بمناسبة العام الهجري الجديد .. هجرة الصحابة كانت للسودان

 


 

 

بمناسبة العام الهجري الجديد ننشر قصة هجرة الحبشة التي كانت للسودان كان البلو كان ملوك البجا الأوائل على الجزر الساحلية في عيذاب وسواكن وعيري (يسميها الانجليز باضع) وأنا ذهبت لجامعة متخصصة بحثت في هذا الاسم
فقالوا باضع هي عيري (وهي جزيرة صغيرة تقع على ساحل قرية عقيتاي التي يسكنها العجيلاب، وهي جنوب عقيق وهناك جزر أخرى مثل ابن عباس واسمها ايضا جزيرة بهدور وهناك عبيد الكبرى وعبيد الصغرى ودهلك في اريتريا) وهذا ما كتبه المستر بول في الخريطة في كتابه تاريخ قبائل البجا
عامر بن علي شاع الدين جد البني عامر النابتاب استعان بأهله الجعليين وأزال مملكة خيلانه البلو فهربوا إلى مصوع وأسسوا مملكة هناك وأصبحت عيري مملكة البني عامر وتم
تدمير الجزيرة أرجو أن ترجع لكتاب هجرة القبائل العربية لمصر والسودان ـ ضرار صالح ضرار للتفصيل عن هذه الجزر ومملكة البلو بالمناسبة لماذا أنت مهتم بهذا الموضوع تحديدا حتى أستطيع افادتك أرجو أن تكتب لي بالايميل بالتفصيل ماذ تريد
في مقالي هجرة الحبشة تجد فيه تفاصيل أيضا ما عليك سوى تكتب هجرة الحبشة في النت وتشوف اسمي
ومستقبلا أرجو أن تبذل شوية مجهود في الانترنت وستجد كل شيء في قوقل ومن المصادر الحقيقية
هجرة الحبشة الأولى والثانية
هجرة الحبشة والدور التاريخي لشرق السودان (1)
بالرغم من مرور أكثر من ألف وأربعمائة وسبعة وثلاثين عاماً على هجرة المسلمين الأولى للحبشة، إلا أن الجدل لا زال قائماً حول تحديد الحبشة المقصودة في الهجرة، والأسباب التي أدت لاختيارها اضافة إلى عدالة ملكها. وقبل أن نسرد قصة هذه الهجرة ومسارها ومن كان فيها من المسلمين والمسلمات وأهمية هذه المنطقة الاستراتيجية ودورها التاريخي، نستعرض آراء المؤرخين والثقاة حول الحبشة التى عناها المسلمون والعرب في هجرة الحبشة.
الحبشة عند العرب
كان العرب يطلقون اسم الحبشة على كل من اثيوبيا وشرق كل من الصومال وارتريا والسودان، وكتبوا على خرائطهم اسم البر الحبشي على الساحل الغربي للبحر الأحمر الذي يضم كل هذه الدول. وهذا الاستخدام العام لاسم الحبشة هنا، يعني أن العرب كانت تطلقه على السكان، وليس على منطقة جغرافية معينة، لأن الحدود السياسية الحالية لهذه الدول لم تكن موجودة آنذاك، وربما جاء اسم الحبشة كوصف للون السكان الأسمر، مثل اسم بلاد السودان الذي أطلقه العرب على أجزاء من قارة أفريقيا يسكنها أناس سود البشرة. وقد أرجع البعض اسم الحبشة إلى أنه مأخوذ من اسم أول قبيلة عربية هاجرت إلى الحبشة من الجزيرة العربية ألا وهي قبيلة حبشيت اليمنية وهي قبيله قضاعيه من مهرة بن حيدان، وقد يقصد بهذه القبيلة، قبيلة البلويين التي تنتمي إلى بلي بن عمرو بن الحافي بن قضاعة والتي هاجرت من حضرموت إلى شرق السودان وارتريا قبل ألف عام من الإسلام وسيطرت على الجزر والمدن الساحلية لشرق السودان وارتريا مثل باضع وسواكن وعيذاب ومصوع، وأقامت فيها ما كان يعرف بممالك الحدارب أو البلويين (راجع كتابي تاريخ البجه). ولكن هجرة هذه القبيلة تعتبر حديثة نسبياً، لأن العلاقة بين العرب والحبشة تعود لأكثر من ألف عام قبل الإسلام، لذا فمن المستبعد أن تكون هجرة قبيلة حبشيت هي أول هجرة عربية للحبشة ولا بد أن تكون قد سبقتها هجرات أقدم بكثير.
مما سبق ذكره نخلص إلى أن العرب كانوا يستخدمون كلمة الحبشة للدلالة على المنطقة التي تقاسمتها كل من اثيوبيا وارتريا والسودان. وقد عرفوها بمفهومها العام هذا وأدركوا أهميتها الاقتصادية، منذ زمن سحيق، وشهدت أرضها هجرات عربية قديمة ربما تعود لقوم عاد وثمود. وهناك رواية تشير إلى قدم الهجرات العربية إلى الحبشة، إذ تقول بأن مملكة سبأ العربية كانت في اليمن والحبشة في وقت واحد، ويدللون على هذا بوجود نهر مأرب الذي ينبع من الحدود بين اثيوبيا وارتريا، كما يقولون إنه عندما انهار سد نهر مأرب الحبشي، صبّ النهر في منطقة كسلا في شرق السودان والتي لم يكن يصلها قبل ذلك، وتقول الرواية الشعبية (الحلنقا جابوا القاش) ـ ومعناها أن نهر القاش جلبته قبيلة الحلنقا من اثيوبياـ وتغير اسم النهر في السودان من مأرب إلى القاش، وتستند هذه الرواية كذلك على وجود نهر آخر في ارتريا اسمه عنسبه أي عين سبأ، فمن أين جاء هذان الاسمان العربيان اللذان يرتبطان بمملكة سبأ؟ ومن أين جاءت رواية انهيار سد مأرب الحبشي؟ إذا لم تكن لهذه المنطقة علاقة بمملكة سبأ! ويستند البعض على أن مملكة سبأ كانت في الحبشة بالآية الكريمة (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) ويفسرون الآية بأن مملكة سبأ كانت على ربوتين احداهما في اليمن والثانية في الحبشة (اثيوبيا). أما المسيحيين من سكان الحبشة (اثيوبيا)، فإنهم يذهبون إلى أبعد من ذلك فيدّعون بأن الملكة بلقيس أنجبت ابناً من سيدنا سليمان أطلق عليه سيدنا سليمان اسم منليك، ومعناه مني لك، أي من النبي سليمان إلى الملكة بلقيس (وربما جاءت هذه الكلمة من اللغة الأمهرية التي تتطابق كثير من كلماتها مع كلمات من اللغة العربية، وقد كان نبي الله سليمان يتحدث بكل اللغات كما هو معروف). وعلى هذا يعتبر الأحباش الأثيوبيين أن السلالة الامبراطورية التي كانت تحكم اثيوبيا هي من نسل سيدنا سليمان. (راجع كتابي تاريخ سواكن) وتوجد منطقة تقع بين ميناء العقيق السوداني وجزيرة عيري يطلق عليها في الخرائط الأوربية القديمة اسم سبأ، كذلك فإنه عندما يراد الإشادة بأحد أبناء البني عامر يقال له (ود سبأ) إشارة إلى أنه من أصول عريقة علماً بأن بعض البني عامر ينتمون إلى قبيلة البلويين السابق ذكرها، فما هي علاقة هذه المنطقة وسكانها من البني عامر بمملكة سبأ؟ الموضوع يحتاج لمزيد من البحث والتقصي.
أما بالنسبة للّغات السامية في الحبشة بمفهومها الجغرافي العام، وهي الأمهرية والتجرينية والتيجرية، فجميعها لغات سامية جعزية، وتكتب بالحرف المسند، وكانت هذه اللغات مستخدمة في اليمن قديماً، وأقربها للغة قريش هي اللغة التيجرية التي اشتق اسمها من كلمة تجارة بالنطق اليمني لحرف الجيم. وهناك من المؤرخين من يرى بأن الحبشة هي أصل اليمن ومنها هاجر قسم من الأحباش إلى اليمن فأصبحوا يمنيين، وليس العكس. وقديماً استعمر الأحباش اليمن، كما حاولوا هدم الكعبة في حملة أبرهة الأشرم، مما يدل على أنه كانت هناك علاقة قديمة مستمرة بين أمتي ساحلي البحر الأحمر في الحرب والسلم وتبادلوا التجارة وتعلموا بهذا الاحتكاك لغات بعضهم البعض مما جعل المهاجرين المسلمين الأوائل لا يحتاجون لمترجم حينما تحاوروا مع مستضيفهم النجاشي خاصة وأن المهاجرين كانوا من المتحدثين بلغة قريش وهي، كما سبق وذكرنا، أقرب إلى اللغة التيجرية التي كان يتكلمها النجاشي وشعبه في ذلك الزمان. وقد رُوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم نطق ببعض كلماتها.
الحبشة ليست اثيوبيا
يرى البعض أن الحبشة المعنية في هجرة المسلمين الأولى للحبشة، هي اثيوبيا الحالية، ولكن، كما نعرف، فإن اثيوبيا دولة مغلقة لا بحر لها، وأنه لا يمكن الوصول إليها بحراً إلا بالمرور عبر الساحل الذي يضم كل من شرق ارتريا والسودان والصومال، وفي هذا العبور مشقة ومخاطرة أمنية وإطالة لزمن الرحلة، وعلى الجانب الآخر فإننا نعلم أن الرحلة البحرية إلى الحبشة لم تستغرق سوى أيام معدودات للوصول إلى باضع ميناء الوصول حيث كان يوجد النجاشي. أضف إلى ذلك أن وفد هجرة الحبشة الأولى مكث في الحبشة المذكورة أقل من ثلاثة شهور. وهذه فترة قصيرة جداً مقارنة بالوقت الذي يستغرقه السفر في تخوم اثيوبيا للوصول لعاصمة ملكها حيث تستغرق الرحلة إليها شهوراً عدة. وإذا كان المقصود من السفر إلى أثيوبيا هو الوصول إلى أكسوم، فإن دولة أكسوم كانت تمتد على مساحة شاسعة، وصلت حتى ملتقى النيلين، كذلك شملت دولة أكسوم أجزاء من شرق السودان الحالي، والدليل على هذا وجود مدينة أكسومية قديمة اسمها (نبت) تقع بالقرب من مدينة سنكات، وبها مقابر قديمة كتب على بعض شواهدها باللغة العربية اسم اكسوم، وهو اسم عربي. ويروى عن العرب أنهم كانوا يصفون الاثيوبيات بالجمال، بينما يصفون الأحباش، سكان منطقة هجرة الحبشة، بعكس ذلك ويشبهون شعرهم بالزبيبة، راجع الحديث (وان تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة). من كل هذا نصل إلى أن الحبشة المعنية في هجرة الحبشة ليست اثيوبيا الحالية بل هي منطقة في شرق السودان وشمال شرق ارتريا، وقد أكد على ذلك البروفسير مكي شبيكه، إذ قال إن منطقة هجرة الحبشة كانت في خور بركة، وهو يقع في شرق السودان وارتريا. وسنوضح هذا بعد أن نتابع هجرتي الصحابة الأولى والثانية إلى الحبشة.

هجرة الحبشة الأولى
انطلقت هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة في السادس من شهر رجب بعد خمس سنوات من النبوة، أي قبل سبع سنوات من الهجرة إلى المدينة المنورة. فبعد أن ازداد أذى المشركين على المسلمين وأصبح مهدداً خطيراً ظل يتفاقم صباح كل فجر جديد، أمر الرسول (ص) أصحابه بالهجرة إلى الحبشة وقال لهم: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكًا لا يُظلَم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه". شدّ المسلمون رحالهم بحراً من ميناء شعيبة السعودي الواقع بالقرب من مدينة جدة، وضم وفد المهاجرين أحد عشر رجلاً مسلماً وأربع نساء مسلمات، ودفع كل منهم نصف دينار أجراً للرحلة. وتوجهوا في سفينتين شراعيتين إلى الحبشة التي كان يحكمها ملك عادل، ونزلوا في ميناء باضع (وهو جزيرة عيري وفق رأي كل من البروفسير يوسف فضل والدكتور صلاح الدين الشامي والمستر كروفورد والمستر أندرو بول وقسم الآثار في جامعة كمبردج الذي يقوم حالياً بالتنقيب عن الآثار في هذه الجزيرة).
كان رئيس المهاجرين عثمان بن عفان ومعه كل من السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعهما أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، معه امرأته:‏‏ سهلة بنت سهيل بن عمرو، ولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة، والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد، ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار‏‏،‏‏ وعبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ، معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ‏‏، وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، وعامر بن ربيعة، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة،‏‏ وأبو سبرة بن أبي رُهْم بن عبدالعزي بن أبي قيس، ويقال‏‏:‏‏ بل أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس،‏‏ وسهيل بن وهب بن ربيعة.
هجرة الحبشة الثانية
ولم تكن تلك الهجرة هي آخر هجرة للمسلمين لأراضي البني عامر البلويين، لأنه ما لبثت أن وصلت إلى باضع جماعة أخرى من مهاجري المسلمين تتكون من ثلاثة وثمانين رجلا ومن النساء ثماني عشرة امرأة، وربما كان معهم عمّار بن ياسر الذي شيّد أول مسجد في الإسلام والذي كان في أرض النجاشي في باضع، أما مسجد قباء فهو أول مسجد في الجزيرة العربية. وكان رئيس وفد الهجرة الثانية جعفر بن أبي طالب بالرغم من صغر سنه، وأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي. وفي تلك الأثناء قام أبوموسى الأشعري ونحواً من الخمسين من الاشعريين، بركوب البحر من اليمن يقصدون الهجرة إلي المدينة عن طريق البحر، فعصفت عاصفة باعدت سفينة الأشعريين من ساحل جزيرة العرب، واضطرتهم للنزول في ساحل إفريقيا، وذلك بعد أن اقتربوا من ناحية الشعيبة، بدليل أنهم لما قذفتهم العاصفة في الساحل وافقوا مكان نزول جعفر واصحابه من الحبشة، فلقوا جعفراً وأصحابه عند الساحل فمكثوا معهم. وقد عاد بعض هؤلاء المهاجرين إلى اوطانهم فيما بعد، ولكن بقيت أعداد منهم هناك في أرض الحبشة وفي أراضي بني عامر في السودان وارتريا. وتوجد في ارتريا على مقربة من حدودها مع السودان، قرية أنشأها الصحابة عند قدومهم مع الهجرة تسمى (صحابينا) وهي مجاورة لميناء أرافي الارتري، وتسكنها اليوم عائلة يطلق عليها اسم (عالا) وتعريبها (أصحابنا) راجع كتاب المؤرخ محمد صالح ضرار (تاريخ الحباب والحماسين في ارتريا والسودان ص 160). كذلك توجد على مسافة ستين ميلاً جنوب غرب مدينة سواكن مقابر قديمة تعرف باسم مقابر الصحابة، ويعتقد أنها للمهاجرين من الصحابة.


هجرة الحبشة والدور التاريخي لشرق السودان (2)

سليمان ضرار
باضع ميناء وصول المهاجرين
اتفق معظم المؤرخين على أن الميناء الذي استقبل المهاجرين المسلمين الذين كانوا في هجرة الحبشة، هو ميناء باضع، ولكننا نجد أن البروفيسور عبدالله الطيب والبروفيسور الشيخ حسن الفاتح قريب الله، يقولان بأن ميناء الوصول كانت سواكن. ولكن سواكن لم تكن في ذلك الوقت ذات أهمية اقتصادية كبيرة للعرب الذين كانوا يهتمون بالتجارة، وإنما اكتسبت شهرتها الاقتصادية بعد تدمير ميناء عيذاب التي تسمى (سواكن قديم) العام 823هـ 1429م، على يد السلطان الأشرف برسباي ثم من بعده ملك النوبة داود، اضافة إلى هذا فإن سكان سواكن آنذاك كانوا يتحدثون اللغة التبداوية وهي لغة كوشية غير معروفة للمهاجرين المسلمين الذين عرفنا أنهم نزلوا في أرض يعرفون لغة أهلها، وهذا يؤكد أن نزولهم كان في ميناء باضع التي كان سكانها يتحدثون اللغتين التيجرية والعربية، نسبة لأنهم من قبيلة البلويين (البني عامر) السابق ذكرها والتي ذكر المؤرخ محمد صالح ضرار بأن لغتها هي لغة عاد وثمود حيث أنهم من بقاياهم لذا يطلقون على أنفسهم اسم (أولاد عاد أو عد).
أما قصة عبدالله بن الزبير الذي عبر النيل سباحة بقربة منفوخة ليشاهد أحداث المعركة التي جرت بين النجاشي ملك الحبشة وقومه الذين ثاروا عليه لاتهامهم له بأنه اعتنق الإسلام، فقد اعتبر البعض ورود كلمة نيل في الرواية دليلاً على أن الهجرة كانت لمدينة على ضفة النيل. وهذا رأي ضعيف لأن كلمة نيل، كما ذكر الدكتور صلاح الدين الشامي، تطلق بصورة عامة على أي مجرى مائي وليس بالضرورة أن يكون المقصود بها نهر النيل المعروف، كذلك فإن جزيرة باضع يفصلها عن الساحل ممر مائي ضيق يمكن قطعه سباحة باستخدام قربة منفوخة كما فعل الزبير بن العوام في القصة السابقة.
وقد امتدت مملكة البني عامر البلويين والتي كانت عاصمتها جزيرة عيرى (باضع) من جنوب مصوع جنوباً وحتى شمال عيذاب شمالاً ووصلت حدودها غرباً إلى ضفاف النيل. وقد أطلق المؤرخون الغربيون على هؤلاء البلويين اسم البلامس أو البليميين، وهم الذين شكلوا الطبقة الحاكمة لمملكة مروي القديمة التي كانت عاصمتها البجا راوية والتي تقع في منطقة البطانة، على مسافة قريبة من مدينة كبوشية، ولا تزال بعض جبال هذه المنطقة وقراها تحمل أسماء بجاوية منذ مملكة مروي القديمة، حيث إن أسماء الجبال والمدن لا تتغير بسهولة مما يدل على أن سكان هذه المنطقة كانوا من المتحدثين باللغة البجاوية. وبهذه المناسبة فإن الدكتور جعفر ميرغني قال إن كل المدن التي على الضفة الشرقية للنيل هي مدن بجاوية وبالأسماء.
