بناء القدرات المعلوماتية … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم

 


 

د. حسن بشير
8 August, 2009

 

 

أصبحت المنافسة في أسواق العمل شرسة لحد كبير في نفس الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة خاصة بعد تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية. يعاني السودان من المشكلتين ، مشكلة المنافسة و مشكلة البطالة. العديد من الشركات العاملة في السودان تعمل بنظم معلوماتية مواكبة للحداثة في مجال تكنولوجيا المعلومات. اعني بتلك الشركات جميع شركات الاتصالات و التامين اضافة للجهاز المصرفي و بعض المؤسسات الحكومية الخدمية و غيرها. علي سبيل المثال تتحدث قيادة الشرطة باستمرار عن نظام الشبكات الالكترونية المنظمة للعمل كما هو الحال في المرور و الترخيص و غيرها. من المتفق عليه الي حد بعيد ان من اهم ما يميز السودان هو الطفرة الهائلة في مجال الاتصالات مما وفر له امكانية واسعة لاستخدام تكنلوجيا المعلومات. لكن هناك العديد من المشاكل المستعصية و المزمنة و من أهمها إعداد الكوادر السودانية المؤهلة ذات القدرة التنافسية في اسواق العمل. اصبح السودان يعاني من مشكلة العمالة المؤهلة حتي علي المستوي المحلي ناهيك عن المستوي الاقليمي و الدولي.

 

من الملاحظ في السودان ضعف انتاجية العمل و السرعة السلحفائية التي تسير بها الاعمال و اهدار الوقت، من جانب اخر هناك مصطلح شائع في السودان حول الشبكات الالكترونية وهو ( ألشبكه طشت ) ، ذلك عندما تخرج الشبكات عن الخدمة نتيجة لاعطال فنية. يحدث ذلك في البنوك و الصرافات الاليه و في شرطة المرور خاصة عند استخراج شهادات البحث الخاصة بتراخيص المركبات و في شبكات التامين و الهيئة القومية للكهرباء . معظم الشركات الكبري تستعين بخبراء اجانب في تركيب الشبكات و صيانتها وهو امر معيب لبلد مثل السودان يدعي التوسع في التعليم و وجود عدد كبير من الجامعات و تنتشر فيه مراكز التدريب كظاهرة. لم يعد من الممكن التستر علي تدني التعليم في السودان في جميع مراحله و علي مختلف مستوياته و تخصصاته و جامعاته و مدارسه. يستدعي ذلك إعادة النظر.

 

      اولا يجب تطوير نظام تعليمي فعال و تنمية قدرات الدارسين بشكل يمكن السودان من بناء قاعدة من العمالة المدربة التي تمتلك قدرات المنافسة اقليميا و دوليا. ثانيا لا بد من مراجعة المناهج التعليمية و توفيق أوضاعها لكي تسلح الخريجين بالمهارات اللازمة للمشاركة في مجتمع الأعمال الحديث المعتمد علي تكنولوجيا المعلومات في كافة التخصصات. ثالثا لابد من التكامل بين التعليم و التدريب و علي الدولة الاستثمار في القدرات البشرية و بناء رأسمال بشري نوعي متميز بدلا عن أسلوب المحاباة في تعيين العاملين و إهمال قدراتهم. علي الشركات ان تدرك ان بناء القدرات يوفر لها الكثير من الموارد علي المدي المتوسط و الطويل و يستدعي ذلك بناء مراكز تدريب متطورة بدلا عن التعاقد مع الخبراء الاجانب في كل صغيرة و كبيرة.

 

     السودان يتمتع بوجود نسبة كبيرة من السكان دون سن الخامسة و العشرين و هذا يستدعي العمل علي الاستثمار في الشباب. يجب الربط بين جميع عناصر بناء القدرات من تعليم و تدريب و تشغيل و اتاحة الفرصة للاحتكاك الخارجي . اخيرا لابد من توفير وسائل التعليم و المعلمين و البيئة المناسبة للتعلم و البحث العلمي بدلا عن ال 1% من الميزانية المجازة للبحث العلمي التي تعاني اصلا من ضعف التخصيص و ذلك بشهادة وزارة التعليم العالي و البحث العلمي. يتطلب ذلك دمج تكنولوجيا المعلومات في المدارس و إدخال التعليم الالكتروني للاطفال و هو امر يعاني من اهمال مريع خاصة علي مستوي الولايات خارج الخرطوم و حتي في مدارس الخرطوم الحكومية و الطرفية، هذه ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل مثل المياه التي ( طشت ) بدورها و لم تعد حتي الآن و هذا ايضا مرتبط ببناء القدرات.

 

 

آراء