النواطير النائمة…..والانقلابيين !!

 


 

 

ما زال صدي المحاولة الانقلابية يراوح بين ضبابية كثيفة وشح في المعلومات ، وفي مثل هذه الأجواء فان (الخيال الخصب) هو سيد اللحظة الراهنة ، والتحليلات الفطيرة والجادة لم تستطع بعد تفكيك هذا المشهد الذي يشهده فجر ونهار الحادي والعشرين من سبتمبر 2021.
وسنحاول استكشاف قراءة متعجلة بناء علي معطيات تبدو واضحة للعيان مقرونا ذلك مع تجارب حالات انتقال وانقلابات أبتلي بها هذا الوطن في محاولاته التاريخية للنهوض .
من الحقائق الأولية انه وفي فجر الحادي والعشرين من سبتمبر جرت وعلي الارض محاولة انقلابية مدعومة بقوة مدرعة استطاعت الوصول الي جسور العاصمة الخرطوم ، ومحاصرة المباني الإدارية للقيادة العامة بوسط الخرطوم ، وما أن استوت شمس الضحا حتي تم اخماد هذه المحاولة الانقلابية ،دون ان تسجل حالة واحدة لإطلاق نار او حتي اشتباك صوري ، وجري استسلام تلك القوات المدرعة دون مقاومة ،أو حتي اشتباك بالأيدي ، وهذا ما يخالف تماما الذاكرة التاريخية للمحاولات المسلحة للانقضاض علي السلطة في تاريخ السودان الحديث وما تخلفه مقاومة تلك الانقلابات من خسائر في الأرواح او الخسائر المادية ، مثالان علي ذلك انقلاب هاشم العطا في يوليو 1971، ومحاولة حسن حسين الانقلابية في سبتمبر 1976، ومحاولة الجبهة الوطنية لاستيلاء علي السلطة في 1976 بقيادة محمد نور سعد ، ثم محاولة رمضان 1990، ومحاولة سيطرة خليل ابراهيم علي السلطة في مايو 2008.
كل هذه المحاولات والتي خرجت ميدانيا الي العلن شهدت مقاومة شرسة وخلفت العديد من القتلي ودارت معارك علي مشهد من المدنيين في طرقات العاصمة الخرطوم بين كر وفر بين المتقاتلين .
ولكن محاولة الحادي والعشرين من سبتمبر 2021 والتي قادها ضابط برتبة لواء ،تم ابعاده من الجيش عقب ثورة ديسمبر ثم تمت إعادته لسلاح المدرعات من منازلهم كما يقولون وهو العائد من (القاهرة)قبل فترة وجيزة بعد ان اجريت له عملية بتر ساق، وهكذا كما جاء في البيانات الرسمية انه قائد تلك المحاولة ، والتي استسلم آخر جيب لها سلميا بعد تمترسها داخل سلاح المدرعات ،بعد محادثات لا ندري مع من !
إذن هذا هو الانقلاب الابيض جدا والذي تم (إفشاله ) كما تبدو الوقائع حتي هذه اللحظة الشحيحة معلوماتيا .
يحدث ذلك في عاصمة هي في وضع ناقلة الجنود المدججة ،من قوات نظامية وثكنات عسكرية في وسط العاصمة الخرطوم ،وقوات دعم سريع تحيط بالعاصمة إحاطة السوار بالمعصم ، وقوات حركات مسلحة جاءت بها اتفاقية السلام (جوبا)، وتوزعت ما بين ساحات الخرطوم ووسطها وأطرافها .وقوات شرطة وحرس (صيد) ودفاع مدني ، كل هذه الترسانة الهائلة لم تتصدي لحفنة مجنزرات حتي وصلت لعمق أهدافها .
وهذا المشهد يدفعنا ان نردد (نامت نواطير مصر عن ثعالبها وقد بشمن وما تفني العناقيد)
وعلي شعبنا المسؤولية المباشرة في حماية ثورته والاندفاع نحو الشوارع لتفويت الفرصة علي الفلول وعدم الركون لنواطير (أخيلة مآته ) لن تزود عن ثورة ممهورة بدماء الشهداء والتضحيات الجسام .
وبما ان الذاكرة السودانية محتقنة بألاعيب الاسلام السياسي ووسائله في الاستيلاء علي السلطة وبذلك الشكل الدرامي الذي تم في انقلاب يونيو 1989(اذهب الي القصر رئيسا وسأذهب انا الي السجن حبيسا )..فان ميوعة هذا المشهد سيظل حالة صعب ابتلاعها وسط تلك البيانات الرخوة وحالة السيولة التي تضرب مؤسسات الحكم الانتقالي .
وإذا إقترنت تلك الحالة بما يجري في الشرق وولايات اخري ومحاولة زعزعة الأمن في الكثير من مدن البلاد والحراك الذي بات علنيا لقوي الفلول والردة، وذلك النشاط المصاحب في وسائل التواصل الاجتماعي فإن كل ذلك كفيل بان يدفع لجان المقاومة والنقابات والتنسيقات وقوي الثورة الحية الي الشارع لقطع الطريق امام تلك (البروفات )الانقلابية والتي يسيل لعابها لشهوة السلطة .

‏‫
musahak@hotmail.com

////////////////////////////

 

آراء