ومن الأسباب التي جعلت المسلمين يختارون هذه المنطقة ملاذاً لهجرتهم وجود علاقة قديمة وثيقة بين البني عامر البلويين وقبائل الجزيرة العربية قبل الإسلام، فقد ذكر المؤرخ ضرار صالح ضرار بأن قبيلة البني عامر ورد ذكرها أول مرة في مذكرات أبرهة الأشرم، حيث تحالفت مع قبائل الجزيرة العربية وهاجمت مؤخرة جيش أبرهة الأشرم أثناء عبوره البحر الأحمر في طريقه لمحاولة هدم البيت العتيق. وقد أوقع أبرهة بالبني عامر واصطحب معه أسرى وأسيرات منهم إلى مكة المكرمة حيث وقعوا في أسر قريش بعد هلاك أبرهة وجيشه. وقد يكون تواجد هؤلاء الأسرى والأسيرات وسط قريش عاملاً هاماً في تعريف المسلمين الأوائل بمملكة البني عامر في باضع وعدالة ملكها، وقد كان ابن الملك المقتول الذي باعه أبناء عمه حتى لا يرث الملك بعد أبيه ثم احتاجوا إليه واستردوه ليتولى الملك بعد أبيه، هو النجاشي المذكور الذي استقبل المهاجرين والذي عُرف باسم أصحمه، كان مجيداً للغة العربية كما ذكر البروفسير الشيخ حسن الشيخ الفاتح قريب الله في كتابه السودان دار الهجرتين الأولى والثانية للصحابة فذكر ما يلي: "( جاء في رواية ابن هشام ما يفهم منه أن الحاشية أدركت الضمّري مشتري أصحمة ولما يزل في الطريق ج2 ص 90 .. وجاء في رواية السهيلي في الروض الانف ما يفيد أن الضمري استعبد أصحمة طويلاً وجعل السهيلي ذلك سبباً لمعرفة أصحمة بلسان العرب وفهمه لما تلي عليه سورة مريم بل وبكائه ج2 ص 94 علما بأن الأساقفة أنفسهم مع أنهم لم يعيشوا في بلاد العرب كما عاش أصحمة على حسب رواية السهيلي بكوا كذلك حتى أخضلوا مصاحفهم .... سيرة بن هشام ج2 ص 88 ... وذلك إن دل إنما يدل على شيوع اللغة العربية في تلك المنطقة من السودان ومعرفة أصحمة وقساوسته بها واتقانهم لها حتى قبل استعباده.
وحول ما يقال من أن باضع ليست جزيرة عيري (أو جزيرة الريح أو جزيرة ابن مد)، فإننا نقول بأن عدداً مقدراً من المؤرخين يؤكدون ما ذهبنا إليه من أن باضع هي جزيرة عيري، ومنهم البروفسير يوسف فضل والدكتور صلاح الدين الشامي والمستر كروفورت والمستر أندرو بول وقسم الآثار في جامعة كمبردج الذي يقوم حالياً بالتنقيب عن الآثار في هذه الجزيرة). كذلك فإن المؤرخ اليعقوبي أكد بأن باضع كانت قريبة من مدينة توكر، فذكر بأن مملكة جارين كانت تمتد من باضع إلى بركات، ويقصد ببركات هنا نهر بركة الذي يروي أراضي توكر. وقد أكد خبير الآثار صلاح عمر الصادق أن عيري هي باضع، وننقل هنا وصفه لهذه الجزيرة وعلاقتها بالعرب حتى قبل الإسلام: (تقف آثار جزيرة باضع شاهداً على العلاقة الوثيقة التي كانت قائمة بين الجزيرة العربية والسودان قبل وبعد ظهور الإسلام وموقعها اليوم في الطرف الجنوبي لجزيرة الريح على ارخبيل عقيق عند الحدود السودانية الإرترية ويشتمل الموقع على مساحة تقدر بحوالي 200 × 60 متر تتبعثر على المساحة بقايا أطلال مباني من حجارة المرجان المحلية، بعض هذه المباني كبير في حجمه وهي مرصوصة حول شارع يخترق المدينة وتلحق به بعض الميادين والساحات أحد هذه المباني يظهر أنه كان مسجداً شبيهاً بالطراز الحجازي زمن الخلفاء الراشدين ويشبه المسجد المجيدي الموجود حالياً بجزيرة سواكن المشيد سنة 1853م). وحول الخلاف في ما إذا كانت باضع هي مصوع أو عيري أورد المؤرخ ضرار صالح ضرار في كتابه (هجرة القبائل العربية لوادي النيل) صفحة 248 ما يلي: "وقد أحدثت جزيرة عيري بعض النقاش حول حقيقة أمرها فقد أسماها بعض المؤرخين مثل كروفورد "باضع"، ويبدو أن الدكتور يوسف فضل والدكتور صلاح الدين شامي قد قبلا هذا الاسم على هذا الموضع، غير أن والدي محمد صالح ضرار وهو من أبناء منطقة البجه الجنوبية "من قرية عقيتاي التي تقع جزيرة عيري على ساحلها" أشار إلى أن باضع هو الاسم القديم لميناء مصوع، وأنه لا علاقة له بجزيرة ابن مد. ........
