌ صعدوا على سدة الحكم باتفاق مع أجهل منهم شرعوا لمسار بلاد.
ما رأت عيني خرابا مثل الذي نعيشه الآن ، فترة من فترات السودان ما قرأت عنها لافي الكتب ولا في سير الاعلام الذين تركونا لهذه الجثة ، أي خراب هذا الذي نعيشه؟! ، الجميع في مستنقع الوحل لا يدركون انهيار الجرف ولن يدركوه حتى يسقط السقف على رؤوسنا.
الا أن عجز الحيلة ، و تربيع الأيادي ، ليس من شيمة الذين يحملون معاول الهم ، فيد ترفع واخرى تدفن هذا الوحل ، وريثما يحين ميلاد لهذه الأمة و البلاد ، حينها يرفع عنا هذه الطامة ، الطامة التي يخرج فيها الرويبضة ليقولوا في شأن الناس يجهل ، وما اردنا أن تحتكر الأمور أو تغلق النوافذ ولكن الغبار دخل ، و اتسخت الاواني ، فحان وقت الترتيب ، رويدا رويدا وعلى مهل ، فالممسك بالخيط ليس كالذي يغزل الوهم.
أخر الهدوووء :-
تحالفات ما بعد السجون (1)
ظهرت في الادبيات السياسية السودانية ، تحالفات تنشأ في السجن وهي لمقاومة وضعية سياسية معينة ، هذه التحالفات سمتها أنها تقوم على عجل بلا رؤية او هدف او غاية ، الغرض منها دائما كان اسعاف منظومات سياسية او منظومة سياسية تدور في فلك مصلحة واحدة. فاعليتها دائما ما تكون لشخصيات معينة و محددة ، تعطي صبغة سياسية لخطاب عام ، و الغريب في الامر ان هذه التحالفات تنشأ بوصلتها بشروط خارجها ، يمكن العودة إلى لحظات مثل 1989م ، و 1969م ايضا لفهم اعمق.
التعويل على هذه التحالفات وهم ، و رش ماء على صقيعة بلا سراب ، لذلك الغرق فيها نهاية ، و الانجرار خلفها مضيعة للوقت ، وقد يسأل احدهم ، لماذا ؟ الاجابة تكمن في وضعية الدولة ، فلا يمكن ان يؤدي اي تحالف سياسي خارج من ذات مشكاة الازمة ان يساهم في حلها مالم تستقر وضعية الدولة في جوانبها التنفيذية و الخدمية ، و الاجتماعية ايضا.

فلاشات الخديعة (2)
بنيت السياسة في السودان (بالمكايدات ) و الحشود ، وعلو الاصوات ، و نباح القيادات ، و تدليس الآراء ، و العزة بالاثم ، ولم تبنى يوما بالآراء و المحاجات و الكتابات ، لذلك لم يكن الموقف يوما من تيار لآخر او حمولة لأجل نصرة طرف على طرف . ان ما تشهده الساحة السياسية في السودان نحو التحشيد لهو دالة على خلو الأيدي من حلول ، وانحسار لعقلنة الفعل ،ان كان هؤلاء نصبوا خيامهم على ألسنة المراوغة و الخديعة ، فهؤلاء نصبوا خيامهم على إرث مهزوز و تشظي في الدولة و المباديء.
لذلك الموقف واضح وبائن ، لانه مبني على رأي من قضايا ظاهرة كظهور الشمس ، ان غطتها سحابة انجلت للناظر و المصوب ، لذلك نقول ، بأن الذي نحن فيه اليوم ، لن يصلح الدولة او يعمر طريق المستقبل ، بل هو عودة الى مربعات شهدناها ، ودونكم مايو 2019م حين احتشدت الحشود فريق يهتف بالاحقية و فريق يهتف بالمشاركة . وضاعت البلاد في جوقة الجهل.
ويبدو ان صوت الحكمة غائب ، فبلاد اما مات ارباب حكمتها او توارى صوت عقلاءها خلف عتمة الضجيج ، سيأتي زمان اذن عليهم يندبون حظهم ، حينها ستطفأ (فلاشات هواتفهم ) و تفكك مناصتهم ، وتبقى اغانيهم حشرجة ميت ، لا يستطيع انقاذه احد . فاللهم اشهدنا هذه الايام لندفن ما تبقى من غثاء السيل هذا . بيساره و يمينه.
لقيتك .. (3)
كثقب ابرة تحاول عجوز إدخال خيط مودتها الذي ضيعته الحياة في صندوق ذكرياتها ! لقيتك ، كصور قديمة في ألبوم أُسري مهجور ، وجدته أمٌ فقدت أبناءها على حدود النهر . او كطائر غادر سفوح جباله فعاد اليها بعد شتاء ..
لقيتك ! كطلاسم المزارع الذي يشق أرضه على عجل ، ريثما ينهي الفصل تثائبه ، ويدخل باب مزرعته ، حينها يكون الجدول قد ابتل باللقاء . و الاوراق تأذن بحلول مواقيت الصدفة . و ينام الطفل في ( عريشة ) الزمن لا يخاف العمر أن يمضي ..
لقيتك .. إلهام النبي نحو دروبه ، ليجد شجرة المنتهى بنهاية رحلته في فلوات الرسالة ، كضياع الربيع من تلال المدينة ، أو هضاب تحلم بنور القمر ، لقيتك كطريق يقود السكارى إلى باب الخلد ..
لقيتك .. أغنية هاربة من زمان الخراب ، و لهب خافت يضيء في عتمة البلاد ، يكفي لكتابة المخطوطة الاخيرة من سردية الخوف ، لقيتك ! كولع مجدد بالحياة بلحظات الفرح الصبيانية بفوز عبثي ..
لقيتك ..كفراق حتمي ، يسشترف من منارات التيه ، في عتامير العربان ، أو جزر السّحَرة ، لقيتك .. كسراب يهرب و غيمات ترحل لا تبشر بقدوم المطر ولكنها تجعل الارض عطشى ، لقيتك كلايقين يهدهد الأيام ، لغفوة قادمة.

mido34067@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء