النُّخْبَةُ السودانية: المزاج الصَّفْوي والصِّرَاع العقيم (3) … بقلم: عبدالله الفكي البشير
7 June, 2010
كنا ورثة ماضي بطولي مجيد وسدنة حاضر مظلم وخطاب مستقبل مجهول
محمد أحمد المحجوب (1908م- 1976م)
استقبل إنسان السودان بواكير القرن العشرين، تحت الحكم الثنائي الإنجليزي/ المصري (1898م-1965م)، بمناخ الهزيمة، هزيمة الثورة المهدية، وبحالة انفصال عن إرثه الحضاري في كرمة (2500ق.م.- 1500ق.م.)، وكوش (750ق.م.- 350م) ونوباتيا والمقرة وعلوة (550م-1450م)، وباضطراب وجداني وفكري حيال إرثه الحضاري في سلطنة الفونج (1504م-1821م). مثَّلت (الصوفية) في سلطنة الفونج مركزية الاستقطاب والولاءات. وتبع ذلك انتشار اللغة العربية وتعميق الإسلام في جنوب الجزيرة وكردفان ودارفور، على أيدي المتصوفة والتجار والعلماء، فقامت مملكة تقلي (1530م-1821م)، وسلطنة الفور (1650م-1916م)، ومملكة المسبعات (1660م-1750م. يقول الدكتور قيصر موسى الزين: (انتهت فترة السلطنات الإسلامية في السودان بقيام الحكم التركي/ المصري فيه ابتداءً من عام 1821م، ومع ذلك فإن الآثار العميقة لهذه الفترة لم تنته حتى اليوم، وذلك أن معالم الشخصية السودانية بسماتها المتفردة الأفريقية والعربية والإسلامية قد تكونت بصفة أساسية في هذه الفترة...) . كان قيام الممالك الإسلامية لحظة تفاعل بين الثقافات الأفريقية والثقافة الإسلامية العربية، نتج عنها، وتجذرت فيه الكثير من مكونات الواقع السوداني. مثلاً، أرجع بعض الدارسين الجذر التاريخي لثقافة الأجاويد، إلى تلك المرحلة من تاريخ السودان، يقول د. جوزيف أومارا ود. خديجة صفوت: (وتيسرت للتجار الصوفيين أسلمة الفونج بالتجارة والهزيمة بالزواج ومعاهدات الانطفاء والوساطة بين ملوك القبائل المسيحيين وبعضهم وبينهم وبين شعوبهم. وأزعم أن ثقافة الأجاويد- بمعنى توسط الأعيان في حل المشكلات وكفى الله المؤمنين القتال مما حيَّد السخط الشعبي واستبق الصراع الطبقي- بات مفهوم الأجاويد من يومها سمة من أهم سمات دبلوماسية السلطة في السودان) .
سقطت سنار أمام الغزو التركي المصري (1821م-1885م). وتبع ذلك دخول المؤسسة الفقهية الرسمية واللغة العربية الفصحى والشريعة والنظم الأزهرية وتحويل القِبلة الفكرية والثقافية إلى القاهرة. عندما جاء البريطانيون عززوا دور الفقهاء والعلماء على حساب المتصوفة. وعندما أنشأوا المدارس والكليات والمعاهد التعليمية الحديثه في السنوات الأولى من القرن العشرين، دخلها أبناء السودان وهم في حالة انفصال عن إرثهم الحضاري البعيد، وفي حالة اضطراب في إرثهم الحضاري القريب. كان الانفصال والاضطراب الحضاري إلى جانب نوع التعليم، والسياسات الاستعمارية من أهم العوامل التي تحكمت في التكوين المعرفي والفكري لدى طلائع المتعلمين، الذين أصبحوا فيما بعد صُناع القرار ومحددي مسار الشعوب السودانية.
التعليم: من شراب الحروف إلى الطابور
كان التعليم في دولة الفونج وفي العهد التركي/ المصري، تعليماً دينياً محوره اللغة العربية والعلوم الشرعية، ومؤسساته الكُتاب والخلوة والمسجد والمسيد ومجالس العلماء والأزهر. يقول البروفسير محمد عمر بشير (1926م-1993م): لا جدال في أن المؤسسة التعليمية الكبرى والمهمة والتي نشأت بجانب المسجد والمسيد هي الخلوة. فالخلوة كان لها مدلولاً في السودان غير الذي كان سائداً في البلدان الإسلامية، حيث الاعتزال عن الناس بقصد الوصول إلى الحقيقة وتعني التقرب إلى الله والتأمل في ذاته. بينما كانت في السودان تعني المكان الذي تؤدي فيه وظائف التعليم الديني من تعلم للكتابة والقراءة وتحفيظ القرآن ثم دراسة العلوم الدينية من فقه وتوحيد وسائر علوم العربية . حافظ العهد التركي المصري على التعليم الديني والخلاوي كمصدر رئيس للتعليم، مع انتشارها في أجزاء كثيرة من السودان. كما أنشأ الحكم التركي عدداً من المدارس الابتدائية في كل من الخرطوم وبربر ودنقلا وكردفان وكسلا وسواكن وسنار وجوبا بغرض تعليم أبناء الأتراك والمصريين العاملين في الجيش والإدارة، وتخرج عدد قليل من السودانيين للعمل في دواوين الحكومة في الوظائف الصغرى... وفي عهد الدولة المهدية استمرت الخلاوي مصدراً رئيسياً لتعليم الصغار والكبار. كما شجعت المهدية تعليم القرآن والحديث وقراءة الراتب من خلال حلقات التدريس والتعليم التي نشأت في الأحياء المتعددة في أم درمان، ومن خلال الخلاوي التي كانت تقوم بتعليم القرآن والكتابة والحساب .
شهدت فترة الحكم الثنائي الإنجليزي/ المصري قيام مؤسسات التعليم الحديث. لقد أوضح سير جيمس كري، أول مدير للتعليم في السودان، أن الهدف من المؤسسات التعليمية هو تعليم الحرف وشئ من المعرفة يمكن الأهالي من التعرف على أغراض الحكومة ونظام الإدارة وتدريب بعضهم لكي يتمكنوا من شغل الوظائف الصغيرة التي تحتاج إلى أن يملأها السودانيون، ولقد تبلورت هذه السياسة في خلال الفترة الأولى في إنشاء وقيام المؤسسات التالية :
1. الخلاوي الحديثة.
2. إنشاء المدارس الأولية على غرار "الكتاتيب" التي كانت توجد في مصر.
3. إنشاء كلية غردون التذكارية وتطويرها لكي تصبح المؤسسة التعليمية الرئيسية.
4. إنشاء الكلية الحربية بهدف تخريج الضابط السوداني.
5. إنشاء المعهد العلمي في أم درمان.
6. تشجيع الهيئات التبشيرية المسيحية للعمل في جنوب السودان.
أنشئت كلية تدريب المعلمين والقضاة بأم درمان في عام 1900م، ومدرسة الصناعة بأم درمان، وافتتحت كلية غردون التذكارية عام 1902م، والمدرسة الحربية (مدرسة الخرطوم الحربية) عام 1905م، وافتتحت مدرسة كتشنر الطبية عام 1924م. وكان المعهد العلمي بأم درمان قد أنشئ على غرار الأزهر عام 1912م، وعُين الشيخ أبوالقاسم أحمد هاشم (1856م– 1934م شيخاً له. يقول البروفسير محمد عمر بشير: وبجانب الهدف المباشر لتأهيل عدد من العلماء السودانيين وزيادة فرص التعليم الديني، فإن الغرض من إنشاء المعهد كان إيجاد البديل في السودان للأزهر الشريف يتوجه إليه السودانيون بدلاً من السفر إلى مصر . وكان الحاكم العام قد أنشأ عام 1902م، مجلساً للعلماء ينظم التدريس في الجامع الكبير بأم درمان ويمهد لإنشاء المعهد العلمي. ويرى الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد (1942م- 2004م): أن الهدف من إنشاء مجلس العلماء الذي أُطلق عليه اسم "لجنة العلماء" في عام 1902م هو الإمعان في تقليص نفوذ قادة الطرق الصوفية وتقوية جانب المدرسة الفقهية المنافسة، من خلال تركيز فكر سني معارض للصوفية وداعم لمركز علماء الفقه والسنة كغطاء ديني للسلطة البريطانية من ناحية ولموازنة نفوذ الفكر الصوفي من ناحية أخرى .
رفدت هذه المؤسسات التعليمية الحديثة واقع الحياة السودانية في مطلع القرن العشرين بالطلائع الأولى للمتعلمين، كما سافر بعض السودانيين للدراسة في مصر ولبنان. كان إنشاء نادي الخريجين بأم درمان عام 1918م، الثمرة الأولى لنشأة التعليم الحديث في السودان، وكان بمثابة أول تنظيم يضم المتعلمين على أساس التعليم وليس المنطقة أو القبيلة، ولذلك بدأ نشاطه مهتماً بنشر التعليم وتوسيعه بالنشاط الثقافي عامة. على أن تطور النشاط السياسي وجد طريقه إلى النادي الثقافي الاجتماعي وتحول إلى منبر للعمل السياسي . كما أثمر التعليم الحديث في السودان، بالإضافة لعوامل أخرى خارجية، من أهمها الحركة الوطنية المصرية، في قيام ثورة عام 1924م، بقيادة الشباب الأفندية.
وصف الشاعر الكبير محمد المهدي المجذوب (1918م-1982م) في مقدمة ديوانه الشرافة والهجرة رحلة انتقاله في الدراسة من الخلوة (حيث شراب الحروف كما أشار البروفسير عثمان سيد أحمد إسماعيل البيلي في كلمة له) إلى المدرسة حيث الوقوف في الطابور يقول المجذوب: (وهاجر طالب القرآن الصغير من خلوته الزاهدة المستبشرة إلى مدرسة أميرية في الخرطوم عاصمة الترك في السودان السناري، وأوقفوه في الطابور... كان التلاميذ في المدرسة من أعاجيب المدينة، يضحكون من لهجته القروية، وكان لا يشك في كفر من يدخن سجارة- وبدأت خلوته مع نفسه في منفاه- لم يكن له صديق، ولا يزال واقفاً في ذلك الطابور يخرجه منه الشعر وتعيده إليه لقمة العيش) .
المزاج الصفوي
أشرت في الحلقة الأولى إلى أن المزاج الصفوي للنخبة السودانية واقع ماثل ومسلك ظاهر حتى يومنا هذا. ترجع أسباب هذا المزاج الصفوي إلى عوامل عديدة، وتعود جذوره إلى مراحل باكرة، منذ بداية التعليم الحديث في القرن العشرين وظهور الخريجين الأوائل.
كانت كلمة خريج في البداية تعني خريج كلية غردون التذكارية وخريج المدارس الابتدائية (الوسطى) ثم توسعت الكلمة لتشمل حتى خريج المدرسة الأولية . ويضيف الأستاذ محمد أبو القاسم قائلاً: كانت كلمة (خريج) مرادفة لكلمة (مثقف) وكانت تعني أي شخص تخرج من دراسة الكُتاب أو المدرسة الأولية- الابتدائية . وكانت كلمة أفندي أيضاً مرادفة لكلمة (مثقف). هناك الكثير من التعريفات للمثقف، فهناك من يرى أن المثقف هو من تتوفر فيه بعض الشروط التالية: المعرفة وعمق بعضها، وإنتاج المعرفة، والمساهمة في مجمل الحركة الاجتماعية . كما عرّف د. نصر حامد أبو زيد المثقف بأنه: هو الإنسان المنخرط –بطريقة أو بأخرى- في عملية إنتاج الوعي . وعنى كمال الجزولي بالانتلجينسيا، الفئة الاجتماعيَّة السودانيَّة التي تمتهن أو تختص بالعمل الذهني من مداخله التعليميَّة (الحديثة) . ولعلي أميل إلى تعريف الأستاذ كمال الجزولي لغرض هذا البحث.
لا شك أن حالة الانفصال والاضطراب الحضاري –على النحو الذي وردت الإشاره إليه آنفاً- التي دخل بها أبناء السودان مؤسسات التعليم الحديث في بداية القرن العشرين، كانت عاملاً من العوامل التي احدثت حالة من الاغتراب عن الإرث الحضاري والتاريخ، وبالتالي اغتراباً عن المجتمع والواقع. كما أن نوع التعليم الذي أتى به البريطانيون، وأهدافه التي تم حصرها في تحقيق أغراضهم، وطريقة اختيار الطلاب ومحدودية الفرص، قد خلفت اتجاهاً صفوياً ومزاجاً فوقياً لدى المتعلمين.
لعل من بين العوامل التي عززت المزاج الصفوي لدى المتعلمين، هو ما تبع فشل ثورة عام 1924م من إجراءت قامت بها الإدارة الاستعمارية. لقد أحكمت الإدارة البريطانية الطوق على حركة المثقفين بإجراءات مكثفة ضدهم، وتبع ذلك تعسف في كلية غردون إضافة إلى إلغاء المدرسة الحربية، ووضعت سياسات لاحتواء المثقفين بالإغراء أو القهر. قادت تلك الإجراءات جيل الشباب المتعلم إلى ابتكار تنظيم جماعات القراءة في الأحياء والجمعيات الأدبية، التي انزووا فيها. كانت "جمعية أبوروف" أول هذه الجمعيات وتكونت ممن تخرجوا من كلية غردون في عامي 1924م و1925م. و"جماعة الهاشماب" (أولاد الموردة) وقد عرفت فيما بعد بمدرسة الفجر، إشارة إلى مجلة الفجر التي أصدرتها الجماعة في عام 1934م، و"جمعية ود مدني الأدبية"، و"جماعة الأشقاء"، و"جمعية الآداب والفنون والمناظرة"، و"جماعة مكولي" ، وغيرها. ساهمت جماعات القراءة في الأحياء والجمعيات الأدبية في التعلُم الذاتي الذي اكتسبه المثقفون من حواراتهم ولقاءاتهم؛ إلا أنها أسست إلى المزاج الصفوي، وضعف التفاعل مع الواقع. يقول الدكتور محمد سعيد القدال (1935م-2008م) عن جماعات القراءة في الأحياء والجمعيات الأدبية أنها كانت: (تعكس المزاج الصفوي للمثقفين. ولكن حصيلتها من التراكم المعرفي قاد إلى بلورة أفكار اجتماعية وسياسية فكانت هي القنطرة التي وصلت العمل الثقافي بالنشاط السياسي) .
كان الأستاذ محمود محمد طه (1909م-1985م) من أوائل الذين تناولوا عيوب التعليم ونواقصه، وتحدثوا عن مخاطر الصفوية، وانفصال المتعلمين عن المجتمع والواقع. كتب الأستاذ محمود في خطابه إلى عميد بخت الرضا الأسبق الأستاذ عثمان محجوب، بتاريخ 24/12/1958م، الذي كان استجابة لطلب الأخير الاستئناس برأي الأستاذ محمود حول لجنة التعليم المسماة "لجنة عكراوي". جاء في خطاب الأستاذ محمود ما يلي: (إن التعليم الجامعى الحاضر باهظ التكاليف جدا.. وهو غير كبير الجدوى للبلاد.. بل إن الخريجين والجامعيين يكونون طبقة جديدة لا تأبه كثيرا بحالة البؤس التي يعاني منها الشعب، وهم على التحقيق، غير قادرين على السكن في القرى، والأرياف، حتى يستطيعوا أن يتفهموا حالة مواطنيهم، ويعينوا على تطوير حياة الريف.. ولو أوقف هذا التعليم الجامعي الحاضر، وأستعين بما ينفق عليه، في الوقت الحاضر، لتوسيع قاعدة التعليم، وتركيز مراحله، على النحو الذي إقترحت أعلاه، لكان ذلك أفيد للبلاد) .