"وقد شغلت جزيرة عيري الأذهان، وقام المؤرخ البريطاني كروفوت بزيارتها" .... وكتب يشيد بالحضارة التي كانت موجودة في هذه الجزيرة والتي تثبت قدرة المسلمين على الابداع قائلاً: "من هذه الأنقاض التي وجدتها فإنه بودي أن أعلن بأن هذه البقايا تعطي صورة وضاءة عن قدرة هؤلاء المسلمين الأوائل وعن بعد نظرهم وقدرتهم على التنظيم مما جعلهم قادرين على التوسع ليس على أراضي البحر الأبيض المتوسط المعروفة جيداً، أو على طرق الأراضي الآسيوية التي تقع على الطرق التجارية ولكن أيضاً في الأراضي الواقعة على سواحل إفريقيا وتلك التي في داخلها. وإنها توضح الأحوال الصعبة التي كانت خلال العصور تواجه أولئك المغامرين في السواحل والقدرة على التغلب على هذه الصعاب - هذه القدرات التي كانت تتحلى بها هذه الأجناس التي يهتم بها علماء المصريات والعصور الوسطى." ا هـ.
وصل المهاجرون إلى ميناء باضع (عيري) في أرض الحبشة بعد أيام معدودة من ركوبهم البحر الذي اختاروه لأنه أسرع ابحاراً وأكثر أمناً من الطريق البري الذي يعرضهم لملاحقة قريش. وتدل سرعة وصولهم، إلى قرب الحبشة المعنية من ميناء شعيبة السعودي، ومكثوا في جزيرة باضع بأرض الحبشة بقية شهر رجب وشعبان إلى رمضان.
كانت باضع هذه هي عاصمة مملكة بني عامر البلويين التي تسمى جارين، (راجع كتابات المؤرخ الارتري الشيخ أبو الحسن صالح محمد فكاك في مقاله في جريدة المدينة السعودية بتاريخ يوم الأحد 16 رمضان 1403 هجري الموافق 26/6/1983 م). واستقبل أفراد قبيلة البني عامر وملكهم النجاشي أصحمة هؤلاء المهاجرين ورحبوا بهم، وأعطوهم الأمان للنزول في أرض مملكتهم التي يحكمها ملك عادل. وبذا تكون هذه القبيلة هي أول شعب يعطي الأمان للمسلمين، ولأول مهاجريهم خارج الجزيرة العربية، بل وداخلها أيضاً. فلقد تعرض المسلمون الأوائل لصنوف العذاب داخل جزيرتهم ومن عشيرتهم، مما أجبرهم على الهجرة. وقد أكرم الله سبحانه وتعالى قبيلة البني عامر بالأسبقية في الإسلام، وذلك بدخول الإسلام إلى ربوع أرضها قبل فتح مكة المكرمة بسبع عشرة سنة، حيث كانت هجرة الفوج الأول من الصحابة رضوان الله عليهم في السنة الخامسة من البعثة النبوية، عليه فإن باضع (جزيرة عيري، أو جزيرة الريح، أو جزيرة ولد مد) الواقعة جنوب ميناء العقيق السوداني، هي أول دار للهجرة في الإسلام، حيث حباها الله بهذا الشرف وهذه المنة قبل أن يأذن الله لرسوله بالهجرة النبوية إلى المدينة المنورة بتسع سنين ـ وعلى هذه المعايير الحسابية التاريخية الثابتة بالوثائق وتواتر الحقائق فإن قبيلة البني عامر البجاوية هي أول من صام شهر رمضان المبارك، خارج منازل الوحي في الجزيرة العربية، كما أن البني عامر هم أول من آمن بالرسالة من غير جدال وقتال حيث آمنوا ونصروا غيبياً بالتبليغ فقط وقد انعكس هذا في تدينهم الشديد إلى يومنا هذا. وبذا تثبت الحقائق التي أوردناها أن دخول الإسلام السودان أول مرة كان عن طريق الشرق قبل اتفاقية البقط بسنوات عديدة. وانتشر الإسلام مع دخول وفد هجرتي الحبشة في شرق السودان وارتريا خاصة مع مكوث جعفر بن أبي طالب في الحبشة فترة طويلة بعد عودة أصحابه، مما مكنه من نشر الدعوة على نطاق واسع، ونتج عن هذا قيام مدن إسلامية خالصة في الحبشة، مثل قرية صحابينا في ارتريا، ومدينة نبت في شرق السودان والأخيرة استمرت من القرن الأول حتى القرن الرابع للهجرة.
