المعاشيون وحصد الهشيم

 


 

 


المواطن يسكب جل عمره في خدمة الوطن يروي  أرضه بحبيبات عرق جبينه التي  ترتطم بارض الوطن  فترويها .. أهدي هذا الموطن  نضارة عمره ورحيق صباه وقوة شبابه لبلاده. ظل يرتقي  سلم الخدمة المدنية والعطاء حتى بلغ  درجاته الستين وترجل .. هبط إلى  ارض التقاعد التي صارت وعرة ..انه  أصبح في زمرة المعاشيين.. ولكن المواطن  الموظف او العامل سابقا .. لم يكن يدري بأنه سيواجه صعاب مهينة و "متلتلة".. حتي يكمل ويجمع كل صكوك المعاش ... انه مجبر علي المرور بغابة الإجراءات الكثيفة حتى يصبح معاشياً  ليكون مع العادين للايام ... يوما بعد يوم ، في انتظار ما يستحقه من معاش نهاية كل شهر ..معاش ضئيل ولا يعيشه لايام معدودات... انه المال الذي  أستقطع سلفاً من راتبه على مدي  عشرات السنين وظلت ظطيلة تلك الفترة تستفيد منه المؤسسات المالية في استثماره لتكسب من ورائها اموالا طائلة .. فالمعاشي في بلادي  لم يعد ذاك الرجل المهاب في موقعه..بل  أضحى منبوذاً في شبابيك الإجراءات وصالات الانتظار للحصول على حقه المكتسب .. فالمعاشي في بلادنا مطارد بكابوس مرعب  كلما قبض المبلغ الضيل الذي يتقاضاه بايد مرتجفة لم تعد تلك السواعد القوية التي ساهمت باخلاص و تفان في بناء الوطن ... انه اخوتي لا يستحق هذا  العناء بعد هذا العمرالمديد في خدمة المجتمع
فالمعاشي في بلاد العالم الأخرى خاصة في بلدان غير إسلامية معزز في غاية الإكرام ، فبمجرد  دخوله إلى صفة "معاشي" يجد
كل حقوقه جاهزة على دور  ( المليم) معاش شهري محترم  يستلمه في بيته  او اذا اراد يرسل إلى حسابه في البنك، بل حتى الإجراءات لا تتركه الدولة يركل ورائها ، فالدولة لديها جيش كامل من الموظفين جاهز لخدمة المعاشيين وانجاز ما يطلب من  اجراءات مكتبية.. فالمعاشي في السودان مرهق "بالجري" واللهث خلف "معاش" لا يكفي احتياجات طفل رضيع لمدة أسبوع واحد.. ولا تسأل عن تلبية التزامات معاشي مازال مواجه بالتزامات  تلاميذ في المدارس وطلاب في الجامعات فضلا عن مصاريف بقية الأسرة اليومية، فقد أوردت الصحف أن معاش المطرب الكاشف عليه رحمة الله يساوي "139" جنيه فقط.. تخيلوا أعزائي الكرام.. هل هو إكرام أم إهانة؟.. فالمعاش الذي يتقاضاه جل المعاشيين يحتاج للمراجعة الفورية.. فتفاقم الأسعار المسعورة أصبحت تلتهم ليس المعاش الضئيل بل حتى المرتبات المحترمة ففي تقديري إن من أعظم أولويات  ومسئوليات الحكومة يوميا الاهتمام بقضية المعاشيين في كافة الولايات ووضع حل جذري  لمشكلة التنصل من الوفاء بسداد استحقاقات المعاشيين في بعض الولايات التي لا تفهم معنى أن تقضي عمرك في خدمة البلد فالعقلية التي تدير ملف المعاشات ربما تدفع  بعض  من ينزل للمعاش يعتقد أنه أهدر عمره دون جدوى..!!


mohamad sharafaldin [msharafadin@yahoo.com]

 

آراء