بدأت عزلة المتعلمين، وصفوية مزاجهم تظهر منذ ثلاثينات القرن العشرين. وقد عبر بعض المثقفين عن ذلك في كتاباتهم، ففي عام 1932م كتب الشيخ علي عبدالرحمن الأمين (1906م- ؟؟؟)، في مجلة النهضة السودانية قائلاً: (إن المتعلمين عندنا فريقان: فريق يعيش في عزلة عن الناس ولا يتصل بالحياة إلا اتصالاً جسمياً بحتاً لا أثر للروح فيه فلا تسمع له صوتاً ولا تحس له أثراً... وفريق نشط عامل ما وجد إلى ذلك سبيلا، ويحاول أن يجعل ثروته الفكرية مشاعة بين الجميع، ولكن آفة هؤلاء أنهم مغرمون بكل جديد فهم لا يكلفون أنفسهم النظر في أمر القديم) . وفي دراسته عن محمد أحمد المحجوب (1908م- 1976م)، ذكر البروفسير محمد إبراهيم أبوسليم (1927م-2004م)، أن المحجوب كان مترفعاً على الناس لإحساسه القوي بتفوقه ومقدراته ومكانته، ولأنه لا يؤمن إلا بالخاصة، وهم المثقفون عموماً والعلماء خاصة... كما لاحظ أبو سليم في التقارير المتتابعة عن المحجوب أن رؤساءه الإنجليز رغم تقديرهم لكفاءته كانوا يتضايقون من تعاليه واعتداده. وأورد أبو سليم ما جاء في تقرير محرر في 13 ديسمبر 1938م، عن المحجوب بأنه (سريع الانجاز غير أنه يضحي أحياناً بالدقة بعامل السرعة وإنه يميل إلى الغرور بكفاءته). وأضاف أبو سليم قائلاً: (وكان بيت المحجوب في الخرطوم منتدى المثقفين وعليَّة القوم... إنه رجل يعشق العلو والأعالي ويؤمن أن مكانه هناك... هو يؤمن بالصفوة ويخاطبها بشعره ونثره، ولا يرضى أن ينزل بنفسه عن مستوى الصفوة... .
ذكر الأستاذ يحي محمد عبدالقادر (1914م-؟؟؟) في مذكراته، أن الأستاذ مكي عباس (1909م-1979م): (كان شديد الكبرياء ينظر إلينا نحن الصحفيين الذين لم يتلقوا تعليماً أكاديمياً نظره إلى هذه الطفيليات التي تتسلق جذوع الأشجار المثمرة، وتعمل على امتصاص معين حياتها، وكان يحس... بأن عدم تشربنا بالمثل والمبادئ العليا وقوالب الأفكار التي صنعت خصيصاً لطائفة معينة من رصيدنا المثقف، جعلتنا في مستوى خلقي هابط. فالحياة في رأيه يجب أن تكون نسخة لهذه الألفاظ البراقة عن السلوك التي دونت في الكتب) . تخرج الأستاذ مكي في كلية غردون عام 1931م، وكان أول دفعته.
صوّّر الشاعر الكبير محمد المهدي المجذوب، علاقة الأفندي بالناس والمجتمع من خلال حديثه عن نفسه بعد أن تخرج في كلية غردون قائلاً: (وتخرج من كلية غردون التذكارية، وصار أفندياً ولبس القبعة، واستهواه عيش الفرنجة، وأسقط الحواجز وتخطى فإذا قطع شوطاً وقف يتأمل، ثم يبدأ شوطاً آخر من جديد، وكان لقب الأفندي شيئاً عظيماً، يمر صاحب اللقب فيقف له الناس ويتصايحون: فلان أفندي! مرحبْ.. حبَابَك.. اتْفَضّل، ولا يتفضل الأفندي، فهو ذاهب إلى نادي الموظفين يتذوق مثله العليا.. الطمع الثقافي.. الترقية والكيد وخدمة الطائفة والأنس بالحاكم، وثبت لي أن الفتى المهاجر لم يكن ذا ولاء لزيه الأفرنجي، وعرفتُ في وقت مبكر أنه كان يتنكر ويمر بجواز غير دقيق التزييف) .
في يوم الخميس القادم أُتابع الحديث.
(نقلاً عن صحيفة الأحداث، 6 يونيو 2010م)
الهوامش
Abdalla El Bashir [abdallaelbashir@gmail.com]