باضع ميناء البطالسة ومنفى الأمويين
عرف البطالسة ميناء باضع منذ قديم الزمان وكانوا يستخدمونه لنقل الحيوانات الوحشية ومنها الأفيال الإفريقية التي كانت تستخدم في القتال إلى مصر واليونان، كذلك عرفه الرومان. وقد كان ميناء باضع مهماً لأنه كان منفذاً للصادرات الإفريقية كما ذكر المؤرخون. وبعد هجرة الحبشة، استمرت علاقة العرب بهذه الجزيرة في صدر الإسلام فنفى إليها الخليفة عمر بن الخطاب كل من أبي محجن الثقفي والشاعر عمر بن أبي ربيعة الذي يوجد قبره فيها بالاضافة إلى ما جاء في كتاب الأغاني من نفي الشاعر الأحوص والفقيه عمر بن مالك في عهد الأمويين إلى هذه الجزيرة. وتوجد شواهد للقبور مكتوب عليها باللغة العربية أسماء أموية. وننقل هنا عن الأستاذ ضرار صالح ضرار (إن جزيرة عيري هي باضع التي يشير إليها المؤرخون والجغرافيون العرب ويذكر الدكتور يوسف فضل أن سكانها كانوا يتقايضون بالأمشاط والعطور مع الأحباش ويأخذون منهم العاج وبيض النعام وغير ذلك. ..... ).
ثم ننقل عن نفس المرجع السابق، قصة الأمويين في الجزيرة (كان يسكن في هذه الجزيرة بعض بقايا بني أمية ممن هرب من وجه العباسيين ولجأ إلى بلاد النوبة، ثم طلب منهم ملك النوبة أن يرحلوا من بلاده لأنه لا يريد أن يدخل في منازعات مع العباسيين في مصر بسبب وجودهم في أرضه). وقد رحل الأمويون من هذه الجزيرة بعد أن دمرها البرنس أرناط (رينو دي شاتيو) أمير الكرك (في بلاد الأردن) الذي شن حملة على الموانيء الإسلامية في البحر الأحمر وذلك في سنة (578 هـ/1182م)، وتم تدمير كل مباني جزيرة عيرى (باضع) بما فيها المسجد. ويعتقد أن الأمويين الذين فرّوا من باضع ثم أقاموا مملكة الدجن في منطقة كسلا هم الذين أسسوا بعد قرون مملكة سنار. وتوجد في قبيلة البني عامر قبيلتان تنتسبان لبني أمية هما قبيلتا (ولد نهو)، و(ماريا.(
أرجو أن تبحث في العدد الثاني والثالث من مجلة سنار على هذا الرابط
www.sinnar.net/agm
Email: bejawino1@hotmail.com

alrakobasite@hotmail.com
w2008d@gmail.com

//////////////////////////////

 

آراء